اقرأ في هذا المقال
- مفهوم الاستدلال التمثيلي في علم النفس الاجتماعي
- الكشف عن مجريات الأمور واتخاذ القرار في الاستدلال التمثيلي
- الاستدلال التمثيلي والإدراك في علم النفس الاجتماعي
مفهوم الاستدلال التمثيلي في علم النفس الاجتماعي:
وفقًا لبعض علماء النفس الاجتماعي يميل البشر إلى أن يكونوا بخلاء معرفيين، أي الحد من استخدامهم للموارد العقلية خاصتهم عندما يحتاجون إلى اتخاذ قرار سريع أو عندما تكون القضية التي يجب عليهم اتخاذ قرار بشأنها غير مهمة بالنسبة لهم، حيث يكون لدى الناس العديد من الاستراتيجيات التي يمكنهم استخدامها للحد من استخدامهم للموارد العقلية، وواحدة من هذه المجموعات من الاستراتيجيات المتعددة هي الاستدلال التمثيلي.
يعتبر مفهوم الاستدلال التمثيلي في علم النفس الاجتماعي أنه هو اختصارات معرفية أو قواعد عامة يتم استخدامها عندما يتعين على المرء اتخاذ قرار ولكنه يفتقر إلى الوقت الكافي أو المعلومات الدقيقة اللازمة لاتخاذ هذا القرار، حيث أن مفهوم الاستدلال التمثيلي في علم النفس الاجتماعي مفيد من حيث أنه يساعد في اتخاذ القرار السريع، ولكن استخدام الاستدلال التمثيلي يمكن أن يؤدي إلى تنبؤات غير دقيقة، وبشكل عام الاستدلال التمثيلي هو عمليات معرفية تلقائية، أي أن الناس يستخدمونها في مواقف صنع القرار دون أن يدركوا بالضرورة أنهم يفعلون ذلك.
يعتبر مفهوم الاستدلال التمثيلي هو أحد الأساليب الاستكشافية الشائعة، وهي قاعدة عامة تستخدم لتحديد ما إذا كان يجب وضع شخص أو حدث في فئة معينة من خلال الحكم على مدى تشابه الشخص أو الحدث مع الشخص النموذجي أو الحدث من تلك الفئة، حيث يعتبر الشخص أو الحدث النموذجي لفئة معينة هو الشخص الذي يمتلك أكبر عدد من الخصائص التمثيلية لتلك الفئة، على سبيل المثال قد يحتوي الكرسي النموذجي على أربعة أرجل ومقعد ونوع من الظهر.
إذا كان الشخص أو الحدث الذي يحكم عليه الشخص مشابهًا للنموذج الأولي، فمن المحتمل أن يتم وضع الشخص أو الحدث في تلك الفئة، وإذا لم يكن هناك تشابه مع النموذج الأولي، فقد يتم الحكم على الشخص أو الحدث على أنه من غير المحتمل أن يكون عضوًا في الفئة، على سبيل المثال في دورة علم النفس للطلاب الجدد والتقاء شخصين أو زميلين بها.
حيث يلاحظ الشخص الأول بعض الخصائص والسمات الشخصية للشخص الثاني، مما يستدعي أن يقوم بالسؤال والتحريات عنه؛ من أجل ربط صداقة معه والتعرف عليه من حيث التخصص الذي ينتسب له مثل تخصص في علم الأحياء وهذا ما يعبر عن مفهوم المشجعات والدوافع، مما يجعل الشخص الأول يطابق بين هذه المشجعات وبين ما يناسبه كصديق وزميل في الدورة؛ نظرًا لأنه يناسب النموذج الأولي لفئة واحدة، فقد يصنفها الشخص الأول بسرعة ثم يتجاهل المعلومات التي من شأنها أن تؤدي به إلى وضع الشخص الثاني بشكل أكثر دقة.
على العكس من ذلك عندما يلتقي الشخص الأول مع شخص اخر وهو ذو صفات وخصائص ومظاهر أخرى ومع ذلك لا يهتم الشخص الأول به كزميل أو صديق دراسة؛ لأنه لا يتطابق مع النموذج الأولي له أي عدم الحصول على المشجعات.
الكشف عن مجريات الأمور واتخاذ القرار في الاستدلال التمثيلي:
يمكن أن يعيق الاستدلال التمثيلي الأحكام الدقيقة للاحتمالية من خلال التأكيد على جوانب الحدث المعني التي تشبه النموذج الأولي، أو عن طريق إخفاء المعلومات التشخيصية الواضحة الأخرى التي توضح وتبين اختلاف الحدث مع النموذج الأولي، على سبيل المثال في دورة علم النفس السابقة قد يفترض الشخص الأول أن الشخص الثاني هو عنصر مشجع لأنه تطابق بشكل وثيق مع النموذج الأولي الخاص به من تلك الفئة.
ومع ذلك فقد تجاهل هذا الشخص معلومات مهمة قد تجعله يصدر حكمًا مختلفًا عن غيره على وجه الخصوص، لقد تجاهل المعدلات الأساسية أو المعدل الذي يحدث به أي نوع واحد من الأشخاص أو الأحداث بين السكان بشكل عام، ففي أي جامعة عادة ما يكون عدد رؤساء الموافقين صغيرًا جدًا، ومن ناحية أخرى فإن عدد تخصصات علم الأحياء مثلاً في أي جامعة معينة أكبر بكثير من عدد الموافقين، حيث أنه إذا استخدم هذا الشخص المعدلات الأساسية بدلاً من الاستدلال التمثيلي كأساس لتحديد عضوية الفئة، فمن الأرجح أنه سيقرر أن الشخص الثاني هو تخصص في علم الأحياء بدلاً من كونه مشجع.
يوضح هذا المثال خطورة الاعتماد على الاستدلال التمثيلي عند اتخاذ قرارات بشأن عضوية الفئة والتوافق معها؛ لأن الرغبة في استخدام الاختصارات المعرفية قد تحل محل الرغبة في البحث عن معلومات دقيقة وكاملة، حيث أن عدم صداقة هذا الشخص لغيره ممن حكم عليهم بأحكام مباشرة دون دليل خاطئة بنفس القدر، ومن المحتمل أن يكون منهم مشجع كما هو الحال في أن الشخص المحدد هو مشجع فقط، ولكن نظرًا لأنه لا يمثل فئة المشجعين، فمن غير المرجح أن يحكم الشخص على أنه ينتمي إلى هذه الفئة.
الاستدلال التمثيلي والإدراك في علم النفس الاجتماعي:
عادةً ما يتم ذكر الاستدلال التمثيلي في سياقات الإدراك الاجتماعي أي الطريقة التي يفكر بها الناس في الأشخاص والمواقف التي يتفاعلون معها، والتصنيف أي عملية تصنيف الأشخاص والأحداث بناءً على سماتهم البارزة.
قدم سيرج موسكوفيتشي لأول مرة مفهوم الاستدلال التمثيلي في علم النفس الاجتماعي المعاصر منذ ما يقرب من أربعين عامًا، حيث أنه منذ ذلك الحين أصبحت النظرية واحدة من الأساليب السائدة في علم النفس الاجتماعي ليس فقط في أوروبا القارية، ولكن بشكل متزايد في العالم الأنجلو ساكسوني أيضًا.
في حين انتشر عمل موسكوفيتشي على نطاق واسع عبر الانضباط وعملية الإدراك الاجتماعي، ولا سيما من خلال مساهماته في دراسة تأثيرات الأقليات وعلم نفس الحشود، استمرت دراسة مفهوم الاستدلال التمثيلي في توفير التركيز المركزي لواحد من الأصوات الأكثر تميزًا وأصالة في المجتمع في علم النفس اليوم.
وضح موسكوفيتشي في التحليلات الكلاسيكية العديد من التصاريح عن نظرية التمثيلات الاجتماعية في مفهوم الاستدلال التمثيلي، بالإضافة إلى شرح السمات المميزة لهذا المنظور في علم النفس الاجتماعي، مع فحص التاريخ الفكري للتمثيلات الاجتماعية الخاصة بها، واستكشاف الطرق المتنوعة التي استجابت بها هذه النظرية لتقليد الفكر في العلوم الاجتماعية التي لا تشمل فقط مساهمات دور بياجيه مثلاً.
حيث أنه تطرق لخط سير الرحلة الفكرية وقدم أيضًا وجهات نظره حول بعض الأسئلة الرئيسية التي تواجه علم النفس الاجتماعي اليوم، ووفر مصدرًا أساسيًا لدراسة التمثيلات الاجتماعية وتقييم عمل عالم النفس الاجتماعي الذي سعى باستمرار إلى إعادة تأسيس الانضباط كعنصر حيوي في الاستدلال التمثيلي.