اقرأ في هذا المقال
يواجه الناس باستمرار مواقف تختلف فيها تفضيلاتهم أو اهتماماتهم الفردية عن أو حتى تعارض مصالح الآخرين مثل التفاعلات في العلاقات الاجتماعية في مكان العمل أو على المستوى المجتمعي الأكبر، ففي العديد من هذه المواقف تكون الإجراءات التي تتوافق مع التفضيلات الفردية غير متوافقة مع تلك الخاصة بالآخرين، قد لا يشترك أصدقاء المرء في تفضيله للحضور متأخرًا في المواعيد فإن الأفعال التي تمليها دوافع الفرد لا تتوافق مع مصالح الآخرين أو حتى تضر بها.
الدوافع الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي
الدوافع الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي هي العمليات النفسية التي تحرك تفكير الناس وشعورهم وسلوكهم في تفاعلهم مع الآخرين؛ نظرًا لأن المواقف الاجتماعية تواجه الأشخاص بتفضيلات واحتياجات الآخرين، وليس فقط احتياجاتهم الخاصة، فإنها تتطلب منظورًا أوسع يتم فيه دمج مصالح الآخرين، تعكس الدوافع الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي الطريقة التي يقدر بها الناس هذه الاهتمامات فيما يتعلق بمصالحهم الخاصة.
كيف يفعلون ذلك له تأثير حاسم على فهمهم للتفاعل وعلى القرارات التي يتخذونها في سياقه؛ لهذا السبب فإن فهم الدافع الاجتماعي أمر بالغ الأهمية لفهم التفاعلات الاجتماعية، حيث يمكن تشكيل الدافع الاجتماعي من خلال ميزات الأشخاص الذين يؤلفون التفاعل وخصائص موقف التفاعل في حين أن هناك تأثير للدوافع الاجتماعية على السلوك الإنساني الاجتماعي.
تُعرف الدوافع الاجتماعية باسم الدوافع المكتسبة أو المتعلمة، حيث أنها تعبر عن بعض الأشكال المعقدة من الدوافع الإنسانية، والتي تنتج بشكل رئيسي من تفاعل الإنسان مع بيئته الاجتماعية، تسمى بالدوافع الاجتماعية لأنها تعلمت في مجموعات اجتماعية، ويمكن النظر إلى هذه الدوافع الإنسانية الخاصة على أنها حالات عامة تؤدي إلى سلوكيات معينة، فالدوافع الاجتماعية هي الخصائص العامة للشخص وبما أنها دوافع مكتسبة، فإن قوتها تختلف بشكل كبير من فرد لآخر.
يعتمد الدافع الاجتماعي الذي سينشط الفرد على التجربة الاجتماعية للفرد، حيث إنه فريد بالنسبة له ويعتمد على طرق إدراك الأشياء، ولهذا السبب وجد علماء النفس دائمًا صعوبة في الوصول إلى قائمة متفق عليها من الدوافع الاجتماعية كما فعلوا في حالة الدوافع البيولوجية، نظرًا لأن هذه الدوافع يتم استنتاجها من السلوك الإنساني، فمن الصعب جدًا قياس هذه الدوافع، وينبع هذا النوع من الصعوبة من المشكلة المتمثلة في أننا لا نعرف أي نوع معين من السلوك يرتبط بأي دافع معين.
أهم الدوافع الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي
تتمثل أهم الدوافع الاجتماعية في علم النفس الاجتماعي من خلال ما يلي:
الحاجة للانتساب
أحيانًا نجد أشخاصًا يحاولون يائسًا الاقتراب من الناس وطلب مساعدتهم والانضمام إلى مجموعتهم، هذا النوع من السلوك الإنساني الذي يبحث عن أشخاص آخرين ويريد أن يكونوا قريبين منهم جسديًا ونفسيًا يسمى الانتماء أو الانتساب، بمعنى آخر يشير الانتساب إلى الحاجة إلى أن يكون الناس مع الآخرين.
تنشأ حاجة الانتماء أو الانتساب هذه عندما يشعر الأفراد بالتهديد أو بالعجز وأيضًا عندما يكونون سعداء، حاول علماء النفس الاجتماعي تصنيف الناس حسب درجة احتياجهم من المنتسبين، ويتم تحفيز الأشخاص الذين لديهم هذه الحاجة إلى البحث عن رفقة الآخرين والحفاظ على علاقات ودية مع الآخرين.
كشفت الدراسات في البحث النفسي التجريبي أن الخوف والقلق يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بدافع الانتساب، ولكن عندما تكون درجة القلق والتهديد عالية جدًا، غالبًا ما يكون سلوك الانتساب هذا غائبًا، وأشارت نتائج الاختبارات أيضًا إلى أن خبرات التعلم المبكرة تؤثر على هذا الدافع الاجتماعي.
كشفت دراسات مختلفة أن الأطفال الذين نشأوا ليكونوا متفاعلين أو نشأوا على روابط عائلية وثيقة يظهرون دافعًا أقوى للانتساب من أولئك الذين ينتمون إلى أسر أكثر تماسكًا تشجع الاستقلال المبكر، وتعد احتياجات الانتساب أقوى في بعض الثقافات من غيرها.
الحاجة إلى القوة
كدافع اجتماعي مستقل تعبّر الحاجة إلى القوة عن السلوكيات التي تميل إلى التحكم في مسار الأحداث والتأثير عليها بما في ذلك سلوكيات الآخرين، فتقليدياً كان يعتقد أن السلطة كانت مطلوبة من قبل الناس كأداة لإرضاء دوافع أخرى مثل الجشع والانتماء العدواني وما إلى ذلك، وفي الماضي رأينا أن الجنس البشري كافح دائمًا من أجل السلطة، ومع ذلك في السنوات الأخيرة تم التركيز على دافع القوة باعتباره مستقلاً في حد ذاته ولا يمكن اشتقاقه من دوافع أخرى.
وصف ديفيد مكلاند طرق عامة للتعبير عن دافع القوة بحيث يفعل الناس أشياء لاكتساب مشاعر القوة من مصادر خارج أنفسهم، على سبيل المثال نعبر عن تحفيز القوة من خلال قراءة قصص عن الرياضة أو قد نربط أنفسنا بقائد يمكنه أن يستمد القوة منه، ويفعل الناس أشياء لاكتساب مشاعر القوة من مصادر داخل أنفسهم، على سبيل المثال قد يعبر الفرد عن دافع القوة الذي يبني الجسم وعن طريق إتقان الحوافز والدوافع قد يعبر الشخص عن سلطته من خلال محاولة السيطرة على الأشياء مثل الأفكار الفاخرة وجمع السيارات، وبطاقات الائتمان وما إلى ذلك.
يقوم الناس بأشياء كأفراد ليكون لهم تأثير على الآخرين، على سبيل المثال قد يجادل شخص ما مع شخص آخر أو قد يكون لديه موقف تنافسي مع فرد آخر من أجل التأثير أو التأثير على هذا الشخص، ويقوم الأشخاص بأشياء كأعضاء في المنظمات ليكون لهم تأثير على الآخرين من خلال التسلسل والسلوك القيادي.
دافع التبعية
يشير دافع التبعية إلى العلاقات الشخصية حيث يتصرف الفرد بطريقة من أجل جذب الانتباه والطمأنينة والمساعدة والراحة ودعم الهوية من زملائه، حيث اعتاد الناس على قضاء المزيد من الوقت مع الوالدين، أو الأصدقاء المقربين في المواقف الصعبة، بحيث إنهم يطلبون المشورة وينفقون على بعضهم البعض في العمل على حل المشاكل المختلفة، مما يبدو أن الأفراد أكثر اعتمادًا على الموافقة على هوية التفاعلات الاجتماعية.
في أوقات الإجهاد يرغب الناس في اللجوء إلى دافع التبعية، أي أنهم بحاجة إلى رعاية أحدهم، وبالتالي يعتمدون على الآخر؛ وذلك من أجل الحصول على الدعم العاطفي والاقتصادي وغير ذلك من الدعم مثل الحب والأمن وما إلى ذلك.
دافع التعاون
التعاون هو دافع اجتماعي مكتسب. إنه شرط يتجلى عندما يعمل اثنان أو أكثر من الأفراد أو المجموعات معًا في السلوك الجمعي؛ وذلك من أجل تحقيق هدف مشترك، ويشير التعاون إلى عدم وجود الخلاف المتبادل والمعارضة بين أعضاء المجموعة الزملاء مع غياب التنافس، من ناحية أخرى لا يتم اشتقاق الوضع من السلطة أو ملكية الأرض ولكن من الصداقات، حيث أن الشخص السعيد والناجح هو الذي لديه أكبر عدد من الأصدقاء.