اقرأ في هذا المقال
- مفهوم التيسير الاجتماعي في علم النفس الاجتماعي
- تاريخ وخلفية مفهوم التيسير الاجتماعي في علم النفس الاجتماعي
- لماذا يتحسن الأداء أو يضعف في مفهوم التيسير الاجتماعي في علم النفس؟
مفهوم التيسير الاجتماعي في علم النفس الاجتماعي:
يشير مفهوم التيسير الاجتماعي في علم النفس الاجتماعي إلى الظاهرة العامة المتمثلة في أن الأداء البدني والمعرفي يتحسن عند حضور أشخاص آخرين، حيث يستخدم علماء النفس مصطلح التيسير أو التثبيط الاجتماعي للإشارة إلى أن الأداء يتم تسهيله أحيانًا أثناء الملاحظة، وأحيانًا يتم تثبيطه في وجود الآخرين.
العامل الحاسم في تحديد ما إذا كان الأداء يتم تسهيله أو تثبيطه هو ما إذا كانت المهمة التي يؤديها الفرد مكتسبة جيدًا بسيطة أو جديدة صعبة، حيث أظهرت الأبحاث أن المهام التي تم تعلمها جيدًا يتم تسهيلها تحت الملاحظة، بينما يتم منع المهام الجديدة تحت الملاحظة.
تاريخ وخلفية مفهوم التيسير الاجتماعي في علم النفس الاجتماعي:
ظهرت واحدة من أولى الدراسات الموثقة في علم النفس الاجتماعي في مقالة نورمان تريبليت عام 1898 بعنوان العوامل الديناميكية في تنظيم ضربات القلب والمنافسة، والتي وصفت بيانات الملاحظة من راكبي الدراجات المتنافسين ودراسة تجريبية حول السرعة التي يمكن للأطفال أن يدوروا بها بَكرَة الصيد.
أثبتت نورمان تريبليت أن راكبي الدراجات التنافسيين المقترنين براكبي الدراجات الآخرين حققوا أوقات سباقات أسرع من راكبي الدراجات الذين يتسابقون ضد الساعة، في القسم التجريبي من المقالة تم توجيه الأطفال لتدوير بكرة صيد بأسرع ما يمكن لتحريك شخصية على طول مضمار السباق، إما مع الأطفال الآخرين أي التعاون أو بمفردهم، ومنها كان الأطفال في وضع التماسك أكثر عرضة لتدوير البَكرَة بشكل أسرع من أولئك الذين يؤدون المهمة بمفردهم.
بحلول منتصف القرن العشرين تضاءلت أبحاث التيسير الاجتماعي، حيث كشف الفحص السريع للأدبيات عن نتائج غير متسقة فيما يتعلق بكيفية تعاون الآخرين وسيطرتهم على الإنجازات، على الرغم من أنه يبدو أن الأداء تحسن في وجود الآخرين، إلا أن البيانات لا تدعم هذا الاستنتاج.
في منتصف الستينيات نشر روبرت زاجونك مقالًا مؤثرًا عن التيسير الاجتماعي أدى إلى تنظيم هذه النتائج غير المتسقة، حيث جادل بأن تعاون الآخرين يمكن أن يؤدي إلى أداء ميسّر أو ضعيف اعتمادًا على نوع المهمة التي يتم تنفيذها، وعندما يتم تعلم المهمة المطروحة جيدًا، يمكن للمراقبين أو المتعاونين تسهيل الأداء، ولكن عندما تكون المهمة جديدة، يمكن أن يؤدي تفاعل الآخرين إلى إعاقة الأداء.
جادل روبرت زاجونك أن السبب الأساسي لهذه الاختلافات هو عنصر الإثارة أو الدافع، وفقًا لنظرية الدافع أثار وجود الآخرين إثارة أو دافع غير متمايز يزيد من احتمالية الاستجابة السائدة، أي الاستجابة السائدة هي أي استجابة مرجحة في هذا الموقف بالضبط، وفي المهام الجيدة التعلم أو السهلة ستكون الإجابة السائدة هي الإجابة الصحيحة، وفي المهام الجديدة أو المعقدة من المرجح أن تكون الاستجابة السائدة هي الإجابة غير الصحيحة.
أظهر روبرت زاجونك دعمًا لهذه النظرية في إحدى دراسات علم النفس الاجتماعي الكلاسيكية، بدلاً من دراسة أداء المهام لطلبة السنة الثانية في الكلية؛ لتشغيل متاهة سهلة أو صعبة، بالإضافة إلى صعوبة المتاهة تلاعب زاجونك فيما إذا كان الصرصور يدير المتاهة مع مجموعة من الصراصير الأخرى حيث كانت الصراصير في صناديق شفافة مجاورة للمتاهة، أو بدون مجموعة من الصراصير.
كان العامل الحاسم الأخير هو ما إذا كانت الصراصير تدير المتاهة بمفردها أو مقترنة بصرصور آخر، ومنها وجد زاجونك أن وجود خصوصيات أي أعضاء من نفس النوع إما كمتعاونين أو كمراقبين كالجمهور زاد من وقت التشغيل في المتاهة السهلة، لكنه قلل من وقت التشغيل في المتاهة الصعبة مقارنة بأوقات الجري في الحالة الوحيدة، وتم تفسير هذه النتائج على أنها دعم لفرضية الدافع للتيسير الاجتماعي، وتحديداً أن وجود أشياء معينة أدى إلى زيادة حالات الاستثارة العامة، وأن الاستثارة سهلت الاستجابات المهيمنة وضعف الاستجابات غير المهيمنة.
جددت نظرية زاجونك الاستفزازية والبيانات التجريبية الاهتمام بأبحاث التيسير الاجتماعي وتبع ذلك موجة من التحقيقات التجريبية كوسيلة لفهم العديد من الدراسات، ومنها قام الباحثين في الثمانينيات بفحص جميع الدراسات في وقت واحد؛ لاستخراج التركيبات القابلة للتعميم وقياس موثوقية الظاهرة.
وبعدها خلص إلى أن وجود الآخرين قد أعاق بالفعل دقة الأداء المعقدة وقلل من سرعة الاستجابة، وظهر أن وجود الآخرين سهل سرعة الأداء البسيطة، لكن كانت هناك أدلة أقل على زيادة دقة الأداء في وجود الآخرين.
لماذا يتحسن الأداء أو يضعف في مفهوم التيسير الاجتماعي في علم النفس؟
دعم البحث النفسي بقوة ادعاءات علماء النفس الاجتماعي بأن التأثيرات والدوافع تعتبر قوية، ومع ذلك فإن إظهار التيسير أو التثبيط الاجتماعي على الرغم من أهميته لا يعالج مسألة سبب حدوث التأثيرات، إذن ما هي العملية التي يتم من خلالها تسهيل الأداء أو تثبيطه؟
في أبحاث التيسير الاجتماعي، ركز علماء النفس الاجتماعي على ثلاثة أسباب لشرح آثار التيسير الاجتماعي، حيث يمكن تفسير هذه الأسباب على نطاق واسع على أنها آليات فسيولوجية ومعرفية وعاطفية، حيث نوقش التفسير الفسيولوجي باختصار في وقت سابق الدافع المعمم وفرضية الإثارة، ويركز التفسير المعرفي على الإلهاء والانتباه، ويركز المكون العاطفي على جوانب القلق والعرض الذاتي المتعلقة بالأداء أمام الآخرين.
تتمثل آليات تفسير تسهيل الأداء أو تثبيطه في التيسير الاجتماعي من خلال ما يلي:
الآليات الفسيولوجية:
لم يكن علماء النفس الاجتماعيين قادرين على اختبار فرضية الإثارة الخاصة بآثار التيسير الاجتماعي إلا بعد حدوث تقدم في مجال علم النفس الفسيولوجي، وبعدها اختبر عالم النفس الاجتماعي جيم بلاسكوفيتش آليات الإثارة التي يعتقد أنها تكمن وراء تأثيرات التيسير الاجتماعي، حيث وجد أن الأشخاص الآخرين الحاليين زادوا بشكل كبير من التنشيط الودي أثناء مهام الأداء المتعلقة بالظروف وحدها.
على الرغم من زيادة التفاعل اللاإرادي العام لكل شخص في حالة السلوك الجمعي، تم إنتاج ملفات فسيولوجية مختلفة جدًا اعتمادًا على ما إذا كانت المهمة المعرفية جديدة أو مكتسبة جيدًا، على وجه التحديد كان لدى الأشخاص الذين أكملوا المهمة المدروسة جيدًا في وجود جمهور تغييرات في استجابات القلب والأوعية الدموية بما يتفق مع ملف تعريف جيد.
تضمنت هذه التغييرات قوة انقباض أقوى في بطينات القلب، والمزيد من الدم الذي يخرج من القلب، والتوسع الكلي للشرايين مما يسمح بتدفق الدم بشكل أسرع إلى الأطراف، في تناقض صارخ عندما أكمل الناس مهمة جديدة في حضور الجمهور، كانت استجابات القلب والأوعية الدموية متسقة مع ملف غير صحي يتضمن قوة تقلص أكبر ونقصان متزامنًا في حجم الدم مما يشير إلى انخفاض كفاءة القلب، وانقباض الشرايين.
الآليات المعرفية:
الدليل على الآليات المعرفية الكامنة وراء تأثيرات التيسير الاجتماعي يتم التعبير عنه بشكل أفضل من خلال نظرية الإلهاء والصراع، حيث تقترح هذه النظرية أن وجود الآخرين يشتت الانتباه وأن الإلهاء يخلق عبئًا معرفيًا زائدًا مما يقيد التركيز المتعمد، وينتج عن هذا تأثيرات مختلفة في المهام البسيطة مقابل المهام المعقدة.
في المهام البسيطة يتم تحسين الأداء؛ لأن التركيز المتعمد على تقديم الآخرين يؤدي إلى استبعاد المحفزات غير الأساسية مما يؤدي إلى أداء أفضل، وفي المهام المعقدة يضعف التركيز المتعمد الأداء؛ لأن المهام المعقدة تتطلب الانتباه إلى نطاقات أوسع من إشارات التحفيز.
الآليات الوجدانية:
التفسير الأخير ذو الصلة لتأثيرات التيسير الاجتماعي هو التفسير الذي يركز على الاستجابات العاطفية المرتبطة بالتقييم في وجود الآخرين، حيث يؤكد هذا التفسير على أهمية مخاوف العرض الذاتي المتعلقة بالأداء أمام الآخرين، ومنها جادل بعض علماء النفس بأن أهم نتيجة للجمهور أو المتعاونين، هي أن وجودهم يشكل سلوكيات المؤدي، ويؤكد على أهمية ترك انطباع جيد أو تجنب الانطباع السيء، إلى الحد الذي يشعر فيه الأفراد أنهم قادرون على تقديم أنفسهم بشكل إيجابي أثناء الملاحظة.