تحور الفيروسات

اقرأ في هذا المقال


إن أهم ما يميز الفيروسات هو حدوث تغير في تركيبها الجيني باستمرار، وذلك لتتكيف مع محيطها وتنتقل بشكل أكثر فعالية من عائل إلى آخر، واكسابها سمات جديدة، وقد يصبح الفيروس المتحور أكثر أو أقل تهديداً للعائل البشري أو العوائل الأخرى كالحيوانات والحشرات والنباتات والبكتيريا وغيرها.

ما هو تحور الفيروسات

  • تحور الفيروسات (Viruses mutate): هو حدوث تغير في التركيب الجيني للفيروسات، إما بشكل جزئي أو كلي، وذلك نتيجة حدوث طفرات، أدت إلى تغير في التسلسل الجينومي للحمض النووي للفيروس، مما أدى إلى ظهور سمات جديدة في الفيروس.
  • من أهم السمات الجديدة التي يمكن أن تظهر بعد حدوث تحور للفيروسات: القدرة على الالتصاق بشكل أفضل بسطح خلايا العائل، والتهرب بشكل أفضل من أنظمة المناعة والعلاجات واللقاحات، والمساعدة على التكاثر والتكرار بشكل أسرع.
  • قد تتحور الفيروسات في بعض الأحيان بسرعة كبيرة، وذلك لا يساعدها في تطوير سمات مفيدة للانتقال، ولهذا السبب نرى طفرة فيروسية تبدو وكأنها تظهر ثم تموت.
  • من أهم الأمثلة على الفيروسات المتحورة هو فيروس SARS-CoV-2، وهو الفيروس المسبب لمرض كوفيد 19، والذي قد تحور لعدة متغيرات وهي متحور ألفا و متحور بيتا، ومتحور دلتا، وأحدثها متحور أوميكرون الذي كان السبب في انتهاء هذا الوباء على مدار عامين في العالم.

كيفية حدوث تحور الفيروسات

تحدث عملية تحور فيروس ما في أثناء تكاثره وتكراره لنفسه، وتتم على النحو الآتي:

  • تتكون جميع الفيروسات من مادة وراثية مكونة من DNA أو RNA ، وذلك حسب  الجينوم أو نوع الفيروس.
  •  يغزو الفيروس عائلاً قد يكون إنسان أو حيواناً أو نباتاً أو حتى بكتيريا، ويرتبط بالمستقبلات الموجودة على الخلية، ليتمكن من الدخول  لداخلها.
  • يتم إطلاق المادة الوراثية فقط داخل خلية العائل.
  • قد يتكاثر الفيروس في النواة أو سيتوبلازم الخلية المصابة.
  • يتسلل الحمض النووي منقوص الأكسجين أو الحمض النووي الريبي للفيروس إلى الخلية، حيث ينسخ نفسه، وينتج المزيد من النسخ منه الفيروس.
  • يمتلك كلاً من الحمض النووي  DNA  و RNA آليات مختلفة للتصحيح أو التدقيق، فمن حين لآخر أثناء عملية النسخ  وعندما يتم ترجمة الشفرة الجينية ، فإنه يتم تغيير جزء من هذا الرمز، ويحدث خطأ، أي طفرة.
  • يقوم الفيروس بنسخ نسخ تختلف قليلاً عن النسخة الأصلية، ثم تغادر هذا النسخ الجديدة الخلية، وكل نسخة تقوم بإصابة خلية أخرى، وتتكاثر داخلها وقد يحدث أيضاً أخطاء وطفرات تؤدي إلى تغيرها مرات ومرات.
  • يمكن لعدد كبير من الفيروسات والعوائل أن يفسر سبب تحور الفيروسات بسرعة، ففي كل مرة يكرر فيها الفيروس نفسه في عائل واحد، هناك احتمال ضئيل بحدوث خطأ أثناء الترجمة، وكلما أصب هذا الفيروس عدد أكبر من العوائل، كلما ازدادت فرص الأخطاء والطفرات بشكل كبير، ويكون التغير بالزيادة أو النقصان أو حدوث تبديل أو إزاحة في النيوكليوتيدات، مما ينتج الطفرات، ومتحورات كثيرة، كما حدث في فيروس SARS-CoV2.
  • قدر الباحثون أن طفرة واحدة قد تثبت نفسها في مجموعة سكانية في غضون 11 يوماً، ولكن هناك فيروسات تتحور بشكل أسرع من غيرها بسبب قدرتها على إصابة عوائل أكثر،  فمثلاً يبلغ معدل الطفرات في الافلونزا الموسمية  حوالي 50 طفرة كل عام.

الطفرات الفيروسية

  • الطفرات الفيروسية (Viral mutations): هي حدوث تغييرات في تسلسل الحمض النووي للفيروس إن كان DNA أو RNA، وناتجة عن حدوث أخطاء أثناء عملية التكاثر للفيروس، وعندما تغير طفرة ما جينوم الفيروس، فإنه يُصبح متغيراً جديداً، لأنه يختلف عن الفيروس الأصلي، ويمكن اعتباره سلالة جديدة للفيروس الأصلي.
  • تحدث الطفرة  الفيروسية عندما يكون هناك تغيير في المادة الجينية من النسخة الأصلية العادية أو النوع الفرعي من جينوم فيروس ما، ويمكن أن تكون الطفرة جديدة تماماً، أو ربما حدثت من قبل.
  • إن الفيروسات ليست كائنات حية وتتطلب كائناً مضيفاً للتكاثر، ولذا فإن الطفرة تمنحها ميزة البقاء على قيد الحياة ؛ حيث تصبح النسخة المعدلة في النهاية هي السلالة المهيمنة.
  • غالباً ما تكون التغييرات التي تحدثها الطفرات الفيروسية طفيفة لدرجة أنها لا تغير بشكل كبير طريقة عمل الفيروس، وإذا أضعفت الطفرة قدرة الفيروس على التكاثر والبقاء على قيد الحياة في العائل، فإن الفيروس يموت ببساطة مع الطفرة، وأما  إذا أعطت الطفرة الفيروس ميزة البقاء على قيد الحياة، فإن ذلك يمكن أن يزيد من معدلات انتقال الفيروس.
  • إذا جعلت الطفرة الفيروس المتغير أكثر قابلية للانتقال، وأقل قابلية للإكتشاف بواسطة اللقاحات، وأصبحت أكثر انتشاراً بين العوائل خصوصاً البشر، فإن الفيروس المتغير مؤهل باعتباره أن يكون سلالة جديدة من الفيروس الأصلي.
  • يمكن أن تكون الطفرات الفيروسية خطيرة، خاصة إذا أصبحت أفضل بكثير في التهرب من دفاعات أنظمة المناعة، أو إذا تمكنت من التغلب على العلاجات أو اللقاحات المتاحة.
  • من الأمثلة على الطفرات الخطرة: هو تحور فيروسات الانفلونزا، حيث بدأ العديد منها في التهرب من العلاجات، وأصبح هناك علاجات محدودة فعالة لعلاج العدوى الفيروسية للانفلونزا، لهذا السبب يتم التشجيع على الحصول على لقاح الإنفلونزا؛ لمنع العدوى في المقام الأول، وتجنب خلق سيناريو يمكن أن يحدث فيه المزيد من الطفرات، ومع ذلك تقدم  هذه الفيروسات في كل عام متغيرات جديدة لم يتم تطوير لقاحات من أجلها.
  • نشأت المتغيرات المثيرة في فيروس SARS-CoV-2، بسبب الطفرات التي تسببت في تغييرات في بروتين ارتفاع الفيروس، هذا هو الجزء من الفيروس الذي يربط نفسه بالعائل، مما سهل تحوره بشكل سريع.

أهم ما يجب معرفته عن تحور الفيروسات

  • تتحور فيروسات الحمض النووي الريبي بشكل أسرع من فيروسات الحمض النووي منقوص الأكسجين، والفيروسات أحادية السلسلة تتطور بشكل أسرع من فيروسات ثنائية السلسلة، ويبدو أن حجم الجينوم يرتبط ارتباطاً سلبياً بمعدل حدوث الطفرة.
  • يتم تعديل معدلات الطفرات الفيروسية على مستويات مختلفة، بما في ذلك دقة البوليميراز، وسياق التسلسل، والبنية الثانوية للقالب، والبيئة الدقيقة الخلوية، وآليات النسخ المتماثل، والتدقيق اللغوي، والوصول إلى الإصلاح بعد التكرار.
  • يمكن إدخال أعداد هائلة من الطفرات عن طريق بعض العناصر المولدة للتنوع المشفر بالفيروس، وكذلك عن طريق ديامينازات السيتيدين أو الأدينين المشفرة بالعائل.
  • يتم تحديد التنوع الجيني الفيروسي من خلال عمليات متعددة تعتمد على الفيروس والعائل، وإن معدلات الطفرات الفيروسية يمكن أن تتطور استجابة لضغوط انتقائية محددة.
  • كلما أصاب الفيروس خلايا عائل أكثر، كلما زادت احتمالية حدوث الأخطاء والطفرات، وبالتالي عملية التحور للفيروسات.

شارك المقالة: