علاقة الإدراك والإحساس في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تعد موضوعات الإحساس والإدراك من بين الأقدم والأكثر أهمية في علم النفس كله، حيث أن الناس مجهزون بالحواس مثل البصر والسمع والذوق التي تساعدنا على استيعاب العالم من حولنا، وبشكل مثير للدهشة تمتلك حواسنا القدرة على تحويل معلومات العالم الحقيقي إلى معلومات كهربائية يمكن معالجتها بواسطة الدماغ، والطريقة التي نفسر بها هذه المعلومات أو تصوراتنا الإدراكية هي ما يقودنا إلى تجاربنا مع العالم.

علاقة الإدراك والإحساس في علم النفس

الإحساس والإدراك عمليتان نفسيتان أساسيتان لكيفية حصولنا على المعلومات بشكل مستمر، حيث أن كلاهما مرتبط ببعضهما البعض فيما يتعلق بأفكار الفرد وآرائه وقراراته طوال حياة ذلك الشخص، ومن ثم على الرغم من أنهما عمليتان مختلفتان تمامًا إلا أنهما تحدثان فيما يتعلق ببعضهما البعض، يعتبر كل من الإحساس والإدراك عمليتان مترابطتان يتم تطويرهما طوال العمر، على الرغم من أن لديهم علاقة وثيقة إلا أن للإحساس والإدراك صفات منفصلة تميز أحدهما عن الآخر.

يُعرَّف الإحساس في علم النفس بأنه العملية التي يتم فيها تحفيز المستقبل الحسي، مما ينتج عنه نبضات عصبية تنتقل إلى الدماغ، والتي بدورها تفسر هذه النبضات مثل الصورة المرئية، أو الصوت، أو الذوق، أو الرائحة، أو اللمس أو الألم، حيث أن المنبه الجسدي الموجود في البيئة ينبعث من الطاقة التي يمتصها عضو حسي ويعرف باسم التنبيغ، مما يسبب الإحساس.

في حين يشير الإدراك إلى حدوث عندما يقوم الدماغ بتنظيم المعلومات التي يحصل عليها من النبضات العصبية، ثم يبدأ عملية الترجمة والتفسير، إنها عملية حيوية تساعدنا على ترشيد أو فهم المعلومات المتعلقة بالتحفيز الجسدي، ويحدث الإدراك عندما يعالج الدماغ المعلومات لإعطاء معنى لها عن طريق المشاعر والذكريات وما إلى ذلك.

عند النظر في علاقة الإدراك والإحساس في علم النفس فإن الإحساس والإدراك عنصران يوازنان ويكمل كل منهما الآخر، إنهم يعملون معًا من أجل أن نكون قادرين على تحديد وخلق معنى من المعلومات المتعلقة بالمحفزات، فبدون الإحساس لن يكون الإدراك ممكنًا باستثناء الأشخاص الذين يؤمنون بالإدراك خارج الحواس، وبدون إدراك ستبقى أحاسيسنا مجهولة بالنسبة لنا نظرًا لعدم وجود معالجة ذهنية لما نشعر به.

يحدث الإحساس عندما تنقل الأعضاء الحسية المعلومات إلى الدماغ، ثم يتم تفسير هذه المعلومات وفك تشفيرها إلى معلومات ذات مغزى، والتي تُعرف باسم الإدراك، لذلك فإن عملية الإدراك يتبع الإحساس، ويعتبر الإحساس هو عملية تلقي المعلومات عبر حواسنا الخمس، والتي يمكن بعد ذلك أن يختبرها الدماغ ويفسرها، في حين أن الإدراك هو عملية تفسير المعلومات المكتسبة من خلال الحواس الخمس وفقًا لذلك.

مصدر الإحساس في علم النفس هو المنبهات التي يتم الحصول عليها من الأعضاء الحسية بينما مصدر الإدراك هو المعلومات المرسلة إلى الدماغ من خلال الإحساس، وينتج عن الإحساس الإدراك مما يؤدي إلى تفسير وإعطاء معنى للمعلومات الواردة، في حين أن الإحساس هو إجراء بيولوجي عام فإن الإدراك له أهمية نفسية أكثر لأن الخبرات والأيديولوجيات السابقة للشخص تؤثر بشكل مباشر.

يعتبر الإحساس والإدراك ظاهرتان أساسيتان فينا تحدثان طوال حياتنا، حيث يشير الإحساس أساسًا إلى عملية استشعار بيئتنا باستخدام المنبهات التي نحصل عليها من حواسنا الخمس، من ناحية أخرى يشير الإدراك إلى عملية تفسير تلك المحفزات إلى معلومات مفيدة، وهكذا فإن الإدراك عادة ما يتبع الإحساس هذا هو الفرق الأساسي بين الإحساس والإدراك.

اختلافات الإدراك والإحساس في علم النفس

الإحساس والإدراك هما عنصران مختلفان تمامًا من حيث كيفية معالجة المعلومات، ففي الإحساس يتم تسجيل المنبه الجسدي إلى جانب خواصه الفيزيائية، بواسطة الأعضاء الحسية، ثم تقوم الأجهزة بفك تشفير هذه المعلومات وتحويلها إلى نبضات أو إشارات عصبية، تنتقل هذه الإشارات إلى القشرة الحسية للدماغ، ويتم الآن رسم خط الاختلاف بين الإحساس والإدراك فالإدراك يتبع الإحساس.

تمر النبضات العصبية في الدماغ بسلسلة من التنظيم والترجمة والتفسير، حيث أنه بمجرد الانتهاء من الإدراك، يكون الشخص قادرًا على فهم الأحاسيس، على سبيل المثال تختلف رؤية الضوء المتمثل في مفهوم الإحساس عن تحديد لونه المتمثل في مفهوم الإدراك، مثال آخر هو أن الشعور ببرودة البيئة يختلف عن إدراك أن الشتاء قادم.

يعتقد معظم علماء النفس أن الإحساس جزء مهم من المعالجة التصاعدية، هذا يعني أن الإحساس يحدث عندما تنقل الأعضاء الحسية المعلومات نحو الدماغ، من ناحية أخرى يعد الإدراك جزءًا من المعالجة من أعلى إلى أسفل، في هذه الحالة يحدث الإدراك عندما يفسر الدماغ المعلومات الحسية ويرسل الإشارات المقابلة إلى الأعضاء الحسية للاستجابة للمنبهات الجسدية.

دور توماس ريد في الإدراك والإحساس في علم النفس

ميز الفيلسوف الاسكتلندي توماس ريد أولاً بين الإحساس والإدراك، وأوضح أن الأحاسيس هي أنشطة المعنى أعضاء من ذوي الخبرة في الوعي، بينما أن الإدراك يعتمد على الإحساس ويختلف عن الإحساس في أن المدرك يدرك الأشياء أو الأحداث في بيئته، وبالتالي فإن الإحساس هو الإدراك الناتج عن التحفيز وجهاز الإحساس والإدراك هو تنظيم وتفسير الأحاسيس.

هناك ست حواس تتمثل في الرؤية (العيون)، السمع (الأذنين)، الشم (الأنف)، اللمس (الجلد)، التذوق (اللسان)،والاستشعار بتوجيه أوضاع الجسم (الحس العميق والحركية)، حيث تزودنا المستقبلات الحسية بمجموعة متنوعة من البصريات واللمسية والسمعية والمعلومات الشمية، حيث أن كل معنى ينجز عملية التنبيغ وهذه هي المنبهات التي يتم الكشف عنها بواسطة خلايا المستقبل، والتي يتم تحويلها بعد ذلك إلى الكهربائية ثم تنقل النبضات إلى المخ، وبالتالي فإن العمليات التي نأتي من خلالها لتجربة المنبهات الموجودة في تُعرف البيئة بالإحساس والإدراك.

حواس الإنسان تترجم المادية والطاقة إلى إشارات كهربائية عن طريق خلايا مستقبلية متخصصة وتنتقل إلى دماغنا عبر أعصاب حسية متخصصة يتم من خلالها تلقي معلومات عن بيئتنا، وترتبط دراسة الإحساس لتوماس ريد بالاتصال الأولي بين الكائن الحي والجسم وبيئة تركز على أشكال مختلفة من التحفيز الحسي وتسجيل المدخلات بواسطة أعضاء الحس مثل العينين والأذنين والأنف واللسان والجلد، والتصور هو العملية التي نقوم من خلالها بتفسير وتنظيم المعلومات الواردة وإنتاج تجربتنا الواعية للأشياء وعلاقتها.

في هذه العملية يتم تحويل الطاقة الفيزيائية مثل الضوء والموجات الصوتية والحرارة المنبعثة من الأشياء بواسطة أجهزة الحس المعنية في رمز ويتم نقلها إلى وتفسيرها بواسطة المخ، لذلك فإن الخط الفاصل بين مصطلحي الإحساس والإدراك هو نوعًا ما اعتباطياً، حيث يشير الإحساس عادةً إلى الاستقبال المباشر للرسائل ونقلها، بينما يشير الإدراك إلى العملية النشطة لدمج وتنظيم هذه الأشياء.


شارك المقالة: