ما هي سياسة عدم التدخل؟

اقرأ في هذا المقال


إنها سياسة خارجية تتطلب من الحكام السياسيين تجنب إقامة تحالفات مع دول أخرى، ولكن مع الحفاظ على مستوى الدبلوماسية، أيضاً تجنب شن جميع الحروب التي لا تتعلق مباشرة بالدفاع عن النفس.

لمحة عن سياسة عدم التدخل:

يقوم هذا المفهوم على فرضية أن الدولة لا ينبغي أن تتدخل في السياسات الداخلية لدولة أخرى؛ من أجل الوفاء بمبادئ سيادة الدولة والحق في تقرير المصير وهناك عبارة مشابهة لهذا المصطلح وهي الاستقلال الاستراتيجي، حيث تشمل الأمثلة التاريخية لمناصري سياسة عدم التدخل رئيسي الولايات المتحدة جورج واشنطن وتوماس جيفرسون اللذين أيدوا سياسة عدم التدخل في الحروب الأوروبية مع الحفاظ على ممارسة التجارة الحرة، حيث من بين المدافعين الآخرين عن هذه السياسة السناتور الأمريكي روبرت تاف وعضو مجلس النواب الأمريكي رون بول.

يختلف مصطلح عدم التدخل عن مفهوم الانعزالية، لكن المصطلحين غالباً ما يتم الخلط بينهما، حيث يشير الثاني إلى القومية الاقتصادية (الحمائية) والهجرة المقيدة وبهذه الطريقة يميز دعاة سياسة عدم التدخل سياستهم عن مفهوم الانعزالية من خلال الدعوة إلى إقامة علاقات وطنية أكثر انفتاحاً بما في ذلك الدبلوماسية والتجارة الحرة، حيث إن مفهوم عدم التدخل هو سياسة لا يتم تطبيقها إلا على المستوى الحكومي وبالتالي لا تستبعد التدخل غير الحكومي من قبل منظمات مثل: منظمة العفو الدولية.

يمكن النظر إلى مفهوم عدم التدخل على أنه مصطلح انبثق عن نظام الدول القومية ذات السيادة، والذي تم تأسيسه بموجب اتفاقية وستفاليا لسنة 1648، حيث ينص مفهوم سيادة الدولة على أنه داخل حدود الأرض مع وجود سياسي الكيان وتمثل الدولة القوة المطلقة، بالتالي لا يمكن لدولة تقع أراضيها خارج حدود الدولة التدخل العسكري أو غير ذلك في السياسة الداخلية لتلك الدولة، لذلك من الأفضل مناقشة الأسس النظرية الكاملة لسياسة عدم التدخل من خلال تحليل مبادئ السيادة وحق المجتمعات السياسية في تقرير المصير.

نبذة تاريخية عن سياسة عدم التدخل:

سيطر معيار عدم التدخل على معظم العلاقات الدولية، ويمكن اعتباره أحد الدوافع الرئيسية لإيماءات سياسة عدم التدخل التي اتبعتها الولايات المتحدة في الحربين العالميتين الأولى والثانية، أيضاً عدم تدخل القوى الليبرالية في الحرب الأهلية الإسبانية على الرغم من دخول ألمانيا وإيطاليا، ثم تم ترسيخ هذا المعيار بقوة في القانون الدولي كأحد الأسس المركزية لميثاق الأمم المتحدة الذي أدرج سياسة عدم التدخل كأحد المبادئ الرئيسية التي من شأنها دعم السلام الناشئ بعد الحرب العالمية الثانية.

كان هذا النهج متفائلاً إلى حد ما خاصة بعد بداية الحرب الباردة التي أدت إلى تدخل واسع النطاق في السياسات الداخلية لعدد كبير من الدول النامية كأحد الذرائع المختلفة لسياسات “الثورة الاشتراكية العالمية” و “الاحتواء”.

وباعتماد مثل هذه الذرائع والادعاء بأن هذه التدخلات كانت تهدف إلى منع الأخطار التي تهدد “السلم والأمن الدوليين”، فقد سمح ذلك بالتدخلات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مع عدم قدرة الأمم المتحدة على منع وقف التدخلات أثناء الحرب الباردة بسبب تمسك كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي باستخدام قوة الفيتو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

سياسة عدم التدخل على حسب الدولة:

نيوزيلندا:

في السنوات الأخيرة أصبحت نيوزيلندا إلى حد كبير من مؤيدي سياسة عدم التدخل، ولم تقدم أي دعم عسكري باستثناء الدعم الطبي خلال حرب الخليج الأولى، على الرغم من دفع قوات جوية خاصة خلال الحرب في أفغانستان.

كما تم دفع المهندسين إلى العراق بعد توقف الأعمال العدائية التقليدية للحرب، ففي جزر المحيط الهادئ شاركت نيوزيلندا في التدخلات الإنسانية في جزر سليمان وتيمور الشرقية، مع ذلك كانت هذه التدخلات تدخلات غير قسرية بناءً على طلب البلد الذي تم فيه التدخل وعلى هذا النحو تعرف هذه الأنشطة باسم “حفظ السلام”.

تراجع سياسة عدم التدخل:

في فترة ما بعد الحرب الباردة يمكن الانتباه أن المبادئ الجديدة الناشئة لعمليات التدخل الإنساني تأخذ محل مبدأ عدم التدخل، حيث يرتكز  هذا إلى فكرة أنه بينما تمنح السيادة حقوقاً للدول فإنها تتطلب أيضاً أن تتحمل تلك الدول مسؤولية حماية مواطنيها وهي فكرة تستند إلى نظرية العقد الاجتماعي، ففي ظل هذا التصور يمكن للدول أن تبرر تدخلها في شؤون الدول الأخرى إذا فشلت تلك الدولة في حماية مواطنيها (أو شاركت بنشاط في إيذاء مواطنيها).

المصدر: المرتكزات النظرية في السياسة الدولية، علي زياد العليالسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، محمود أنس العليالجغرافيا البولويتيكية، ضياء عبد المحسن محمدإحتلال العراق: ربح الحرب وخسارة السلام، Ali A. Allawi


شارك المقالة: