أهم الدراسات المنهجية للنيازك في القرن التاسع عشر

اقرأ في هذا المقال


ما هي الدراسات المنهجية للنيازك في القرن التاسع عشر؟

استناداً إلى قبول فكرة سقوط النيازك من خارج الأرض، واكب القرن التاسع عشر تطور في الدراسات المنهجية للحجارة النيزكية، مع قيام علماء وخبراء الكيمياء والمعادن والبلورات مع علماء الجيولوجيا بالاحتفاظ في خمسمئة وخمسين حجراً نيزكياً تلك التي تم تمييزها في القرن التاسع عشر، حيث عملوا بذلك على إدخال دراسة النيازك في سياق تداخل التخصصات.
فالمرحلة الأولى تمثلت في وضع معايير تميز الأحجار النيزكية عن صخور القشرة الأرضية، ولكن نظراً لسقوط كل من رجوم أليه (alais في فرنسا عام 1806) ورجوم ستانرن في مورافيا جمهورية التشيك عام 1808 بالإضافة إلى رجوم شاسينيي في فرنسا عام 1815، قد زاد الأمور تعقيداً والسبب في ذلك أن النيازك الثلاثة (نيزك كوندريتي ونيزك كربوني والنيزك اللاكوندريتي المتمايز بالإضافة إلى نيزك مريخي)، لا يحتوي أي منها على النيكل.
حيث أن عنصر النيكل هو العنصر الكيميائي الذي تمكن من خلاله هارود من تمييز الأحجار النيزيكة عن الصخور الأرضية، فأصبحت قشرة الانصهار التي تتشكل بسبب اختراق النيزك للغلاف الجوي معيار لتمييز النيازك، وبذلك فإن الاعتراف بانحدار النيازك من خارج الكرة الأرضية والتنوع الكبير في أصناف النيازك صار مسألة ذات تمييز سهل حيث تم طرحها بنفس الصيغة المستعملة اليوم.

التركيب الكيميائي للنيازك الحجرية:

يعتبر تعيين التركيب الكيميائي الذي يخص الأحجار النيزكية موضع بحث ذو شأن عظيم ويرتبط بمستجدات الكيمياء التحليلية والعضوية وغير العضوية أيضاً، أي أن نسبة القلويات (عنصر البوتاسيوم أو عنصر الصوديوم) وعملية فصل النيكل والكوبالت مع مراعاة حالات الأكسدة بأنواعها المختفة تعتبر جميعها صعوبات واجهت الكثير من المحللين مثل فولكين أو برزيليوس أو برثيلو.
فخلال عام 1834 كان برزليوس هو أول من قام بدراسة الكيمياء ودراسة المعادن معاً مما أتاح في السنوات اللاحقة تطور وتقدم تصنيف مناسب للنيازك لا غنى عنه أمام عددها المتزايد، وخلال عام 1840 تم اقتراح تصنيف للنيازك والذي اقترحه العالم بول باترتش وهو أمين مجموعة الأحجار النيزكية في متحف التاريخ الطبيعي في فيينا (النمسا).
إذ عمل بول على تمييز أصناف حديد الحجارة النيزكية ضمن عدد من الأحجار وقام بعزل لمجموعة فرعية عادية وأخرى كانت غريبة تحتوي على نيزك شاسينيي (الذي يتم دراسته ومتوقع الكشف عن أصله بعد مائة وأربعين عاماً)، بالإضافة إلى حجرين نيزكيين من النوع الكوندريتي الكربوني كانا معروفين حينها وهما نيزك أليه ونيزك كولد بوكيفلد.
وأثناء عام 1863 قام غوستاف روز بطرح تصنيف آخر أكثر تفصيلاً معتمداً بذلك على مجموعة النيازك التي تخص متحف المعادن في جامعة برلين (شملت على 153 عينة)، وقام روز بالتمييز بين أنواع حديد الصخور من خلال اقتراح ثلاثة مجموعات فرعية لأنواع الحديد وسبع مجموعات فرعية للحجارة، مع العلم أنه قام بتقديم بعض المجموعات الحديثة مثل البلازيت ومجموعة الهاورديت أو الميزوسيديريت.
كما أن غوستاف روز قام بإطلاق اسم chondre ( وهو عبارة عن مصطلح من اللغة اليونانية ويعني ذرة صغيرة من الرمل أو من البخور)، على كريات السيليكات الصغيرة تلك التي قام بورنون باكتشافها، بالإضافة إلى ذلك قام باقتراح مجموعة من النيازك الكوندريتية وهي النيازك التي تكون غنية بحبيبات السليكات.
كما أن غابرييل أوغوست دوبريه (وهو رئييس قسم الجيولوجيا في متحف التاريخ البيعي بباريس من عام 1861 إلى عام 1884، قام بعرض تصنيف للنيازك في عام 1867 معتمداً على نسبة وتوزيع مكون الحديد الفلزي، لكن تصنيف دوبريه (وهو ذو شبه كبير مع تصنيف روز) لم يستمر بعد رحيل مؤلفه، ومن الممكن أن السبب هو ما كان فيه من إفراط كبير لاستعمال المصطلحات الهلنستية.
لكن التاريخ كان وفياً جداً ببحوث دوبريه التجريبية التي تخص الأحجار النيزكية، حيث من الممكن أن يعتبر أحد مؤسسي علم الكيمياء الكونية التجريبية التي لا تزال قائمة في فرنسا، كما هو الحال في معهد أبحاث الصخور وكيمياء الأرض في نانسي فرنسا (nancy فرنسا).
لكن علماء المعادن والصخور والبلورات المعدنية ما زالوا يعملون على تمييز أنواع جديدة من المعادن ويفهمون مكونات الرجوم بأسلوب منهجي، والذي ساعدهم على ذلك هو المجهر الصخري المستعمل بشكل منهجي في مجال الجيولوجيا منذ نصف القرن التاسع عشر، والذي يسمح في دراسة بنية الصخور الدقيقة.
وقد تميز هنري كلفتون سوربي عن غيره في هذا المجال بشكل كبير، حيث أنه قام بتعريف الكريات الكونديولية على أنها مكون خاص جداً في النيازك (لا توجد في الصخور الأرضية)، كما قام بمقارنة الكريات الكوندريولية مع قطرات النار المتجمدة، وعرض في مقالاته من عام 1866 إلى عام 1877 فرضية تشكلها في السديم الشمسي القريب من الشمس.


شارك المقالة: