اقرأ في هذا المقال
- السببية الرجعية في علم النفس
- الوقت والسببية الرجعية في علم النفس
- التأثير على الماضي والسببية الرجعية في علم النفس
يبدو أن السمة المشتركة لعالمنا هي أنه في جميع الحالات هي سببية، حيث يتم وضع السبب والنتيجة في الوقت المناسب بحيث يسبق السبب تأثيره مؤقتًا، ومنها يفترض فهمنا الطبيعي للسببية هذه الميزة لدرجة أننا نواجه صعوبة كبيرة بشكل حدسي في تخيل الأشياء بشكل مختلف.
السببية الرجعية في علم النفس
تعتبر فكرة السببية الرجعية في علم النفس هي ما تؤيد فكرة أن الترتيب الزمني للسبب والنتيجة هو مجرد ميزة عرضية وأنه قد تكون هناك حالات يكون فيها السبب سببيًا لتأثيره ولكن حيث يكون الترتيب الزمني للسبب والنتيجة يتم عكسها فيما يتعلق بالسببية العادية، أي أنه قد تكون هناك حالات يكون فيها التأثير مؤقتًا ولكن ليس سببيًا يسبق سببه.
لا ينبغي الخلط بين فكرة السببية الرجعية في علم النفس مع فكرة السفر عبر الزمن، حيث يرتبط هذان المفهومان بالقدر الذي يتفق فيه كلاهما على أنه من الممكن التأثير سببيًا على الماضي، ومع ذلك فإن الاختلاف هو أن السفر عبر الزمن يتضمن حلقة سببية في حين أن السببية الرجعية لا تفعل ذلك، في حين أن الحلقات السببية من جانبها لا يمكن أن تحدث إلا في كون يكون فيه المرء قد أغلق منحنيات تشبه الزمن.
في المقابل قد تحدث السببية الرجعية في علم النفس في عالم لا توجد فيه منحنيات شبيهة بالوقت، بمعنى آخر نظام عادي من شأن المشاركة في السفر عبر الزمن أن تحافظ على الترتيب الزمني لوقتها المناسبة أثناء سفرها، وستحافظ على نفس الشعور بالوقت خلال رحلتها بأكملها ولكن إذا كان نفس النظام من أجل المشاركة في عملية السببية المتخلفة، فإن ترتيب الوقت المناسب يجب أن ينعكس بمعنى أن الإحساس الزمني للنظام سيصبح عكس ما كان عليه من قبل.
يعتبر الجدل الفلسفي حول السببية الرجعية في علم النفس جديد نسبيًا يمكن العثور على القليل من الاهتمام بالمشكلة في الأدبيات القديمة حيث لا يبدو أن أي ظواهر تجريبية تتطلب مفهوم السببية الرجعية لفهمنا لها، ولفترة طويلة كان يُعتقد أن مثل هذا المفهوم ينطوي إما على تناقض في المصطلحات أو استحالة مفاهيمي، إن تعريف العالم ديفيد هيوم للسبب على أنه حدث من حدثين يحدثان قبل الآخر، وبالتالي يستبعد أن السبب يمكن أن يحدث بعد تأثيره.
علاوة على ذلك وفقًا لفكرة العالم إيمانويل كانط عن التخليق بداهة الحقيقة أن الادعاء بأن السبب يسبق تأثيره مؤقتًا قد اعتبر أنه يشير إلى مثل هذه الحقيقة، حيث أنه في عام 1954 أجرى مناقشة حول ما إذا كان التأثير يمكن أن يسبق سببه، ودافع عن الفكرة بينما جادل بأنها تنطوي على تناقضات في المصطلحات.
الوقت والسببية الرجعية في علم النفس
هل يمكن أن يتم تقديم فكرة عن الوقت تسمح بأن يسبق التأثير سببه؟ للإجابة على هذا السؤال قد يجادل المرء من ناحية أنه في حالة السماح للسببية الرجعية والأمامية لتكون جزءًا من وصفنا للعالم فيجب التخلي عن توليد المستقبل، ومعه القدرة على التتبع الرياضي للنظريات المحلية، من ناحية أخرى قد يجادل المرء أن السببية الرجعية لا تمنعها البنية المعروفة للواقع، ففي الواقع يفترض ادعاء سابق أن المستقبل على قدم المساواة وجوديًا مع الماضي وأن القوانين الأساسية متماثلة زمنيًا لدرجة أن تأثير العملية في ظل ظروف خاصة معينة قد يصل إلى الوراء في الوقت المناسب.
تتطلب الفكرة الصحيحة للسببية الرجعية أن المستقبل حقيقي تمامًا مثل الحاضر والماضي، من الشائع بين الفلسفيين من علماء النفس التمييز بين مجموعة من وجهات نظر مختلفة في الوقت المناسب، الأول هو الحاضر حيث يدعي هذا الرأي أن الأحداث الموجودة الآن فقط هي الموجودة بالفعل، والأحداث الماضية أو المستقبلية غير موجودة فلم تعد الأحداث الماضية موجودة، في حين أن الأحداث المستقبلية لم تصبح حقيقية بعد، لذلك فقط العبارات حول الحاضر أو المتعلقة بالحاضر لها قيمة حقيقة محددة.
وجهة النظر الثانية هي الإمكانية التي وفقًا لها توجد الأحداث الماضية والحاضرة، لكن الأحداث المستقبلية لا تزال ممكنة أو غير موجودة، يُطلق على هذا الرأي أحيانًا اسم المجتمع المتنامي، نتيجة لذلك ترى وجهة النظر أن العبارات حول الأحداث الماضية والحاضرة فقط لها قيمة حقيقة محددة، لكن البيانات حول المستقبل إما صحيحة أو قد تفتقر تمامًا إلى أي قيمة حقيقية.
عادة ترتبط المواقف الحاضرة والمواقف المتقدمة بالنظرة الديناميكية للاستمرار، حيث يلعب العابر الآن دورًا وجوديًا مثل الوقت المتغير باستمرار الذي تصبح فيه الأشياء حقيقية أو ربما، قد يكون أحد أسباب تفضيل الكون المتنامي من الحاضر هو تحليل السببية إلى الأمام، لكي يكون سبب الحدث الحالي هو حدث سابق، يجب أن يكون الحدث الماضي موجودًا، ولا شيء غير موجود في الماضي يمكن أن يسبب شيئًا موجودًا حاليًا، إذا كانت السببية الرجعية هي احتمال مفاهيمي يجب أن يوجد شيء ما في المستقبل حتى يتسبب في شيء ما في الوقت الحاضر.
بالتالي فإن السببية الرجعية تتطلب الاستمرار مع عدم الانقطاع بأي حال من الأحوال أو حسابًا ثابتًا للوقت بمعنى أنه لا يوجد تحول موضوعي، لا وجود للوجود بحيث توجد الأحداث المستقبلية على قدم المساواة مع الأحداث الحالية والماضية، وهذا يعني أن المستقبل حقيقي والمستقبل لا يتألف فقط من إمكانيات غير محققة أو حتى من لا شيء على الإطلاق.
عادة قد نفكر في الماضي على أنه لا شيء كان في يوم من الأيام شيئًا ولكن عند سؤالنا عما يجعل الجمل حول الماضي صحيحة أو خاطئة، ربما نقول أيضًا أن حقائق الماضي هي التي تجعل الجمل الحالية عن الماضي إما صحيحة أو خاطئة، هذه النظرة واقعية فيما يتعلق بالماضي.
إذا كانت السببية الرجعية في علم النفس ممكنة من الناحية المفاهيمية، يجبرنا على أن نكون واقعيين فيما يتعلق بالمستقبل، حيث أنه يجب أن يحتوي المستقبل على حقائق وأحداث ذات خصائص معينة، ويمكن لهذه الحقائق أن تجعل الجمل حول الماضي أو المستقبل صحيحة أو خاطئة، ومنها يتم توفير مثل هذا الحساب الواقعي من خلال نظريات الزمن الثابتة والعديمة الشد.
الاستمرارية الزمنية أو الثبات المستمر هي نظرية من هذا القبيل وترى أن مشاركة الوقت في الماضي والحاضر والمستقبل تعتمد على المنظور الذي نضعه نحن البشر على العالم، حيث يتم تحديد نسب الماضي والحاضر والمستقبل إلى الأحداث من خلال ما نأخذه في الوجود في أوقات أبكر من وقت تجربتنا وأوقات أخرى.
التأثير على الماضي والسببية الرجعية في علم النفس
هل تعني السببية الرجعية أن سببًا مستقبليًا يغير شيئًا ما في الماضي؟ بالحديث عن السببية المستقبلية فإننا نفكر في السبب باعتباره الحدث الذي ينتج تأثيره أو يحدثه، إنه ليس جزءًا من مفهومنا للسببية المستقبلية أن السبب يغير أي شيء في المستقبل، حيث يحدد السبب ما سيكون التأثير بغض النظر عما إذا كان المرء مدافعًا عن الحاضرة، أو الكون المتنامي، أو الثبات المستمر.
لا يعتبر المرء أبدًا السبب على أنه حدث سيجعل المستقبل مختلفًا عما سيكون عليه، في الواقع لولا القضية الموجهة للأمام لكان المستقبل مختلفًا عما سيكون عليه حتى معظم الأبطال يعتبرونها نتيجة غير مبررة أن فكرة السببية الرجعية، إذا كانت متسقة تتضمن فكرة أن المستقبل قادر على تغيير الماضي.
لذلك كانت إجابتهم عادة أنه إذا كانت لدينا القدرة على إحداث شيء ما في الماضي، فإن ما حدث كان موجودًا بالفعل عندما كان الماضي حاضرًا، وعلينا أن نميز بين تغيير الماضي بحيث يصبح مختلفًا عما كان عليه والتأثير في الماضي حتى يصبح كما كان. تتطلب الفكرة المتماسكة في السببية الرجعية فقط أن يكون المستقبل قادرًا على التأثير على ما يحدث في الماضي.