اقرأ في هذا المقال
- الذاكرة في سياق علم النفس الاجتماعي
- تعريف الذاكرة في سياق علم النفس الاجتماعي
- خلفية وتاريخ أبحاث الذاكرة في سياق علم النفس الاجتماعي
- تطوير نماذج الذاكرة في سياق علم النفس الاجتماعي
الذاكرة في سياق علم النفس الاجتماعي:
على الرغم من أن البحث في الذاكرة قد تم إجراؤه بشكل أساسي من قبل علماء النفس الإدراكي، إلا أنه مجال بحث أساسي في علم النفس الاجتماعي أيضًا، وذلك عند تخيل الشخص أنه لا يستطيع تذكر الأشخاص الذين قابلهم من يوم لآخر، وفي كل مرة رأى فيها رفيقه في السكن أو أصدقائه أو أفراد أسرته، سيحتاج إلى التعرف عليهم مرة أخرى، ومن الواضح أن الذاكرة ضرورية لتفاعلاتنا الاجتماعية.
بالتالي فقد اكتشف قدر كبير من البحث في علم النفس الاجتماعي كيف تلعب الشبكات والمخططات الترابطية دورًا في التجربة الاجتماعية اليومية، ويشير قدر كبير من الأبحاث إلى أن الناس يذهبون إلى مواقف بتوقعات معينة، وتستند هذه التوقعات على تجاربهم ومعتقداتهم السابقة أي تمثيلهم العقلي حول حدث أو شخص أو موقف.
على سبيل المثال أظهر الباحثين أن الناس لديهم ميل عام إلى تذكر المعلومات المتوافقة مع المواقف والتعرف عليها بشكل أفضل من تذكرهم للمعلومات غير المتسقة، على الرغم من أن قوة التأثير العام قد نوقشت، إلا أن الناس يفضلون المعلومات التي تتفق مع مواقفهم، ومع ذلك في ظل ظروف معينة يمكن القضاء على تحيزات الذاكرة أو حتى عكسها.
تم الإبلاغ عن نتائج مماثلة في أدبيات تكوين الانطباع، أي عندما يلتقي الناس بشخص ما لأول مرة فإن توقعاتهم حول الشخص على سبيل المثال الصور والأفكار النمطية حول مجموعات معينة وأعضائها أو الموقف، على سبيل المثال نص أو مجموعة من المعتقدات حول كيفية حدث ما، يمكن أن تؤثر على كيفية إدراكهم لهذا الشخص والحكم عليهم، إذا كانوا يتوقعون أن يكون شخص ما لطيفًا، فسوف يتذكرونه على أنه لطيف وودود.
ومن المثير للاهتمام إذا كانت توقعاتهم قوية بشكل خاص عندما يواجهون معلومات غير متوافقة في المخطط، فقد يتم تذكر هذه المعلومات غير المتسقة بشكل أفضل أي أنهم قد يبدأون في إنشاء شبكة ارتباطية جديدة أو معلومات، وهكذا كما هو الحال مع أدبيات المواقف في علم النفس الاجتماعي، يميل الناس إلى إظهار تحيز مؤكد ولكن إذا كانت توقعاتهم قوية، فقد تكون المعلومات غير المتسقة بارزة بشكل خاص وبالتالي يمكن تذكرها بشكل أفضل، على الرغم من وجود جدل في الأدبيات حول كيفية حدوث هذه التأثيرات ومتى تحدث، إلا أن التمثيلات الذهنية والذاكرة تؤثر في كيفية تفاعل الأشخاص مع عوالمهم الاجتماعية.
تعريف الذاكرة في سياق علم النفس الاجتماعي:
يناقش معظم الباحثين المعاصرين ثلاثة عناصر لمفهوم الذاكرة في سياق علم النفس الاجتماعي والتي تتمثل من خلال ما يلي:
- الذاكرة هي المكان أو منطقة التخزين حيث يتم الاحتفاظ بالمعلومات الاجتماعية وغير الاجتماعية.
- الذاكرة هي خصائص أو محتوى تجربة أو حدث، يشار إليه أيضًا باسم تتبع الذاكرة.
- الذاكرة هي المصطلح المستخدم لوصف العملية العقلية التي من خلالها يتعلم الناس أو يخزنون أو يتذكرون هذه المعلومات.
بالإضافة إلى ذلك عند مناقشة عمليات الذاكرة والتذكر، يشير الباحثين في علم النفس الاجتماعي غالبًا إلى المفهوم ذي الصلة للتمثيل العقلي، والتمثيل العقلي هو بناء مشفر يمكن للناس الوصول إليه وتخزينه واسترجاعه واستخدامه بعدة طرق، على سبيل المثال لكل شخص تمثيل عقلي لأمه تشكل مجموعات المشاعر والمعتقدات والمعرفة التي لديك عن والدته تمثيله العقلي لها.
خلفية وتاريخ أبحاث الذاكرة في سياق علم النفس الاجتماعي:
الذاكرة موضوع حظي باهتمام الأكاديميين والمفكرين منذ آلاف السنين. منذ ما يقرب من 2500 عام، حيث جادل أفلاطون في أن الذاكرة كانت عبارة عن لوح شمعي تركت فيه التجارب اليومية للشخص انطباعاته، بحيث تعتبر إحدى النتائج المهمة لهذا التوصيف والتي تم قبولها على أنها حقيقة لبعض الوقت، هي أنه بمجرد تشفير الذاكرة يتم ضبطها وعدم تغييرها.
على الرغم من أنه يمكن نسيان إحدى الذكريات لبعض الوقت إلا أنه في النهاية يمكن استعادتها بشكل كامل ودقيق، وعلى العكس من ذلك جادل أرسطو بأن الذكريات كانت ارتباطات بين المحفزات والتجارب المختلفة، وتم تطوير هذه الفكرة من قبل أمثال جون لوك وديفيد هيوم في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وتسمح الشبكة الترابطية بمزيد من السيولة في الذاكرة وتعني أن الذكريات والتصورات الذهنية قد تتغير أو تُنسى بمرور الوقت.
نشر هيرمان إبنغهاوس أحد أكثر المناهج المبكرة شمولاً للذاكرة البشرية في كتابه عام 1885 حول هذا الموضوع، وركز عمل إبنغهاوس على تعلم معلومات جديدة عادةً كلمات لا معنى لها، وطور منحنيات لوصف كيف تعلم الناس ونسبوا المعلومات الجديدة لاحقًا، ولقد وضعت العديد من نتائجه الأسس للفكر الحالي حول التعلم والذاكرة للمعلومات الجديدة.
بعد مرور بعض الوقت بدأ السير فريدريك بارتليت بالتركيز على كيفية تأثير المعرفة الموجودة على التعلم والذاكرة، واقترح أن الذاكرة كانت في الواقع عملية بناءة وأن الناس في محاولة للتذكر غالبًا ما يعيدون بناء الذكريات من الأجزاء التي كانت متاحة، ومنذ هذه النتائج المبكرة كان فهم عمليات الذاكرة محط تركيز في عدد أو مجالات علم النفس بما في ذلك الإدراك والسلوكية والتعلم اللفظي وعلم الأعصاب، تمشياً مع هذا التركيز الواسع في الأدبيات النفسية، كانت تأثيرات الذاكرة والتذكر موضوعًا أساسيًا للدراسة في علم النفس الاجتماعي.
تطوير نماذج الذاكرة في سياق علم النفس الاجتماعي:
ضمن مفهوم الذاكرة في سياق علم النفس الاجتماعي قام الباحثين بالتمييز بين الذاكرة الصريحة التي يشار إليها غالبًا باسم الذاكرة التصريحية والذاكرة الضمنية التي يشار إليها غالبًا باسم الذاكرة غير التوضيحية، حيث يمكن تعريف الذاكرة الصريحة بأنها الفعل الواعي أو المتعمد لمحاولة تذكر شيء ما مثل عيد ميلاد الأم، في حين يمكن اعتبار الذاكرة الضمنية على أنها الطريقة التي تؤثر بها ذكريات الناس وتجاربهم السابقة أي التمثيلات العقلية على الطريقة يفكرون في المعلومات ويعالجونها في عوالمهم الاجتماعية.
في الخمسينيات من القرن الماضي بدأ الباحثين في تحديد نماذج مختلفة من الذاكرة بدقة، نوعان من نماذج الذاكرة التي أثرت بشكل كبير على مجال علم النفس الاجتماعي هما المفاهيم ذات الصلة للشبكات والمخططات النقابية، حيث يفترض نموذج الشبكة الترابطية أن الذكريات هي ببساطة الارتباطات المجمعة بين العقد المختلفة للمفاهيم، والأحاسيس والإدراك.
ترتبط هذه العقد من خلال الارتباط المتكرر مع بعضها البعض في كل مرة يتم فيها الوصول إلى الذاكرة أو تنشيطها، يتم تعزيز الارتباط الترابطي بين العقد، كلما حدث هذا في كثير من الأحيان، كان من الأسهل تنشيط الارتباط أي الذاكرة، وتقترح نماذج الشبكات الترابطية بشكل أساسي استراتيجية معالجة من أسفل إلى أعلى حيث يتم بناء معاني أكبر من الارتباطات بين المفاهيم المرتبطة.
على العكس من ذلك يمكن تعريف المخططات على أنها تمثيلات أكثر شمولاً في الذاكرة توفر إطارًا لتفسير المعلومات الجديدة، على هذا النحو تشير المخططات إلى استراتيجية معالجة من أعلى إلى أسفل، حيث يتم دمج المعلومات الجديدة في المخططات الحالية، ويتم فهم هذه المعلومات فيما يتعلق بها، في حين أن نهج الشبكة الترابطية يقترح أن يقوم الأشخاص بدمج معلومات جديدة من خلال إنشاء روابط جديدة، تقترح نظرية المخطط أن يفهم الناس المعلومات الجديدة من خلال ربطها بمعرفتهم وتوقعاتهم الحالية.