أنواع نظريات علم نفس الشخصية

اقرأ في هذا المقال


تم تعريف مصطلح الشخصية ببعض الطرق ولكن كمفهوم نفسي نشأ معنيان أساسيان؛ الأول يرتبط بالاختلافات الثابتة التي توجد بين الناس، بهذا المعنى تركز دراسة الشخصية على تصنيف وشرح الخصائص النفسية البشرية المستقرة نسبياً، المعنى الثاني يؤكد على الصفات التي تجعل الناس متشابهين والتي تميز الإنسان النفسي عن الأنواع الأخرى، إنّه يوجه منظري علم نفس الشخصية للبحث عن تلك الانتظامات بين جميع الأشخاص التي تحدد طبيعة الإنسان وكذلك العوامل التي تؤثر على مسار الحياة.

علم نفس الشخصية:

يمكن القول إن دراسة الشخصية ترجع أصولها إلى الفكرة الأساسية المتمثلة في أن الناس يتميزون بأنماطهم الفردية المميزة للسلوك؛ الطرق المميزة التي يمشون بها أو يتحدثون بها أو يجهزون بها أماكن معيشتهم أو يعبرون عن رغباتهم، مهما كان السلوك فإنّ علماء الشخصية مثل أولئك الذين يدرسون الشخصية بشكل منهجي، يدرسون كيف يختلف الناس في الطرق التي يعبرون بها عن أنفسهم ويحاولون تحديد أسباب هذه الاختلافات، على الرّغم من أنّ مجالات علم النفس الأخرى تدرس العديد من الوظائف والعمليات نفسها؛ مثل الانتباه أو التفكير أو الدافع.
يركز عالم نفس الشخصية على كيفية توافق هذه العمليات المختلفة معاً وتكاملها؛ ذلك لإعطاء كل شخص هوية أو شخصية مميزة، ظهرت الدراسة النفسية المنهجية للشخصية من عدد من المصادر المختلفة بما في ذلك دراسات الحالة النفسية التي ركزت على الحياة في ضائقة، كذلك من الفلسفة التي تستكشف طبيعة الإنسان ومن علم وظائف الأعضاء والأنثروبولوجيا وعلم النفس الاجتماعي .

أنواع نظريات علم نفس الشخصية:

نظريات النوع الفسيولوجي:

أثارت فكرة أنّ الناس يندرجون في فئات معينة من أنواع الشخصية فيما يتعلق بالخصائص الجسدية فضول العديد من علماء النفس الحديثين بالإضافة إلى نظرائهم من القدماء، مع ذلك فقد تم رفض الفكرة القائلة بأن الناس يجب أن يندرجوا في فئة شخصية صارمة أو أخرى، يتم النظر في مجموعتين عامتين من النظريات هنا؛ الخلطية والصرفية.

النظريات الفكاهية:

ربما تكون أقدم نظرية شخصية معروفة موجودة في الكتابات الكونية للفيلسوف اليوناني وعالم وظائف الأعضاء إمبيدوكليس وما يتصل بها من تكهنات للطبيب أبقراط، كانت مرتبطة بالصحة ومرتبطة بالتغيرات في المزاج؛ مثل الدم المزاج (المتفائل)، الصفراء السوداء (الكآبة)، هذه النظرية من وجهة نظرها أنّ كيمياء الجسم تحدِّد المزاج، فقد نجت بشكل ما لأكثر من 2500 عام؛ وفقاً لهؤلاء المنظرين الأوائل، يعتمد الاستقرار العاطفي وكذلك الصحة العامة على التوازن المناسب بين الأخلاط الجسدية الأربعة؛ قد يؤدي فائض الشخص إلى مرض جسدي معين أو سمة شخصية مبالغ فيها.
بالتالي من المتوقع أن يكون لدى الشخص الذي لديه فائض من الدم شخص متفائل المزاج؛ أي أن يكون الشخص متفائل ومتحمس وسريع، يُعتقد أنّ الكثير من الصفراء السوداء (ربما يختلط الدم الداكن مع إفرازات أخرى) تنتج مزاج كئيب، فزيادة العرض من الصفراء (التي يفرزها الكبد) ستؤدي إلى الغضب والتهيج واليرقان نظرة للحياة.
يُزعم أن وفرة البلغم التي تفرز في الممرات التنفسية، تجعل الناس أكثر تماسك ولا مبالاة وغير مبالين، مع تقدم العلوم البيولوجية تم استبدال هذه الأفكار البدائية حول كيمياء الجسم بأفكار أكثر تعقيد ودراسات معاصرة للهرمونات، كذلك الناقلات العصبية والمواد المنتجة داخل الجهاز العصبي المركزي مثل الإندورفين.

النظريات المورفولوجية (نوع الجسم):

ترتبط بالنظريات البيوكيميائية تلك التي تميز أنواع الشخصيات على أساس شكل الجسم (نوع جسدي)، تم تطوير هذه النظرية المورفولوجية من قبل الطبيب النفسي الألماني إرنست كريتشمر في كتابه “اللياقة البدنية والشخصية”؛ الذي نُشر لأول مرة في عام 1921، كتب أنّه بيّن مرضاه ضعفاء نوعاً ما، كذلك بناء الجسم والعضلات، في كثير من الأحيان المميزة لمرضى الفصام تمّ العثور عليه بين مرضى الاكتئاب الهوسي.
وسع كريتشمر اكتشافاته وتأكيداته في نظرية تتعلق ببناء الجسم والشخصية لدى جميع الناس، كما كتب أنّ البنية النحيفة والحساسة مرتبطة بالانطوائية، في حين أن أولئك الذين لديهم أجسام مستديرة أثقل وأقصر تميل إلى أن تكون مزاجية ولكنّها غالباً ما تكون منفتحة ومرحة، على الرغم من الآمال المبكرة بأن أنواع الجسم قد تكون مفيدة في تصنيف خصائص الشخصية أو في تحديد المتلازمات النفسية، لم يتم العثور على العلاقات التي لاحظها كريتشمر مدعومة بقوة من خلال الدراسات التجريبية .
في الثلاثينيات من القرن الماضي أجريت دراسات أكثر تفصيل بواسطة طور (William H. Sheldon) في الولايات المتحدة نظام لتخصيص رقم نمط جسدي مكون من ثلاثة أرقام للأشخاص، كل رقم يتراوح من 1 إلى 7، ينطبق كل رقم من الأرقام الثلاثة على أحد مكونات (Sheldon) الثلاثة لبناء الجسم؛ الأول إلى الشكل الداخلي الناعم المستدير والثاني إلى المربع والميزومورف العضلي؛ الثالث إلى الشكل الخارجي الخطي ذو العظم الناعم، بالتالي فإنّ وجود باطني البنية تطرفا يكون 711 وظاهري البنية أقصى 117 والشخص العادي 444.
ثم وُضعت قائمة من 20 بند من الصفات التي متباينة ثلاث فئات منفصلة من السلوكيات أو الأمزجة، يبدو أن مقياس المزاج المكون من ثلاثة أرقام مرتبط بشكل كبير بملف النمط الجسدي وهو ارتباط فشل في إثارة علماء الشخصية؛ خلال الثلاثينيات أيضاً بدأت دراسات الشخصية في النظر في السياق الاجتماعي الأوسع الذي يعيش فيه الشخص، عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي درس مارغريت أنماط التعاون والمنافسة في 13 مجتمع بدائي وتمكن من توثيق اختلافات واسعة في تلك السلوكيات في مجتمعات مختلفة.

مساهمات علماء النفس في الشخصية:

سيغموند فرويد:

افترض سيغموند فرويد أنّ مرضاه كانوا متحمسين لدرء تلك التخيلات التي كانت لها صفة مثيرة ومثيرة للاشمئزاز عنهم، وصف فرويد الأجهزة النفسية المختلفة التي تسمّى بآليات الدفاع والتي حاول الناس من خلالها جعل الأوهام محتملة؛ على سبيل المثال في حالة الوسواس القهري والتي تشير إلى الأفكار المستمرة غير المرغوب فيها أو الحوافز المتكررة التي لا تقاوم لأداء أعمال معينة مثل غسل اليدين المستمر، تسمّى مناورات الدفاع بالعزلة والإزاحة؛ إنّها تتكون من فصل الخيال عن المشاعر المقابلة لها.
أشار فرويد أيضاً إلى أنّ الأشخاص الذين يعتمدون على العزلة والتشريد يتميزون بصفات شخصية غير مرضية؛ مثل الكمال والتردد والشكلية في الاتصالات الشخصية، بالنسبة لفرويد كانت الأوهام عبارة عن تمثيلات عقلية أساسية الدوافع، من بينها الجنس والعدوان والحفاظ على الذات كان لها أهمية قصوى، علاوة على ذلك تطلبت هذه المحركات الترويض عندما ينضج الطفل ويصبح بالغ، كما تضمنت عملية الترويض حجب بعض الأفكار المرتبطة بالتعبير عن تلك المحركات عن الوعي.
تشمل طرق الدفاع الأخرى القمع؛ هو نوع من حجب الأفكار المتضاربة عن التذكر، كذلك الإسقاط وإسناد الميول المرفوضة للآخرين وتشكيل رد الفعل يتحول إلى نقيضه نزعة مرفوضة في النفس؛ مثل الكرم المفرط كدفاع ضد الجشع، الصراع الأساسي بين محركات وعمليات التحكم، التي اعتقد فرويد أنّها أساس العديد من العصاب، تم استدعاؤها أيضاً لشرح كل من محتوى الحلم وعلم النفس المرضي للحياة اليومية؛ زلات اللسان العادية تسمى أحياناً زلات فرويد والأخطاء؛ مثل نسيان النوايا أو وضع الأشياء في غير موضعها.

كارل يونغ:

تساءل عالم النفس السويسري كارل جوستاف يونج وهو من أوائل أتباع نظريات فرويد، عن درجة التركيز التي أعطاها فرويد للدوافع الجنسية في تنمية الشخصية، قبل يونغ التأثير المهم للعمليات اللاواعية ولكن على عكس فرويد، فضّل التأكيد على أن السلوك مدفوع أكثر بالعمليات التجريدية وحتى الروحية أكثر من الدوافع الجنسية، كما ركز جونغ أكثر على الفروق الفردية؛ على وجه الخصوص طور تصنيف لأنماط رد الفعل، يميز بين وسيلتين أساسيتين لتعديل المحركات الأساسية؛ الانطواء والانبساط.
تم تعريف الانطوائية على أنّها الانشغال بالعالم الداخلي للفرد على حساب التفاعلات الاجتماعية والانبساطية كتفضيل للتفاعل الاجتماعي للعيش خارج الدوافع الداخلية، يطلق عليها مجتمعة الرّغبة الجنسية، يتلقى وجود هذين النوعين دعم تجريبي من معظم دراسات السمات.

ألفريد أدلر:

غالم النفس النمساوي ألفريد أدلر شكّك في أهمية الدوافع الجنسية، وصف أدلر استراتيجية التأقلم التي سماها التعويض، الذي شعر أنّه كان له تأثير مهم على السلوك، في رأيه عوض الناس عن النقص السلوكي من خلال المبالغة في بعض السلوكيات الأخرى؛ عملية مماثلة للعمليات العضوية تسمى تضخم؛ على سبيل المثال إذا أصيبت إحدى العينين، فقد تعوض العين الأخرى بأن تصبح أكثر حدة، من وجهة نظر أدلر؛ فإن الشخص الذي يشعر بالنقص المرتبط بنقص جسدي أو عقلي سيطور أيضاً سلوكيات أو أعراض تعويضية.

إريك إريكسون:

تم تعديل تركيز فرويد على الكشف التطوري للدوافع الجنسية والعدوانية والمحافظة على الذات في الشخصية، من قبل المحلل النفسي الأمريكي إريك إريكسون الذي دمج العوامل النفسية والاجتماعية والبيولوجية، اقترح مخطط إريكسون ثماني مراحل لتطوير المحركات والتي تستمر بعد مراحل فرويد الخمس من الطفولة من خلال ثلاث مراحل من سن البلوغ، تسير المراحل على قدم وساق وفقاً لما يسمى بالعملية اللاجينية، يشير مصطلح التخلق اللاجيني المستعير من علم الأجنة، إلى التسلسل التطوري المحدد مسبقاً لأجزاء الكائن الحي.


شارك المقالة: