التعزيز والرشوة متشابهان في خطة تعديل السلوك:
من ضمن الاتهامات التي توجه إلى السلوكية عادة، هو أن التعزيز لا يختلف عن الرشوة فيقال مثلاً، لماذا تكافئ الطفل على أفعال يفترض فيه القيام بها؟ أو لماذا لا تترك الطفل يتعلم وحده، أو ألا تؤثر المعززات الخارجية سلباً في الدافعية الداخلية للفرد.
لا بد من التأكيد من جديد أننا نلجأ إلى الاستخدام المنظم لإجراءات تعديل السلوك، فقط عندما يكون لدى الفرد مشكلة سلوكية في حاجة إلى علاج، فما هو المسوح مثلاً لاستخدام برامج التعزيز الرمزي أو التعاقد السلوكي لتحسين أداء طفل أداؤه حسن أصلاً.
وأنه لشيء رائع حقاً لو أن كل الأطفال يتعلمون دائماً على تقوية السلوكات المقبولة والمرغوبة، وتقليل السلوكات غير المقبولة وغير المرغوبة، ولهذا أصلاً تصبح هناك حاجة إلى التدخل العلاجي للأطفال، فبعض الأطفال لا يسلكون على النحو المرغوب به رغم مقدرتهم على ذلك.
ولهذا يصبح تحديد المعززات المناسبة وتقديمها وفقاً لقوانين محددة أمراً لا بد منه لزيادة دافعيتهم، وبعض الأطفال سيسلكون على نحو غير مقبول للحصول على المعززات، وأدركنا ذلك أم لم ندرکه.
والحقيقة الأخرى التي ينبغي عدم تجاهلها هي أننا تتم مكافأتنا على أفعالنا الجيدة في حياتنا اليومية، ونشعر بالسعادة نتيجة لذلك، والمعززات التي توفرها برامج تعديل السلوك هي معززات متوفرة أصلاً في البيئة الطبيعية، فما يفعله المعالج السلوكي أو ما يجب أن يفعله.
هو أنه يجعل إمكانية حصول الفرد على تلك المعززات متوقفة على قيامه بالسلوك المقبول فقط ،فهو يوقف التعزيز العشوائي غير المنظم، وبالتالي غير الفعال في الحياة اليومية لدى الفرد، كذلك فإنه من المفيد أن نتذكر أن السلوكية لم تخترع قوانين السلوك، ولكن اكتشفتها فقط.
فالقوانين تعمل بشكل متواصل، وهي تؤثر في سلوكيات الفرد، وسوا اعترفنا بذلك أم لم نعترف الجديد المفيد الذي أتت به السلوكية، هو أنها أوضحت لنا كيفية استخدام القوانين بشكل منظم؛ بهدف تشکيل السلوكيات التكيفية وتقليل السلوكيات غير التكيفية لدى الفرد.
أما القول أن التعزيز والرشوة وجهان لعملة واحدة، فهو ليس أكثر من خلط بين معنى المصطلحين، فالرشوة هي حث الشخص على أن يسلك على نحو غير أخلاقي أو غير قانوني، وأما التعزيز فهو يهدف إلى مساعدة الفرد على اكتساب السلوكيات المقبولة اجتماعياً.
بمعنى آخر، فالتعزيز والرشوة يشتملان على محاولة التأثير في سلوك الفرد ولكن الأهداف مختلفة جداً، وإنه لأمر مدهش حقاً، إذن أن يوصف المعلم الذي يحاول تعليم أحد الأطفال كيف يكتب أو يقرا أو يبني علاقات اجتماعية مناسبة بأنه يقوم برشوة ذلك الطفل على سلوكه.
والشخص لن يجد دراسة واحدة في أدب تعديل السلوك حاولت استخدام التعزيز لتحقيق أهداف غير مقبولة لدى الفرد، من جهة أخرى فإن من الخطأ القول إن التعزيز رشوة؛ لأن التعزيز يحدث بعد السلوك الفرد، وأما الرشوة فهي غالباً ما تحدث قبل السلوك.
وحتى لو لم نجد في هذه التغيرات اللغوية ما يقنعنا، فإن علينا أن نتساءل عما هو أكثر وضوحاً من ذلك ألا نعمل جميعاً تبعاً لاحتمالات التعزيز في حياتنا اليومية، فكما أشار (اکسيلرود) أن على المعلمين الذين يعترضون على تعزيز الطلبة قائلين أنه رشوة، أن يسألوا أنفسهم كم من الوقت سيستمرون في التدريس في غياب المعززات الخارجية لدى الطلبة.
فالمعلم يدرس مقابل راتب شهري يدفع له، وهو يشعر بالسعادة عندما يتم ترفيعه، وهو قد يحتج أو يُضرب أو يستقيل إذا لم تحقق مطالبه، أليست هذه معززات خارجية، ألا تكفي الدافعية الداخلية ليستمر في مهنة التدريس بسعادة وسرور.
القضية الأخرى التي يثيرها بعضهم، هي أن التعزيز الخارجي للفرد قد يؤثر سلباً في التعزيز الداخلي للفرد، وقد أجريت دراسات عدة للتحقق من صحة هذا الافتراض.
ومع هذا فإن من المفيد أن تتذكر أن الهدف النهائي من عملية تعديل السلوك، هو الوصول بالفرد إلى الضبط الذاتي وضبط السلوك غير المرغوب، وذلك من خلال استبدال المعززات الطبيعية التي تستخدم مع الأفراد بغيرها.
وأيضاً إزالة المعززات الخارجية التي تستخدم مع الأفراد في أسرع وقت ممكن بعد اكتساب الفرد للسلوكات المستهدفة أو السلوك المرغوب الذي يسعى معدل السلوك الوصول إليه.