الحرب العثمانية البندقية(حرب قبرص)

اقرأ في هذا المقال


أهميّة جزيرة قبرص للعثمانيين


كانت جزيرة قبرص تحت حكم البنادقة مُنذ عام (1489)، وتميزت بمساحتها الكبيرة وثرائها، موقعها كان استراتيجيّا، حيث كانت تقع بين الدولة العثمانيّة وبلاد الشام ومصر وفي سبيل حماية الجزيرة، عقد البنادقةُ مع المماليك إتفاقيّة بحيث يقوم البنادقة بدفع جزية مقابل حماية قبرص، وبعد سقوط حكم المماليك جدد البنادقة هذه الأتفاقيّة مع العثمانين عام (1517).


قررت الأمبرطوريّة العثمانيّة غزو جزيرة قبرص، ليس فقط بسبب موقعها الاستراتيجي، ولكن أيضًا توفير البنادقة الحماية للقراصنة الذين يسطون على السفن العثمانيّة، والذين كانوا يتعرضون للسفن التي تحمل الحجاج إلى مكه، أثار غضب العثمانين فقرروا السيطرة عليها. كان موقعها بعيد عن البندقية ومُحاط بالأراضي العثمانيّة، ممّا سهل الوصول إليها.

أحداث المعركة


هي حرب بدأت عام (1570 وانتهت عام 1573) بين الإمبرطوريّة العثمانيّة من جهة، وجمهوريّة البندقيّة من جهة أخرى، ولكن مع الحلف المسيحي بدعم من البابا وكان يضم (صقلية، نابولي، جنوة، دوقية سافوي، فرسان مالطة، ودوقية توسكانا الكبرى).


في (27 يونيو ، أبحرت قوات البحرية العثمانيّة التي كانت، حوالي (350-400) سفينة و (60،000-1000000) رجل إلى قبرص، بالقرب من لارنكا على الشاطئ الجنوبي للجزيرة، وبعد ذلك أتجهت نحو العاصمة نيقوسيا، اختلف البنادقة بمواجهة الأسطول العثماني أم انتظار قدومه، ولكن إذا واجهوا المدفعية العثمانية ستنفذ القوة الدفاعيّة لهم، فقرروا الانسحاب إلى القلاع وانتظار الدعم والقوة القادمة.
بدأ حصار نيقوسيا العاصمة في (22 يوليو واستمر لمدة سبعة أسابيع حتى 9 سبتمبر)، صمدت القوات الإيطالية، قرر العثمانيون تحت قيادة لالا مصطفى باشا، بحفر خنادق بإتجاه جدران المدينة المبنية حديثًا، وبعد حصار استمر (45) يومًا نجح العثمانيون، وذلك بعد أن أستنفذ المدافعين عن القلعة ذخيرتهم.


وتبع ذلك مذبحة لسكان المدينة البالغ عددهم (20000) نسمة، وتمّ إنقاذ النساء والأولاد الذين تمّ أسرهم لبيعهم كعبيد، توجه الأسطول المسيحي المكون من (200) سفينة لدعم البنادقة عندما وصل جزيرة كريت مُتجهًا نحو قبرص، وصلهم خبر سقوط نيقوسيا، فعادوا أدراجهم.

بعد سقوط نيقوسيا، استسلمت قلعة كيرينيا في الشمال بدون مقاومة، وفي (15 سبتمبر) ، ظهر سلاح الفرسان التركي قبل آخر معقل البندقية، فاماغوستا في هذه المرحلة بالفعل، قدّر المعاصرون الخسائر العامة في البندقية (بما في ذلك السكان المحليين) بـ 56000 قتيل أو أسير.
بلغ عدد المدافعين عن البندقية من فاماغوستا حوالي (8500) رجل مع 90 قطعة مدفعية ويقودهم ماركو أنطونيو براغادين، سيصمدون لمدة 11 شهرًا ضد قوة يصل عدد أفرادها إلى 200.000 رجل، مع 145 قطعة عتاد، ممّا يوفر الوقت الذي يحتاجه البابا لتكوين رابطة مُعادية للعثمانيين من الدول المسيحية المترددة.
جهز العثمانيون أسلحتهم في 1 سبتمبر، وبعد ذلك بدأوا في حفر شبكة ضخمة من الخنادق المُتقاطعة بطول ثلاثة أميال حول القلعة، ممّا وفّر المأوى للقوات العثمانيّة، عندما اقتربت خنادق الحصار من الحصن ودخلت في نطاق المدفعيّة من الجدران، أُقيمت عشرة حصون من الأخشاب والأرض المعبأة وبالات من القطن، لكن العثمانيين افتقروا إلى القوة البحرية لحصار المدينة كاملة من جهة البحر أيضًا، وكان البنادقة على مقدرة للحصول على إمدادات وتعزيزات جديدة.


بعد أن وصل خبر إعادة الإمداد في يناير / كانون الثاني إلى السلطان سليم الثاني ، استدعى بيالي باشا وترك لالا مصطفى وحده المسؤول عن الحصار، في الوقت نفسه تعثرت مبادرة سوكولو محمد باشا لتحقيق سلام مُنفصل مع البندقية، عرض الوزير الأكبر التنازل عن محطة تجارية في فاماغوستا إذا كانت الجمهورية ستتخلى عن الجزيرة، لكنّ البندقية بتشجيع من استيلاءهم الأخير على دورازو في ألبانيا والمفاوضات الجارية لتشكيل رابطة مسيحية رفضت ذلك السلم.
في (12 مايو 1571) بدأ العثمانيون القصف بقوة على مدينة فاماغوستا، وفي 1 أغسطس اُستنفذت الذخيرة والإمدادات، سقطت المدينة بيد العثمانيين بعد حصار دام (11) شهرًا، كانت خسائرالعثمانيون في حصار فاماغوستا حوالي (50.000) ضحية، سمح العثمانيون للمسيحيين والجنود الباقين على قيد الحياة بمغادرة فاماغوستا بسلام.
ولكن عندما علم لالا مصطفى باشا (والذي عُرف بقسوته مع أعدائه) أنّ بعض السجناء المسلمين قد قُتلوا وعُذبوا خلال الحصار، قام بتشويه برجادين وإصابته على قيد الحياة، بينما تمّ إعدام رفاقه، ثم تمّ عرض جلد البراجدين حول الجزيرة، قبل إرسالها إلى القسطنطينية.

وبعد شهرين من انتهاء الحصار وقعت معركة ليبانتو، بين الأسطول العثماني والأسطول المسيحي، استطاع الأسطول المسيحي تدمير الأسطول العثماني، ولكنّ انتصارهم هذا لم يكُن له قيمة، فسرعان ما أعاد العثمانيون بناء أسطولهم من جديد.
وفي النهاية لجأت البندقية إلى القيام بمفاوضات للسلام مع العثمانيين، وفي المقابل تخلوا عن قبرص للدولة العثمانيّة، بالإضافة إلى جزية يدفعوها للإمبرطوريّة العثمانيّة تُقدر ب (300000) دوقت.


شارك المقالة: