المعايير الاجتماعية في تعديل السلوك الشاذ والسوي لذوي الاحتياجات الخاصة:
العادات والتقاليد:
أحد المعايير المستخدمة للتفريق بين السلوك الطبيعي والسلوك غير طبيعي هو معيار العادات والتقاليد السائدة في المجتمع فلكل مجتمع عاداته وتقاليده وقيمه، وهذه العادات والتقاليد تضع الخط الفاصل بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول في ذلك المجتمع ويتناول هذا المعيار جوانب الحياة المختلفة بما في ذلك ماذا تلبس؟ وماذا تأكل؟ وكيف نتعامل مع الآخرين؟ وتختلف التقاليد من مجتمع إلى آخر ومن زمن إلى آخر.
ففي حين تنظر بعض المجتمعات إلى بعض السلوكات على أنها عادية ومقبولة وتنظر مجتمعات أخرى إلى السلوكات نفسها على أنها الشذوذ بعينه، وبالرغم من أن هذا المعيار هو الأكثر شيوعاً بين المعايير المختلفة إلا أن له نواقصه ولعل أهمها هي أن على أفراد المجتمع الامتثال للتقاليد السائدة بغض النظر عن كونها صحيحة أو خاطئة ومن لا يمثل للتقاليد فهو شاذ.
الندرة الإحصائية:
وأما المعيار الثاني فهو الندرة الإحصائية (Statistical Rarity) فيقال إن سلوك الفرد شاذ إذا انحرف بشكل ملحوظ عن المتوسط الحسابي ما يفعله معظم الناس، فالأفراد الذين تشبه سلوكاتهم سلوكات أغلبية الناس في المجتمع يوصفون بأنهم عاديون، والأفراد الذين تختلف سلوكاتهم عن الأغلبية بشكل ملحوظ يوصفون بأنهم غير عاديين، فعلى سبيل المثال إذا كان أداء الطفل على إحدى اختبارات الذكاء أقل من المتوسط بشكل ملحوظ انحرافين معياريين دون المتوسط يقال إن أداءه غير عادي ويوصف الطفل بأنه متخلف عقلياً.
وإن لهذا المعيار أيضاً نواقص عديدة فبغض النظر عن طبيعة السلوك فهو يعد سلوكاً عادياً إذا كان شائعاً إحصائياً وهو يعد سلوكاً غير عادي إذا كان نادراً إحصائياً، بمعنى آخر وإن هذا المعيار لا يأخذ القيم بعين الاهتمام فإي انحراف عما هو غير عادي شذوذ حتى لو كان هذا الانحراف ذا قيمة فالتفوق العقلي استناداً إلى هذا المعيار الذي يعد طبيعي غير عادي.
المعيار الذاتي:
والمعيار الثالث فهو المعيار الذاتي أي شعور الفرد أو عدم شعوره بالرضا عن سلوكه (Personal Discomfort) هذا المعيار يشتمل على حكم الفرد نفسه على سلوكه، فإذا كان راضياً عن سلوكه فليس لديه مشكله؛ ونتيجة لذلك فلا يرى أنه بحاجة إلى معالجة أما إذا كان غير راض عن سلوكه فإن لديه مشكلة ولذلك فهو بحاجة إلى معالجة، وإن نواقص هذا المعيار كثيرة ولعل أهمها أن الفرد قد يكون لديه سلوكات شاذة ولكنه راض عنها تماماً، فإذا كان الفرد عدوانیاً جداً نحو الآخرين ولكنه لا يشعر بالانزعاج من ذلك فهل يعني ذلك أن سلوكه عادي؟
التكيف النفسي:
التكيف النفسي المثالي هو المعيار الأخير الذي هو الانحراف عن الصحة النفسية المثالية، وفي هذا المجال يحدث الحكم على السلوك في ضوء ما تقوله نظريات علم النفس من التكيف النفسي المثالي كذلك الذي تقترحه النظرية الإنسانية مثلاً، ولعل أهم نواقص هذا المعيار تتمثل في تجاهل حقيقة أن الفرد الذي لا يحقق التكيف المثالي ليس شخصاً غير عادي بالضرورة، وأن ذلك لا يعني أن لديه مشكلة بحاجة إلى علاج بمعنى آخر.
فهذا المعيار قد يجعل من معظم الناس أناساً غير عاديين، إذ أن الكمال ليس من صفات البشر والأكثر من ذلك هو أن هذا المعيار قد يولد لدى الإنسان شعوراً بالعجز حتى ولو لم يكن مشكلة نفسية فمحاولة الفرد تحقيق ما هو مثالي قد يخلق لديه مشكلات مختلفة.