عندما تدرك الأسرة بأنَّ طفلها غير عادي، فإنَّها تبدأ مرحلة حياة جديدة، غالباً ما تكون مليئة بالانفعالات القوية والاختيارات الصعبة، والتعامل مع عدد كبير من الأخصائيين، والبحث المستمر والمتواصل عن المعلومات والخدمات التي يفتقر إليها الطفل، ففي البداية يبدأ الإحساس بالعزلة والوحدة، ولا يعرفون كيف أو من أين يبدأون بالتحري للوصول إلى المعلومات أو المساعدة أو الدعم.
المراحل التي يمر بها أسر الأطفال غير الأسوياء
تَمرّ الأسرة بعدد من المراحل عند ولادة الطفل غير السّوي، على النحو التالي:
- الإنكار: يترافق الإنكار والرفض للطفل مع الغضب الذي يمكن أن يوجَّه نحو الأطباء أو نحو الزوج أو الزوجة، وينفجر في مشاعر من الحزن والأسى.
- الخوف: حيث يشعر الوالدان بالخوف على مستقبل الطفل، وخوفهم من رفض الأخوة والمجتمع للطفل.
- الشعور بالذنب: يشعر الوالدان بالذنب لاعتقادهما أنَّهما السبب في المشكلة، فيبدأ كل من الوالدين بتوجيه اللوم إلى نفسه، وقد يرتبط هذا الشعور بالذنب بالقضايا الروحية والدينية، وكأن الإعاقة عقاب على ذنب.
- الاضطراب والتَّشوش: يظهر هذا الاضطراب لدى الأسرة نتيجة لعدم استيعاب ما حدث وماذا سيحدث، وكذلك يظهر من خلال الأرق، وعدم القدرة على اتخاذ القرار والتوتر الذهني.
- فقدان السيطرة: تظهر في عدم قدرة الأسرة على تغيير حقيقة أنَّ طفلهم معاق، ويرغب الآباء بعد ذلك الشعور بالقوة وأنَّهم قادرون على التعامل مع مواقف حياتهم المختلفة.
- خيبة الأمل: يشعر هنا الوالدان بخيبة الأمل بسبب وضع الطفل غير السَّوي، الذي يشكل تهديداً للأنا وقيم الوالدين.
- الرفض: يظهر بشكل مباشر تجاه الطفل أو تجاه الأطباء أو أعضاء الأسرة.
مرحلة القبول والتكيف: تأتي مرحلة القبول بعد أن يتجاوز الوالدين مرحلة الحزن والشعور بالذنب. في هذه المرحلة، يبدأ الوالدين في قبول حقيقة أن طفلهم لديه احتياجات خاصة ويبدؤون في البحث عن طرق لدعمه. يشمل ذلك التعلم عن الحالة الخاصة بطفلهم، والبحث عن خيارات العلاج والرعاية المتاحة، والتواصل مع أخصائيين في المجال الطبي والتربوي. تتطلب هذه المرحلة التكيف مع واقع جديد والتفكير في كيفية إعادة ترتيب الحياة اليومية لتلبية احتياجات الطفل.
مرحلة البحث عن الدعم والتوجيه: في مرحلة البحث عن الدعم، يبدأ الوالدين في طلب المساعدة من خارج الأسرة. قد يشمل ذلك الانضمام إلى مجموعات دعم للأسر التي تمر بتجارب مماثلة، أو الاستعانة بأخصائيين في الرعاية الصحية والنفسية. تلعب الشبكات الاجتماعية والمجتمع دورًا كبيرًا في تقديم الدعم العاطفي والمعلوماتي. في هذه المرحلة، يصبح من المهم للأسر العثور على مصادر دعم تساعدهم على التعامل مع التحديات اليومية وتعزيز رفاهية طفلهم.
مرحلة إعادة التنظيم والتكيف المستمر: مع مرور الوقت، تدخل الأسر في مرحلة إعادة التنظيم، حيث يبدأون في التكيف مع الروتين اليومي الذي يتضمن تلبية احتياجات طفلهم الخاصة. قد يتضمن ذلك إعادة ترتيب الأولويات اليومية، وإدارة الوقت بين العمل والعناية بالطفل، وتنظيم الأنشطة المنزلية والتعليمية. يصبح الوالدين في هذه المرحلة أكثر مهارة في التعامل مع التحديات اليومية وأكثر قدرة على تقديم الرعاية المناسبة.
مرحلة التمكين والاندماج: في هذه المرحلة، يبدأ الوالدين في الشعور بالتمكين والثقة في قدراتهم على تقديم الدعم لطفلهم. يتعلمون كيفية الدفاع عن حقوق طفلهم والحصول على الخدمات التعليمية والصحية المناسبة. كما يركزون على تعزيز استقلالية الطفل وتنمية مهاراته الاجتماعية والتعليمية. تهدف هذه المرحلة إلى دمج الطفل في المجتمع وتعزيز شعوره بالانتماء.
مرحلة التأمل والاستعداد للمستقبل: مع تقدم الطفل في العمر، تبدأ الأسر في التفكير في المستقبل وكيفية التحضير له. قد يشمل ذلك التخطيط لمراحل الانتقال في حياة الطفل، مثل الانتقال من المدرسة إلى سوق العمل أو إلى بيئة سكنية مناسبة. تبدأ الأسر في وضع خطط لضمان الرعاية المستمرة والدعم المستدام للطفل، سواء من الناحية المالية أو العملية.
تمر أسر الأطفال ذوي الحاجات الخاصة بمراحل متعددة تتطلب الدعم والتفهم من الجميع. كل مرحلة من هذه المراحل تمثل تحديًا وفرصة للنمو والتعلم. من خلال فهم هذه المراحل وتقديم الدعم المناسب، يمكن للأسر تجاوز التحديات وتعزيز جودة حياتهم وحياة أطفالهم. من المهم تعزيز الوعي والتعاون المجتمعي لضمان توفير بيئة داعمة لجميع الأسر والأطفال ذوي الحاجات الخاصة.