طرق للتغلب على الشعور بالوحدة في مكان العمل المهني

اقرأ في هذا المقال


ما الذي يسبب الوحدة؟

الوحدة هي عاطفة مؤلمة تحدث عندما يدرك الشخص أنه بمفرده، أو أنه منبوذ ومنعزل عن الآخرين، ويمكن أن تنشأ هذه الوحدة من العمل في فريق مهني افتراضي أو مشتت من حيث الأفكار والأسلوب، أو من فريق واحد، وليس عل الفرد أن يكون وحيدًا ليشعر بالوحدة، بحيث يمكن أن يشعر الأفراد بالوحدة حتى عندما يعملون في مكاتب مزدحمة أو في الأسواق الصاخبة، إنه شعور يمكن أن يؤثر على أي شخص، بغض النظر عن دوره أو أقدميته، يمكن أن تسبب المشاكل الشخصية والمهنية، مثل الضغوط المهنية أو القلق المهني، كما يمكن لظروف مكان العمل، مثل أنماط التحول المهنية، وديناميكيات الفريق المهني الصعبة، والافتقار إلى الاستقلالية وللتكنولوجيا دور أيضًا في الوحدة، بحيث أدى ظهور العمل عن بُعد، على سبيل المثال، بشكل متزايد إلى شعور الناس بأنهم بعيدون عن الأنظار، وفقدان العقل وعلى الرغم من النمو الموازي لوسائل التواصل الاجتماعي.

لماذا الوحدة في العمل المهني قد تكون مهمة؟

على الرغم من أن الشعور بالوحدة قد يبدو وكأنه مسألة شخصية أو تافهة، إلا أنه بالنسبة لكثير من الناس ليس كذلك ويعتبر مهم، ويقترح بعض المهنين أننا نشهد وباء الشعور بالوحدة الذي يمكن أن يشكل مخاطر صحية خطيرة في المستقبل المهني، بحيث يعتبر الشعور بالوحدة يمكن أن يكون أسوأ على عقل الفرد وجسمه بمرور الوقت من غيرها من المظاهر السلبية المصاحبة وخاصة تلك الضغوط المهنية في العمل المهني، ولكن عندما تتجه الأنظار إلى الوحدة في العمل المهني، فإنها تصبح قضية تجارية بقدر ما هي قضية صحية، إن الوحدة لا تؤثر فقط على شعور الموظف المهني، ولكن أيضًا على الأداء المهني الخاص به، فعالباً ما يؤدي الشعور بالوحدة إلى انسحاب عاطفي من المؤسسة المهنية ويميل الأشخاص الوحيدين إلى أن يكونوا أقل التزامًا وإبداعًا وتعاونًا واهتمامًا في العمل المهني، ويمكن أن تتدهور جودة وكمية عملهم، بحيث تم تحديد الوحدة بأنها عامل في الإرهاق المهني في مكان العمل.

كيفية التعرف على الشعور بالوحدة:

الوحدة هي تجربة ذاتية شخصية، لذلك لا توجد قواعد صارمة وسريعة حول شكلها، فقد يخفي العديد من الأشخاص مشاعرهم أيضًا خوفًا من الإحراج لهم، أو لأنهم لا يريدون الظهور بمظهر ضعيف بشكل عام، وهذا قد يجعل من الصعب التعرف على الوحدة، يعتبر أفضل نهج للإدارة المهنية في معرفة الوحدة هو أن تأخذ الوقت الكافي للتعرف على موظفينها وفهمهم حقًا،فهذا سيساعد في التعرف على ما إذا كان شخص ما يشعر بانفصال أو تركه باقي الفريق المهني خاصته، فعل الإداري المهني مراقبة التغيرات في سلوك هؤلاء الموظفين ولغة جسدهم أيضًا، إذا بدأو في النظر إلى الأسفل، أو تجنب التفاعل والتشارك المهني، أو انخفض الأداء المهني فجأة، فمن الواضح أن هناك مشكلة، على العكس من ذلك، قد يسعى الآخرون إلى مزيد من الاتصال الجسدي من خلال المصافحة أو العناق، واغتنام الفرص للتحدث، لذلك يتوجب عل المدير المهني أن لا ينخدع بالانبساطية الظاهرة والتأكد من الاستماع إلى مخاوف أعضاء الفريق المهني الآخرين أيضًا فقد يكونون أكثر وعياً بمشاعر وعواطف زملائهم أكثر من الإدارة المهنية نفسها.

طرق للتغلب على الشعور بالوحدة في مكان العمل المهني:

نحن كائنات اجتماعية بطبيعتها، لذا فإن العلاقات المهنية الجيدة جزء لا يتجزأ من محاربة الوحدة في العمل المهني لذلك، فإن أفضل طريقة للتعامل مع الشعور بالوحدة في مكان العمل هي بناء ثقافة التواصل المهني والمجتمع والعلاقات الإنسانية بين الموظفين والإدارة المهنية، بحيث تتمثل طرق التغلب عل الشعور بالوحدة في مكان العمل المهني من خل ما يلي:

1. تقييم الوضع: على الإداري المهني أو المسؤول المهني إذا كان يشك في أن أحد أفراد فريقه المهني يشعر بالوحدة أو العزلة، فعليه العمل على بناء الثقة معه، والطلب منه إكمال اختبار يُعرف باسم مقياس الوحدة، والتأكد من شرح الأسباب التي تجعله يعتقد أن الاختبار فكرة جيدة، وأخباره أنه اختبار طوعي تمامًا وأن أي نتائج ستبقى سرية، ستعطي نتائج الاختبار فكرة عن مدى شعور هذا الموظف المهني الذي يشعر بالوحدة في التواصل المهني، ويساعد على تحديد أي مجالات قد يحتاج إلى العمل عليها.

2. تغيير طرق وأساليب الموظف المهني في العمل: قد تجعل ممارسات العمل المهني في المؤسسة المهنية المعينة من الصعب على الموظفين بناء علاقات مهنية هادفة، على سبيل المثال، قد يعمل الموظف المهني في مكتب مغلق، مما يعني أن الأشخاص مقسمون فعليًا حسب التخطيط المهني لمؤسستهم، وربما يعمل الموظف المهني في بيئة مهنية شديدة التنافسية، ولكن بدلاً من وجود منافسة صحية، أصبح الناس غير واثقين وعداء تجاه بعضهم البعض، ولمكافحة هذا، على الموظف المهني البحث والاستكشاف لطرق مختلفة للعمل المهني، ولكن عليه التأكد من حصوله على موافقة من كبار المديرين المهنيين قبل أن يضع أفكاره المهنية موضع التنفيذ وسيحتاج إلى الحصول على تأييدهم قبل إجراء أي تغييرات مهمة.

3. تكوين فريق مهني له اتجاه مشترك: الغرض والهدف يعطي معنى لجهود الناس، والغرض والهدف المهني المشترك يبني الصداقة الحميمة، لذلك، عل الموظف المهني مواجهة آثار استنفاد الطاقة للوحدة من خلال الإشتراك مع فريق مهني في التأثير الأوسع من عمله المهني، وفي نفس الوقت، الاحتراس من السلوكيات المهنية السلبية، مثل الوقاحة، البلطجة أو المضايقة ، التي قد تدمر روح الفريق المهني، وجعل من مهمته التعامل مع هذه الأمور بفعالية عالية، وعل الموظف المهني أن يكن واضحاً مع فريقه المهني حول أنواع السلوكيات المهنية التي كان يرغب في رؤيتها وتحقيقها، والعمل مع الأفراد على أي مهارات التعامل مع الآخرين التي يحتاجون إلى تطويرها مهنياً، بحيث يكون الهدف من الفريق المهني المشترك هو بناء علاقات متينة ومتبادلة، سيساعد هذا على تجنب الصراع والعزلة، وسيعني على الأرجح أن المبتدئين الجدد يتناسبون بشكل أفضل مع بقية الفريق المهني؛ لأن قيمهم وأهدافهم المهنية تتماشى أكثر مع المؤسسة المهنية الأوسع.

4. تشجيع العلاقات المهنية الجيدة: لا يمكن إجبار الناس على أن يصبحوا أصدقاء، ولا يمكن للإدارة المهنية أن تجبر موظفيها على أن يكونوا صداقات مهنية، ولكن يمكنها تشجيعهم على تكوين روابط مهنية، من خلال خلق فرص للتعاون المهني فيما بينهم، وتنظيم الأنشطة المهنية الممتعة لبناء الفريق المهني، ودعم الأحداث الاجتماعية الشاملة والملائمة، ومع ذلك، فإن هذه الأنشطة المهنية قد تساعد فقط على الوصول إلى أبعد الحدود، بعد كل شيء، يمكن لأي شخص أن يكون لديه مئات الاتصالات المهنية، لكنه لا يزال يشعر بالوحدة، بدلاً من مجرد جمع أكبر عدد ممكن من الاتصالات المهنية، يتوجب على القائد المهني تشجيع موظفيه في الفريق المهني على إعطاء الأولوية للاتصالات المهنية عالية الجودة، سيضمن هذا أن العلاقات المهنية التي يشكلونها أكثر إرضاءً وقيّمة.

5. الاهتمام بحياة الموظفين: على المسؤول المهني عن مجموعة من الموظفين في العمل المهني الجماعي أن يتذكر أن العمل المهني ليس الشيء الوحيد في حياة الأفراد، ومن المحتمل أن يكون لدى أفراده عائلات وهوايات وأصدقاء خارج العمل أيضًا، فعليه أن يهتم بهذه الجوانب من حياة أعضاء فريقه المهني من خلال توفير الفرص لهم ليتم فهمهم كأفراد، مع شخصيات وخبرات مهنية فريدة، والاستماع لهم بالتعاطف، ويمكنه أن يخصص لفريقه المهني فترة زمنية قليلة من كل اجتماع أسبوعي للتعرف على حياة بعضهم البعض، فمن المرجح أن يؤدي تعزيز ثقافة الثقة والتعاطف بهذه الطريقة إلى جعل الموظفين يشعرون بمزيد من الأمن المهني، مما يمنحهم الثقة للانفتاح على نقاط ضعفهم، والتأكد من أن يقود الطريق هنا من خلال إثبات أنه لا يخشى التحدث بصراحة وصدق عن نفسه وعن مشاعره، سيساعد هذا في تذكير الموظفين بأنهم ليسوا وحدهم، وسيشجعهم على بناء هويات إيجابية وعلاقات مهنية هادفة مع الإدارة المهنية ومع الآخرين من حولهم من زملاء العمل المهني.

6. تذكر الأشياء الصغيرة: يمكن لأصغر الإيماءات أن تجعل العالم مختلفًا، أشياء صغيرة مثل صنع القهوة لشخص ما، أو متابعة مهام الطباعة في العمل المهني، أو مجرد تذكر قول مرحبا في الصباح ستظهر له أنه مهتم به، وأن سلامته تهم الجميع وغيرها من أعمال الطيبة العشوائية التي من المحتمل أن يكون لمثل هذه الأشياء تأثير إيجابي على بقية أعضاء الفريق المهني أيضًا، على المدير المهني أن لا ينس إعطاء الأولوية لمواجهته الفردية ويجب أن توفر هذه مساحة آمنة لأعضاء الفريق المهني لمشاركة مشاعرهم وأفكارهم معه، دون حكم وتجنب إلغاء هذه الاجتماعات حتى عندما يكون مشغولاً، واستخدمها لمناقشة القضايا التي تتجاوز الأهداف المهنية والمهام المهنية الفورية.

المصدر: مبادئ التوجيه والإرشاد المهني، سامي محمد ملحم، 2015.مقدمة في الإرشاد المهني، عبد الله أبو زعيزع، 2010.التوجيه المهني ونظرياته، جودت عزت عبد الهادي وسعيد حسني العزة، 2014.التوجيه والإرشاد المهني، محمد عبد الحميد الشيخ حمود، 2015.


شارك المقالة: