تحديات نموذج القدرات في القدرة على الاختيار في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


في أصل أي نظرية للقدرة على الاختيار في علم النفس توجد مجموعة من الأمثلة النموذجية التي بُنيت حولها النظرية والتي يجب أن تفسرها والتي تعتبر بمثابة مجموعة من التحديات، بالتالي في الحالة الأولية يتم بناء النظرية حول مجموعة مختارة من الأمثلة النموذجية لما يجب أن تكون عليه السعة والعجز، وتعتبر جميع التحديات التي تم فحصها تلجأ إلى القضايا التي يعتبرها النقاد أمثلة واضحة على العجز، ولكن يبدو أن نموذج القدرات الأربع يصنفها كحالات تتعلق بالقدرة.

تحدي نموذج القدرات من خلال العواطف في علم النفس

من الواضح أن العواطف تلعب دورًا مهمًا في اتخاذ القرار، إلا أن نموذج القدرات لا يعالج دور العواطف بشكل مباشر، حيث لا يزال عدد من نقاد النموذج مقتنعين بأن الفشل في الاهتمام بالعاطفة في تقييم القدرات يمثل مشكلة، فعندما يفكر علماء النفس في المشاعر، يفكر معظم الناس في حلقات عاطفية منفصلة على سبيل المثال تجارب معينة من الغضب أو الحزن أو الفرح.

في حين أن هذه الأمور مهمة بلا شك فإن مجال الظواهر العاطفية أوسع بكثير، وهو أمر يلتقطه بعض المنظرين من علماء النفس من خلال التحدث بشكل عام عن التأثير أو الظواهر العاطفية كتحديات للقدرة على الاختيار في علم النفس، بالإضافة إلى نوبات معينة من المشاعر فإن لدى الناس ميول عاطفية وحالات مزاجية وآفاق عاطفية طويلة المدى، على سبيل المثال يعاني الشخص المصاب بالاكتئاب أكثر من مجرد حلقة واحدة منفصلة من الحزن مما يثر في عملية الاختيار.

نظرًا لأن الدراسات النفسية تؤمن بهذا النموذج فمن الواضح أن نتائجهم تنوي ترخيص الاستنتاجات المعيارية للقدرة على الاختيار في علم النفس، ومع ذلك يشعر النقاد بالقلق من أن التوقعات العاطفية السلبية يمكن أن تدفع الأفراد إلى تقييم المخاطر والفوائد بشكل مختلف؛ نظرًا لأن هؤلاء الأفراد لا يهتمون كثيرًا بأنفسهم أو بحياتهم، فقد لا يهتمون بذلك حول المخاطر بنفس الطريقة التي لو لم تكن سيئة.

هؤلاء الأفراد سليمون من الناحية المعرفية فهم يفهمون الحقائق ذات الصلة ويدركون أن الحقائق تنطبق عليهم، لكن لا يزالون يقوضون قدرتهم على اتخاذ القرار، ومن المؤكد أنه من الصحيح أن التأثيرات العاطفية على اتخاذ القرار يمكن أن تكون عميقة، وإن تحيزنا الثقافي هو التفكير في العواطف على أنها اتخاذ قرارات أسوأ، لكن هذا لتجاهل الطرق الحقيقية للغاية التي يمكن للعاطفة حتى المشاعر القوية أن تحسن عملية صنع القرار.

تحدي نموذج القدرات من خلال القيم والأصالة فسي علم النفس

يشير العديد من المنظرين من علماء النفس الذين يستحضرون العاطفة أيضًا إلى حقيقة أن نموذج القدرات يتجاهل قيم الفرد أحياناً، ومع ذلك في بعض الحالات التي يبدو فيها بشكل حدسي أن الأفراد قد يفتقرون إلى القدرات، فإن سعيهم وراء قيم غير عادية ومدمرة للذات يبدو أنه يمثل مشكلة، وتم تحدي كفاية نموذج القدرات على هذا المنوال من قبل القيم والأصالة للقدرة على الاختيار في علم النفس.

بالنسبة لبعض المنظرين في الواقع مثل هذه الحالات هي حالات نموذجية للعجز، وأنواع الحالات التي يجب أن تكون النظرية قادرة على تفسيرها، ومع ذلك فإن نموذج القدرات المركّز معرفيًا لا يمكن أن يفسر هذه الحالات على الرغم من اتباع الفرد أحياناً لسلوكًا مدمرًا للذات، إلا أنهم سليمين من الناحية المعرفية.

في الواقع ليس من غير المألوف بالنسبة للأفراد الذين يعانون من فقدان الشهية الشديد كمثال أن يحسبوا على أنهم يتمتعون بالقدرة وفقًا للمعايير المعتادة، ويبدو أن الشيء الوحيد غير المعتاد في قراراتهم هو ماذا قرروا السعي وراء القيم الكامنة وراء ذلك، وهل هناك إذن طريقة لمناشدة القيم التي يعبر عنها مثل هؤلاء الأفراد كجزء من شرح سبب افتقارهم إلى القدرة؟

يشير الفهم التقليدي لحياد القيمة كتحديات للقدرة على الاختيار في علم النفس إلى أننا لا نستطيع ذلك، لكن يتم اقتراح أن المفتاح هو إدراك أن هذه القيم ناتجة عن عن طريق الاضطراب العقلي نفسه والقيم المعنية هي القيم المرضية، فعلى الرغم من أن هذا يبدو واعدًا في البداية، إلا أنه لا يزال هناك عدد من المشاكل.

بعض منتقدي تحدي القدرات من خلال القيم والأصالة اقتربوا جدًا من مجرد التأكيد على أنه نظرًا لأن قيم فقدان الرغبة في شيء أو سلوك معني لا تقوض القدرات المعتادة، فمن الواضح أنه لا ينبغي اعتبار القيم المعنية كدليل على العجز، ومع ذلك فإنه يطرح السؤال عما إذا كانت هناك قدرات إضافية، بالإضافة إلى القدرات التقليدية التي تهم، فمن الصحيح أيضًا أنه لم تقدم بعد حسابًا مرضيًا تمامًا، حتى لو كانت القيم الدافعة لصنع القرار نتاجًا لمرض عقلي، فإن هذا في حد ذاته لا يسمح باستنتاج أن هذه القيم إشكالية

مصدر القلق في تحدي القدرات من خلال القيم والأصالة هو أن مثل هذا النهج الذي يناشد القيم المرضية يخاطر بالتخلي عن إحدى سمات الإطار الحالي التي يحظى بتقدير العديد من الأطباء النفسيين، وهي رفض استخدام التشخيص كأساس لتحديد القدرات، فإذا تسبب فقدان الرغبة بشيء محدد في قيم إشكالية وإذا كان هذا كافياً لجعل الأفراد غير أكفاء، فعندئذٍ بما أن جميع الأفراد الذين يعانون من فقدان الميول لديهم مثل هذه القيم.

تحدي نموذج القدرات من خلال التطوع في علم النفس

تتطلب الموافقة المستنيرة في البحوث النفسية أن يكون المشارك قادرًا على اتخاذ قرار هادف بنفسه لكن هذا مجرد شرط مسبق، فإذا كان لدى الفرد القدرة فيجب إعطاؤه جميع المعلومات ذات الصلة، ومن ثم يجب عليه اتخاذ قرار حر أو طوعي، فالطوعية هي قرارات معقدة وقد ركزت معظم مناقشة الطوعية في الموافقة المستنيرة على أنواع السلوكيات غير المشروعة من قبل أشخاص آخرين والتي يمكن أن تقوض الطوعية مثل القوة والإكراه والتهديدات والإغراء غير المبرر.

ومع ذلك فإن السؤال الأكثر إهمالًا على الأقل في الأدبيات المتعلقة بالموافقة المستنيرة هو مسألة ما إذا كانت العوامل داخلية إلى الشخص يمكن أن يقوض الطوعية كتحديات للقدرة على الاختيار في علم النفس، إذا كان الأمر كذلك فما هي هذه العوامل وكيف يمكننا التعرف عليها؟ في حالة وجود مثل هذه العوامل فقد يكون من المفيد مناقشتها فيما يتعلق بالقدرة على اتخاذ القرار بدلاً من الموضوعات الخارجية مثل الإكراه.

وذلك لأن الأسئلة المتعلقة بالحواجز النفسية الداخلية تعيدنا مرة أخرى إلى الأسئلة حول القدرات الخاصة للفرد أو الموضوع الفردي؛ ولأنه إذا كانت هناك مشاكل هنا فمن المرجح أن يتم تقييم وجودها ومداها من قبل الجهات المعنية مثل المعالج النفسي أو المرشد النفسي أو الباحث الاجتماعي، يمكن القول مثلما يمكن للفشل في فهم حقائق الموقف أن يجعل الاختيار بلا معنى، فإن شيئًا مثل السلوك المعادي للمجتمع والذي يكاد يضمن في سياقات معينة أن الشخص سيختار بطريقة معينة قد يجعل الاختيار بلا معنى.


شارك المقالة: