الممارسة السلبية كأحد إجراءات تقليل السلوك:
تتضمن الممارسات السلبية على الطلب من الشخص عند تنفيذه للسلوك غير المناسب الذي ينبغي تقليله، بأن يقوم بتنفيذ السلوك ذاته بشكل مستمر لفترة زمنية معينة، وفي النهاية يصبح ذلك السلوك شيء مكروه ومزعج للشخص.
ويعود تاريخ هذا الإجراء إلى عام (1932) عندما نشر (نایت دولاب) كتاب بعنوان العادات إكتسابها والتخلص منها، في هذا الكتاب، أقترح (دونلاب) أن بالإمكان التخلص من العادة السيئة بممارستها بشكل متكرر، ومن هنا جاء اسم الممارسة السلبية.
الأسس النظرية للمارسة السلبية:
وعلى أية حال، تستند الأسس النظرية للمارسة السلبية إلى بحوث (العالم هيل) فقد اقترح أن تأدية السلوك بشكل متكرر تؤدي إلى التعب، وأن التعب مزعج للفرد، بينما تؤدي فترات الاسترخاء إلى زوال التعب يشكل معزز سلبي للفرد.
وهكذا افترض (هيل) أن التعب والمثيرات المنفرة الأخرى، تولد نزعة نحو الامتناع عن تأدية السلوك المسبب له، والممارسة السلبية أيضاً لا تستخدم إلا نادراً في برامج تعديل السلوك، والسبب هو أنه ليس من المنطق في شيء، ولا هو بالأمر المفيد الطلب من الفرد تأدية السلوك غير المناسب مرات عديدة.
وكذلك فهذا الإجراء ليس بالإجراء المناسب إلا في حالات قليلة جداً، خاصة عندما تكون السلوكات المستهدفة سلوكات لا إرادية كالتأتأة وغيرها، فنحن لن نستخدم الممارسة السلبية لتقليل السلوك العدواني مثلاً؛ لأن نتائج ذلك ستكون وخيمة.
ولكي تؤدي الممارسة السلبية مخرجات إيجابية يجب التأكد مما يلي، يجب أن تتطلب الممارسة السلبية الكثير من الجهد البدني من الفرد للتاكد من أنها شيء مكروه، وإنها تتطلب توجيه الفرد من ناحية بدنية للقيام بالممارسة السلبية في حالة رفضه عمل ذلك بشكل تلقائي، ويجب الامتناع عن تحفيز الفرد بشكل كامل أثناء الممارسة السلبية.
إن للممارسة السلبية سلبيات كثيرة منها، قد يحدث صراع بين المعالج والمتعالج؛ لأن المتعالج قد يرفض تأدية السلوك غير المقبول، قد يعني هذا الإجراء أحياناً مجرد توفير الفرص للشخص ليسري على نحو غير مقبول، لذا فإن علينا أن نحكم وبسرعة على فعالية هذا الإجراء، فإذا وجدنا أنه لم يعمل على تقليل السلوك غير المقبول، أصبح ضرورية التوقف عنه مباشرة.
ومن الدراسات العديدة التي حاولت معالجة تشنج اللإرادي، باستخدام الممارسة السلبية دراسة (ميلبي) التي أجريت على طفل في التاسعة من عمره كان لديه تشنج اللإرادي شديدة في الوجه، وأهتم هذا الباحث بمعالجة أحد أشكال تشنج اللإرادي لدى الطفل وهي فتح العينين وإغماضهما بسرعة.
وبدأ الباحث بقياس معدل حدوث تشنج اللإرادي لدى الطفل، ومن ثم استخدم الممارسة السلبية لمدة ثلاثة أيام، وأصبح المعالج يعطي الطفل معززات معينة نشاطية وغذائية، إذ عمل على زيادة معدل حدوث تشنج اللإرادي بنسبة (100%) مقارنة بالخط القاعدي.
وبعد انتهاء فترة الممارسة السلبية مباشرة، عمل الباحث على تغيير احتمالات التعزيز، إذ أصبحت المعززات تعطى له إذا تم انخفاض معدل تشنج اللإرادي، وقام الباحث بإطالة الفترة التي على الطفل أن يمتنع فيها عن التشنج اللإرادي تدريجياً.
إلى أن أصبح الطفل يحصل على المعزز فقط بعد مرور أسبوع كامل دون حدوث، ويعد ثمانية أسابيع، توقف الباحث عن المعالجة، وقد أشارت النتائج إلى أن الممارسة السلبية كانت فعالة جداً، وقد أوضحت البيانات التي تم جمعها بعد ستة أشهر من توقف ذلك، إذ تبين أن معدل حدوث تشنج اللإرادي أصبح صفراً.
التوبيخ كأحد إجراءات تقليل السلوك:
ربما يكون التوبيخ من أكثر الطرق التي يلجأ المعلمون والآباء لتقليل السلوكات غير المقبولة، والتوبیخ هو أي تعبير عن عدم الموافقة على سلوك الآخرين، وقد يكون التوبيخ لفظياً كقول اسكت، لا، خطأ، کلام سخيف وغيرها، أو قد يكون غير لفظي من خلال الإيماءات المختلفة كتعبيرات الوجه.
ومن إيجابيات التوبيخ، سهولة تطبيقه بشكل مباشر بعد حدوث السلوك غير المناسب، وهو غير مؤلم بدنياً، وهو ايضاً ذو فعالية، إذا ما استخدم بطريقة متسلسلة، إلا أنه أكثر فعالية إذا تم استخدامه في البداية مع إجراءات عقابية أخرى؛ لأنه يكتسب ميزة العقاب من خلال اقترانه بتلك الإجراءات.
وكذلك إذا لم يشتمل على مناقشات مطولة مع الفرد، وإذا تم تعزيز السلوكات المقبولة أيضاً، ولا بد من الإشارة إلى نقطة ذات أهمية قصوى في هذا الصدد، وهي إن التوبيخ شكل من أشكال الانتباه إلى الفرد، فإذا كان هو الفرصة الوحيدة التي يحظى فيها الفرد بانتباه الآخرين، فقد يعمل بوصفه تعزيز لا بوصفه عقاب.
فإذا وجد أن التوبيخ لم يقلل السلوك، فقد يعني ذلك أنه لم يؤدي وظيفة عقابية، بل أصبح معزز إيجابي للفرد، وفي هذه الحالة يصبح من الضروري اللجوء إلى إجراء آخر كالإطفاء مثلاً.