اقرأ في هذا المقال
يشعر معظم الناس أنه ليس من العدل حقًا إلقاء اللوم على الأبرياء في معاناتهم أو مشاكلهم التي يواجهونها، ففي كثير من الأحيان يلوم الناس الضحايا دون أن يدركوا بوعي ما يفعلونه، ومنها فإن إعطاء الناس معلومات تعتبر كتذكير لهم بأشكال واعية بأن إلقاء اللوم على الضحية أمر غير مقبول اجتماعيًا يمكن أن يشجعهم على الامتناع عن إلقاء اللوم على الضحية.
ما هو لوم الضحية في علم النفس
الضحية هو الشخص الذي تضرر من الجوانب النفسية من تصرفات شخص آخر أو نتيجة للظروف، حيث يحدث لوم الضحية في علم النفس عندما يحمل الناس الضحية مسؤولية معاناتها، عندما يلوم الناس الضحية فإنهم يعزون سبب معاناة الضحية إلى سلوكيات أو خصائص الضحية بدلاً من عزو السبب إلى الجاني أو العوامل الظرفية.
ومن المفارقات أن لوم الضحية في علم النفس ينبع غالبًا من الرغبة في رؤية العالم كمكان عادل ومنصف حيث يحصل الناس على ما يستحقونه، هذا الإيمان بعالم عادل يتيح للناس مواجهة العالم كما لو كان مستقرًا ومنظمًا، إذا لم يؤمن الناس بعالم عادل فسيكون من الصعب أن يلزموا أنفسهم بالسعي وراء أهداف بعيدة المدى أو حتى النهوض من الفراش في الصباح؛ لأن الإيمان بعالم عادل هو أمر قابل للتكيف للغاية، فإن الناس يترددون بشدة في التخلي عن هذا الاعتقاد.
تتمثل أزمة الضحايا التي يواجهونها في موضوع لوم الضحية في علم النفس هي أنهم ينتهكون اعتقاد الناس بأن العالم عادل ومنصف، ومنها تتمثل إحدى طرق استعادة هذا التهديد لنظام معتقداتهم في إقناع الناس بأن الضحايا يستحقون مصيرهم بالفعل، من خلال الانتقاص من الضحايا وإلقاء اللوم عليهم على نتائجهم السلبية.
تكمن إحدى الفوائد النفسية لإلقاء اللوم على الضحايا في علم النفس في حقيقة أنه يتيح للناس إقناع أنفسهم بأنه لا يمكن أبدًا أن يتعرضوا لنفس مصير الضحية، مثال عليه عندما يتم وقوع العديد من الحوادث مثل الإعصاران التي تضرب مكان محدد دون غيره، مما يستدعي لحصول الكوارث نتيجة لما تتعرض له ويتمثل لوم الضحية في علم النفس كتوضيح لهذه المواقف، يقوم العديد من الناس بالرد بالقول إن مصير الضحايا كان خطأهم في عدم الإخلاء مثلاً.
في الواقع لم يكن لدى العديد من الأشخاص المحاصرين في مثل هذه الكوارث والأعاصير إمكانية الوصول إلى وسائل النقل خارج المدينة ولم يكن لديهم المال لشراء مكان يذهبون إليه.
ومع ذلك من خلال إلقاء اللوم على ضحايا الإعصار في معاناتهم يمكن للناس الحفاظ على إيمانهم بأن العالم عادل ومنصف، في النهاية إلقاء اللوم على الضحايا يسمح للناس بالحفاظ على إحساسهم بالسيطرة والقوة، ويتيح لهم التفكير أيضاً في إن لم يكن ليحدث ذلك أبدًا فما الذي سيحدث، أي أن لوم الضحية في علم النفس يؤدي بالفرد ليقوم بوضع التنبؤات والاحتمالات المتنوعة لحدث أو موقف مستقبلي.
دليل لوم الضحية في علم النفس
في إحدى الدراسات المنيرة في البحث النفسي حول لوم الضحية في علم النفس، تم إعطاء المشاركين وصفًا لسلسلة من الأحداث التي وقعت بين صديقين في مشاجرة تمت في خروجهم لموعد حضور السينما، ففي لوم الضحية في علم النفس عندما نسمع من أحد الطرفين فإننا نطلق أحكامنا حسب الحديث وما توصلنا إليه، ففي بعض إصدارات الدراسة قرأ المشاركين أن الموعد انتهى بضرب الرجل لصديقه.
وفي نسخ أخرى انتهى التاريخ بأخذ الرجل للطعام في أحد الأماكن، عندما صنف المشاركين سلوكيات الصديق كانوا أكثر عرضة لتقييم سلوكه على أنه تهور وغير مسؤول إذا انتهى التاريخ بالضرب والعدوان أكثر مما إذا لم يكن كذلك.
وهذا يعني أن السلوكيات نفسها شوهدت في ضوء مختلف اعتمادًا على نتيجة تلك السلوكيات، يوضح هذا كيف أنه عندما يواجه الناس الظلم يمكن أن يحفز الناس على العثور على خطأ في السلوك الإنساني للضحية على الرغم من أنهم لن يجدوا خطأ في نفس السلوكيات في ظل ظروف أخرى.
يمكن أن تؤثر خصائص الضحية في لوم الضحية في علم النفس على مقدار لوم الناس للضحايا، من المرجح أن يلوم الناس الضحايا ذوي السلوك الإيجابي أكثر من الضحايا الأقل أي ذوي السلوك السلبي؛ لأن مصير الأول يبدو أكثر ظلمًا ويزيد من حاجة الناس لاستعادة إحساسهم بالعدالة من خلال لوم الضحية.
على سبيل المثال فحصت إحدى الدراسات ردود الأفعال تجاه ضحايا الاعتداء التي يتعرض لها الأطفال والمراهقين والشباب، كان الأطفال أو المراهقين أكثر عرضة للوم على الاعتداء من الشباب، إن معرفة إمكانية الاعتداء على الأبرياء ذوي السلوك الإيجابي يهدد معتقدات الناس بأن العالم عادل مما يؤدي بالناس إلى تقليل التهديد من خلال إلقاء اللوم على الضحايا.
يمكن أن تؤثر العديد من العوامل الأخرى على مقدار اللوم الذي يلقي به الناس على الضحايا، حيث أنه من المرجح أن يلقي الأشخاص ذوو المعلومات والمعارف المتنوعة والمحافظة باللوم على الضحايا، لا سيما ضحايا الفقر والتمييز العنصري أيضاً في حين أن الأشخاص ذوي المعلومات والمعارف العلمية القليلة الأكثر ميلًا إلى إلقاء اللوم على العوامل الظرفية والبيئية.
ويمكن أن يكون الأشخاص الغاضبين أو المتسائلين من أحداث سابقة لا علاقة لها بمصير الضحية هم أكثر عرضة لإلقاء اللوم على الضحايا، حيث يمكن أن تنتقل المشاعر السلبية إلى مجالات أخرى ومتنوعة وعدم ثباتها بشكل مستمر، ويمكن للناس أن يسيئوا تفسير غضبهم وقلقهم على أنهما سببهما مصير الضحايا مما يدفعهم إلى إلقاء اللوم على الضحايا بقوة أكبر، بالتالي يلتزم بعض الأفراد أكثر من غيرهم بالإيمان بعالم عادل.
تقليل لوم الضحية في علم النفس
هناك عدة طرق لتقليل لوم الضحية في علم النفس إذا كان لدى الناس حلول فورية وسهلة للتخفيف من معاناة الضحايا، فمن غير المرجح أن يلوم هؤلاء الضحايا، حيث تسمح مساعدة الضحايا للناس بإعادة التهديد إلى إيمانهم بعالم عادل ويراعي ظروف الجميع، مما يقلل من الحاجة إلى استعادة التهديد من خلال لوم الضحية.
ومع ذلك لا توجد أحيانًا حلول سهلة وفورية للتخفيف من معاناة الضحية، فبمجرد أن يقفز الناس إلى استنتاج أن الضحية مسؤولة يصعب إقناعهم بمساعدة الضحايا أو إيجاد الأعذار عنهم، حيث أنه من الممكن أيضًا تقليل لوم الضحية من خلال تشجيع الناس على التعاطف مع الضحايا، فإذا كان الناس قادرين على أخذ منظور الضحايا أو تخيلوا بسهولة أنهم في مكان الضحية فمن غير المرجح أن يلوموا الضحية.