التعاطف كموضوع للاستكشاف العلمي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


منذ القرن الثامن عشر وبسبب تأثير كتابات العالم ديفيد هيوم والعالم آدم سميث على وجه الخصوص، كانت القدرات النفسية في قلب التحقيقات العلمية في الأساس النفسي الكامن وراء طبيعتنا الاجتماعية والأخلاقية المتعلقة بمفهوم التعاطف، ومع ذلك فإن مفهوم التعاطف هو تراث فكري حديث نسبيًا؛ نظرًا لأن الباحثين في مختلف التخصصات قد ركزوا تحقيقاتهم على جوانب محددة جدًا من مجموعة واسعة من الظواهر المتعلقة بالتعاطف.

التعاطف كموضوع للاستكشاف العلمي في علم النفس

إن مناقشة التعاطف داخل علم النفس لم تتأثر إلى حد كبير بالمناقشة الفلسفية النقدية للتعاطف كوسيلة معرفية لمعرفة العقول الأخرى أو كطريقة فريدة للعلوم الإنسانية، بدلاً من ذلك فإن اهتمام علماء النفس بالظواهر المتعلقة بالتعاطف يعود إلى الفلسفة الأخلاقية في القرن الثامن عشر، ولا سيما العالم ديفيد هيوم والعالم آدم سميث، حيث كان يُنظر إلى التعاطف على أنه يلعب دورًا مركزيًا في تكوين البشر كمخلوقات اجتماعية وأخلاقية تسمح لنا بالتواصل عاطفيًا مع رفقائنا من البشر والاهتمام برفاههم.

خلال أوائل القرن العشرين وبشكل خاص منذ أواخر الأربعينيات كان التعاطف موضوعًا مدروسًا بشكل مكثف للبحث النفسي، وعلى نطاق أوسع يمكن للمرء أن يميز بين تقاليد البحث النفسي التي تدرس الظواهر المتعلقة بالتعاطف، أي دراسة ما يسمى حاليًا بدقة التعاطف ودراسة التعاطف كظاهرة عاطفية في لقاء الآخرين، حيث يعرّف المجال الأول من البحث النفسي التعاطف في المقام الأول على أنه ظاهرة معرفية ويتصور التعاطف بشكل عام على أنه الفهم الفكري أو التخيلي لحالة أو حالة ذهنية شخص آخر.

ضمن هذا المجال من البحث النفسي يهتم المرء في المقام الأول بتحديد موثوقية ودقة قدرتنا على إدراك والتعرف على سمات الشخصية الدائمة للآخرين والمواقف والقيم والحالات العقلية الحالية المتعلقة بمفهوم التعاطف، حيث يبحث المرء أيضًا في العوامل المختلفة التي تؤثر على دقة التعاطف، على سبيل المثال وجود شخص مهتم بتحديد ما إذا كانت القدرة العاطفية تعتمد على الجنس، والعمر، والخلفية الأسرية، والذكاء، والاستقرار العاطفي، وطبيعة العلاقات الشخصية، أو ما إذا كانت تعتمد على دوافع معينة للشخص المراقب.

من الناحية الفلسفية النفسية كانت دراسة التعاطف التي تم تعريفها في المقام الأول على أنها ظاهرة عاطفية أكثر تأثيرًا فلسفيًا، والتي بدأ علماء النفس في منتصف الخمسينيات بالتركيز عليها، في هذا السياق تناول علماء النفس أيضًا قضايا الدافع الأخلاقي التي كانت تقليديًا موضوعات للمناقشات المكثفة بين الفلاسفة الأخلاقيين من علماء النفس.

لقد كانوا مهتمين بشكل خاص بالتحقيق في تطوير وسائل مختلفة لقياس التعاطف كصفة مزاجية للبالغين والأطفال وكاستجابة ظرفية في مواقف محددة، والعوامل التي تعتمد عليها الاستجابات والميول العاطفية، والعلاقة بين التعاطف والسلوك الإنساني المؤيد للمجتمع والتنمية الأخلاقية.

يجب على أي شخص يقرأ أدبيات التعاطف العاطفي في موضوع التعاطف كموضوع للاستكشاف العلمي في علم النفس أن يصاب بالذهول من حقيقة أن التعاطف يميل إلى أن يتم تعريفه على نطاق واسع بشكل لا يصدق في بداية هذا التقليد البحثي المحدد، فجميع الباحثين الأوائل الذين فهموا التعاطف على وجه الحصر كظاهرة عاطفية، التي تم تعريفهم على أنهم مراقبين يتفاعلون عاطفياً لأنهم يدركون أن شخصًا آخر يمر بعاطفة أو على وشك أن يختبرها.

هناك استجابات عاطفية متنوعة جدًا مثل الشعور بالحسد، أو الشعور بالضيق، أو الارتياح أو الشفقة أو الشعور بما يسميه البعض الشماتة، والشعور بالبهجة تجاه سوء حظ شخص آخر يجب اعتبارها كلها ردود أفعال عاطفية، لكن منذ الثمانينيات صقل علماء النفس فهمهم للتعاطف من الناحية المفاهيمية وميزوا بين الجوانب المختلفة لرد الفعل العاطفي تجاه شخص آخر، وبالتالي الاعتراف ضمنيًا بالاختلافات المفاهيمية.

المشاعر التفاعلية في التعاطف كموضوع للاستكشاف العلمي في علم النفس

تتمثل المشاعر التفاعلية في التعاطف كموضوع للاستكشاف العلمي في علم النفس من خلال ما يلي:

العدوى العاطفية

تحدث العدوى العاطفية في التعاطف كموضوع للاستكشاف العلمي في علم النفس عندما يبدأ الناس في الشعور بمشاعر مماثلة ناجمة فقط عن الارتباط بأشخاص آخرين، حيث يبدأ الفرد في الشعور بالبهجة لأن الآخرين من حوله يشعرون بالبهجة أو يبدأ في الشعور بالذعر لأنه وسط حشد من الناس يشعرون بالذعر، ومع ذلك لا تتطلب العدوى العاطفية أن يكون المرء مدركًا لحقيقة أن المرء يختبر العواطف لأن الآخرين يختبرونها، بل يختبرها المرء في المقام الأول على أنها عاطفة خاصة به.

التعاطف الوجداني والسليم

يعبر التعاطف الوجداني والسليم عن التعاطف بالمعنى العاطفي الذي يُفهم بشكل أضيق وصحيح وهو المشاركة غير المباشرة للتأثير، لكن المؤلفين يختلفون في مدى دقة تفسيرهم لعبارة تقاسم التأثير بشكل غير مباشر في التعاطف الوجداني والسليم، فبالنسبة للبعض يتطلب الأمر أن يكون المتعاطفين والأشخاص الذين يتعاطفون معهم في حالات عاطفية متشابهة جدًا.

بالنسبة للتعاطف الوجداني والسليم فإن الاستجابة العاطفية تتطلب فقط إشراك العمليات النفسية التي تجعل الشخص لديه مشاعر أكثر انسجاما مع موقف الآخر منه مع وضعه الخاص، وفقًا لهذا التعريف لا يتطلب التعاطف بالضرورة أن يشعر الشخص والهدف بمشاعر متشابهة على الرغم من أن هذا هو الحال في أغلب الأحيان.

بالأحرى يشمل التعريف أيضًا حالات الشعور بالحزن عند رؤية طفل يلعب بفرح ولكن لا يعرف أنه قد تم تشخيصه بمرض خطير بافتراض أن هذا هو ما سيشعر به الشخص الآخر نفسه إذا كان سيشعر تمامًا فهم وضعه، على النقيض من مجرد العدوى العاطفية فإن التعاطف الحقيقي أو التعاطف الوجداني والسليم يفترض مسبقًا القدرة على التفريق بين الذات والآخر.

يتطلب الأمر أن يكون المرء على دراية بالحد الأدنى من حقيقة أن المرء يمر بتجربة عاطفية بسبب إدراكه لمشاعر الآخر، أو بشكل عام بسبب الاهتمام بموقفه، في رؤية وجه حزين للآخر والشعور بالحزن مثل هذا الشعور بالحزن يجب أن يُحسب على أنه تعاطف حقيقي فقط إذا أدرك المرء أنه في الشعور بالحزن لا يزال انتباه المرء يركز على الآخر وأنه ليس رد فعل مناسب لجوانب من حياة المرء.

علاوة على ذلك فإن التعاطف خارج نطاق اللقاء الإدراكي المباشر يتضمن بعض التقدير لمشاعر الشخص الآخر كاستجابة مناسبة لوضعه، فأن يكون الفرد سعيدًا أو غير سعيد لأن الطفل سعيد أو حزين لا ينبغي بالضرورة اعتباره تعاطف، ولا يمكن اعتباره استجابة عاطفية غير مباشرة إذا كان ذلك بسبب تصور العالم الخارجي من منظور المراقب ورغبته في أن يكون هؤلاء الأطفال سعداء.

قلق التعاطف

على النقيض من التعاطف الوجداني فإن قلق التعاطف ليس عاطفة تتوافق مع عاطفة أو موقف الآخر مثل الشعور بالحزن على حزن الشخص الآخر، بدلاً من ذلك يُنظر إلى قلق التعاطف على أنه عاطفة فريدة من نوعها لها عاطفة أو موقف سلبي للآخر كهدف لها من منظور شخص يهتم برفاهية الشخص الآخر، وبهذا المعنى فإن قلق التعاطف يتكون من الشعور بالحزن أو القلق تجاه الشخص المنكوب أو المحتاج، وهو شعور للآخر من زيادة الوعي بمعاناة شخص آخر كشيء يحتاج إلى التخفيف.


شارك المقالة: