التشكيل كأحد إجراءات تشكيل السلوك لذوي الاحتياجات الخاصة

اقرأ في هذا المقال


التشكيل كأحد إجراءات تشكيل السلوك لذوي الاحتياجات الخاصة:

يمكننا تقوية السلوكات التكيفية من خلال التعزيز، ولكننا بالطبع لا نستطيع تعزيز السلوك إلا بعد تأديته، أما إذا كان الفرد لا يستطيع تأدية السلوك فكيف نعززه؟ وهل ننتظر أن يحدث السلوك صدفة فنعززه؟ إن ذلك قد يعني الانتظار مدة طويلة جداً دون أن يحدث السلوك، ولهذا علينا البحث عن إجراء نستطيع من خلاله إضافة سلوكات جديدة إلى حصيلة الفرد السلوكية.

والإجراء الذي يجعلنا قادرين على تحقيق ذلك الهدف هو التشكيل، والأمثلة على السلوكات التي نتعلمها من خلال التشكيل كثيرة، ومنها القراءة والكتابة والتحدث وقيادة السيارة والألعاب الرياضية، وغيرها، والتشكيل لا يعني إيجاد سلوكات جديدة من لا شيء، وإن السلوك المستهدف بحد ذاته لا يكون موجود لدى الفرد، إلا أنه في الغالب لا يمتلك سلوكات قريبة منه.

ولهذا، فإن المعالج السلوكي يعمل على تعزيز تلك السلوكات؛ من أجل تدعيم حصلية الفرد، وبعد ذلك يتجه إلى التعزيز التفاضلي، والذي يتضمن على تدعيم الاستجابة، كلما كانت تقترب بشكل أكبر من السلوك المستهدف. ويعرف التشكيل على أنه الإجراء الذي يتضمن التعزيز الإيجابي للاستجابة المنظمة، والذي يقترب تدريجياً من السلوك النهائي.

وأيضاً بهدف خلق سلوك غير موجود، فتعزيز الشخص عند تأديته سلوك معين لا يزيد من احتمالية حدوثه فقط، حيث يقوي السلوكات المشابهة له أيضاً، وعند استخدام هذا الإجراء، يقوم المعالج في البداية بتحديد السلوك النهائي الذي يراد تدريسه أو تعليمة.

ويحدد المعالج استجابة تماثل السلوك النهائي، ويقوم بتعزيز تلك الاستجابة، ويستمر بذلك إلى أن تصبح الاستجابة أقرب من السلوك النهائي، ويسمى تشكيل السلوك بالتقارب التدريجي.

وأيضاً عدم تعزيزه عندما يبتعد عن السلوك النهائي، وإذا أردنا تعليم الطفل كيفية رسم مربع، فيمكننا تعزيزه في البداية عندما يحمل قلم وورقة، وثم نعززه عندما يرسم أي خط، وبعدها نعززه فقط عندما يقترب الخط الذي يرسمه أكثر فأكثر من شكل المربع.

وقد أظهرت البحوث المتعددة مدى فعالية هذا الإجراء في تعليم سلوكات متعددة، كالعناية بالذات خاصة للأطفال ذوي الإعاقات المختلفة، وتنمية المهارات الاجتماعية وغيرها.

خطوات الاستخدام الفعال لتشكيل السلوك لذوي الاحتياجات الخاصة:

1- تحديد وتعريف السلوك النهائي:

وهو تحديد السلوك النهائي الذي يريد المعالج تحقيقه، ووضع مفهوم دقيق وبموضوعية على نمط هدف سلوكي، والغاية من ذلك هو تدعيم التقارب التدريجي من السلوك المستهدف، وتجنب تعزيز السلوكات التي ليس لها علاقة؛ لأن ذلك سيعمل فقط على إطالة عملية التشكيل وتقليل فعاليتها.

2- تحديد وتعريف السلوك المدخلي:

يوضح لنا تحديد السلوك النهائي إلى أين نريد الوصول، ولكننا بالطبع نحتاج أيضاً إلى أن نعرف من أين نبدأ، وأن التشكيل يستخدم لتقديم المساعدة للفرد على اكتساب المهارات، فلا بد من اختيار استجابة قريبة منه لتعزيزها وتقويتها بهدف صياغة السلوك النهائي منها.

وتسمى تلك الاستجابة بنقطة البداية أو السلوك المدخلي، لذلك بعد تحديد السلوك النهائي، فإننا نحتاج إلى تحديد السلوك المدخلي من خلال الملاحظة المباشرة للفرد لفترة زمنية، وقبل البدء بعملية التشكيل لتحديد ما يستطيع عمله، ويجب أن يتصف السلوك المدخلي بصفتين رئيسيتين.

والصفة الأولى هي أن يحدث بشكل مستمر، أي أن تكون نسبة حدوثه عالية؛ وذلك حتى تتوفر لنا الفرص المناسبة لتعزيزه وتقويته، وقد يكون ضروري أحياناً تنظيم الظروف البيئية التي تزيد من احتمالية حدوث هذا السلوك، وأما الصفة الثانية التي يجب أن يتصف بها السلوك المدخلي، فهي أن يكون قريبة من السلوك النهائي.

3- اختيار معززات فعالة:

إن عملية التشكيل تحتاج من الفرد تغيير سلوكه بشكل مستمر، وليصبح قريباً أكثر فأكثر من السلوك النهائي، لهذا لا بد من المحافظة على درجة عالية من التحفيز، وهذا ما يؤكد الحاجة إلى اختيار المعززات المناسبة.

4- الاستمرار في تعزيز السلوك المدخلي إلى أن يصبح معدل حدوثه مرتفع:

بعد اختيار المعززات الملائم يجب العمل على تعزيز السلوك المدخلي بطريقة مستمرة، فسيؤدي تعزيز السلوك المدخلي إلى زيادة احتمالية حدوث تغير طفيف؛ مما سيجعله أكثر شبه بالسلوك النهائي.

5- الانتقال بشكل تدريجي من مستوى أداء إلى مستوى آخر:

كذلك الاستخدام الفعال للتشكيل، يستوجب الانتقال تدريجياً بشكل منظم من مستوى أداء إلى مستوى أداء آخر، فمعرفة المدة اللازمة للاستمرار في تعزيز مستوى معين من الأداء ليست بالأمر السهل، بل تتطلب مهارة كبيرة من المعالج، وهذه المهارة تكتسب من خلال الخبرة.

والمبدأ العام الذي يجب اتباعه في تعيين الفترة اللازمة للتنقل من خطوة إلى خطوة، تعزيز مستوى أداء محدد فترة طويلة، وقد يعمل على تدعيم ذلك الشكل من السلوك، ومما سيجعل الانتقال إلى المستوى التالي أمر صعب، ومن ناحية أخرى، فإذا تم تعزيز السلوك لمدة قصيرة فقط، فالسلوك قد يختفي.

وعلينا التركيز إلى ضرورة أن تكون المدة الزمنية للتدريب قليلة نسبياً؛ لتجنب الإرهاق والإشباع، ويجب أن تكون كافية؛ من أجل حدوث السلوك عدة مرات، فإذا حدث أن توقف الفرد عن تأدية السلوك، نتيجة الانتقال بسرعة كبيرة، أو ببطء من مستوى أداء إلى مستوى أداء آخر، فعلينا العودة إلى مستوى الأداء السابق والعمل على تعزيز السلوك مجدداً.

والسبب المهم وراء انحراف الأداء خلال عملية التشكيل، هو ازدياد التعزيز بطريقة مفاجئ، وبالتالي يجب التدرج في الانتفال من أداء إلى آخر.

التطبيقات التربوية لنظام تشكيل السلوك لذوي الاحتياجات الخاصة:

ومن المجالات التربوية والمعروفة للتشكيل في العملية التعليمية، نظام التعليم المبرمج، وفي هذا النظام يتم ترتيب المحتوى، ويقدّم بطريقة أجزاء صغيرة متسلسلة، وتُصاغ الأهداف من كل وحدة بكل دقة.

ومن السمات الأساسية الأخرى لهذا النظام، ابتداء المتعلم بالوحدة التي تتناسب مع مستوى أدائه الحالي، وانتقاله من وحدة إلى أخرى حسب قدراته، وإن ما يحاول هذا النظام تحقيقه هو تهيئة الظروف المناسبة للمتعلم لتطوير مهارات ومعارف معقدة، وذلك من خلال استجابته الصحيحة بشكل منظم في البداية، ومن ثم تعزيز استجابات أكثر تعقيداً.

ومن أشكال التعليم المبرمج، والتي أوضحت دراسات علمية عديدة فعاليتها، النظام المعروف باسم نظام التعليم الفردي، ومن خصائص نظام التدريس الفردي ينتقل الطالب من الوحدة الأولى إلى الوحدة الثانية فقط، بعد أن يتمكن جيداً من الوحدة الأولى.

تعتمد سرعة انتقال الطالب من وحدة إلى أخرى، على قدراته وظروفه، وليس على أداء الطلاب الآخرين، تستخدم المحاضرات والوسائل الأخرى الأقلام  مثلاً، بهدف استثارة دافعية الطالب المتعلم، وليس بهدف تقديم المعلومات الأكاديمية الأساسية والتركيز على الكلمة المكتوبة في التفاعل بين المعلم والطالب۔

وأيضاً استخدام مساعدي التدريس (Poctors)، بهدف إعطاء الاختبارات المتكررة وتصحيح الإجابة بشكل مباشر.


شارك المقالة: