يتعرض العمل المهني إلى مجموعة من الصعوبات التي قد تحول دون قيام الشخص بعمله، الأمر الذي يساهم في شعوره بالتوتر والتردد عن تقديم العمل المطلوب منه، ومنها فقد يحدث أن تكون العلاقة التي تربط الفرد بعمله سلبية لها أثار سلبية على المؤسسة المهنية كاملة، وتؤدي هذه العلاقة غير الجيدة والسلبية إلى حالة من التعب النفسي والجسدي يمكن أن نُطلق عليها بالاحتراق النفسي المهني.
مسببات الاحتراق النفسي المهني
هناك الكثير من العوامل والمسببات التي تؤدي إلى حدوث الاحتراق النفسي المهني، وأهم هذه الأسباب توقعات الفرد وطموحاته المهنية التي تكون عالية، والتي يريد تحقيقها من خلال العمل، وتوقعات الآخرين من الفرد نفسه بحيث تكون هذه التوقعات والمتطلبات تفوق القدرات الخاصة بالفرد وبالمهارات المهنية التي يمتلكها.
وهناك العديد من العوامل التي قد تؤدي إلى الاحتراق النفسي المهني، والتي تشمل:
- زيادة عبء العمل: عندما تكون المهام أكثر من قدرة الفرد على الإنجاز، يشعر بالإرهاق المستمر.
- انعدام الدعم: عدم توفر الدعم الكافي من الزملاء أو الإدارة يجعل الأفراد يشعرون بالعزلة في التعامل مع التحديات.
- التوقعات غير الواقعية: ضغوط تحقيق أهداف غير واقعية في وقت قصير تؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والإرهاق.
- عدم التقدير: الشعور بعدم التقدير أو الاعتراف بجهود الفرد يؤدي إلى فقدان الحافز.
- الروتين: العمل في بيئة رتيبة وغير محفزة قد يؤدي إلى الشعور بالملل وفقدان الإبداع.
كيف يتغلب الفرد على الاحتراق النفسي المهني
الشخص الذي يبحث عن النجاح ولا يريد الفشل في العمل المهني، يحاول جاهداً التخلص والابتعاد عن أي مشكلة وأي سبب يؤدي إلى الفشل، فكيف للفرد أن يتغلب على الاحتراق النفسي المهني؟ هذا ما سنتطرق إليه فيما يلي:
- تخطيط وتنظيم المهام المهنية والقيام بها بالوقت المحدد لها وعدم تركها تتراكم؛ لأنَّ المهام عندما تكون كثيرة تكون من أكبر المسببات للضغط المهني.
- محاولة الفرد أن يكون عنصر في مجموعة مهنية تقوم على التعاون والمشاركة وتقسيم المهام.
- عدم جعل الوقت كامل للعمل، وتخصيص وقت للراحة والنوم والأكل والقيام بالرياضة، فهذا سيؤدي إلى تغيير الروتين اليومي للعمل.
أعراض الاحتراق النفسي المهني
الأشخاص الذين يعانون من الاحتراق النفسي المهني يظهرون مجموعة من الأعراض، بعضها قد يكون نفسيًا وبعضها جسديًا، منها:
- الإرهاق المستمر: الشعور بالتعب الجسدي والعقلي حتى بعد قضاء وقت كافٍ في الراحة.
- انخفاض الأداء: نقص التركيز والإنتاجية في العمل.
- الانعزال الاجتماعي: تجنب التفاعل مع الزملاء والميل إلى العزلة.
- القلق والتوتر: الشعور المستمر بالقلق والتوتر بشأن الأمور المتعلقة بالعمل.
- التشاؤم والإحباط: نظرة سلبية مستمرة تجاه العمل وعدم القدرة على الاستمتاع بالإنجازات.
استراتيجيات التغلب على الاحتراق النفسي المهني
أ. إعادة تقييم الأولويات
عندما تشعر بالإرهاق المهني، يجب أن تبدأ بإعادة تقييم أولوياتك. اسأل نفسك ما الذي يهمك حقًا وما الذي يمكنك التخلي عنه. قد تحتاج إلى تقليص بعض الأنشطة أو تفويض المهام للآخرين.
- التوازن بين العمل والحياة: خصص وقتًا لأنشطتك الشخصية مثل الهوايات، الرياضة، والوقت مع الأسرة. هذا يساعد على تحسين المزاج وتقليل التوتر.
- التركيز على أهداف محددة: بدلًا من محاولة القيام بكل شيء في وقت واحد، قم بتقسيم المهام إلى أهداف صغيرة قابلة للتحقيق.
ب. إدارة الوقت بفعالية
إحدى الطرق للتغلب على الاحتراق النفسي هي تعلم إدارة الوقت بفعالية. ذلك سيساعدك على التحكم في حجم العمل وتجنب الشعور بالإرهاق.
- استخدام تقنيات إدارة الوقت: استخدم تقنيات مثل “تقسيم الوقت” أو “مصفوفة الأولويات” لتحديد المهام الأكثر أهمية والعمل عليها أولاً.
- فترات استراحة منتظمة: خذ فترات استراحة قصيرة أثناء العمل، حيث تتيح لك هذه الفترات استعادة طاقتك والحفاظ على تركيزك.
ج. التواصل وبناء الدعم الاجتماعي
الشعور بالعزلة هو أحد العوامل التي تسهم في الاحتراق النفسي. من المهم بناء علاقات قوية مع الزملاء والمديرين.
- طلب المساعدة عند الحاجة: لا تخجل من طلب الدعم إذا كنت تشعر بأنك غير قادر على التعامل مع الضغوط بمفردك.
- التحدث مع مشرفك: قد يكون من المفيد التحدث مع مشرفك حول التحديات التي تواجهها. قد يساعدك على إعادة تنظيم المسؤوليات أو توفير بعض الموارد.
د. الرعاية الذاتية
الاهتمام بنفسك هو عنصر أساسي للتغلب على الاحتراق النفسي المهني.
- النوم الجيد: حاول الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً. يؤثر النوم الجيد بشكل مباشر على طاقتك ومزاجك.
- ممارسة الرياضة: النشاط البدني يساعد على تخفيف التوتر والإجهاد، حتى لو كان مجرد المشي لمدة قصيرة.
- التغذية السليمة: تناول الطعام الصحي يلعب دورًا مهمًا في تحسين طاقتك وقدرتك على التعامل مع ضغوط العمل.
هـ. التأمل وتقنيات الاسترخاء
ممارسات الاسترخاء والتأمل يمكن أن تكون وسيلة فعالة للتعامل مع الضغوط النفسية:
- تمارين التنفس العميق: تساعد هذه التمارين في تهدئة الجهاز العصبي وتقليل التوتر.
- التأمل واليوغا: تعمل على تحسين الحالة النفسية وتقوية القدرة على التعامل مع التحديات اليومية بمرونة.
متى يجب طلب المساعدة
في بعض الأحيان، قد لا تكون الاستراتيجيات الذاتية كافية للتغلب على الاحتراق النفسي المهني. في مثل هذه الحالات، من المهم طلب المساعدة من مختصين:
- الاستشارة النفسية: قد يكون من المفيد التحدث مع مستشار نفسي أو معالج لتلقي الدعم النفسي وتعلم تقنيات فعالة لإدارة التوتر.
- الدعم المهني: بعض الشركات توفر برامج دعم للموظفين يمكن اللجوء إليها عند الحاجة.
التغلب على الاحتراق النفسي المهني يتطلب الانتباه إلى علامات الإنهاك والبدء في اتخاذ خطوات عملية للتعامل معه. من خلال إعادة تقييم الأولويات، إدارة الوقت، التواصل مع الآخرين، والرعاية الذاتية، يمكن للأفراد تجاوز هذه الحالة واستعادة التوازن بين العمل والحياة.