مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يعتبر مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس هو خاصية شخصية توجد التباينات في حجم سيطرة الأفراد على الأمثلة التي يقدمونها لغيرهم من خلال التعامل معهم في العديد من الظروف الاجتماعية، حيث أن المراقبين الذاتيين العاليين يمتلكون المنبهات والقدرات في تحسين تصرفهم للتأثير على أفكار الأفراد المقابلين عنهم، في المقابل يميل المراقبين الذاتيين المنخفضين إلى التركيز على أن يكونوا واقعيين ولهم نظرة ثابتة مع الأحداث الذاتية الخاصة بهم من خلال تقديم أمثلة متناسبة جزئيًا عن أنفسهم للآخرين بغض النظر عن الموقف.

مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس

يعد مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس أو القدرة على مراقبة أو قياس وتقييم سلوك الفرد، مكونًا مهمًا للأداء التنفيذي في السلوك الإنساني البشري، حيث يعد الأداء التنفيذي جزءًا من المعالجة المعرفية ويتضمن قدرة الشخص على ربط المعرفة السابقة بالخبرات الحالية بطريقة تسمح للفرد بالتخطيط والتنظيم ووضع الاستراتيجيات والاهتمام بالتفاصيل وإدارة الوقت.

يسمح مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس للبشر بقياس نتائجهم السلوكية مقابل مجموعة من المعايير، عادة لا يمتلك الأطفال الصغار القدرة على المراقبة الذاتية ولكنه يتطور بمرور الوقت، مثال عليه الطفل الصغير الذي لا يمتلك القدرة على مراقبة سلوكياته التعبيرية مما يتوجب عليه بشكل مباشر أن يقوم بإخبار والدته عندما يكون غير سعيد باختيار وجبة خفيفة من الطعام مثلاً، وذلك من خلال دموعه وصراخه من عدم الرضا وهو لا يعرف أن ما يفعله ومراقبة سلوكه، أو تأثيره على الآخرين ليس جزءًا من مجموعة مهاراته.

من ناحية أخرى عندما يُعرض على والدة الطفل خيار طعام لا تحبه، فقد تختار عدم تناوله، أو طلب شيء مختلف، أو تناوله على أي حال لتكون محترمة للشخص الذي أعطاه للطعام لها، ولكن عادة لن يكون الصراخ والبكاء استجابة الأم؛ لأن لديها القدرة على مراقبة تعبيرها السلوكي، حيث إن قدرة الأم على الفهم، ثم استيعاب التوقعات السلوكية للآخرين هي معلم اجتماعي تنموي سيحدث في مرحلة الطفولة المتوسطة لمفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس.

في نظرية المراقبة الذاتية للسلوك الإنساني التعبيري وجد عالم النفس الدكتور مارك سنايدر أن مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس يخدم مجموعة من الأغراض تتمثل في أنها تأتي لتوصيل حالة عاطفية أو لتوصيل حالة عاطفية لا تتماشى بالضرورة مع التجربة العاطفية الفعلية، أو لإخفاء حالة عاطفية غير مناسبة وإظهار اللامبالاة أو حالة عاطفية مناسبة، وأن يبدو وكأنه يمر بعاطفة مناسبة عندما يكون الواقع هو اللامبالاة.

البحث عن مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس

قام الباحثين في علم النفس بمحاولات لفهم كيف يراقب الأفراد قنوات التعبير المختلفة بأنفسهم التي تعبر عن مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس، على سبيل المثال اكتشف بعض الباحثين في عام (1969 ، 1972) أن المرضى النفسيين أكثر قدرة على مراقبة تعابير الوجه بأنفسهم أي ذاتياً، ولكن ليس إشارات الجسد كاملة، وفي دراستهم وجدوا أن الممرضات كانوا أكثر قدرة على تقييم قول الحقيقة للمرضى من خلال الاهتمام الشديد بإشارات الجسد خاصتهم، حيث يعتبر هذا مجرد مثال واحد على الاختلافات في كيفية مراقبة الناس لأنفسهم.

نعلم أيضًا أنه من الممكن تمامًا تطوير القدرة على التمكن من مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس، حتى في وقت لاحق من الحياة، فإذا كان الفرد يعلم أنه أكثر قدرة على مراقبة تعابير وجهه بنفسه بشكل ذاتي، على سبيل المثال يمكن للفرد العثور على الموارد التي ستساعده أيضًا في مراقبة وضعية جسمه، فهل يميل إلى عقد ذراعيه عندما يكون غاضبًا مثلاً؟ ومنها نستنتج أنه يوجد قدر كبير من الأبحاث النفسية حول لغة الجسد أو الإشارات غير اللفظية ويمكن أن تساعدنا في فهم قنواتنا الفريدة وغير المعروفة لمفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس.

أمثلة على مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس

نحن كبشر نستخدم مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس وفي الحياة اليومية، على سبيل المثال إذا شعر الفرد بالغضب من مديره أو صاحب العمل لعدم دعمه له في اجتماع معين، فيمكن أن يكون لديه عدة طرق مختلفة يمكنه من خلالها التعبير عن مشاعره، حيث يمكنه أن يقول له إنه غاضب بشكل مباشر، أو يمكنه التظاهر كما لو أنه سعيد بأفعاله، أو يمكنه التظاهر كما لو أنه ليس غاضبًا، بالتالي تعتمد الطريقة التي يختار بها هذا الشخص استخدام مفهوم المراقبة الذاتية إلى حد كبير على السياق، بالإضافة إلى نوع العلاقة التي تربطه بهذا الرئيس.

في مثال آخر إذا طرد صاحب العمل أو المدير المسؤول عن العمل موظف معين، وذلك لأسباب متعددة منها عدم قدرته على أداء مهامه المطلوبة منه، وبعد فترة من الزمن حصل موقف أو ظرف أدى للاتقاء بهذا الموظف في مكان محدد مثل المتجر، فيمكن لهذا المدير أو صاحب العمل أن يقوم بإظهار مفهوم المراقبة الذاتية من خلال العديد من المواقف، أن يقوم بتجاهل وجود الموظف وكأنه لم يراه أو لم يتعرف عليه، أو يمكنه أن يتظاهر بالحزن عليه عندما لا يهتم حقًا بفصله.

قضايا القياس في مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس

لقد خضعت نظرية وقياس مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس لكثير من التدقيق والنقاش؛ وذلك ربما لأنها تعاملت مع مثل العديد من القضايا الخلافية، حيث تُقاس الفروق الفردية في مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس عادةً باستخدام نسخة من مقياس مارك سنايدر للمراقبة الذاتية للورق والقلم الذي تمت مراجعته واختصاره بواسطة مارك سنايدر وستيف جانجيستاد في عام 1986.

كان هناك بعض الجدل حول ما إذا كانت ثلاثة أو أربعة مكونات تشكل مقياس مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس حيث دفع هذا الجدل الباحثين إلى التمييز بوضوح بين مفهوم المراقبة الذاتية والمفاهيم الأخرى المماثلة لها، وأبرزها الخمسة الكبار المتمثلة في انبساط السمة، ولكن حاليًا المكونات الثلاثة الأكثر شيوعًا التي يتم قياسها بواسطة مقياس مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس هي التمثيل والانبساط والتوجيه الآخر.

هناك جدل آخر طويل الأمد في قياس مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس يتعلق بما إذا كانت هناك فئتان متميزتان من الأشخاص، وهما المراقبين الذاتيين المرتفعين والمنخفضين، أو ما إذا كانت هناك سلسلة متصلة للمراقبة الذاتية، يتجاوز هذا النقاش سمة المراقبة الذاتية إلى الأسس النظرية لعلم نفس الشخصية، ولذلك تم ذكره بإيجاز فقط، بالتالي يميل الباحثين الذين يحققون في مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس إلى اتباع طريقة مارك سنايدر الأصلية في إنشاء ومقارنة الفئات ثنائية التفرع للمراقبة الذاتية العالية والمنخفضة.

تم إجراء الكثير من العمل على مفهوم المراقبة الذاتية في علم النفس في الثمانينيات عندما كان الباحثين يحددون لأول مرة الآثار والقيود المفروضة على هذه السمة، ويستمر البحث ويزيد من صقل وتطبيق فهمنا للرصد الذاتي في ضوء التطورات الحديثة في كل من علم النفس الاجتماعي والشخصي.


شارك المقالة: