التوافق الكلاسيكي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


على الرغم من براعة التوافق الكلاسيكي في علم النفس كان من الممكن أن يؤدي تحليله إلى خلاف ذلك وفشل الفرد بشكل حاسم، حيث أراد التوافق الكلاسيكي في علم النفس أن يُظهر محاوريه غير التوافقيين أنه عندما أكد المرء أن لدى وكيل راغب بحرية بدائل متاحة له، أي عندما تم التأكيد على أنه كان بإمكانه فعل شيء آخر يمكن تحليل هذا التأكيد على أنه بيان شرطي، بيان هذا متوافق بشكل واضح مع الحتمية.

التوافق الكلاسيكي في علم النفس

لقد تطور مكان التوافقية في الفلسفة النفسية المعاصرة في ثلاث مراحل على الأقل، حيث تتضمن المرحلة الأولى الشكل الكلاسيكي للتوافق الذي تم تطويره في العصر الحديث من قبل علماء النفس التجريبيين، وتم تنشيطه في الجزء الأول من القرن العشرين، وتتضمن المرحلة الثانية ثلاث مساهمات مميزة في الستينيات، وهي مساهمات تحدت العديد من الافتراضات الجدلية التي تقود التوافق الكلاسيكي.

بينما تتضمن المرحلة الثالثة أشكالًا معاصرة مختلفة من التوافقية، وهي أشكال تختلف عن التنوع الكلاسيكي والتي نشأت أو تتجاوب مع واحدة على الأقل من المساهمات الثلاثة الموجودة في المرحلة الانتقالية الثانية.

وفقًا لأحد الخيوط داخل التوافق الكلاسيكي في علم النفس، فإن الحرية ليست أكثر من قدرة الفاعل على فعل ما يشاء في غياب العوائق التي من شأنها أن تقف في طريقها لولا ذلك، على سبيل المثال يقدم علماء النفس التجريبيين تعبيرًا نموذجيًا عن التوافق الكلاسيكي عندما يدعي أن حرية الشخص تكمن في اكتشافه بلا توقف في فعل ما لديه من الإرادة الحرة أو الرغبة أو الميل لفعله.

من وجهة النظر هذه تتضمن الحرية في التوافق الكلاسيكي في علم النفس عنصرين أحدهما إيجابي والآخر سلبي، حيث أن المكون الإيجابي يتمثل في فعل ما يريده المرء أو يرغب فيه أو يميل إلى القيام به ولا يتكون من أكثر مما تدخل في قوة الفاعلية، والمكون السلبي يتمثل في إيجاد عدم التوقف، ويتكون من التصرف دون عائق، ونموذجيًا يعتبر مقياس التوافقية الكلاسيكي للفعل المعوق أو المرهون هو العمل الإجباري وينشأ السلوك القسري عندما يجبر المرء من قبل مصدر خارجي على التصرف على عكس إرادته.

بالنسبة إلى التوافق الكلاسيكي في علم النفس فإن الإرادة الحرة هي القدرة على فعل ما يريده المرء، لذلك من المعقول أن نستنتج أن حقيقة الحتمية لا تستلزم أن الفاعلين يفتقرون إلى الإرادة الحرة لأنها لا تعني أن الفاعلين لا يفعلون أبدًا ما يرغبون في فعله، ولا أن الفاعلين مرهونين بالضرورة بالتصرف ومن ثم فإن التوافقية مبررة هنا.

ولكن ما مدى إقناع الرواية التوافقية الكلاسيكية للإرادة الحرة؟ كما هو فإنه يصرح من أجل الصقل للإشارة إلى عيب واحد فقط يمكن للأمراض العقلية المختلفة به أن تجعل الشخص يتصرف كما يشاء ويفعل ذلك دون عوائق، ومع ذلك يبدو أن التوافق الكلاسيكي في علم النفس حدسيًا وأنها لا تتصرف بمحض إرادتها، على سبيل المثال عند تخيل شخصًا يعاني من نوع من الذهان يسبب هلوسة كاملة، أثناء الهلوسة قد يتصرف كما يشاء بلا عائق، لكن يصعب القول إنها تتصرف بمحض إرادته.

التحليل الشرطي في التوافق الكلاسيكي في علم النفس

إذا كانت الحتمية السببية صحيحة وفي أي وقت من الأوقات يكون الفاعل مصممًا تمامًا على أن يكون لديه الرغبات التي لديه، وإذا كانت تلك الرغبات تحدد تصرفاته سببيًا، فعندئذ على الرغم من أنه يفعل ما يريد القيام به، لا يمكن أن يفعل غير ذلك أي أنه يفي بشروط التوافق الكلاسيكي للإرادة الحرة، لكن الإرادة الحرة تتطلب القدرة على القيام بغير ذلك، والحتمية لا تتوافق مع هذا.

من ثم فإن تفسير التوافقي الكلاسيكي للإرادة الحرة غير كافٍ ولا تتوافق الحتمية مع الإرادة الحرة والمسؤولية الأخلاقية لأن الحتمية لا تتوافق مع القدرة على القيام بخلاف ذلك، حيث يمكن اعتبار التفسير التوافقي الكلاسيكي للحرية الذي تم طرحه حتى الآن على أنه تفسير للحرية أحادية الاتجاه، والتي تركز فقط على ما يفعله الشخص، وليس على البدائل المتاحة له لما فعلته، التحدي غير التوافقي المطروح هنا هو أن هذه الحرية حتى لو كانت ضرورية غير كافية في غياب حرية أخرى للقيام بها بخلاف ما يفعله المرء.

استجاب التوافقيين الكلاسيكيين من علماء النفس بالقول إن الحتمية متوافقة مع القدرة على القيام بخلاف ذلك، لإثبات ذلك حاولوا تحليل قدرة الوكيل على القيام بخلاف ذلك بشروط شرطية؛ نظرًا لأن الحتمية عبارة عن أطروحة حول ما يجب أن يحدث في المستقبل نظرًا للماضي الفعلي، فإن الحتمية تتسق مع كون المستقبل مختلفًا نظرًا لماضٍ مختلف، لذا حلل التوافقيين الكلاسيكيين من علماء النفس أي تأكيد على أن الفاعل كان يمكن أن يفعل بطريقة أخرى كتأكيد مشروط يُبلغ عما كان يمكن أن يفعله الوكيل في ظل ظروف معينة مضادة للواقع.

تضمنت هذه الشروط تباينات حول ما يريده الفاعل بحرية من اختار أو قرار القيام به في وقت تصرفه بإرادته الحرة، من حيث افتراض أن الوكيل أراد القيام بحرية وفقًا للتحليل الشرطي التوافقي الكلاسيكي، فإن القول بأنه في وقت التمثيل كان بإمكانه فعل الشيء الحر وليس بقيوم هو مجرد قول ذلك، ولو أراد القرار أن يفعله في ذلك الوقت، إذن كان سيفعل الدور بكل حريته من خلال قدرته على القيام بغير ذلك في الوقت الذي كان يتصرف فيه يتمثل في بعض هذه الحقيقة المضادة للواقع.

ولكن بالنظر إلى أن الوكيل المصمم مصممًا في وقت العمل على أن يكون لديه الرغبات التي لديه، كيف يكون من المفيد أن توضح ما كان سيفعله لو كان لديه احتياجات مختلفة عن الرغبات التي كانت لديه؟ بافتراض حقيقة الحتمية في الوقت الذي تصرف فيه لم يكن لديه أي احتياجات أخرى غير الرغبات التي حددها تاريخه السببي لها.

رداً على ذلك يرى التوافقي الكلاسيكي أن التحليل الشرطي يجلب صورة غنية عن الحرية، عند تقييم تصرف الوكيل يميز التحليل بدقة تلك الإجراءات التي كان من الممكن أن يقوم بها إذا أراد الفرد، وبين تلك الإجراءات التي لم يكن من الممكن أن تقوم بها حتى لو أراد، هذا كما يعتقد التوافقي الكلاسيكي ويميز بشكل فعال مسارات العمل البديلة التي كانت ضمن نطاق قدرات الفاعل في وقت الفعل، عن مسارات العمل التي لم تكن كذلك.

التأثير الدائم للتحليل الشرطي في التوافق الكلاسيكي في علم النفس

فشل التوافقيين الكلاسيكيين من علماء النفس في الإجابة على حجة عدم التوافق الكلاسيكي، مما حاولوا القيام به عن طريق التحليل الشرطي هو إنكار الادعاء بأنه إذا كانت الحتمية صحيحة، فلا أحد يستطيع أن يفعل غير ذلك، ولكن نظرًا لفشلهم كان لزامًا عليهم الرد على الحجة بطريقة ما.

إنه لمن العدل فقط الاعتراف بأن الحتمية تشكل ظاهرة للوهلة الأولى وتهديد الإرادة الحرة عندما تُفهم الإرادة الحرة على أنها تتطلب القدرة على القيام بخلاف ذلك، فالحجة الكلاسيكية غير التوافقية هي مجرد تدوين لهذا الفكر الطبيعي، وفي ضوء فشل التحليل الشرطي للتوافق الكلاسيكي، فإن عبء الإثبات يقع بشكل مباشر على عاتق التوافقيين.


شارك المقالة: