ما هي التراكيب الاختراقية غير التكتونية؟
يطلق اصطلاح الصخور الاختراقية أو الصخور المخترقة أو المخترقات من وجهة النظر العلمية الصحيحة على الصخور التي تزيد حجماً أو تتحرك بطريقة ما إلى الأعلى، وهي في الحالة الصلبة تعمل على زحزحة وحركة الطبقات التي تعلوها، والاصطلاح الإنجليزي منحوت عن فعل اغريقي قديم هو (diaperein) والذي يعني يخترق أو يثقب.
تتحرك هذه الصخور إلى الأعلى نتيجة لقابليتها للطفو، حيث أنها تكون أقل كثافة من الصخور المحيطة، ومن أشهر الصخور التي يمكن أن يطلق عليها صخور اختراقية (مثل صخور المتبخرات وبخاصة الملح (الهاليت) والطين والطفل).
ومن الجدير بالذكر أن ظاهرة القابلية للطفو أو عملية الاختراق هي الطريقة التي تتكون بها قباب النايس في المستويات الدنيا من قشرة الأرض، ويعتقد بعض العلماء أن عملية الاختراق في الصخور النارية تتم في الجزء العلوي من وشاح الأرض أو في الجزء السفلي من القشرة، وهي من الخصائص المميزة التي تعرج بها الصهارة أو الماجما للأعلى.
ومن أحد أهم التراكيب الاختراقية المعروفة هي القباب الملحية لما لها من أهمية اقتصادية كبيرة كمصدر للملح والكبريت والبترول.
أماكن تواجد التراكيب الاختراقية:
من أشهر الأماكن التي تحتوي على مئات من القباب الملحية (أشهر أنواع التراكيب الاختراقية) هي المنطقة التي تقع على ساحل خليج المكسيك في كل من نيو أورليتر بولاية لويزيانا بالولايات المتحدة الأمريكية (وهذه المنطقة هي التي تأثرت في أغسطس 2005 باعصار كاترينا الشهير، الذي راح ضحيته آلاف الأشخاص، فضلاً عن ملايين النازحين والمشردين ودمر مدينة نيو أورليتر تماماً).
وفي شمال غرب ألمانيا هناك أيضاً عشرات بل مئات من القباب الملحية، وتوجد القاب الملحية كذلك بوفرة في كل من رومانيا وأوكرانيا وايران والجابون والسنغال وغيرها من المناطق، وفي الدروع العربي هناك قباب ملحية شهيرة في منطقة الصليف بالقرب من مدينة الحديدة اليمانية.
وفي مصر توجد القباب الملحية في بعض المناطق من ساحل البحر الأحمر مثل مدينة الغردقة ورأس جمسة، وتمثل القباب الملحية خطورة بالغة على المنشآت والمدن السياحية الموجودة بمدينة الغردقة على وجه التحديد، وبجانب هذه المناطق فإن ثمة نطاقات أخرى مثل النطاق الجنوبي الشرقي من سلسلة جبال زاجروس (في ايران) تلعب فيها القباب الملحية دوراً ميكانيكياً فاعلاً في عمليات الطي والتصدع بسبب خفة حركتها وقدرتها على الطفو.
وفي هذا النطاق على وجه التحديد يمكن تتبع القباب الملحية من صور الأقمار الصناعية لأنها تبدو ظاهرة على سطح الأرض، والأمر العجيب أن القباب الملحية في أغوار الأرض أو على الأعماق لا تحدث سوى بعض الانبعاجات والانثناءات البسيطة، ربما بسبب ثقل العمود الصخري الذي يعلوها، وفي مثل هذه الحالة لا يطلق عليها قباب ملحية وإنما تسمى وسائد ملحية.
كما أن التراكيب الجيولوجية الموجودة على هذا العمق لا يمكن النظر إليها باعتبارها تراكيب اختراقية لعدم قدرة كتل الملح على زحزحة ما يعلوها من وحدات صخرية، ولكن مع ازدياد ونمو القبة الملحية تحدث عملية ضغط وتمدد الصخور العلوية يعقبها عملية تصدع وتشقق ثم أخيراً يملأ الملح هذه التصدعات والتشققات.
معلومات مهمة عن القبب الملحية:
ومن النقاط المهمة التي يجب الإشارة إليها أن عملية التشوه الناجمة في الصخور العلوية والمحيطية بالقبة الملحية عادة ما تكون أقل حدة من التشوه الذي يحدث في القبة الملحية ذاتها، ففي الوقت الذي تتكون فيه بعض الانثناءات البسيطة والطيات المفتوحة في الصخور التي تعلو القبة.
يمكن أن تحدث عملية استطالة كبيرة للقبة باتجاه الأعلى، ويمكن أن تتكون فيها طيات ذات أنماط متعددة ومختلفة (طيات متشابهة الميل وطيات صخرية مقلوبة وشديدة الانسياب والغطس) وصدوع مختلفة وطيات صدعية وميكانيكية التشوه المصاحبة لانسياب وحركة القباب الملحية تشبه إلى حد كبير ميكانيكية التشوه المرنة التي تحدث في الصخور المتحولة عالية السحنة أو عالية درجة التحول.
وفوق بعض القباب الملحية يمكن أن تتكون بعض الأخاديد نتيجة لعملية استطالة القبة لأعلى وتكون مجموعة من الصدوع فوقها، وعندما تقترب القبة الملحية من سطح الأرض يحدث في بعض الأحيان أن تترسب فوق قمتها بعض رواسب المياه الضحلة والتي سرعان ما تتحرك لأسفل لتغطي المنطقة المحيطة بالقمة وذلك عندما يحدث انخفاض مفاجئ نتيجة لتوقف عملية الطفو والانتفاخ والاستطالة في جسم القبة الملحية.
إن فرضية اختراق القبب الملحية تتطلب بعض التعديلات إذا ما حاولنا تطبيقها على بعض المواد التي لها قدرة اختراقية وهي في الحالة الصلبة مثل صخور الطين والطين البركاني، فعلى العكس من صخور المتبخرات (والتي من بينها الملح) والتي تكون أقل كثافة نتيجة لدموجها وقلة نفاذيتها وليس بسبب انخفاض كثافة معدلها.