فرضية تحمل القيمة والموضوعية والبساطة في الإدراك

اقرأ في هذا المقال


تُؤخذ فرضية تحمل القيمة والموضوعية والبساطة كأهداف للعلم النفسي الخاص بدراسة الإدراك، والتي من المفهوم أنها تهدف إلى تتبع حقائق العالم، ومع ذلك تُظهر قيم العلم وثقله بالنظرية مدى صعوبة تحقيق هذه الأهداف، في حين أن هذا صحيح بالنسبة للعلوم النفسية المعرفية بشكل عام، إلا أن المخاطر تختلف مع الإدراك بشكل خاص، حيث يثير استعمال البشر للإدراك والوعي في للعديد من المواقف والوظيفة والتسلية ومجموعة من الأهداف المتباينة في بعض الأحيان والتي تدعم التفكير الموجه وتخاطر بالتحيز الضمني.

فرضية تحمل القيمة في الإدراك في علم النفس

سلط علماء النفس الضوء على أن الدراسات العلمية ذات قيمة كبيرة، بقدر ما تحدد قيم العلماء كيفية قيامهم بعلومهم والبيانات التي تقدمها في النهاية، هذا واضح أيضًا في دراسة الإدراك في علم النفس، حيث تشكل القيم اختيار القدرات للدراسة على سبيل المثال خلال القرن العشرين بُذل قدر كبير من الجهد في محاولة تعليم أشكال مختلفة من التواصل اللغوي لمجموعة من القرود، وهو مسعى ينبع من القيمة التي يضعها البشر على اللغة، ومنها تشكل القيم الأساليب التي يستخدمها علماء النفس.

غالبًا ما تُعتبر الأدلة التجريبية القادمة من المعامل أكثر قيمة من الأدلة القائمة على الملاحظة القادمة من الدراسات الميدانية؛ لأنه يُعتقد أن الزيادة في القدرة على التحكم في المتغيرات المختلفة التي يمكن أن تؤثر على الأداء تعوض فقدان الصلاحية البيئية التي تأتي مع الإعدادات التجريبية الاصطناعية للغاية، حيث تشكل القيم أيضًا كيفية تفسير علماء النفس لنتائج دراساتهم.

البيانات التي تقدمها الدراسة التجريبية عديمة الفائدة بدون تفسير، ولا يمكن فصل هذا التفسير تمامًا عن القيم التي يؤيدها علماء النفس، وذلك لأنه يتعين على علماء النفس اختيار الأساليب الإحصائية التي يجب تطبيقها، والنظريات التي يجب قبولها والسرد الذي يتبعونه عند كتابة النتائج في ورقة علمية، البيانات التي تقدمها الدراسة التجريبية عديمة الفائدة بدون تفسير، ولا يمكن فصل هذا التفسير تمامًا عن القيم التي يؤيدها علماء النفس.

يعد البحث عن ثقافة البشر مثالًا آخر على القيمة المحملة كفرضية لدراسة الإدراك في علم النفس، بالنظر إلى أن القوة الدافعة وراءها هي الانبهار بالثقافة الإنسانية، ومحاولة تحديد الاختلافات المعرفية بين أنواعنا وأنواع الكائنات الأخرى التي يمكن أن تفسر أصول تفردنا؛ هذا هو السبب في أن النتائج السلبية في التجارب التي اختبرت المبالغة في تقليد السلوكيات توصف بأنها فشل نيابة عنهم، ومع ذلك فإن المبالغة في التقليد من حيث تعريفها هي تقليد أفعال لا علاقة لها بتحقيق الهدف المنشود، لذلك يمكن بسهولة قلب هذه النتائج رأساً على عقب ووصف ذلك كدليل على أن السلوكيات الصحيحة ستذهب إلى حل أكثر فعالية للمشكلة، والذي فشل الأطفال في القيام به مثلاً.

فرضية الموضوعية في الإدراك في علم النفس

في حين أن المرء قد يأمل في أن مناشدة الموضوعية من شأنها أن تساعد في موازنة حمولة النظرية وقيم العلم في دراسة السلوك والإدراك الإنساني في علم النفس، يميل علماء النفس إلى وصف الموضوعية بأنها مثالية وليست نتيجة قابلة للتحقيق للعلم الجيد، بالنظر إلى أن الموضوعية يمكن فهمها على أنها التزام بإخلاص خالٍ من القيم والنظرية للحقائق التي تتجنب أي تحيز شخصي أو منظور وجهة نظر من العدم فهي في أفضل الأحوال دليل لموازنة التحيزات بدلاً من تجنبها.

أبحاث الإدراك لها مصلحة خاصة في أن تكون موضوعية، فإذا كان البشر متحيزين تجاه رؤية الحيوانات على أنها تشبه البشر كثيرًا، فقد تكون هناك حاجة إلى بعض المبادئ للحماية من هذا التحيز، نرى هذا في مبدأين كلاسيكيين مستخدمين في علم النفس المقارن وهما قانون مورغان وحظر التجسيم، لا يجوز بأي حال من الأحوال تفسير فعل ما على أنه نتيجة لممارسة قوة نفسية أعلى، إذا كان من الممكن تفسيرها على أنها نتيجة لممارسة واحدة أدنى في المقياس النفسي.

على الرغم من أنه بالمعنى الحرفي تمامًا فإن التجسيم يمثل بشكل خاص إلى توجيه السمات الشبيهة بالإنسان إلى الحيوانات، إلا أنه في استعماله الشائع في الإدراك المقارن له دلالة سلبية للغاية، بحيث يتم استعماله للإشارة إلى التوجيه الخاطئ من السمات الشبيهة بالإنسان للحيوانات، وبهذا التوضيح يرتبط التجسيم بتوجهات الفرد المعروف بشكل كبير لإفراط في عزو العمليات المعرفية في دراسات الإدراك في علم النفس.

ومع ذلك فإن المعرفة المأثورة بشأن الحاجة إلى تجنب التجسيم هو أيضًا ادعاء نفسي مضمن في دراسة الإدراك في النفس، وعلى هذا النحو يمكن التشكيك فيه، لقد قيل على سبيل المثال إن فرض حظر شامل على إسناد صفات شبيهة بالبشر إلى الحيوانات قد يطرح السؤال من خلال افتراض أن الصفات المذكورة هي بالفعل بشرية بشكل فريد، بالتالي يستعمل هذا المفهوم للإشارة إلى الرفض المسبق لاحتمال مشاركة البشر والحيوانات في السمات نفسها وسمات الوعي بشكل خاص، ويجادل بعض علماء النفس بأنه مثير للقلق ويشيرون إلى أنه يوجد اختلال في الإدراك المقارن، مثل أن الإسراف في توجيه القدرات المعرفية يُنظر إليه على أنه أكثر إشكالية من نقص الدوافع الإنسانية.

فرضية البساطة في الإدراك في علم النفس

جانب آخر من علم الإدراك حيث تصبح الافتراضات النفسية واضحة في التفضيل المعطى لتفسيرات أبسط للسلوك الإنساني، لطالما كان يُنظر إلى البساطة على أنها فضيلة للتفسيرات العلمية في علم النفس، ولكن من الصعب تحديد ما الذي يجعل تفسيرًا واحدًا أبسط من الآخر، ففي علم النفس يتم أخذ التفسيرات الأبسط افتراضيًا على أنها فرضية العدم، هذا يعني أنه يُفترض أنها صحيحة ما لم يثبت خلاف ذلك، وأن عبء الإثبات يقع على جانب التفسيرات الأكثر تعقيدًا.

على سبيل المثال البحث في الاستدلال السببي يتخذ من فرضيته الصفرية قدرة الأفراد على تعلم الارتباطات بين الأحداث المختلفة، ثم تبحث التجارب فيما إذا كانت بعض الأفراد ليست قادرة فقط على هذا الشكل البسيط من التعلم، ولكن ما إذا كانت لديها قدرة أكثر تعقيدًا على فهم أن بعض الأحداث تسبب الآخرين، عندما تدعم البيانات في المنهج التجريبي كلاً من فرضية بسيطة وأخرى أكثر تعقيدًا، فمن المعتاد بين علماء النفس تفضيل التفسير الأبسط.

على سبيل المثال جادل البعض بأن التجارب التي أجريت لاختبار ما إذا كانت الأفراد قادرة على ما وراء المعرفة أو التفكير في أفكارهم، يمكن في الواقع تمريرها من خلال التفكير فقط في مصطلحات من الدرجة الأولى أو التفكير في العالم؛ نظرًا لأنه يُفترض أن التفكير من الدرجة الأولى هو تفسير أبسط للبيانات ومعالجة المعلومات فقد قيل إنه يجب تفضيل هذا التفسير، حيث ينظر الكثيرين إلى فكرة أن التفسيرات الأبسط يجب أن تكون مفضلة على أنها بديهية.


شارك المقالة: