اقرأ في هذا المقال
- الاستدلال بالتأثير في علم النفس الاجتماعي
- أمثلة الاستدلال بالتأثير في علم النفس الاجتماعي
- التفاعل بين العقل والقلب في الاستدلال بالتأثير في علم النفس الاجتماعي
الاستدلال بالتأثير في علم النفس الاجتماعي:
يُقال إن الحكم والقرار التجريبي لأي شخص يستند إلى الاستدلال أو الاستكشاف الإرشادي، وذلك عندما يقوم شخص ما بتقييم سمة هدف محددة من بين الأهداف خاصته، على سبيل المثال خطر اقتراب شخص غريب منه في الشارع، وذلك عن طريق استبدال سمة ذات صلة تتبادر إلى الذهن بسرعة أو بشكل مباشر، على سبيل المثال الشعور الحدسي في الإدراك الحسي بالخوف أو القلق؛ أو لتحليل أكثر تعقيدًا على سبيل المثال أسباب تفصيلية أو حسابات تشير إلى سبب ارتفاع أو انخفاض المخاطر.
يصف مفهوم الاستدلال بالتأثير في علم النفس الاجتماعي جانبًا من جوانب التفكير البشري حيث تعمل المشاعر والعواطف كإشارات لتوجيه الأحكام والقرارات المتنوعة، وبهذا المعنى فإن التأثير الاستدلالي هو مجرد شعور بالخير أو الشر المرتبط بجسم محفز، بالتالي تحدث الاستجابات العاطفية وحلقة ردود الفعل بسرعة وبشكل تلقائي مباشر أي ملاحظة مدى سرعة الإحساس بالمشاعر المرتبطة بكلمة كنز أو بكلمة كره مثلاً، ويمكن وصف الاعتماد على مثل هذه المشاعر بأنه التأثير الاسترشادي أو الاستدلال بالتأثير.
الاستدلال بالتأثير في علم النفس الاجتماعي هو آلية فعالة وذات كفاءة عالية، حيث أنها تعتبر قابلة للتكيف والتوافق بشكل عام وتساعد الأفراد على التنقل بسهولة من خلال العديد من القرارات المعقدة في الحياة اليومية، ومع ذلك يمكن أن يضلل الناس أيضًا، على سبيل المثال تعلم المعلنين أي من يقومون بوضع الإعلانات والمُسوّقين كيفية التلاعب بالأشخاص لشراء منتجاتهم من خلال ربط هذه المنتجات بالصور المتعلقة بها أو المشاعر الإيجابية.
أمثلة الاستدلال بالتأثير في علم النفس الاجتماعي:
يُظهر رسم كاريكاتوري لمبدع البرنامج غاري تورودو شخصين غريبين يبدو مظهرهما غير ضار يقتربان من بعضهما البعض في أحد الشوارع ليلاً ويحاولان تحديد ما إذا كان من الآمن الاعتراف بالآخر بتحية، حيث تعطي الفقاعات فوق رأس كل رجل للقارئ رؤية لعمليات تفكيرهم كما يقررون، ويمر كلاهما بقائمة مرجعية لعوامل الخطر أي العرق وطول الشعر وأسلوب اللباس وما إلى ذلك المتعلقة بالشخص الذي يقترب وقائمة مرجعية لعوامل التخفيف من المخاطر، وبالنسبة لكليهما فإن عوامل تخفيف المخاطر تفوق عدد عوامل الخطر من 4 إلى 3، مما يؤدي إلى اعتبار الخطر مقبولاً.
ما هو مثير للاهتمام وربما مسلي في هذا الكارتون لغاري تورودو هو أنه لا أحد سيحكم على خطر مقابلة شخص غريب في شارع مظلم بهذه الطريقة الموضوعة، حتى لو كانت حياته الشخصية تعتمد على إصدار الحكم واتخاذ القرار الصحيح، وبدلاً من ذلك سيتم إجراء تقييم المخاطر هذا بشكل حدسي في الإدراك الحسي بشكل تفحصي وتشخيصي.
من شأن ملامح الشخص الغريب الذي يقترب أن تثير مشاعر إيجابية أو سلبية من الطمأنينة أو الانزعاج، حيث أنه سيتم دمج هذه المشاعر بسرعة في الشعور العام بالأمان أو القلق، وهذا الشعور من شأنه أن يحفز السلوك الإنساني أي الاتصال بالعين أو لا وربما حتى عبور الشارع، حيث أن الاعتماد على المشاعر هو مثال للتأثير الاستدلالي أو الاستكشافي في علم النفس الاجتماعي.
الكارتون مهم من الناحية النفسية لأنه يقر ضمنيًا أو جزئيًا بوجود طريقتين لمعالجة الأشخاص للمعلومات عند إصدار الأحكام والقرارات، حيث أن إحدى الطرق تسمى النظام التحليلي، وهي طريقة واعية وتداولية وبطيئة وتستند إلى الأسباب والحجج وأحيانًا الصيغ أو المعادلات، على سبيل المثال قائمة مراجعة المخاطر، والآخر سريع وبديهي يعتمد على الارتباطات والعواطف والمشاعر أي التأثر، حيث أنها تعتبر تلقائية وربما على مستوى اللاوعي، وهذا ما يسمى بالنظام التجريبي.
ينشط النظام التجريبي والنظام التحليلي في مفهوم الاستدلال بالتأثير في علم النفس الاجتماعي باستمرار في دماغ المرء، ويتعاونان أو يتنافسان فيما يسمى رقصة التأثير والعقل، حيث ناقش الفلاسفة وعلماء النفس الاجتماعيين المهتمين في هذا التأثير الاستدلالي تعقيدات هذه الرقصة لقرون، واستنتجوا غالبًا أن النظام التحليلي يمكّن المرء من أن يكون عقلانيًا في الوعي، في حين أن المشاعر والعواطف تضلل المرء.
التفاعل بين العقل والقلب في الاستدلال بالتأثير في علم النفس الاجتماعي:
اليوم تتم دراسة التفاعل بين القلب والعقل بنشاط من قبل علماء النفس الاجتماعي والمعرفي، ومنظري القرار وعلماء الأعصاب والاقتصاديين، حيث أدت هذه الدراسة العلمية إلى بعض الرؤى الجديدة في التفكير والعقلانية، ويرى الباحثين الآن أن كلا النظامين منطقيان وضروريان لاتخاذ قرارات جيدة، حيث ساعد النظام التجريبي البشر على النجاة من الرحلة التطورية الطويلة التي لم يكن العلم متاحًا خلالها لتقديم التوجيه.
قرر البشر الأوائل ما إذا كان شرب الماء في المجرى آمنًا من خلال الاعتماد على المعلومات الحسية في الإدراك الحسي المتعلمة بالتجربة، أي التساؤل في كيف تبدو هذه الماء؟ ما هو المذاق؟ كيف هي رائحتها؟ ماذا حدث عندما شربه من قبل؟ في العالم الحديث أصبح الناس يطالبون بالمزيد من تقييم المخاطر.
يدرس علماء النفس الاجتماعي رقصة التأثير والعقل من خلال إنشاء تجارب مضبوطة تُظهر هذين النظامين، التجريبي والتحليلي أثناء العمل، ففي إحدى التجارب يتم تجنيد الأفراد للمشاركة في دراسة الذاكرة، حيث يذهبون إلى الغرفة رقم واحد، حيث يتم إعطاؤهم رقم قصير مكون من رقمين أو رقم طويل مكون من سبعة أرقام لحفظه، ويطلب منهم السير إلى الغرفة رقم إثنين والإبلاغ عن هذا الرقم.
في الطريق إلى الغرفة رقم إثنين يُقدم لهم خيارًا من وجبة خفيفة، إما قطعة من كعكة الشوكولاتة أو وعاء من سلطة الفاكهة، ومنها كانت فرضية الدراسة التي تم تأكيدها هي أن الأشخاص الذين يحتفظون بالرقم المكون من سبعة أرقام في الذاكرة سيكونون أقل قدرة على الاعتماد على التفكير التحليلي الذي، إذا تم استخدامه سيوفر الأسباب التي تجعل سلطة الفاكهة أفضل بالنسبة لهم.
بدلاً من ذلك كان من المتوقع أن يعتمدوا على النظام التجريبي أي النظام القائم على الشعور والعاطفة والإحساس، والتي هي أقل تطلبًا من الموارد المعرفية وهذا من شأنه أن يدفعهم إلى اختيار كعكة الشوكولاتة الجذابة، ومن بين الأشخاص الذين يحملون سبعة أرقام في الذاكرة، حيث اختار 63٪ الكعكة، وفقط 41٪ ممن حفظوا رقمين اختاروا الكعكة.
أظهرت هذه الدراسة أن الاعتماد على التفكير التجريبي، بالنسبة للتفكير التحليلي ازداد مع انخفاض القدرة المعرفية من خلال مهمة الذاكرة، ويجري البحث النفسي بنشاط لتحديد ما إذا كان التوازن بين التفكير التحليلي والتجريبي قد تغير أيضًا بسبب عوامل مثل ضغط الوقت، وتعقيد المهام وسوء الصحة والسن المتقدم والنتائج والصور المؤثرة بقوة.