إن عملية النمو والنضج لدى الأطفال المُعوقين بصرياً لا تختلف لدى الأطفال العاديين من حيث التسلسل، إنما من حيث المُعدّل، فالأطفال العاديين يتعلمون عن طريق المُحاكاة والتقليد والتعلم العارض، حيث تُعَدّ حاسة البصر الرئيسية لإدراك الأشياء من مسافات مُختلفة وإدراكها بشكل كلّي. وتوجد عِدَّة قيود لدى الأطفال ضعاف البصر تعتمد على شدة ضعف البصر الذي يبعد الطفل عن عالمه. وسوف نتحدث في هذا المقال عن العناصر الأساسية في برامج التدخل المُبكر للأطفال المُعوقين بصرياً.
العناصر الأساسية في برامج التدخل المُبكر للأطفال المُعاقين بصريا
- دور الأسرة: تُعَدّ الأسرة ذات أهمية كبيرة للطفل المكفوف وبخاصة الأم، فمحبة الوالدين وقبولهم عاملين مُهمّين يؤثران على نمو الطفل وقبوله لنفسه. ويجب على المُعلمين فهم مشاعر الوالدين وحاجاتهم ومُشكلاتهم وتزويدهم بالإرشادات اللازمة لمُساعدتهم على توفير خبرات الازمة للطفل، حيث أن المُعلمين يجب أن يهتموا باستجابات الأمهات لأطفالهن.
فالتفاعل بين الأم والطفل يعتمد على الصورة الموجودة، كذلك شعور الرضاء لدى الأم وخصائص الطفل ونموّه؛ بسبب غياب ألفاظ التواصل العيني مع الطفل المكفوف، فيجب تقديم صورة ذاتية للأمهات من أجل تقديم المُساعدة المُناسبة لهم، كذلك تقديم الدعم العاطفي وتعزيز مُحاولاتهن للتفاعل مع الأطفال من قبل المُعلمين، حيث وُجِدَ أن الأمهات يواجهن صعوبات كبيرة في قراءة تلميحات وتعبيرات الأطفال المعوقين بصرياً.
- الاتصال: تُعَدّ اللغة أساساً للنمو والنضج، فيجب تطوير اللغة للأطفال المكفوفين. وتتطور اللغة حسب الخبرات المُباشرة مع الأشياء، حيث يتم الحديث مع الطفل المكفوف من قبل الأم والمعلمات عن الأنشطة التي توجد حول الطفل وتشجيعه على استخدام الحواس الأخرى؛ للمُلاحظة وتطوير تصورات العقلية للأشياء والتحدث عمّا يدركه الطفل المكفوف.
- مفهوم الذات: يُعَدّ مفهوم الذات شرط للأداء الإنساني الفعّال، فالعوامل التي تحدد طبيعة مفهوم الذات للأطفال ذوي الإعاقة البصرية ومدى الاحترام الذي يتم التعبير عنه وخبراته السابقة الناجحة والفاشلة. وينبغي على برامج التدخل المُبكر أن تركّز على وعي الأطفال لذاته جسمياً، حيث يحتاج الطفل إلى التعرف على أجزاء جسمه ووظيفتها؛ من أجل تكوين صورة عقلية لجسمه ووظائف كل جزء منها.
ويبدأ تدريب الطفل ذوي الإعاقة البصرية على مفهوم الذات عند تطور اللغة، حيث يتم التدريب من خلال الخبرات الحقيقية وليس لفظياً فقط والتركيز على تطوير مشاعر الطفل بالأمن، كذلك التعبير عن الإيمان بقدراته وتوظيف الأنشطة التي ينجح بها الطفل.
- التعرف والتنقل: تهدف إلى تطوير قدرات الأطفال ذوي الإعاقة البصرية على استخدام الحواس المُتبقية لدى الطفل، كذلك على إدراك مكانه في البيئة. وتركّز مهارات التدخل المُبكر على المهارات بعد أن يتعلم الطفل الحركة، فيجب أن يتعلم الطفل المكفوف التنقل بأمان وكيف يكتشف أماكن الأشياء ويتجنب الحواجز.
وتركّز برامج التعرف والتنقل على المهارات الحركية الكبيرة والمهارات الإدراكية، كذلك الوعي البيئي والتدريب الحسي. ويتم تطوير وعي الطفل لجسمه وموقعه من الناس، خلال التكلم مع الطفل ذوي الإعاقة البصرية بكلمات بسيطة لوصف ما يجرى من حوله ومُساعدته على استكشاف البيئة، كذلك يجب تدريب الطفل وتعريفه الاتجاهات المُختلفة؛ من أجل تشجيعه على التنقل المُستقل وعدم ترك الطفل ذوي الإعاقة البصرية وحده في الأماكن المفتوحة والخطرة.
- تطوير الحواس الأخرى: تُركّز برامج التدخل المُبكّر على تدريب الأطفال المعوقين بصرياً على استخدام الحواس بشكل فعّال، يساعد الطفل على إدراك الأشكال ومواضع الأشياء والحرارة والحجوم. ويمكن تنمية حاسة اللمس من خلال تهيئة الظروف للطفل ذوي الإعاقة البصرية؛ للتعرف على ملامس الأشياء وحجمها وأوجه الشبة والاختلاف بينها.
وتدريب حاسة السمع من خلال تدريب الطفل على وعي الأصوات وتحديد مواقعها والتمييز بينها. ويمكن الاستفادة من حاستي الشم والتذوّق؛ لتزودان الطفل المكفوف بمعلومات مُفيدة عن الأشياء، حيث يوجد عدد كبير من الأطفال المكفوفين الذين يتمتعون بقدرات بصرية محدودة ويتم تطوير هذا القدرات بطريقة المُناسبة.
- المهارات الحياتية اليومية: يجب تدريب الأطفال المُعوقين بصرياً على مهارات الحياة اليومية مُبكراً؛ بسبب القدرة على تطوير قدرات الأطفال ذوي الإعاقة البصرية على الاعتماد على النفس قدر المُستطاع، فالطفل المكفوف بحاجة إلى أن يتعلم كيف يأكل و ينظف نفسه؟ وكيف يلبس؟؛ أي خبرات ناجحة لدى الطفل ذوي الإعاقة البصرية يصبح مهياً أكثر في مراحل عمرية لاحقة؛ ليعتمد على نفسه ويكون إنسان ناجح.
- اللعب: يُعَدّ اللعب خبرة يتعلم منها الأطفال ذوي الإعاقة البصرية، حيث يوجد العديد من الفوائد للعب في مجالات النمو المُختلفة اللغوية والحركية والإدراكية، فقد تحتاج بعض الألعاب إلى تعديل للأطفال المعوقين بصرياً.