مفهوم تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي:

يشير تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي إلى نزعة نفسية اجتماعية للدفاع عن الوضع الراهن وتعزيزه، أي النظر إليه على أنه جيد وعادل وشرعي ومرغوب، حيث أنه نتيجة لهذا الاتجاه هو أن الترتيبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية القائمة التي تميل إلى أن تكون مفضلة، وبدائل الوضع الراهن يتم التقليل من شأنها، وبالتالي يشير تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي إلى نزعة محافظة بطبيعتها للدفاع عن الوضع الراهن وتبريره لمجرد أنه موجود، وأحيانًا على حساب المصلحة الذاتية الفردية والجماعية.

يتمثل تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي المعروف أيضًا باسم تبرير الأداء في أنه هو نظرية في علم النفس الاجتماعي تقترح أن يرى الأفراد هدفًا أو نقطة نهاية على أنها جديرة بالاهتمام وأكثر ملاءمة إذا عملوا بجد أو بذلوا جهدًا لتحقيقها، يرتبط هذا بمفهوم التنافر المعرفي وهي حالة ذهنية مزعجة تحدث عندما يتم الاحتفاظ بمعتقدات أو فكرتين متضاربتين في نفس الوقت.

إذا لم يكن الهدف مجديًا أو مفيدًا وعمل الفرد بجد لتحقيق الهدف، فسيتم إنشاء الصراع الداخلي للفرد من خلال جماعته الخاصة، تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي يجعل الهدف يبدو أكثر جدارة بالاهتمام ويبرر العمل المبذول لتحقيق الهدف، يبدو هذا أكثر فائدة من الشعور بأن العمل الجاد كان بلا فائدة.

نظرية تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي:

لفهم كيف ولماذا يقبل الناس ويحافظون على النظم الاجتماعية التي تؤثر عليهم كأعضاء مهمين في الحياة سواء أفراد أو جماعات، حيث طور علماء النفس الاجتماعي نظرية تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي، وفقًا لنظرية تبرير النظام يريد الناس تبني مواقف مواتية عن أنفسهم أي أنهم يقومون بتبرير الأنا ومجموعاتهم الخاصة المتمثلة في تبرير المجموعة خاصتهم، ويريدون تبني مواقف مواتية حول النظام الاجتماعي الشامل أي تبرير النظام.

الأهم من ذلك ترى نظرية تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي أن هذا الدافع ليس فريدًا لأعضاء المجموعات المهيمنة، الذين يستفيدون أكثر من النظام الحالي، كما أنه يؤثر على أفكار وسلوكيات أفراد الجماعات التي تضررت منه مثل الفقراء.

دليل على دافع تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي:

لقد وثقت عدة خطوط بحثية الوسائل التي ينخرط بها الأفراد في تبرير النظام، حيث حدد علماء الاجتماع وعلماء النفس العديد من الأيديولوجيات المتميزة، ولكن ذات الصلة لتبرير النظام التي يتبناها أعضاء الجماعات المحظوظة والمحرومة في خدمة ترشيد الوضع الراهن، بما في ذلك الإيمان بعالم عادل، وأخلاقيات العمل البروتستانتية، وأيديولوجيا الجدارة، والسوق العادلة، ومسافة السلطة ومعارضة المساواة أو عدالة التوزيع والمحافظة السياسية.

بالتالي تشير الدلائل إلى أن معظم الناس يريدون تصور السلطات والمؤسسات القائمة على أنها خيرية وشرعية إلى حد كبير، حيث أن الاتجاه السائد، هو أن يثق الناس بقادتهم ويوافقون عليها، ويحد من انتقادها، ويؤمن بعدالة نظامهم، وبالمثل فإن معظم الناس لا يوافقون على الاحتجاج والتغيير الاجتماعي، ومن المفارقات أن هذه الميول على الأقل في بعض الأحيان تكون أكثر وضوحًا لأفراد الفئات المحرومة، الذين سيكون لديهم أكبر استفادة من تنفيذ نظام جديد.

يميل أعضاء المجموعات المحظوظة والمحرومة في علم انفس الاجتماعي إلى استيعاب التفضيلات بين المجموعات التي تعزز وتشرع التسلسل الهرمي الاجتماعي الحالي، حيث أظهرت مئات الدراسات في البحث النفسي التجريبي أن أعضاء المجموعات المحظوظة يميلون إلى إظهار تفضيل الجماعة تفضيلات لنوعهم الخاص، في حين أن أفراد المجموعات المحرومة يظهرون هذا الاتجاه بدرجة أقل بكثير وفي كثير من الحالات يظهرون محاباة خارج المجموعة أي تفضيلات للآخرين الذين هم الأكثر حظًا، لا سيما على تدابير التفضيل الضمنية غير الواعية.

تحافظ محسوبية المجموعة الخارجية بين المحرومين على الوضع الراهن بقبول أشكال عدم المساواة القائمة بدلاً من استبدالها، حيث أظهرت الدراسات أيضًا أن الصور النمطية التوافقية وكذلك التقييمات النفسية تُستخدم للتمييز بين المجموعات المحظوظة والمحرومة بطريقة يُنظر إلى النظام الاجتماعي القائم، مع درجة عدم المساواة المصاحبة له، على أنه شرعي بل وطبيعي.

على سبيل المثال يتم تصوير أعضاء المجموعات ذات المكانة المنخفضة بشكل روتيني من قبل أنفسهم ومن قبل الآخرين على أنهم أقل ذكاء وكفاءة وعمل دؤوب من أعضاء المجموعات ذات المكانة العالية، في الوقت نفسه تؤدي القوالب النمطية التكميلية غير الثابتة أيضًا إلى إظهار المزيد من الدعم للوضع الراهن، بقدر ما تحافظ هذه الصور النمطية على الاعتقاد بأن كل مجموعة في المجتمع تستفيد من النظام الاجتماعي القائم، على سبيل المثال الأفراد الذين يتعرضون لكلمات فقير لكن سعيد أو فقير لكن صادق أو غني لكن بائس.

إذا كان هناك بالفعل دافع جوهري نفسي للدفاع عن الوضع الراهن وتبريره، كما تقترح نظرية تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي، فمن المرجح بشكل خاص أن يظهر الناس أنماط السلوك الإنساني الموصوفة سابقًا عندما تكون شرعية أو استقرار النظام الاجتماعي مهددة، كما وقد أظهرت العديد من الدراسات بالفعل أن هناك زيادات في تأييد المعتقدات والأيديولوجيات المبررة للنظام واستخدام التقييمات والقوالب النمطية للتمييز بين الجماعات ذات الوضع غير المتكافئ ردًا على التهديدات الموجهة إلى الوضع الراهن.

عواقب تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي:

وفقًا للمنظور التحفيزي لنظرية تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي، يرتبط التبرير الناجح للوضع الراهن بتقليل التأثير السلبي وإشباع الاحتياجات المعرفية والوجودية الأساسية، على سبيل المثال الحد من عدم اليقين وإدارة التهديدات المتنوعة لكل فرد في النظام.

ومع ذلك يمكن أن تختلف العواقب طويلة المدى لتبرير النظام في علم النفس الاجتماعي بالنسبة لأفراد الفئات المحظوظة والمحرومة، في حين أن أعضاء المجموعات المحظوظة يعانون من زيادة احترام الذات والرفاهية الذاتية إلى الحد الذي ينخرطون فيه في تبرير النظام، فإن أعضاء المجموعات المحرومة الذين يشتركون في شرعية النظام يعانون من احترام الذات والرفاهية الذاتية ويمتلكون المزيد المواقف المتضاربة حول عضوية المجموعة الخاصة بهم.

قد يكون لتبرير النظام في علم النفس الاجتماعي أيضًا عواقب ضارة على المجتمع ككل، حيث أنه على الرغم من وجود فوائد المتعة المرتبطة بتقليل الجوانب الظالمة والقمعية للحياة اليومية، فإن عمليات التبرير تمنع الدوافع الإنسانية من أجل تغيير وتحسين الوضع الراهن، وبالتالي تقويض الجهود المبذولة لإصلاح مؤسسات المجتمع وإعادة توزيع الموارد الاجتماعية والاقتصادية بطريقة أكثر عدلاً .

من خلال تسليط الضوء على الطرق التي يدافع بها الناس بوعي أو دون وعي عن الوضع الراهن ويعززونه، تساعد نظرية تبرير النظام في علم النفس الاجتماعي في تفسير سبب انتشار الإذعان في مواجهة الظلم ولماذا التغيير الاجتماعي نادر جدًا ويصعب تحقيقه.


شارك المقالة: