التحديات الكبرى للشخصية وعلم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


لقد هزت أزمة التكرار مجال علم نفس الشخصية وعلم النفس الاجتماعي في السنوات القليلة الماضية، بعد اكتشاف أنّ التأثيرات المعروفة التي أخذناها كأمر مسلم به فشلت في تكرارها، حدث هذا جزئياً بسبب الاعتماد على إجراء بحث معيب؛ مثل الخلط بين الاختبارات الإحصائية الاستكشافية والتأكيدية، لكن مثل هذا السلوك لم ينشأ في فراغ، لقد نشأ تحت الضغط لإظهار نتائج مدهشة ومذهلة كشرط للنشر في مجلات انتقائية للغاية في البحث عن البقاء والتقدم الوظيفي.

التحديات الكبرى للشخصية وعلم النفس الاجتماعي:

في موضوع البحث الحالي حول التحديات الكبرى في علم النفس؛ لا تزال الأمور تتغير بسرعة مع طرح الحلول الحديثة بالفعل للتساؤل؛ على سبيل المثال ممارسات التسجيل المسبق، نرغب في تسليط الضوء على بعض الطرق التي يمكن أن يساعد بها النشر في (Frontiers) في التغلب على هذه الأزمة ثم ننتقل بعد ذلك لمناقشة طرق البحث التي نعتقد أنها ستعزز بشكل خاص المعرفة والفهم في الشخصية وعلم النفس الاجتماعي.
تميل أحجام التأثير في الشخصية وعلم النفس الاجتماعي إلى أن تكون صغيرة إلى متوسطة، يرجع ذلك جزئياً إلَّا أنَّ السلوك الاجتماعي معقد ويتأثر بالعديد من العوامل، نتيجة لذلك ما يمكن أن تكشفه أي دراسة هو في أحسن الأحوال جزء صغير من هذه العوامل، من ثم فإن النتائج التي توصلنا إليها تميل إلى أن تكون حساسة للتحليل الإحصائي المعين الذي تم إجراؤه وعينة السكان المعينة والسياق الاجتماعي الخاص؛ بدلاً من النظر إلى هذا على أنّه مشكلة نشجع التعرف على هذا التباين ونشر نتائج فارغة وهو أمر ممكن.
طالما أنّ هناك قوة إحصائية كافية والتصميم صالح، نحن نشجع الإبلاغ الشفاف عن الطرق التي أجريت بها التحليلات ونوصي بشدة أيضاً بتضمين المؤشرات الإحصائية التي لا تستند إلى اختبار الأهمية؛ مثل أحجام التأثير، في كتاب فرونتيرز لا يجب أن تكون النتائج مذهلة أو غير مسبوقة حتى تستحق النشر، بدلاً من ذلك يكفي الإبلاغ عن بحث صالح، بعد ذلك يعود الأمر إلى مجتمع البحث والجمهور الأوسع للحكم على أهمية البحث وربما البناء عليه وتطوير سؤال البحث بشكل أكبر.
تعني إمكانية نشر نتائج فارغة أن يتم إبلاغ الجمهور ومجتمع البحث بشكل روتيني بالتأثيرات المعروفة التي لم يتم تكرارها، لا ينبغي النظر إلى عدم التكرار على أنه فشل، بدلاً من ذلك يمكن أن يساعدنا على فهم الظروف التي يوجد فيها التأثير بشكل أفضل، حيث يمكن أن يتم التكرار في ظل ظروف ولغات وسياقات اجتماعية وثقافات وسكان مختلفة، لا يمكن لجميع الحلول التي تم اقتراحها حتى الآن من قبل مجتمع البحث أن تعمل في فراغ.
طالما أنّ استراتيجيات التعزيز للبقاء والتقدم الوظيفي تتطلب منشورات لنتائج مفاجئة أو ملفتة للانتباه؛ سيظل الباحثون تحت الضغط لفعل ما في وسعهم لإنتاج مثل هذه النتائج، ندعو المجلات الأخرى إلى إعادة التفكير في أهمية المفاجآت وبدلاً من ذلك نؤكد على البحث الدقيق سواء كان ينتج نتائج مفاجئة أم لا، على الرغم من أنّ أزمة التكرار يُنظر إليها عادةً على أنها ناتجة عن عيوب منهجية، إلا أنّها أيضًا أحد أعراض المشكلات الهيكلية في الشخصية وعلم النفس الاجتماعي اليوم والتي تؤدي في النهاية إلى تقويض موثوقية نتائج البحث.
نعني بالقضايا الهيكلية الاتجاهات والاتفاقيات والممارسات في إنتاج وتقييم المعرفة العلمية التي تدعمها المؤسّسات، فيما يلي نركز على النطاق والمدى والتمحور حول الشخص باعتبارها جوانب حاسمة للتكاثر والصلاحية ولكنّها تتعرض للخطر بشكل متزايد بسبب المشكلات الهيكلية في علم النفس الاجتماعي وعلم الشخصية اليوم.
قبل بضعة عقود وصف جليتمان علم النفس بأنه إمبراطورية فكرية فدرالية فضفاضة تمتد من مجالات العلوم البيولوجية على أحد الحدود إلى مجالات العلوم الاجتماعية على الجانب الآخر؛ اليوم يمكن تطبيق هذا البيان أيضاً على مجال الشخصية وعلم النفس الاجتماعي، في مجال نما فيه الحيوية والتنوع بشكل غير عادي ، يبدو التكامل أكثر أهمية من أي وقت مضى، مع ذلك فقد تبين أن تطوير نظرية موحدة للكون هدف يمكن تحقيقه أكثر من تطوير نظرية موحدة للسلوك الاجتماعي.
نتيجة لذلك فإنّ العديد من النظريات في الشخصية وعلم النفس الاجتماعي هي في الأساس نظريات مصغرة؛ تهدف إلى شرح أشكال معينة من السلوك في ظل مجموعة من الظروف، على الرغم من وجود نظريات ذات نطاق أوسع وأكثر شمولاً، يتكون من العديد من النظريات المصغرة المتوازية والآثار المعزولة هي السائدة؛ بدلاً من تكرار ما قاله الآخرون حول موضوع النطاق والتكامل، نود أن نشير إلى بعض الحالات الطارئة بين النطاق واحتمالية التكرار.

النطاق:

عنصر رئيسي للبحث في الشخصية وعلم النفس الاجتماعي هو النطاق؛ النطاق يتعلق بنوع الأشخاص الذين قد تنطبق عليهم أي نتيجة أو آلية معينة، استجابةً للضغوط من أجل معدلات النشر السريعة غالباً ما يستخدم علماء نفس الشخصية والاجتماعي عينات يسهل جمعها والحصول عليها؛ عادةً ما تكون عينات للطلاب أو عينات ملائمة أخرى، لسوء الحظ تقيد هذه الممارسة بشكل كبير النطاق الذي يمكن تطبيق أي نتيجة عليه، بالتالي يتم تقليل احتمالية تكرار التأثير لأنّه لا يتطلب الكثير من الابتعاد عن النطاق الضيق الذي تم إنشاء التأثير من أجله في الأصل.
لا يمكن دائماً تجنيد عينات من التنوع الكبير؛ فمن الممكن في كثير من الأحيان تقدير مدى انحراف أي عينة معينة عن عامة السكان أو عن السكان الذين يرغب المرء في التعميم عليهم، تحتفظ المكاتب الوطنية للإحصاء بمعلومات عن السكان الإقليميين والوطنيين، بما في ذلك العمر أو التعليم أو المهنة أو الدخل أو الصحة؛ تتضمن بعض قواعد البيانات أيضاً معلومات عن القيم والمواقف والشخصية، إن تحليل كيفية ارتباط عينة بحث معينة بالمعايير السكانية ذات الصلة له فائدة في ترك القراء يتمتعون بفهم أفضل لما يمكن استنتاجه بشكل واقعي من النتائج.
إن العثور على علاقات بين السمات الاجتماعية النفسية والشخصية عبر الزمن تعد أمر بالغ الأهمية لعدّة أسباب؛ الأول هو الموثوقية العالية للتدابير التي يتم اتخاذها بشكل متكرر بمرور الوقت والثاني هو الاتجاهية، في التصميمات غير التجريبية لا يمكن استنتاج اتجاه التأثيرات عندما يتم قياس جميع المتغيرات في وقت واحد، على الأقل يجب قياس السبب والتأثير المفترضين في نقاط زمنية مختلفة؛ السبب الثالث يكمن في المعرفة غير المكتملة نسبياً التي نمتلكها عن التطور الاجتماعي والشخصي منذ الولادة وحتى البلوغ.
ما هو معروف حالياً عن تطور السمات الرئيسية مثل العدوان والقلق والأداء التنفيذي أو أمان التعلق من الطفولة إلى البلوغ يعتمد على أقل من اثنتي عشرة دراسة مستقبلية؛ نتيجة لذلك يجب ملء الفجوات في الأدلة التجريبية المتاحة حول دور سلائف الطفولة المبكرة في الشخصية وعلم النفس المرضي بالتكهنات، لإنشاء مجموعة موثوقة من النتائج حول تنمية الشخصية، يجب تبني البحث الطويل المدى بشكل أكثر انتشار؛ لسوء الحظ يتم كبح الحافز للاستكشاف الطولي من خلال نفس العوامل الهيكلية التي تعرض للخطر نطاق البحث في الشخصية وعلم النفس الاجتماعي.

مركز الشخص:

يجب أن يقوم علم النفس الاجتماعي والشخصي بتطوير واستخدام نماذج البحث التي توفر المعرفة عن الأشخاص، على الرّغم من أن هذه النقطة قد تبدو واضحة؛ فإن معظم الأبحاث الحالية في الشخصية وعلم النفس الاجتماعي تدرس المتغيرات بدلاً من الأشخاص، يعتبر تحليل عقول الأفراد إلى مجموعات من السمات أو المتغيرات الشخصية أداة قوية للتجريد وإضفاء الطابع الرسمي.
مع ذلك في النهاية فإنّ انضباطنا يدور حول الشخص ككل، تركز المناهج التي تركز على الشخص، بدلاً من دراسة سمات الشخصية بمعزل عن غيرها؛ على المجموعة الكلية للسمات التي تحدد كل شخص والطريقة التي تعمل بها هذه السمات معاً كنظام ديناميكي متكامل، على الرغم من أن البحث الذي يركز على الفرد قد حقق عودة متواضعة في السنوات الأخيرة، إلا أنّه لا يزال يواجه رياح معاكسة بسبب عدم معرفته النسبية وارتباطه غير المبرر بمنهجية دراسة الحالة.
مع ذلك فإنّ المناهج التي تركز على الشخص تقدم طرق للتجريد تكون قوية بالمثل لتلك التي توفرها المناهج المتمحورة حول المتغير، كل ذلك مع مراعاة نمط التصرفات داخل الأشخاص، كما هو موضح في مجموعة من المساهمات المنشورة مؤخراً، فإن المناهج التي تتمحور حول الشخص تقدم أيضاً فوائد متميزة لدراسة التباين داخل الشخص بمرور الوقت، أخيراً النتائج حول الأشخاص أو أنواع الأشخاص أكثر سهولة في الفهم لغير الخبراء من النتائج المتعلقة بالمتغيرات أو العلاقات بين المتغيرات.
يجب أن يكون علماء النفس الاجتماعي والشخصي خبراء واضحين يلجأون إليهم عندما تتطلب بعض الأحداث اليومية خبرة في الشخصية أو علم النفس الاجتماع، في حين أنَّنا لا ندافع عن الوجود في وسائل الإعلام لمصلحته؛ فإنّ مثل هذا الوجود يمكن أن يساعد في إعلام الجماهير، بما في ذلك صانعي السياسات حول القضايا الرئيسية التي درسها علماء النفس والشخصية من الآليات الكامنة وراء التمييز العنصري إلى عوامل الخطر.


شارك المقالة: