مفهوم الإسناد السببي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تفسر الصفات السببية سبب حدوث الأحداث والسلوكيات الإنسانية في علم النفس، حيث يميز الباحثين عادةً بين الصفات السلوكية أي الشيء الذي يتعلق بالشخص الذي تسبب في الحدث والصفات الظرفية أي الشيء الذي يتعلق بالبيئة تسبب في الحدث، حيث كانت الإسهامات السببية أو المعتقدات المتعلقة بأسباب الأحداث، هي المحور الرئيسي الثاني في علم نفس العلاقات الشخصية، وكانت نظرية الإسناد أكثر تأثيرًا من أفكارها، وأصبح الموضوع السائد في علم النفس الاجتماعي لما يقرب من خمسة عشر عامًا.

مفهوم الإسناد السببي في علم النفس

افترض علماء النفس أن الناس لديهم الحافز لفهم وإتقان بيئتهم أي الفهم متكيف وفعال مع السلوك الإنساني المستقبلي، وهناك أيضًا فضول أساسي ورغبة في المعرفة، حيث يتطلب هذا الفهم والإتقان معرفة أسباب الأحداث المعروف بمفهوم الإسناد السببي في علم النفس، حيث يبحث علماء النفس عن العمليات الأساسية الرئيسية أو خصائص التصرف لشرح العديد من الحقائق المباشرة أو التاريخ الخام مثل الحقائق الوسيطة أو الحقائق السببية.

هذه الأسباب المتصورة هي بشكل عام جوانب دائمة من العالم، وتعد معلومات التباين فيما يتعلق بوجود وغياب السبب المستنتج والتأثير مصادر مهمة للمعرفة السببية، ولكن عند شرح تصرفات الأشخاص استنتج علماء النفس أننا غالبًا ما نعزو سلوكنا إلى بعض الصفات أو الخصائص والميول الثابتة، بدلاً من العوامل الظرفية، ومنها تم تصنيف الاستخفاف بالموقف باعتباره سببًا محسوسًا لسلوك الآخرين، والإفراط في الإسناد إلى الشخص لاحقًا يعبر عن خطأ الإسناد الأساسي.

على الرغم من أن موضوعات التوازن والإسناد قد عولجت بشكل منفصل في الأدبيات النفسية، إلا أن بعض علماء النفس رأوها متشابكة، وأن مبادئ التوازن توجه الإسناد السببي، وبالتالي فإننا نستنتج أن الفعل الجيد قد قام به شخص جيد، ونعزو النجاح أكثر من الفشل إلى الذات من خلال التحيز اللذيذ؛ لأنه في كلا المثالين تؤدي الاستنتاجات إلى حالات متوازنة أو هياكل بسيطة.

إن نوع الإسناد السببي في علم النفس الذي يقوم به الناس حول موقف ما سيكون له تأثير على الجهود المبذولة تجاه الأداء السلوكي فيما يتعلق بهذا الموقف، حيث يُعرّف مفهوم الإسناد السببي في علم النفس بأنه عملية استنتاج أسباب حالات أو سلوكيات الناس العقلية، في الحياة اليومية يتأمل الناس ويستكشفون أسباب سلوكهم وسلوكيات الآخرين وحالاتهم النفسية.

بشكل عام عندما يستنتج الناس أسباب سلوكهم وسلوكيات الآخرين، فإنهم يعزون الأسباب إلى عوامل خارجية أي تركز على الحالة على سبيل المثال تصرف الفرد بغضب لأن الطقس اليوم كان شديد الحرارة، أو إلى عوامل داخلية أي يركز الشخص على سبيل المثال تصرفه بغضب لأنه شخص مندفع، فقد تؤثر سمات الشخصية والخصائص التي يقدمها الأشخاص بشكل مباشر على أدائهم في مهمة أو سلوكيات.

نظريات مفهوم الإسناد السببي في علم النفس

وفقًا لنظرية الإسناد الخاصة في علم النفس ترتبط الإسهامات التي يقدمها الطلاب لفشلهم الأكاديمي أو نجاحاتهم ارتباطًا مباشرًا بالأداء الأكاديمي، ووفقًا للنظرية فإن الطلاب الذين ينسبون النجاح الأكاديمي أو الفشل في بذل الجهد يعملون بجد في المهام الأكاديمية أكثر من الطلاب الذين يعزون النجاح والفشل إلى القدرة، حيث تظهر نتائج البحث من النظرية أيضًا أن الطلاب يستنتجون أنهم يفتقرون إلى القدرة عندما يقدم المعلمين التعاطف أو الشفقة في حالة الفشل، في حين أنهم يستنتجون الحاجة إلى العمل بجدية أكبر عندما يطلب منهم المعلمين أن يكونوا أكثر إصرارًا في موضوع ما.

نظرية أخرى تتعلق بنظرية الإسناد هي نظرية الأسلوب التوضيحي في مفهوم الإسناد السببي في علم النفس، فوفقًا لهذه النظرية فإن الأسلوب التوضيحي للناس للأحداث السلبية له تأثير على صحتهم النفسية، حيث أن الأشخاص الذين يستخدمون أسلوبًا توضيحيًا متشائمًا لأحداث الحياة السلبية هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، وعندما يواجه الأشخاص الذين يظهرون أسلوبًا توضيحيًا متشائمًا حدثًا سلبيًا، فإنهم يشرحوه بطريقة تؤثر سلبًا على حالاتهم العاطفية.

بالنسبة لهذه النظرية في مفهوم الإسناد السببي في علم النفس عند مواجهة أحداث الحياة السلبية، فإن الأفراد المعرضين للاكتئاب يصنعون سمات داخلية ومستقرة وعالمية، على سبيل المثال قد يعزو الشخص الذي يعاني من فشل أكاديمي ذلك إلى عوامل داخلية شخصية مثل عدم القدرة والذكاء المنخفض، وليس إلى عوامل خارجية، وهم يرون أن هذه الأسباب مستقرة وغير قابلة للتغيير، علاوة على ذلك ينظر هؤلاء الأفراد إلى الفشل على أنه خاصية عامة لأنفسهم.

دور الإسناد السببي في حل المشكلات في علم النفس

يشمل مفهوم الإسناد السببي في علم النفس ونظريات الأسلوب التوضيحي سلسلة من التأثيرات التي توجه السلوك البشري وتشكيله في عملية حل المشكلات، حيث ستؤثر أساليب إسناد السبب من الشخص وتفسيره بعد جهوده في حل المشكلات التي يواجهها على حالته النفسية، كما سيحددون ما إذا كان سيتم حل المشكلات وما إذا كانت الجهود المبذولة لحل المشكلة ستستمر أم لا.

وقد تؤخذ معرفة الإسناد السببي للناس وتفسيراتهم حول قضية ما كعامل تنبؤي محتمل لنجاح أو فشل عملية حل المشكلة، بعبارة أخرى في سياق حل المشكلات تحتوي السمات على أحكام واستنتاجات يتخذها الأشخاص فيما يتعلق بما إذا كانوا سينجحون في حل المشكلة أم لا.

تعد أساليب الإسناد والتفسير مهمة خلال مرحلتين في عملية حل المشكلات، هم مهمون أولاً خلال الحرف الأول للفرد من مواجهة المشكلة والثانية بعد محاولات الفرد لحلها، فعندما يواجه المرء المشكلة لأول مرة يقوم بتقييم كل من المشكلة ومهاراته وقدراته فيما يتعلق بالمشكلة، نتيجة لهذا التقييم سيصل الفرد إلى حكم، على سبيل المثال الفرد الذي يعتقد أن المشكلة التي يواجهها من المستحيل حلها لن يحاول حتى حلها.

مثل مفهوم الإسناد السببي في علم النفس سيقلل من احترام الشخص لذاته وسيجعل من المستحيل حل المشكلة، حيث سيبتعد الشخص الذي يعاني من تدني احترام الذات عن أي محاولة لحل المشكلة، من ناحية أخرى قد ينظر الفرد إلى حالة المشكلة على أنها صعبة ولكن مهاراته وقدراته كافية، في هذه الحالة سيتمكن هذا الشخص من محاولة حل المشكلة.

لنفترض أنه بعد التقييم الأول قرر الشخص القيام بمحاولة لحل المشكلة، وأن هذه المحاولة لم تؤد إلى حل المشكلة، وأن الوضع ازداد سوءًا، في هذه الحالة سيكون للافتراضات والأساليب التوضيحية للشخص تأثير على الحل المحتمل والحالة العاطفية للشخص.

على سبيل المثال إذا أدت عملية حل المشكلات إلى فشل وتوصل الفرد إلى الحكم بأن الفشل كان بسبب غباء الفرد، فإن الشعور بالكفاءة الذاتية سيظهر انخفاضًا حادًا، والشخص الذي لديه هذا النوع من الأسلوب التوضيحي سوف يقع بسهولة في الاكتئاب، مع تدني احترام الذات والمزاج المكتئب والطريقة المتشائمة لشرح الفشل الشخصي قد لا ينخرط هذا الشخص في محاولات جديدة لحل المشكلات في المستقبل.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: