مفهوم التوسيع والبناء العاطفي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تم تطوير مفهوم التوسيع والبناء للسلوكيات الجيدة والعواطف الإيجابية لشرح سبب تجربة الناس للمواقف الإيجابية، فما الغرض الذي يمكن أن يخدمه مشاعر الفرح والامتنان والصفاء أو الحب العابرة؟ وهل مثل هذه الحالات الممتعة تمنح قيمة تكيفية على مدار التطور البشري؟ هذا ما يمكننا التعرف عليه من خلال هذا المقال.

مفهوم التوسيع والبناء العاطفي في علم النفس

ضمن النظريات السابقة للعواطف شكلت المشاعر الإيجابية لغزًا، حيث كان هذا لأن معظم التفسيرات السابقة استندت إلى افتراض أن جميع المشاعر والعواطف سواء كانت ممتعة أو غير سارة كانت متكيفة مع أسلاف البشر؛ لأنها أنتجت دوافع للتصرف بطرق معينة، من خلال إطلاق ميول فعلية محددة، فالخوف على سبيل المثال مرتبط بالرغبة في الفرار، والغضب مع الرغبة في الهجوم، واشمئزاز الرغبة في الطرد، وما إلى ذلك.

الفكرة الأساسية في مفهوم التوسيع والبناء العاطفي في علم النفس ومفهوم ميول العمل المحددة هي أن وجود هذه الأفعال المعينة التي تتبادر إلى الذهن تجعل العواطف قابلة للتكيف التطوري؛ لأن مثل هذه الإجراءات السريعة والحاسمة ساعدت البشر الأوائل على النجاة من تهديدات محددة للحياة أو أطرافهم، وهناك فكرة أساسية أخرى هي أن ميول الفعل المحددة هي أفكار مجسدة وأنها تتفوق على الفكر الواعي، كما أنها تؤدي إلى تغييرات جسدية سريعة تدعم الإجراءات المطلوبة.

ففي مثل هذه اللحظة إذا رأى الشخص خطرًا يلوح في الأفق وكان يعاني من الخوف، فلن يواجه فقط رغبة عارمة في الفرار إلى بر الأمان، ولكن أيضًا في غضون أجزاء من الثانية كان نظام القلب والأوعية الدموية لديه قد قام بتبديل التروس لإعادة توجيه الدم المميز بالأكسجين إلى عضلات كبيرة بحيث أن يكون مستعدًا جسديًا للهروب.

دور ميول الفعل المحددة في مفهوم التوسيع والبناء في علم النفس

كانت المساهمة الرئيسية التي قدمها مفهوم ميول الفعل المحددة في مفهوم التوسيع والبناء في علم النفس هي شرح سبب غرس المشاعر في كل من العقل والجسد وكيف يمكن لقوى الانتقاء الطبيعي أن تشكل وتحافظ على المشاعر كجزء من الطبيعة البشرية العالمية، ولكن أيضًا في غضون أجزاء من الألف من الثانية كان نظام القلب والأوعية الدموية لدينا قد قام بتبديل التروس لإعادة توجيه الدم إلى العضلات الكبيرة بحيث تكون مستعدة جسديًا للهروب.

ظهرت مشكلة مفهوم ميول الفعل المحددة عندما حاول المنظرين وعلماء النفس السابقين تحديد الاتجاهات التي أثارتها المشاعر الإيجابية فارتبطت بعض منها بالرغبة في فعل أي شيء، ومشاعر الصفاء مع الرغبة في عدم فعل أي شيء، حيث لم تكن هذه الحوافز غامضة وغير محددة فحسب، بل من المشكوك فيه ما إذا كان عدم القيام بأي شيء هو فعل على الإطلاق.

إذن فإن المشاعر الإيجابية لا تتناسب مع القالب النظري الذي نجح في التعامل مع المشاعر السلبية، ومنها لاحظت باربرا إل فريدريكسون هذا اللغز وغيره من السمات المثيرة للاهتمام للعواطف الإيجابية، وقدم مفهوم التوسيع والبناء في علم النفس لشرح الأهمية التكيفية المتطورة للعواطف الإيجابية.

مضمون مفهوم التوسيع والبناء في علم النفس

ينص مفهوم التوسيع والبناء على أنه على عكس المشاعر السلبية التي تضيق أفكار الناس حول الإجراءات المحتملة من خلال ميول فعلية محددة، فإن المشاعر الإيجابية توسع أفكار الناس حول الأفعال الممكنة ، وتفتح وعيهم لنطاقات أوسع من الأفكار والأفعال مما هو معتاد، بالنسبة لهم فإن الفرح على سبيل المثال يثير الرغبة في اللعب والإبداع، ويثير الاهتمام الرغبة في الاستكشاف والتعلم، ويثير الصفاء الرغبة في تذوق الظروف الحالية ودمجها في وجهات النظر الذاتية الجديدة ووجهات النظر العالمية.

في حين أن العقليات الضيقة التي أثارتها المشاعر السلبية كانت قابلة للتكيف في الحالات التي تهدد البقاء بطريقة ما، فإن العقليات الموسعة التي أثارتها المشاعر الإيجابية كانت قابلة للتكيف بطرق مختلفة وعلى نطاقات زمنية أطول، حيث كانت العقليات الموسعة قابلة للتكيف لأنه بمرور الوقت كان هذا الوعي الموسع يخدم لبناء موارد البشر وتحفيز تنميتها وتجهيزها للتعامل بشكل أفضل مع التهديدات الفرعية والحتمية للبقاء على قيد الحياة.

للتوضيح علينا الوضع في الاعتبار مفهوم العقلية المرحة التي تثيرها الفرح، حيث يوثق البحث النفسي الأخلاقي أنه بما أن الكائنات المعقدة تلعب مع أنواع معينة، فإنها تشكل تحالفات اجتماعية أي صداقات، ففي أوقات الشدة قد توضح هذه المكاسب في الموارد الاجتماعية الفرق بين الحياة والموت، وعند النظر في الرغبة في استكشاف بيئات جديدة يثيرها الاهتمام، يوثق البحث السلوكي أن العقليات الإيجابية والمنفتحة؛ لأنها تسفر عن استكشاف وتعلم تجريبي تنتج خرائط معرفية أكثر دقة للبيئة المحلية، مقارنة بالعقليات السلبية والرفض، مثل هذه المكاسب في الموارد الفكرية قد توضح الفرق بين الحياة والموت في ظروف معينة.

ينص مفهوم التوسيع والبناء في علم النفس على أن المشاعر الإيجابية كانت متكيفة مع أسلاف الإنسان؛ لأنه بمرور الوقت يمكن أن تتراكم الحالات الإيجابية والعقليات الموسعة المرتبطة بها وتتراكم بطرق تحول الأفراد إلى الأفضل، مما يتركهم بمزيد من الاجتماعية والنفسية، حيث أن الموارد الفكرية والمادية أكثر من تلك التي كانت ستمتلكها لولا ذلك، عندما واجه هؤلاء الأسلاف في وقت لاحق تهديدات حتمية للحياة والأطراف، فإن مواردهم الأكبر كانت ستُترجم إلى احتمالات أفضل للبقاء والعيش لفترة كافية للتكاثر.

إلى الحد الذي تكون فيه القدرة على تجربة المشاعر الإيجابية مشفرة وراثيًا، فإن هذه القدرة قد تتشكل من خلال الانتقاء الطبيعي بطرق تشرح شكل ووظيفة المشاعر الإيجابية التي يختبرها البشر في العصر الحديث، فمنذ نشأتها تم اختبار مفهوم التوسيع والبناء ودعمها من خلال مجموعة واسعة من الأبحاث النفسية التجريبية.

توثق التجارب المعملية الخاضعة للرقابة أنه مقارنة بالحالات المحايدة والسلبية فإن العواطف الإيجابية المستحدثة توسع نطاق انتباه الناس وتوسع ذخيرتهم من الإجراءات الممكنة، وتخلق الانفتاح على التجارب الجديدة، حيث تظهر الدراسات الميدانية المستقبلية أن الأشخاص الذين لأي سبب من الأسباب يشعرون بمشاعر إيجابية أكثر من غيرهم هم أكثر استعدادًا للتعامل مع محن الحياة وتحدياتها، وأثبتت الاختبارات العشوائية المضبوطة للتدخلات المصممة لزيادة المشاعر الإيجابية لدى الناس مثل ممارسة التأمل أو تنمية عادة عد النعم أن هذه التدخلات تبني موارد دائمة للأشخاص بما في ذلك وظائف المناعة واليقظة.

على المستوى العملي تمنح مفاهيم التوسيع والبناء الإنسان المعاصر سببًا لتنمية المشاعر الإيجابية والاعتزاز بها، فالحالات السارة مثل الفرح والاهتمام والصفاء والامتنان والحب لا تشعر فقط بالرضا في الوقت الحالي، ولكنها أيضًا تضع الناس في مسارات نحو النمو الإيجابي؛ نظرًا لأن هذه المشاعر الإيجابية تتراكم وتتراكم فإنها تمهد الطريق للناس للوصول إلى أهدافهم ومستوى أعلى في أن يصبحوا أكثر صحة نفسية، وأكثر معرفة وأكثر مرونة وأكثر اندماجًا اجتماعيًا.


شارك المقالة: