مفهوم السبب العقلي الظاهر في علم النفس

مفهوم السبب العقلي الظاهر في علم النفس:

يحدد مفهوم السبب العقلي الظاهر في علم النفس الظروف التي يشعر فيها الناس بالإرادة الواعية لأفعالهم، على الرغم من أن الناس غالبًا ما يشعرون أن أفكارهم الواعية تسبب أفعالهم، إلا أن هذا الشعور وهمي؛ لأن أفعالهم وتجربتهم في إرادتهم تنشأ بشكل مستقل عن مصادر غير واعية، ويشعر الناس بالسببية العقلية الظاهرة عندما تسبق أفكارهم أفعالهم أي الأولوية، وعندما تكون أفكارهم متسقة مع أفعالهم أي التناسق، وعندما تكون أفكارهم هي السبب الوحيد المعقول لأفعالهم أي التفرد.

مثال على مفهوم السبب العقلي الظاهر في علم النفس الاجتماعي:

عند التخيل أن هناك شخص في الحديقة في يوم صيفي وأن فرعًا معينًا من الأشجار يلفت انتباهه ويتمنى أن يتحرك لأعلى ولأسفل، وها هو يتحرك، ليس هذا فقط، إنه يتحرك في الاتجاه المحدد الذي تخيله الشخص وهو يتحرك، وعندما نبحث عن أسباب بديلة لحركته، لن نجد شيئًا، خاصة أنه لا يوجد رياح أو طفل يتسلق الأشجار يمكنه أن يفسر هذه الحركة.

هل تسببت الأفكار في التحرك؟ نظرًا لعدم وجود أي شيء آخر يفسر حركته أي التفرد، وأنه تحرك مباشرة بعد التفكير فيه أي الأولوية في الاتجاه الصحيح تمامًا أي التناسق، فإنه يشعر كما لو أنه تسبب في تحرك الفرع، على الرغم من أنها تبدو مستحيلة، ومنها بالطريقة نفسها، يستنتج الناس السببية بين أفكارهم وأفعالهم عندما تكون هذه المبادئ في مكانها الصحيح.

الأفكار الواعية في مفهوم السبب العقلي الظاهر في علم النفس:

على الرغم من أنه يبدو أن الأفكار الواعية تسبب أفعالًا وسلوكيات، إلا أن الأدلة العصبية تظهر أن هذا أمر مستبعد للغاية في سلسلة من التجارب، حيث قاس بنجامين ليبت تنشيط الدماغ للأشخاص أثناء قيامهم بحركات أصابع إرادية، على وجه التحديد قام بقياس جزء القشرة الحركية المسؤولة عن تحريك أصابع المرء، مع تسجيل الوقت الذي قال فيه الأشخاص إنهم قرروا بوعي تحريك إصبعهم.

وجد أن قرارات المشاركين الواعية بالتحرك جاءت بعد الوقت الذي بدأت فيه القشرة الحركية الخاصة بهم في التنشيط، وهذا يعني أن عقلهم اللاواعي قد بدأ بالفعل في تحريك إصبعهم عندما واجهوا القرار الواعي لتحريكه، بما أن الأسباب يجب أن تسبق التأثيرات، يجب استبعاد العقل والأفكار الواعية كسبب لأفعال الناس.

مبادئ في مفهوم السبب العقلي الظاهر في علم النفس:

تتمثل أهم المبادئ الرئيسية في مفهوم السبب العقلي الظاهر في علم النفس من خلال ما يلي:

الأفضلية:

يجب أن تسبق أفكار الناس أفعالهم على الفور حتى يختبروا مفهوم السببية العقلية الظاهرة، فإذا ظهرت الأفكار بعد الفعل والسلوك الإنساني، فلا توجد خبرة في رغبة المرء في التصرف، وبالمثل إذا ظهرت الأفكار في وقت مبكر جدًا، فستكون هذه التجربة مفقودة أيضًا؛ يتجلى هذا في تلك الحالات التي قررنا فيها أخذ شيء من غرفة معينة في البيت، فقط لنجد أنفسنا واقفين بجانب السرير مثلاً دون أي فكرة عن سبب وجودنا، ولا توجد خبرة في السببية العقلية لأفعالنا.

التناسق:

لتجربة مفهوم السببية العقلية الظاهرة، يجب أن تتطابق أفعال الناس مع أفكارهم، وعلى الرغم من أن هذا هو الحال عادةً، غالبًا ما ينقص الاتساق في حالات فشل ضبط النفس، فعند تخيل الفرد نفسه يتصفح الويب في إحدى الليالي وعندما النظر للوقت ورؤية أنها قد تجاوزت وقت النوم المعتاد كثيرًا ومن ثم يقرر إغلاق الكمبيوتر والتوجه إلى السرير، وبعد عشرين دقيقة، على الرغم من نواياه، يجد نفسه لا يزال ينقر على الروابط المتنوعة، دون أن يصاحب ذلك أي إحساس بالسببية العقلية.

التفرد:

يختبر الناس مفهوم السببية العقلية عندما تكون أفكارهم هي التفسير الوحيد المعقول لأفعالهم، في حين أن الارتباط بين الأفكار والسلوك الإنساني عادة ما يكون واضحًا، يتم انتهاك مبدأ التفرد في بعض الاضطرابات النفسية، على سبيل المثال أحد أعراض مرض انفصام الشخصية، يسمى إدخال الفكر، حيث يتضمن الاعتقاد بأن كيانًا آخر يقوم بإدخال الأفكار في رأس المرء، فإذا بدا أن أفعال الشخص ناتجة عن أفكار شخص آخر، فسوف يتم تقويض تجربة السببية العقلية لاحقًا.

دليل مفهوم السبب العقلي الظاهر في علم النفس:

من خلال عدد من الدراسات في البحث النفسي أوضح دانيال فيجنر أهمية المبادئ الخاصة في تحديد السببية العقلية، حيث أنه استخدم نموذجًا يقوم بموجبه أحد المشاركين بمهمة مع شريك له بنفس الفريق، حيث كان من المشكوك فيه ما إذا كان المشارك أو الشريك يتحكم في الإجراء.

استندت المهمة إلى لوحة ويجا، حيث من الصعب معرفة من المسؤول عن تحريك اللوح الخشبي لنقل الرسائل إلى ما بعد الاجتماع الموجود، في هذه الدراسة كان هناك عدد من الصور على في هذا اللوح، وفي فترات منتظمة أوقف الشريك اللوح الخشبي في إحدى هذه الصور.

على الرغم من أن الشريك كان يتحكم دائمًا في الصورة التي يشير إليها المخطط، فقد اختبر المشارك إحساسًا بالسببية العقلية للفعل عندما كان لديه فكرة مسبقة تتوافق مع الإجراء، على سبيل المثال من خلال سماع كلمة كلب فوق زوج من سماعات الرأس قبل توقف السماعة عند صورة كلب، يوضح هذا أنه حتى في المواقف التي لا يتحكم فيها المشارك في المهمة يمكن التلاعب بتجربة السببية العقلية الظاهرة من خلال تنويع المبادئ الثلاثة التي تربط الأفكار بالأفعال.

التداعيات الظاهرة لمفهوم السبب العقلي الظاهر في علم النفس:

إذا كانت تجربة الناس مع الإرادة الحرة ليست سببية، وبدلاً من ذلك تنتج عن نفس العملية اللاواعية التي تحدد أفعالهم، فكيف يتحمل الناس مسؤولية أفعالهم؟ هذا السؤال الذي يطرحه علماء النفس، وهو مصدر قلق ملح لهم وللمهتمين على الرغم من أن تجربة الإرادة الواعية هي مجرد شعور، وليست ضمانًا لأن أفكار المرء قد تسببت في أفعاله، فإن هذا الشعور يسمح للناس بالتمييز العملي بين تلك الأفعال التي تشعر بالحرية وتلك التي تشعر بالإكراه.

يمكن استخدام تجربة السببية العقلية الظاهرة لتقديم قراءة عن مدى حرية المرء في أداء فعل ما، إذا أخذ شخص ما يدنا وجعلنا نضغط مثلاً على زناد البندقية، فسوف نشعر بأن السببية العقلية أقل وضوحًا مما لو كان بهدوء، وبعد الكثير من التفكير اتخاذ القرار بسحب الزناد.

نظرًا لأن الناس لا يرغبون في معاقبة أنفسهم على تلك الأفعال التي تفتقر إلى الشعور المصاحب بالسببية العقلية الظاهرة، فيمكنهم استخدام هذا المعيار في تقييم الآخرين، حيث يمكن أن تستند القرارات المتنوعة إلى تجربة الفرد في السببية العقلية، وبالتالي تترك كيف يتخذ الشخص أحكام المسؤولية دون تغيير نسبي.