توسع في الفترة الأخيرة الإدراك بظاهرة نفسية وهي الذاكرة الكاذبة، إذ يقوم الأشخاص بتلقي العلاج النفسي، الإناث عادةً مصممين بصورة مطلقة بأنهم واجهوا الاعتداء الجنسي خلال الطفولة. وهنا في هذه الحالات يثير اقتراح الطبيب بتعرض المريض للإساءة الجنسية في طفولته أثناء الخضوع للعلاج النفسي. ذكريات على الرغم من وضوحها الشديد إلا أنها زائفة ومن نسج الخيال.
علاج الذاكرة الكاذبة:
تُستعمل أساليب العلاج النفسي مثل النويم المغناطيسي والتأمل المُوجه كوسيلة لاسترجاع الذكريات المكبوتة، وغالباً ما تكون هذه الذكريات أليمة مثل التحرش الجنسي في سن الطفولة. وترتبط هذه الذكريات مباشرة بالسلوك الحالي للأشخاص، حيث قد يقومون بالإبلاغ عن هويتهم وعلاقاتهم. وهذا ما يسمى بمتلازمة الذاكرة الكاذبة أو إنشاء حقيقة حول ذاكرة غير صحيحة.
ليست هناك تقنيات يمكن أن تحدد موثوقية هذه الذكريات، ولم يتوصل العلم بعد إلى طريقة لإثبات أن الذاكرة المستردة صحيحة أو خاطئة في حال عدم وجود أدلة مستقلة. وتعد استعادة الذاكرة العلاجية من الممارسات المثيرة للجدل حتى وقتنا الحالي. يعتبر وجود أدلة مستقلة تدعم أو تدحض الذكريات هو الحل الوحيد للذاكرة الكاذبة. حيث أن الذاكرة الكاذبة هي عنصر بشري يدل على أن أدمغة البشر ليست مضمونة.
مضاعفات الذاكرة الكاذبة:
أوضحت الكثير من القصص في السنوات الأخيرة عن التأثير الخطير الذي قد تحدثه الذاكرة الكاذبة في بعض الأحيان. مثلاً يمكن أن يكون للذكريات الخاطئة عن الجرائم أو الاعتداء الجنسي عواقب وخيمة على كل من المُتهَم والمتهِم. ولكن معظم حالات الذاكرة الكاذبة أقل خطورة وتتكرر بشكل كبير. ولقد وجد الباحثون أن معظم الأشخاص يحملون ذكريات كاذبة لكثير من الأشياء، بدءً من تفضيلاتهم الشخصية وخياراتهم، وانتهاءً بذكريات الأحداث التي حصلت في وقت مبكر من حياتهم. فما هو تأثير الذاكرة الكاذبة على تصرفات الأشخاص؟
الذاكرة الكاذبة قد تؤثر على عادات الأكل الخاصة بالشخص:
في اختبار عن تأثير الذاكرة الكاذبة على السلوك، ابتكر الباحثون ذاكرة كاذبة من خلال الإشارة للمشاركين بأنهم قد أصيبوا بالمرض بعد تناول سلطة البيض وهم أطفال. بعد ذلك تم تقديم أنواع مختلفة من الشطائر للمشاركين بما في ذلك شطيرة تحتوي على سلطة البيض. وكان المثير للدهشة أن المشاركين الذين اقتنعوا بهذه الذاكرة الكاذبة أظهروا تغييراً في السلوك والموقف تجاه خيار سلطة البيض، حيث أنهم تجنبوها وأعطوها تقييماً أقل من تقييم المشاركين الآخرين الذين لم تتكون لديهم ذاكرة كاذبة. وحتى بعد مرور أربعة أشهر على التجربة تجنب المشاركون خيار سلطة البيض.
الذاكرة الكاذبة تعقد عملية اتخاذ قرارات نهايات العمر:
قد يكون للذكريات الكاذبة تأثيراً على القرارات التي يتخذها الأشخاص في أواخر أعمارهم، مثل نوع العلاج الذي يريدونه، ونوع الرعاية التي يرغبون بالحصول عليها. لذا فقد يلجأ الشخص إلى الوصية الحية، حيث تكون مصممة لضمان احترام رغباته في حال إصابته بمرض خطير وفقدان قدرته على التواصل، وتتضمن معلومات محددة حول نوع العلاج والرعاية والإجراءات العلاجية التي يرغب أو لا يرغب بها هذا الشخص في حال إصابته بمرض عضال.
ولكن حسب إحدى الأبحاث فإن هذه التوجيهات قد لا تكون فعالة لأن تفضيلات الشخص قد تتغير مع مرور الوقت دون أن يدرك الفرد هذا الشيء. وفي دراسة أجريت على مشاركين فوق ٦٥ عاماً تم سؤالهم عن العلاج الذي يودون تلقيه في حال إصابتهم بمرض عضال، وبعد مرور عام طُلب منهم تذكر الإختيارات التي قاموا بها في المقابلة الأولى. لوحظ أن ثلث المشاركين قامت بتغيير رغباتهم، و٧٥٪ من هؤلاء الأفراد تذكروا وجهة نظرهم الأصلية بشكل غير صحيح.
الذاكرة الكاذبة يمكن أن يكون لها عواقب مميتة ومغيّرة للحياة:
إذ أنه كان للذاكرة الكاذبة تأثير كبير ومقلق على حياة الأشخاص. كما أن الذاكرة الكاذبة قد أدت إلى اتهامات وإدانات خاطئة بمجموعة متنوعة من الجرائم بما في ذلك الاعتداء الجنسي. كما ويمكن أن يكون للذاكرة الخاطئة أيضاً عواقب مميتة على بعض الأشخاص كحادثة نسيان أم لطفلها في السيارة لفترة طويلة في يوم حار بسبب ذاكرتها الخاطئة التي جعلتها توقن أنها قد أوصلته إلى جليسة الأطفال مما أدى إلى وفاته. كما ويجب الانتباه إلى أنه حتى أولئك الذين لديهم ذاكرة ممتازة قد يكونون عرضة للإصابة بالذاكرة الكاذبة.