عادةً ما يقوم الذهن في دمج النتيجة والمواقف باحتمالات، وعادةً ما يكون هذا الربط غير منطقي، وعمل العقل هذا طريقة لتبرير الأحداث وتحديد قواعد لها. وهذا يظهر تدريجياً بحيث غالباً لا يمكن ملاحظته إلا بعد أن يحدث أثراً على الصحة النفسية.
ما هي التشوهات المعرفية التي تؤثر في الصحة النفسية؟
مثالي وغير مثالي:
على سبيل المثال إما هذا الأمر مثالي وممتاز، أو أنه كان فاشل بشكل مطلق، أو أن ينجز الشخص جميع المهام أو لا ينجز شيئا منها، أو أن يصل إلى هدف بعينه وإلا فإنه فاشل ولن يحققه أبداً.
بالرغم من وجود درجات عديدة بين القطبين، فمثلاً الحدث الذي لم يكن كما توقعه الشخص لا يجعله سيء بشكل كامل، فربما تعلم أو استفاد منه شيئاً.
فقد لا يتمكن الشخص من إنجاز جميع المهام المترتبه عليه في وقتها، فأداؤه لبعض منها ليس مثل تركها كلها. وربما لم يصل بعد للهدف الصريح الذي يسعى له، على سبيل المثال خسارة وزن معين، ولكنه في طريقه إليه وقد قطع فيه أشواط، ولو بمجرد أخذ القرار.
التعميم:
وهو أن يأخذ الشخص حالة واحدة ويعممها ويصمم أنها سوف تتكرر كل مرة، فمثلاً أن يرى الشخص موقف سيء من أحدهم فيحكم أن جميع الناس من نفس فئته مثله، أو يحكم أنه سيظل هكذا دائماً، على الرغم من أنه لا توجد مسلمات تدعم ذلك الحكم، فواقعياً ليس هناك شخصان متماثلان بشكل كلي وأن يكون الناس جميعهم مثل بعضهم البعض سوف يتطلب قدراً غير منطقي من التشابه والتماثل، والحكم على أن الشخص سوف يتصرف هكذا دائماً فيه قدر كبير من التنبؤ بمستقبل يعتمد على عوامل كثيرة لا يحصيها العقل.
التصفية العقلية:
وهو أن يركز الشخص على المسلمات أو المواقف السلبية وتجاهل الإيجابية، وكأن عقله يصفي هذه السلبيات فلا يعود يرى شيئاً سواها، فمثلاً أن يحادث الشخص صديقه لينقل له أخباره فيتحدث فقط عن المستجدات السلبية ولا يتذكر أي شيء إيجابي، أو حتى في حديثه لذاته.
رفض الإيجابيات:
يعترف الشخص بحدوثها ولكنه لا يتقبلها، مثل أن يمدح المدير على عمله فيرجع هذا؛ لأنه شخص مجامل أو لأنه لا يريد الخوض في سلبيات العمل الآن، ولكنه سوف يفعل هذا في وقت لآحق، أو مثل أن يتمم إنجاز معين بمجهود منه فيقول أنه جاء بمحض الصدفة.
القفز إلى الاستنتاجات:
وهو في حال أن يزعم الشخص بأنه يعلم ما يفكر به الآخرون، ويصدق هذا ويبني عليه خصوصاً عند انعدام الحقائق المتفق عليها ليدعم استنتاجه، مثل أن يرى شخص ممتعض فيستنتج أن ذلك نتيجة رؤيته، على الرغم من وجود افتراضات أخرى عديدة، وأنه لم يتم التصريح بالفكرة التي في رأسه بصورة واضحة، ولكنه يصدقها ويبني عليها مشاعر وسلوكيات.
أخذ المنطق من المشاعر:
فعوضاً من أن يتقبل الشخص مشاعره ويعطيها حجمها، يأخذ منها حقائقاً، فمثلاً أن تشعر امرأة بالغيرة على زوجها فتأخذ من هذا الشعور فكرة أنه يحمل مشاعراً لأخرى وتصدقها وتتعامل بناءً عليها.
عبارة “من المفترض”:
هذه العبارة تستعمل بمنتهى البساطة رغم أن أثرها عظيم، ففي حال يقول الشخص من المفترض أن أفعل هكذا، من غير أن يكون الأمر مفروضاً بشكل فعلي يحمّل نفسه ما لا يطيق، ويزيد من مشاعر الذنب واللوم.
وفي حال تستعمل العبارة على المحيطين، ترتفع التوقعات منهم التي من الوارد جداً عدم الوصول إليها، ولكن يتم التعامل معها أنها فرض عليهم، مما ينجم عنه مشاعر إحباط وغضب وتنافر.
إطلاق الأحكام والمسميات:
عوضاً من التعامل مع الموقف كموقف، يطلق منه حكماً على الآخرين أو على الذات، على سبيل المثال أخطأ ولد بأنه أهمل واجبه الدراسي، فيخبره والداه أنه ولد مهمل، في حين أن خطأه حتى إن تكرر لا يعني أنه مهمل في المطلق ولا يعني أنه سيواظب على هذا الخطأ ولن يغيره، مثلما توحي تسميته بالمهمل.
اللوم:
الاعتقاد المستمر للشخص بأن الآخرين هم المسؤولون عن ألمه النفسي، أو أنه هو المسؤول عن ألمهم النفسي، فعلى سبيل المثال يجد نفسه يلوم الطرف الآخر على شعوره بالسوء حيال ذاته أو العكس، في حين أن كل شخص مسؤول عن قراره من أين يستقي مشاعره وأفكاره عن ذاته، وأنه هو المتحكم الأساسي بها.