ما هو العقل الممتص في طريقة منتسوري

اقرأ في هذا المقال


يصف العقل الممتص قدرة الطفل على تلقي المعلومات من خلال بيئته وخبراته باستخدام عضلاته العقلية، وتبدأ هذه القدرة من لحظة الولادة وتستمر حتى سن السادسة تقريبًا.

ما هو العقل الممتص في طريقة منتسوري

يحدث هذا في المستوى الأول من التطوير للطفل وينقسم إلى فئتين فرعيتين من سن الولادة إلى 3 سنوات، ويعتبر الطفل ممتصًا فاقدًا للوعي والإدراك، ومن سن 3 إلى 6، حيث يمتص الطفل المعلومات بطريقة واعية.

ويسمع الآباء العبارة وغالبًا ما يفسرونها على أنها تعني إنه يجب عليهم الاستفادة من هذه الفترة من النمو السريع للدماغ وتعليم أطفالهم كل ما يعرفه الوالدين.

فقد كتب العالم بياجيه أن الأطفال ليسوا أوعية فارغة تمتلئ بالمعرفة ووافق بذلك الدكتورة منتسوري، فالأطفال مستكشفون وباحثون، كما إنهم قادرون على صياغة أفكارهم الخاصة حول كيفية عمل العالم.

فالأطفال الصغار ليسوا بالغين، لذا نقوم بتحفير كل المعرفة فيهم، فهم غير قادرين على التفكير كما نفعل نحن، لذلك من المحتمل أن تضيع وقتهم ووقتك مع هذه الحقائق وتعليمها لهم عن ظهر قلب، فلن يخدم هذا أي غرض سوى منعهم من القدرة على السيطرة على فهمهم الخاص لعالمهم.

بدلاً من ذلك هذه دعوة لفتح العقول لفكرة أن الأطفال الصغار لا يحتاجون إلى التعلم بقدر ما نعتقد أنهم يفعلون ذلك.

أفكار ماريا منتسوري في العقل الممتص

ماريا منتسوري والعقل الماص الفاقد للوعي

أشارت الدكتورة ماريا منتسوري في كتابها الذي يحمل نفس الاسم إلى أن المولود الجديد يتطور من كونه قادرًا على فعل أي شيء بشكل أساسي سوى تحريك أطرافه، إلى الزحف ثم المشي والتحدث، فلا يحتاج أي من هذا إلى تعليمه لطفل، بل إنهم ببساطة يحققون هذه الإنجاز بمرور الوقت واستيعاب ما يسمعونه، ويفتح هذا الفكرة على مفهوم أن الأطفال لا يدينون بنموهم لوالديهم، وإن الطفل يتطور إلى شخص بالغ.

ماريا منتسوري وقدرة الطفل على استيعاب اللغة

يمكن أن نأخذ اكتساب اللغة كمثال آخر، فليس الآباء هم من يعلمون أطفالهم كيف يتكلمون، حيث يتعلم الأطفال كيفية التحدث من خلال أخذ اللغة من تلقاء أنفسهم.

ونتخيل لو اضطررنا إلى تعليم أطفالنا اسم كل شيء من حولهم، وكيفية استخدام الضمائر وتكوين الجمل، فسوف نكون في وجوههم نعلمهم طوال اليوم، وكل يوم، لكننا لا نفعل ذلك بالفعل.

فاللغة شيء يستوعبه الأطفال، وهذا هو السبب في أن الأسر ذات اللغة المزدوجة ليس لديها أحد الوالدين يقوم بالترجمة للآخر فالجميع يفهم على بعضهم البعض.

وأحد الأمثلة التي تم مشاركتها هو برنامج تعلم اللغة الإسبانية لطفلة في مدرستها لأسرة ليست ثنائية اللغة وتساءلت الأسرة كيف عادت إلى المنزل من المدرسة بعد شهرين فقط، وهي تقرأ وتغني باللغة الإسبانية.

حيث اتضح أن معلمتها تغني وتتحدث الإسبانية طوال اليوم، وإنه لا يشرح معنى الكلمات، لكن الأطفال بعقولهم الممتصة، يستخدمون السياق داخل الموسيقى والتعليمات لمعرفة ذلك بأنفسهم.

وهذا مثال آخر على أن الأطفال لا يحتاجون إلى تعليم كل شيء، فلديهم القدرة الطبيعية على الاستيعاب من خلال بيئتهم وخبراتهم، فالبيئة المعدة والمواد الحسية لها مساهمتها في العقل الماص الواعي.

أفكار منتسوري حول كيف يمكن تعزيز العقل الممتص

إذا كنا على دراية بمواد منتسوري وكيفية إعداد الفصول الدراسية ومناطق التعليم المنزلي في منتسوري فقد نلاحظ أشياء معينة، الأول هو أن كل مادة لها جانب حسّي، وحاسة اللمس هي الأهم.

حيث يجب على الأطفال استخدام أيديهم لاستخدام هذه المواد، ويسمح التحكم المدمج في الخطأ للأطفال بالتعلم من خلال حواسهم الأخرى أيضًا، فالألعاب ذات النهايات المفتوحة تساعد أيضًا.

وفيما يلي بعض الأمثلة على مواد منتسوري التي تساعد أيضاً:

1- رسائل ورق الصنفرة.

2- إطارات الأزرار.

3- الأبجدية الصغيرة المنقولة.

4- القضبان الحمراء الطويلة.

5- الاسطوانات المعقوفة.

6- التكوينات الأرضية والمائية.

وهذه الأمثلة هي مجرد طُعم لمساهمة مواد منتسوري خلال المرحلة 3 إلى 6 سنوات من الامتصاص الواعي، وشيء آخر سنلاحظه حول منطقة تعلم منتسوري هو طريقة تحضيرها بدقة، حيث يتم إعداد البيئة بحيث يمكن للطفل استكشاف المواد بشكل مستقل.

ويسمح هذا للطفل باختيار الأنشطة التي تهمه وبالسرعة التي تناسبه دون تدخل، ويمكن للطفل أن يختار الطلاء، وغسل الطاولة، والعمل بأي مادة يختارها، فحرية الاختيار هذه تفسح المجال لتطوير الانضباط الذاتي.

إلى جانب هذه البيئة المُعَدّة، ستلاحظ تمتع الأطفال بحرية الحركة، والتي يعرف أي والد أنها ضرورية للأطفال الصغار، حتى التعامل مع المواد نفسها يتطلب قدرًا كبيرًا من الحركة، مما يفسح المجال لتعزيز العقل الماص، فالبيئة المعدة هي مكان هادئ ومنظم للأطفال لتلقي المعلومات بشروطهم الخاصة.

كيفية الإجابة على أسئلة الطفل خلال مرحلة العقل الماص

يعلم أي والد لطفل دون سن السادسة كمية الأسئلة التي يتم طرحها من الأطفال، فإن الأسئلة تحظى بشعبية كبيرة في هذه الفئة العمرية، حيث يسأل الأطفال لماذا السماء زرقاء، ولماذا العشب أخضر، ولماذا تطير الطيور، ويبدو أن الأسئلة لا تنتهي.

وكل هذه الأسئلة بقدر ما يمكن أن تكون مزعجة في بعض الأحيان، فهي تُظهر فضول الطفل ورغبته في التعلم، ويُعتقد أحيانًا أنهم يريدون معرفة التفاصيل المُعقدة لهذه الأشياء من خلال هذه الأسئلة.

لكن قدرة الطفل على فهم سبب كون العشب أخضر ليست مكتملة النمو في هذا العمر، وهنا يشار إلى الأطفال الذين يعانون من نمط عصبي، فالأطفال الذين يقعون في فئة الموهوبين يميلون إلى امتلاك مهارات فهم متقدمة.

إذن كيف يمكن الإجابة على كل أسئلة دون ارتكاب خطأ، وصبّ معرفتنا فيها والتدخل في فضولهم الطبيعي؟ عندما يسألك طفلك عن سبب كون العشب أخضر، فلا فائدة من الخوض في علم الأحياء النباتية، فلن يؤدي هذا إلى فهم طفلك على الأرجح فحسب، بل هناك بعض المفاهيم التي لا يستطيع الطفل فهمها.

باستخدام هذا السؤال كمثال يمكنك إعطاء تفسير كالتالي: العشب أخضر؛ لأنه يحصل على الرطوبة من التربة والمواد المغذية من ضوء الشمس، فهذا تفسير كافٍ لطفل صغير.

ويمكنك متابعة فضولهم عن طريق إجراء تجارب بسيطة، مثل زرع بذور الحشائش في كوب، وهذه في الواقع تجربة رائعة تم إجراؤها في الفصول الدراسية ومنازل منتسوري على حد سواء.

ويمكنك إبقاء كوب واحد جافًا أو بعيدًا عن أشعة الشمس وإبقاء الكوب الآخر رطباً ووضعه على عتبة النافذة، وضع عصا يدوية عليها علامات قياس في كل كوب، ودع طفلك يلاحظ ما يحدث في كل كوب بمرور الوقت، وإن إجراء تجارب كهذه لا يعيق فضول الطفل الطبيعي، بل يزيده حِدّة.

وعندما يقترب طفلك من سن السادسة قد يطرح هذا السؤال مرة أخرى، فلقد وصلوا الآن إلى السن المناسب لتعليمهم عن الكلوروفيل والتمثيل الضوئي.

وسؤال شائع آخر يطرحه الأطفال ويخشى الآباء، هو من أين يأتي الأطفال؟ بالطبع الصدق هو أفضل سياسة، لكن الإجابة مثلاً تكون كالتالي: الأطفال يأتون من جسد أمهاتهم، وعادةً ما تكون هذه الإجابة كافية لطفل صغير.

وبالطبع سيطرحون هذا السؤال مرة أخرى في سن متأخرة، ومن المناسب تمامًا إشراكهم في درس علم التشريح لإشباع لدرجة اهتمامهم فيما بعد.

وفي الخاتمة نستنتج أن ماريا منتسوري تشير إلى مفهوم العقل الممتص من خلال مقدرة الأطفال الصغار على امتصاص المعلومات والخبرات عن طريق البيئة المحيطة لهم، وعن طريق تجاربهم وخبراتهم التي تخزّنت في دماغهم، وأشارت إلى أنها تبدأ من الولادة وتستمر حتى عمر السادسة تقريبًا.


شارك المقالة: