مفهوم تماسك المجموعة في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم تماسك المجموعة في علم النفس الاجتماعي:

تماسك المجموعة هو عملية اجتماعية تميز المجموعات التي يتفاعل أعضاؤها مع بعضهم البعض وتشير إلى القوى التي توجه أعضاء المجموعة إلى التقارب، حيث يتم إنجاز الكثير من العمل هذه الأيام في مجموعات تزيد من السلامة والصحة النفسية والجسدية للفرد؛ بسبب توزيع المهام بشكل عادل ومتساوي، حيث أن معظم الناس لديهم تجارب جيدة وسيئة من المشاركة في مثل هذا السلوك الجمعي، ويعد تماسك الجماعة أحد العناصر المهمة التي تؤثر على تجربة العمل الجماعي للفرد.

تمت دراسة تماسك المجموعة أو الفريق على نطاق واسع وحظي بقدر كبير من الاهتمام في علم النفس الاجتماعي، كما يتضح في الدراسات المهمة في المنهج التجريبي في البحث النفسي الاجتماعي، بما في ذلك الرياضة والتعليم والعمل.

أبعاد مفهوم تماسك المجموعة في علم النفس الاجتماعي:

لمفهوم تماسك المجموعة في علم النفس الاجتماعي بعدين مهمين، يتمثلان في البعد العاطفي أو الشخصي وبعد متعلق بالمهمة، ويمكن توضيح كل منهما من خلال ما يلي:

الجانب العاطفي لمفهوم تماسك المجموعة:

تمت دراسة الجانب العاطفي لمفهوم تماسك الجماعة في كثير من الأحيان، الذي يعتبر مشتق من الارتباط الذي يشعر به الأعضاء مع أعضاء المجموعة الآخرين ومجموعتهم ككل، بمعنى مدى رغبة الأعضاء في قضاء الوقت مع أعضاء المجموعة الآخرين، والتطلع إلى اجتماع المجموعة القادم.

بعد تماسك المهام:

يشير تماسك المهام إلى الدرجة التي يشارك بها أعضاء المجموعة أهداف المجموعة ويعملون معًا لتحقيق هذه الأهداف، أي وجود شعور بأن المجموعة تعمل بسلاسة كوحدة واحدة، أم أن الأشخاص المختلفين يسحبون في اتجاهات مختلفة.

العوامل المؤثرة على تماسك المجموعة في علم النفس الاجتماعي:

تقوم كل مجموعة بعملها وأداء مهامها المختلفة من خلال دوافع إيجابية تتمثل في التحفيزات والمكافآت ودوافع خارجية تتمثل في العقوبة الفردية للشخص مثل طرده من الفريق، بالتالي يتمثل مفهوم تماسك المجموعة بعدة عوامل تؤثر به، وفي كثير من الأحيان تعمل هذه العوامل من خلال تعزيز مفهوم وارتباط الفرد بالمجموعة التي ينتمي إليها بالإضافة إلى تنبؤات الفرد حول كيفية تلبية المجموعة لأهدافه الشخصية، ومعرفة الفرد للسلوك الإنساني المطلوب منه تجاه هذه المجموعة، حيث يمكننا توضيح هذه العوامل التي تؤثر في تماسك المجموعة في علم النفس الاجتماعي من خلال ما يلي:

تشابه الأعضاء:

كلما زاد عدد أعضاء المجموعة المتشابهين في الخصائص المختلفة والسمات الشخصية، كان من الأسهل الوصول إلى التماسك في الفريق خاصتهم، حيث أنه من خلال مفهوم الهوية الشخصية في الجماعة الواحدة، وجد أن الناس يشعرون بأنهم أقرب إلى أولئك الذين يرون أنهم مشابهون لأنفسهم في الخصائص الخارجية مثل العمر أو العرق، أو الخصائص الداخلية مثل القيم أو المواقف.

بالإضافة إلى ذلك فإن الخلفية المتشابهة تجعل من المرجح أن يتفاعل الأفراد وجهات نظر متقاربة حول مواقف مختلفة ووضع الأهداف المتجهة نحو ميول وحاجات متوافقة، بما في ذلك أهداف المجموعة وأشكال التواصل ونوع الإدارة المرغوبة، بشكل عام يؤدي التوافق الأكبر بين الأعضاء على أسس ومعايير المجموعة إلى ثقة أكبر وخلاف أقل وزيادة الكفاءة والفاعلية، مما يؤدي بدوره إلى تعزيز تماسك المجموعة الوجداني وتوحيد الوظائف.

حجم المجموعة:

نظرًا لأنه من السهل على عدد أقل من الأشخاص الاتفاق على الأهداف وتنسيق عملهم، فإن المجموعات الأصغر تكون أكثر تماسكًا من المجموعات الأكبر، ومع ذلك قد يتأثر تماسك المجموعة وتوحيد المهام إذا كانت المجموعة تفتقر إلى عدد كافي من الأعضاء لأداء مهامها بشكل جيد بما فيه الكفاية.

صعوبة التسجيل:

تميل أسس أو خطوات التسجيل الصعبة في مجموعة ما إلى تقديمها في مجال أكثر وضوح، حيث أنه كلما ازدادت السمات التي يُنظر إليها على أنها خاصة بفريق معين، زادت مكانة هذه السمات لتكون جزء مهم في تلك المجموعة، وبالتالي زاد حماس الأعضاء للانتماء والبقاء فيها، وهذا هو السبب في أن خريجي الجامعات المرموقة يميلون إلى البقاء على اتصال لسنوات عديدة بعد تخرجهم.

مجموعة النجاح:

نجاح المجموعة يزيد من قيمة عضوية المجموعة لأعضائها ويؤثر على الأعضاء للتعارف بقوة أكبر مع الفريق والرغبة في الارتباط به بنشاط.

المنافسة والتهديدات الخارجية:

عندما يرى الأعضاء المنافسة النشطة مع مجموعة أخرى، فإنهم يصبحون أكثر وعياً بتشابه الأعضاء داخل مجموعتهم ويرون مجموعتهم كوسيلة للتغلب على التهديد الخارجي أو المنافسة التي يواجهونها، حيث أن كل من هذين العاملين يزيدان من تماسك المجموعة.

كان القادة على مدار تاريخ البشرية على دراية بهذا الأمر وركزوا انتباه أتباعهم على النزاعات مع الأعداء الخارجيين عندما كان التماسك الداخلي مهددًا، بالتالي يمكن إحداث تأثيرات مماثلة من خلال مواجهة تهديد أو تحد خارجي موضوعي مثل الكوارث الطبيعية.

خصائص تماسك المجموعة في علم النفس الاجتماعي:

المجموعات المتماسكة لها عدة خصائص تتمثل بالنقاط التالية:

  • يتفاعل الأعضاء أكثر مع بعضهم البعض، وتعمل المجموعات المتماسكة على تطوير مناخ تواصل داعم يكون فيه الناس أكثر راحة في التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم.
  • أعضاء المجموعات المتماسكة أكثر ودية وتعاونًا مع بعضهم البعض من الأعضاء في المجموعات غير المتماسكة، حيث يتحدث أعضاء المجموعات المتماسكة بشكل إيجابي عن مجموعتهم وأعضائها.
  • المجموعات المتماسكة لها تأثير أكبر على أعضائها وتضغط عليهم للتوافق.
  • يكون أعضاء المجموعات المتماسكة أكثر رضا ويعتقدون أن أهدافهم الشخصية والجماعية يتم تحقيقها بشكل أفضل مقارنةً بالمجموعات منخفضة التماسك.

عواقب تماسك المجموعة في علم النفس الاجتماعي:

بالنظر إلى الخصائص التي تميز مفهوم تماسك المجموعة قد لا يكون مفاجئًا أن النتيجة العامة التي ظهرت من دراسة المجموعات المختلفة بما في ذلك الفرق الرياضية ومجموعات العمل هي أن تماسك المجموعة يساهم في عمليات المجموعة الإيجابية، على سبيل المثال مشاركة المعلومات، وفي أداء مهام المجموعات.

من بين أسباب تأثيرات التماسك المعززة للأداء هو الدافع المتزايد للأعضاء لأداء أفضل في المجموعة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى المعايير التي تثبط التساهل الاجتماعي في المشاريع الجماعية.

ويعود سبب تفوق أداء المجموعات المتماسكة هو التزام الأعضاء بمهمة المجموعة، والتي تميل إلى أن تكون أعلى في مجموعات متماسكة، حيث تم العثور بالفعل على التزام أعلى للمهمة يتعلق بأداء مهام أعلى، مما يؤدي لتحسين الاتصال والثقة الذي يسمح للأعضاء بمشاركة معلومات أكثر وأفضل مع بعضهم البعض، وتمكين تجمع موارد أوسع للمجموعة لاستخدامه عند حل المشكلات.

يعتبر الدعم المتبادل الكبير بين أعضاء المجموعات المتماسكة في الأوقات العصيبة يخلق ترابطًا إيجابيًا وطويل الأمد بين أعضاء الفريق، ومن ناحية أخرى في المجموعات ذات التماسك المنخفض تميل النزاعات إلى الحدوث أكثر وتتطور إلى صراعات شخصية مختلة في كثير من الأحيان، مما يثني الأعضاء عن مشاركة المعلومات ومساعدة زملائهم في الفريق.

على الرغم من النتائج الإيجابية للتماسك بشكل عام، هناك حالات نادرة قد لا يساهم فيها تماسك المجموعة في أداء أعلى، حيث توجد إحدى هذه الحالات في المنظمات عندما تتعارض معايير الفرق مع الأهداف التنظيمية، ووجد علماء النفس الاجتماعي أنه عندما يكون مثل هذا التعارض مرتفعًا، فإن زيادة تماسك الفريق يؤدي في الواقع إلى أداء مهام أقل.


شارك المقالة: