مفهوم السعادة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


السعادة لها معنى أوسع وقد تطور مجال كامل من البحث النفسي حول هذا المفهوم الأكثر شمولية، غالبًا ما يستخدم علماء النفس مصطلح الرفاهية الذاتية لتمييز هذه المجموعة الواسعة من الظواهر المتعلقة بالسعادة عن المشاعر الأكثر تحديدًا، وبهذا المعنى الأوسع فإن مفهوم السعادة في علم النفس هي تقييم إيجابي عالمي لحياة الإنسان ككل.

مفهوم السعادة في علم النفس

عندما يستخدم علماء النفس مصطلح السعادة فإنهم يميلون إلى أن يقصدوا أحد أمرين، بالمعنى الضيق فإن السعادة هي عاطفة محددة يشعر بها الناس عندما تحدث الأشياء الجيدة، ويشمل الشعور بالبهجة مع مستويات معتدلة من اليقظة، بالإضافة إلى ذلك غالبًا ما تحدث المشاعر مع تعبير وجه محدد مثل الابتسامة، ويمكن تمييز السعادة عن المشاعر السلبية مثل الحزن والخوف والغضب وأيضًا عن المشاعر الإيجابية الأخرى مثل المودة والإثارة والاهتمام.

كما قد يتوقع المرء يميل الأشخاص السعداء بهذه الطريقة إلى تجربة مشاعر إيجابية متكررة ومشاعر سلبية غير متكررة، لكن هذا الشكل الأوسع للسعادة ليس عاطفيًا بحتًا كما أنه يحتوي على عنصر معرفي، حيث أنه عندما يُطلب من الأشخاص السعداء التفكير في الظروف والأحداث في حياتهم، فإنهم يميلون إلى تقييم هذه الظروف والأحداث بشكل إيجابي، وبالتالي فإن الأشخاص السعداء يقولون إنهم راضون عن حياتهم ومختلف المجالات في حياتهم.

ومن المثير للاهتمام أن هذه الأجزاء المتنوعة للسعادة لا تحدث دائمًا مع شخص واحد، من الممكن أن يختبر شخص ما قدرًا كبيرًا من المشاعر السلبية ومع ذلك لا يزال يعترف بأن مواقف حياته ممتازة، وبالمثل فإن الشخص الذي يقضي الكثير من الوقت في الانخراط في ملذات المتعة قد يتعرض لتأثير إيجابي متكرر ولكنه قد يشعر أيضًا أن الحياة فارغة وبلا معنى، ويهتم باحثو الرفاه الشخصي بالعوامل المختلفة التي تؤثر على هذه المكونات المميزة.

خلفية مفهوم السعادة في علم النفس

يهتم علماء النفس بمفهوم السعادة للعديد من الأهداف حيث يدرس علماء النفس السعادة لأن الناس العاديين يهتمون بالسعادة، وعندما يُطلب من الأشخاص من جميع أنحاء العالم سرد الأشياء الأكثر أهمية بالنسبة لهم، فإن السعادة تتصدر القائمة باستمرار، حيث يصنف الناس أن تحقيق السعادة أهم من اكتساب المال والحفاظ على صحة جيدة، ويعتقد علماء النفس أنه يمكنهم مساعدة الناس على تحقيق هذا الهدف المتمثل في الشعور بالسعادة من خلال دراسة العوامل المرتبطة بالسعادة.

ومن الأهداف وراء معرفة علماء النفس للسعادة هو أن ردود فعل الناس التقديرية للعالم قد تجمع معلومات عن الطبيعة البشرية، ويعتبر أحد المبادئ الأساسية التي توجه النظرية النفسية هو أن الناس والحيوانات لديهم الحافز للتعامل مع الأشياء في العالم التي تسبب المتعة وتجنب الأشياء التي تسبب الألم في العالم، ومن المفترض أن هذا السلوك الإنساني ناتج عن آليات التكيف التي توجه الكائنات الحية نحو الموارد وبعيدًا عن الأخطار.

يجب أن توضح ردود أفعال الأفراد التقديرية للمحيط عن معلومات مهمة حول السمات الرئيسية للطبيعة البشرية، على سبيل المثال اقترح بعض علماء النفس أن الناس لديهم حاجة رئيسية لتجربة علاقات اجتماعية قوية وداعمة، ويشير علماء النفس إلى أدلة من مجال الرفاهية الذاتية لدعم ادعائهم، حيث تتصل العلاقات الاجتماعية للأفراد صلة كبيرة بسعادتهم، وبالتالي فإن ترتيب وصلات السعادة يجب أن توفر معلومات مهمة حول سمات الطبيعة البشرية.

قياس مفهوم السعادة في علم النفس

من المعقول أن نسأل عما إذا كان يمكن حتى دراسة السعادة علميًا، حيث أنه لا يستطيع علماء النفس رؤية السعادة، وبالتالي قد يبدو أن قياس السعادة سيكون صعبًا، ومع ذلك فقد أمضى علماء النفس عقودًا في دراسة مقاييس السعادة بما في ذلك مقاييس التقرير الذاتي، وهناك قدر كبير من الأدلة الآن تشير إلى أن هذه التدابير صحيحة، حيث أن الأشخاص الذين يقولون إنهم سعداء الآن يميلون أيضًا إلى القول إنهم سعداء عندما يُسألون مرة أخرى في المستقبل.

عندما يحاول علماء النفس قياس وتقدير السعادة بعدة وسائل متنوعة يبدو أن هذه المقاييس تتقارب حول نفس النتيجة، على سبيل المثال عندما يطلب علماء النفس من الأفراد تقديم ملاحظات ذاتية عن السعادة فإن هذه الملاحظات تميل إلى الاتفاق مع المعرفة السابقة عن السعادة، علاوة على ذلك لدى علماء النفس مجالات واتجاهات متنوعة لتحديد من هو سعيد دون حتى طلب حكم صريح على السعادة

العمليات المعرفية التي تؤثر على مفهوم السعادة في علم النفس

هناك فكرة شائعة مفادها أن الطريقة التي ينظر بها الناس إلى العالم يجب أن تؤثر على سعادتهم، حيث يبحث بعض الناس دائمًا عن الجانب المشرق في الأشياء ويفترض أن هذه النظرة الإيجابية تشكل المشاعر التي يشعرون بها، بالتالي يعتقد علماء النفس أيضًا أن الطريقة التي يفكر بها المرء في العالم مرتبطة بالمستويات المميزة للسعادة، وتم إجراء قدر كبير من الأبحاث لفحص العمليات المعرفية التي تؤثر على رفاهية الناس.

على سبيل المثال يفحص العديد من المهتمين الوظيفة التي تقوم بها عمليات المقارنة الاجتماعية في السعادة، ففي البداية اعتقد علماء النفس أن الناس قيموا الظروف في حياتهم من خلال مقارنتها بالظروف في حياة الآخرين، وأولئك الأفراد الذين كانوا في مواقف سلبية من الأشخاص من حولهم بمعنى آخر الأشخاص الذين يواجهون مقارنات تصاعدية يجب أن يشعروا بالتعاسة، هؤلاء الأفراد الذين كانوا إيجابيين وأفضل من غيرهم من الأشخاص من حولهم بمعنى آخر الأشخاص الذين يواجهون مقارنات تنازلية سيختبرون السعادة.

على الرغم من إمكانية حدوث هذا التأثير تشير الأبحاث النفسية الحديثة إلى أن العمليات أكثر تعقيدًا بعض الشيء، لسبب واحد يمكن أن تؤدي المقارنات التصاعدية والتنازلية إلى زيادة السعادة أو انخفاضها، فقد ينظر الشخص إلى شخص أفضل حالًا ويفكر أنا أقوم بعمل رهيب بالمقارنة أو قد يقول يمكنني الحصول على ما لديها إذا حاولت بجهد أكبر قليلاً.

أظهر علماء النفس أيضًا أن الأحلام والحاجات تؤثر على السعادة وليس من الغريب أن يتجه الأفراد الذين يقتربون من حاجة معينة بسرعة إلى تجربة درجات أعلى من السعادة مقارنة بالأشخاص الذين يقتربون من حاجة ما بشكل أبطأ.

لكن تظهر الأبحاث أيضًا أن مجرد وجود حاجات ومساعي مهمة يرتبط بمزيد من السعادة من المفترض أن الشعور بالحاجات الذي تخلقه هذه المساعي قد يحمي الناس من الآثار السلبية للنكسات المؤقتة، ومن المثير للاهتمام أن الأحلام والمساعي المحددة التي يختارها الأفراد قد تؤثر أيضًا على سعادتهم وتشير الأبحاث النفسية إلى أن اختيار المساعي التي تمثل تحديًا ولكنها ليست غير قابلة للتحقيق أمر مهم.


شارك المقالة: