مفهوم الوعي الكاذب وتصور الوعي في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم الوعي الكاذب في علم النفس الاجتماعي:

يُعرَّف الوعي الكاذب في علم النفس الاجتماعي بأنه التمسك بمعتقدات خاطئة أو غير دقيقة تتعارض مع المصالح الاجتماعية الموضوعية للفرد وتساهم في الحفاظ على السلوك السلبي بجميع أشكاله وأنواعه أو عدم المساواة الجائرة في المجتمع، حيث أنه وفقًا لهذا الاستخدام فإن الأشخاص المحرومين أي من تكون مكانتهم متدنية أكثر من غيرهم يمتلكون وعيًا زائفًا عندما يؤمنون حقًا بأنهم أقل مرتبة، ويستحقون دورهم الثانوي في التسلسل الهرمي الاجتماعي، أو غير قادرين تمامًا في اتخاذ إجراءات محددة ضد أسباب عدم سعادتهم.

حيث يقال إن أعضاء الجماعة الناجحة يمتلكون وعيًا زائفًا عندما يعتقدون حقًا أنهم متفوقين في السلوك الجمعي خاصتهم، ويستحقون دورهم المتميز في التسلسل الهرمي ودورهم الفعّال، أو أن ما هو جيد بالنسبة لهم مفيد للجميع.

الخلفية التاريخية لمفهوم الوعي الكاذب في علم النفس الاجتماعي:

نشأ مفهوم الوعي الكاذب من الكتابات المبكرة لكارل ماركس، على الرغم من أن مساعده فريدريك إنجلز هو من صاغ هذا المصطلح، حيث أن ماركس أكد على الطابع الوهمي للقيم الأخلاقية والطريقة التي تعمل بها في تفسير الأخلاقيات المتنوعة لإخفاء وتبرير السلوكيات السلبية والمعادية للمجتمع والهيمنة في المجتمعات المختلفة والتي كانت تمس المؤسسات الخاصة بالتعليم، ونشر الأفكار والقيم غير الأخلاقية لها التي تخدم مصالحها الخاصة من أجل الاستمرار.

وهكذا ووفقًا لكارل ماركس وفردريك إنجلز فإن الوعي في ذلك الوقت وفي تلك الإدارة لمعظم أعضاء الطبقة العاملة كان نظريًا على أنه زائف ووعي كاذب، بمعنى أنه يعكس المصالح المتحيزة للمجموعة المسيطرة بدلاً من مصالحها الخاصة في نفس الوقت.

البحث النفسي الاجتماعي على الوعي الكاذب في علم النفس:

اقترح علماء النفس المعاصرين والمتأثرين بالأفكار التي وضعها كل من كارل ماركس وفردريك إنجلز في علم النفس الاجتماعي، أن ماركس ربما قلل من تقدير المدى الذي تلعب فيه العمليات النفسية دورًا في قيادة الناس لقبول وترشيد والتكيف مع الظروف غير العادلة.

أظهرت مجموعة واسعة من الأبحاث في علم النفس الاجتماعي أن أفراد الفئات السعيدة وغير السعيدة غالبًا ما ينخرطون في التعزيز الدفاعي للوضع الراهن أي تبرير النظام الذي يسيرون فيه، وذلك من خلال القيام بذلك، حيث يبدو أنهم يضفون بنشاط في الأداء والسلوكيات المختلفة على النظام الاجتماعي القائم بالقيم الخلاقة والاستقرار.

أنواع مفهوم الوعي الكاذب في علم النفس الاجتماعي:

حدد علماء النفس الاجتماعي والباحثين أنواع من معتقدات الوعي الكاذب أي الخاطئ، حيث تتمثل هذه الأنواع من خلال ما يلي:

1- الإنكار:

يتمثل الإنكار في رفض الوضع الراهن وعدم إدراك الظروف والمواقف التي تؤدي لعدم السعادة، وخاصة لكل فرد يرفض الفشل ويستمر لمواجهة الموقف من أجل الحصول على السعادة والاستقرار.

2- القدرية:

تتمثل القدرية في الاعتقاد بأن تقديم الاحتجاج والشكوى هو عديم الجدوى وأنه من المستحيل تحقيق التغيير المطلوب للفرد أو أعضاء الفريق خاصته، بحيث يتمثل هذا النوع من الوعي الكاذب في رمي جميع الظروف والمواقف غير السعيدة على القدر وأنها لن تتغير.

3- الترشيد:

يتمثل الترشيد في ترشيد التوزيعات غير المتكافئة للأدوار الفردية الاجتماعية، وتقسيم العمل والوظائف في المجتمع باستخدام أنماط محددة وأحكام اجتماعية أخرى، مما يجعل هناك عدم مساواة في الحقوق وفي الأدوار الفردية لكل شخص أو الفريق خاصته.

4- اللوم الكاذب:

يتمثل في الميل إلى إلقاء اللوم الكاذب على الأفراد ذوي الشخصية الضعيفة؛ بسبب سوء حظهم حيث يتمثل اللوم الكاذب في اختلاق الأعذار الكاذبة والسلوكيات السلبية ونسبها لجهات لم تقم بها.

5- الوقوف مع السلوك السيء:

يتمثل الوقوف مع السلوك السيء في التماهي مع السلوك المعادي للمجتمع؛ من أجل تحقيق مصالح شخصية أخرى وإضفاء الطابع المثالي عليه، أو الميل لإيواء التفضيلات لصالح أعضاء الجماعات السيئة.

6- مقاومة التغيير:

تتمثل مقاومة التغيير في رفض أي تحسين أو تطور في المجتمع والرغبة في التمسك بالوضع الراهن حتى عندما تؤدي البدائل الجديدة إلى نتائج أفضل.

مفهوم تصور الوعي في علم النفس الاجتماعي:

يشير تصور الوعي في علم النفس الاجتماعي إلى الإدراك الدقيق لدرجة أنه لا يمكن أن يصل إلى الإدراك الواعي، حيث تم إجراء معظم الأبحاث حول الإدراك اللاشعوري على الإدراك البصري اللاشعوري، على سبيل المثال يمكن للمرء أن تومض الكلمات أو الصور بسرعة كبيرة على شاشة الكمبيوتر بشكل عام أسرع من 10- 15 مللي ثانية بحيث يشعر المُدرك بأنه لا يرى أي شيء على الإطلاق.

بمعنى آخر الأشخاص لا يدركون بوعي الكلمات أو الصور المعروضة، ومع ذلك تتم معالجة هذه المحفزات البصرية دون وعي، ويمكن أن يكون لها تأثيرات موجزة ودقيقة على شعورنا وتفكيرنا، بالإضافة إلى ذلك تم إجراء بعض الأبحاث حول الإدراك السمعي المموه والكاذب، خاصة للتأثيرات النفسية للإدراك السمعي اللاشعوري.

فكرة عتبة في الاستجابة وردود الفعل في تصور الوعي فكرة موضوعية مضللة حيث لا توجد عتبة موضوعية للإدراك الواعي، حيث يعتمد وصول الحافز المقدم لفترة وجيزة إلى الإدراك الواعي على العديد من العوامل المختلفة، بما في ذلك الفروق الفردية، أي أن العتبة هي مجرد شخصية.

تكون تأثيرات الإدراك اللاشعوري صغيرة بشكل عام وليس من السهل إثباتها في الأبحاث المختبرية الخاضعة للرقابة، ومع ذلك هناك عدد قليل من النتائج التي تم إثباتها بشكل معقول، وأبرزها التعرض اللاشعوري مجرد التعرض، حيث يؤدي التعرض اللاشعوري المتكرر لمحفز على سبيل المثال صورة إلى إعجاب المدركين بهذه الصورة أكثر من ذلك بقليل.

تم الحصول على تأثيرات مجرد التعرض للمنبهات التي تم إدراكها لمدة مللي ثانية واحدة فقط، حيث يمكن للأشخاص المدركين إلى حد ما الاستدلال على التكافؤ أي هل هو شيء جيد أم سيء؟ من المنبهات اللاشعورية في اللاوعي، حيث أنه يظهر هذا في البحث عن التصور اللاشعوري للكلمات الموجبة القصيرة مثل الشمس والسلبية مثل الموت.

التصور اللاشعوري مثير للجدل بشكل رئيسي بسبب فكرة الإقناع اللاشعوري، أي أنه الاستراتيجية التي قد يستخدمها المسوقين أو السياسيين للتأثير عمداً على العملاء أو الناخبين بشكل لا شعوري، ففي عام 1957 ادعى جيمس فيكاري أنه زاد من مبيعات الكولا والفشار في إحدى دور السينما في نيوجيرسي عن طريق وميض اشرب كولا و كل فوشار أثناء الأفلام.

ومع ذلك تبين أن هذا كان أسطورة ربما بسبب الاهتمام الإعلامي الذي يتلقاه الإدراك والإقناع الممولين في بعض الأحيان، حيث يعتقد معظم الأفراد أن الإقناع اللاشعوري له عواقب بعيدة المدى ومع ذلك على الرغم من وجود الإدراك اللاشعوري، تظهر الأبحاث أن التأثيرات طفيفة وقصيرة الأجل في العادة، ولا يوجد سبب علمي للاعتقاد بأنه يمكن أن يغير سلوك المستهلك بشكل كبير.


شارك المقالة: