يكاد يجمع الأفراد المختصين في مجالات التربية الخاصة على ضرورة توفير برامج فردية مرتبطة بالأفراد ذوي الحاجات الخاصة، وذلك بعد أن تجمعت خبرات ونتائج دراسات تدل بشكل صريح إلى أن البرامج التربوية للأفراد العاديين لم تثبت فاعليتها مع بعض الفئات من الأفراد غير العاديين.
التقويم في الخطة التربوية الفردية للفرد ذو الاحتياجات الخاصة
من الأغراض الرئيسية للتقويم التربوي تقديم معلومات عن حاجات الفرد المتعلم، وعن المشكلات الخاصة التي يعاني منها وهؤلاء الأفراد رجوعاً إلى هذه المعلومات، والعمل على تصميم المهام التدريسية المناسبة للفرد المتعلم، فإذا كان الفرد المتعلم من ذوي الاحتياجات الخاصة، فالعمل على تصميم المهام التدريسية فيما اصطلح على القيام بتسميته بالخطة التربوية الفردية.
وقد وضحت بعض التشريعات، على ضرورة تقديم تلك الخدمات التربوية للأفراد المعوقين مجاناً، وبما يتناسب مع حاجاتهم الخاصة وبما يتناسب مع طبيعة المشكلات أو مع طبيعة الإعاقات التي يعانون منها، أما كيف نقوم بمعالجة الاضطراب في السلوك، فيرى بعض العلماء أنه إذا تبين لفريق الخطة الفردية أن وجود مشكلة سلوكية حقيقية لدى الفرد تعمل على إعاقة تعلمه.
فيفترض أن يتم في البداية تقویم تشخيص المشكلة السلوكية بشكل خاص، وبعد ذلك أن يعمل الفريق استناداً الى بيانات التقويم، على تطوير خطة تعمل على تخفيف حدة المشكلة وتعمل على تحسن احتمالات سلوك مقبول اجتماعية، ويبين بعض العلماء دور ما يطلق عليه بالتقويم السلوكي الوظيفي في العمل على تزويد فريق الخطة الفردية بمعلومات.
وتزويده بنتائج تحليل للسلوك غير المرغوب به، وبشكل خاص إذا تبين أنه يعمل على إعاقة تعلم الفرد، ويحتوي ذلك النوع من التقويم على جمع بيانات بطريقة المقابلة وبتحديد الأوقات التي يقع فيها السلوك المُشكل إضافة إلى درجة تكراره وإلى ملاحظة المواقف التي يتبين فيها السلوك ويتبين فيها المواقف التي لا يتبين فيها وتكوين فرضيات عن وظيفة السلوك وعلى اختبار تلك الفرضيات.
وهنا لا يتوقف دور عملية التقويم الوظيفي على تعرف القابلية للتعلم، إضافة إلى أنه إلى تعرف حاجات الفرد المتعلم وإلى تطوير برنامج فعال لإشباع تلك الحاجات، التقويم لأغراض القرارات المرتبطة بتخطيط البرامج التربوية، وهناك اتفاق بصورة عامة على ضرورة بيانات التقويم في تخطيط البرامج التربوية وفي تخطيط البرامج العلاجية للأفراد ذوي الحاجات الخاصة.
ولكن السؤال كما يقوم بطرحة بعض العلماء هو كيف يفترض أن تتم عملية التقويم، وكيف يمكن الاستفادة منها في نوعين من القرار، يرتبط الأول بماذا نعلم، ويرتبط الثاني بكيف نعلم، ونتناول كلاً من هؤلاء النوعين فيما يلي:
1- التقويم لأغراض القرارات المتعلقة بماذا نعلم
تتناول قرارات ماذا تعلم أي اختيار الأهداف العامة أي الأهداف بعيدة المدى، واختيار الأهداف الخاصة أي الأهداف قريبة المدى، وما يرتبط بهذه وتلك من محتوى معرفي، ومن استراتيجيات إذ لا نتوقع أن يتمكن الأفراد ذوي الحاجات الخاصة من إدراك نفس الأهداف العامة للأفراد العاديين، فلا نتوقع من فرد معوق يعاني من إعاقة سمعية أن يجتاز درساً في الموسيقى، ولا الفرد المعاق إعاقة عقلية متوسطة أو حتى اعاقة بسيطة.
أن يتقن التفاضل ويتقن التكامل في الرياضيات، ومن هنا فإن ما يتم تعليمه للأفراد ذوي الحاجات الخاصة في مادة العلوم أو في مادة الرياضيات أو مادة الاجتماعيات، أو غيرها من الموضوعات المدرسية يكون في أغلب الأحيان مغايرة تماماً لما يتعلمه الأفراد العاديون.
من جانب آخر يمكن أن يكون الاختلاف على درجة الأهداف الخاصة، فإذا كان لدى فرد قصور أو لدية ضعف لغوي في التعبير الكتابي، فسوف نعرض عنه بهدف خاص مختلف هو التعبير بالكلام تعبيراً شفوياً، وبشكل عام نحاول مع الأفراد ذوي الإعاقات وأن نأخذ درجة أقل من الهدف؛ فبدلاً من أن نطلب من الفرد المعوق أن يحلل الأسباب وراء ظاهرة تاريخية على سبيل المثال نطلب منه أن يصف كيف أن وقائع تاريخية محددة أدت إلى أو كانت سبباً في ظهور الظاهرة التاريخية.
2- التقويم لأغراض القرارات المتعلقة بكيف تعلم
نتناول هنا دور عملية التقويم في تصميم طرق التدريس التي ستطبق في الخطة التربوية الفردية، وتستعمل لذلك الغرض الاختبارات وطرق التقويم المختلفة لتشخيص جوانب الاستعداد، وتشخيص جوانب القصور عند الأفراد وتضمن قدرات حسية وقدرات حركية وقدرات إدراكية، وقابليات وكذلك مهارات واستعدادات لها علاقة بأداء الأفراد في المواد الدراسية.
ورجوعاً إلى المعلومات التي يحصل عليها المدرس من تطبيق أدوات التقويم، يبنى عناصر الفاعلية في طريقته وفي إجراءاته التدريسية في محاولة لتكوين السلوك المرغوب به، ويضمن ذلك على تجزئة متطلبات السلوك النهائي في خطوات تكون في تسلسل محدد، وقد يحتاج ذلك تصميم مواقف وتصميم مواد تعليمية مختلفة.
وتنظيم فرص الممارسة وفرص التدريب وكذلك فرص المذاكرة والتسميع؛ وذلك بهدف تعزيز فاعلية الاحتفاظ وفعالية التذكر وكذلك نتاجات التعلم المرغوب بها، يقدم التقويم المنظم معلومات ضرورية تساعد المدرسين في التعرف على الصعوبات التي يعاني منها الأطفال كما تساهم في تخطيط برامج التدخل، وتساهم في تهيئة بيئة التعلم الملائمة.
ويجب أن توجه عمليات التقويم بحيث نتلمس من خلالها عناصر البيئة التعليمية المتعلقة بالمشكلات السلوكية في محاولة لتعرف مواقع انطلاق في تخطيط برامج التدخل المناسبة لكل شخص، وقد يعتمد المدرس على بعض المبادئ التي ثبت فاعليتها عنده في تعليم الأفراد الذين يعانون من مشکلات أو يعانون من صعوبات خاصة.
لكن يظل كثير من تلك المبادئ في موقع الاجتهاد، وتبقى الحاجة واضحة إلى اختبار فاعليتها فيما يرتبط بالمواقف الصفية في نوع من الدراسة المنضبطة، وإلى أن تبين فاعليتها في نتائج بحثية، نظل نتعامل معها مثل فرضيات مؤقته نرجع صحتها تقديراً، ويحمل التعليم في جوانبه مصطلح التجريب، إذ أنه لا توجد هناك من أدلة واضحة نسترشد بها في اختيارنا للمهمات.
وفي اختيارنا للمواد التعليمية، فالبيانات التي يتم تجميعها عند المدرسين وعند المرشدين، وكذلك المقومين هي بيانات تشخيصية تقويمية بمعنى أنها تبين خصائص وتبين درجات أداء ودرجات جوانب الضعف، لكنها لا تفسر المهمات ولا البرامج ولا الاستراتيجيات الأكثر مناسبة لهذا الطالب أو لغيرة.
ومع ذلك يأخذ المدرسون ويأخذ المرشدون قرارات مرتبطة بالبرامج، ومرتبطة بالاستراتيجيات التي يقومون بتطبيقها، ولكن تلك القرارات تظل في درجة التقديرات وفي درجة الاستنتاجات المرتبطة والتي ترجع إلى نوع من الاجتهاد ونوع من التخمين، ويمكن أن تبين كما قلنا فرضيات تعتبر مؤقتة وأثناء تطبيقها تجمع بيانات، وتبين درجة تحقق فاعليتها، أي أننا نحكم على البرنامج بعد أن يتم تطبيقه.
قد تعطينا مجموعة من الاختبارات مؤشرات عن متطلبات وحاجات عملية التدريس، من ذلك يمكن أن نقول كلما قل مستوى الاستعداد العقلي أي ما يطلق عليه الذكاء عند الشخص، كلما ازدادت حاجته للتمرن وحاجته للتدريب، ولكن المدرس لا يتمكن من أن يحكم مسبقاً بدرجة التدريب المطلوب، وما عليه إلا أن يراقب الفرد خلال تعلمه، ويلاحظ درجة تقدمه.