اقرأ في هذا المقال
ما هي الحركات العمودية في القشرة الأرضية؟
تعرف الحركات العمودية بأنها تشوهات ضعيفة تؤدي إلى تغيير في بنية الصخر، كما لا يحدث أي تطاول أو تقصير فيه، وإنما هي عبارة عن تحركات عمودية تحدث في المعطف العلوي، وبشكل عام فإنه من الصعب كشفها بالملاحظة المباشرة للصخور ولذا فغالباً ما تهمل هذه الحركات العمودية في الدراسات البنيوية، ولكن هذا الإهمال لا يمكن تبريره وبخاصة أنها تلعب دوراً أساسياً في شكل التضاريس.
ومن غير الممكن دراسة منشأ الأشكال وآلية هذا المنشأ دون أخذها بعين الاعتبار والتعرض لها، ولهذا فإن الحركات العمودية تطرح نفسها كنوع خاص من التكتونيك الذي يعتمد في طرقه على التحليل الجيومورفولوجي، هذا الأمر قد يتطلب نوعاً من التعاون بين المورفولوجيين والجيولوجيين.
من جهة أخرى وبما أنه يسهل دراسة الحركات العمودية إذا كانت الحركات أكثر حداثة فإنه يمكن دراستها بالطرق الخاصة بدراسة الرباعي (Quaternaire)، وباختصار فإن معرفة ودراسة الحركات العمودية وتقدير شدتها تتم بشكل غير مباشر عن طريق معرفة نتائجها وتأثيرها على الأشكال والرسوبات، وهكذا فإن التكتوني يجب أن يتعاون مع الجيومورفولوجي والعكس أيضاً جائز.
إن دراسة الحركات العمودية تدخل ضمن نطاق فرع جديد يهتم بدراسة التكتونيك الحديث أو الحالي هو النيوتكتوني، والذي يكاد أن يقتصر حالياً على دراسة الحركات العمودية محاولاً إعطاء هذه الدراسات صفة كمية، وذلك من خلال تحديد مقدار النهوض أو الهبوط بالمللي متر سنوياً.
وأرقام كهذه يمكن الحصول عليها بمقياس الارتفاع الطبوغرافي بدقة بشكل متتالي ومتباعد مما يعطينا أحياناً فروقاً في الارتفاع للنقطة نفسها من 1 مللي متر إلى 1 سانتي متر لكل سنة، أو من خلال استعمال جهاز قياس الارتفاع (المرفاع)، والذي إذا ما وزع على نقاط متعددة من الأرض يسمح لنا بتحديد الأماكن التي ارتفعت وتلك التي انخفضت.
إن هذه الدراسات التكتونية الحديثة والقياسات التي ترافقها تملك أهمية كبيرة جداً؛ لأنها تسمح وحدها بتحديد التشوهات كمياً وتطورها مع الزمن.
الحركات العمودية الحقيقية في الصفائح القارية:
يصعب غالباً في حالة الحركات العمودية تحديد فيما إذا كانت هذه الحركات هي وليدة تضييق، أم تطاول أو فيما إذا كانت نتيجة لعمليات انضغاط أم تباعد لهذه القشرة الأرضية، ولكن لوحظ أن تشكل الانهدامات وسلاسل الجبال تكون مترافقة عمودية هامة، ويمكن تمييز عدة أنواع من الحركات العمودية، حيث تم دراسة أهم أنواع الحركات العمودية في القشرة الأرضية.
إن جميع الصفائح القارية الثابتة التي تتميز بشكل عام بتوضعات رسوبية شبه أفقية ومسطحات واسعة الامتداد وارتفاعاتها قليلة، تبدي نطاقات حيث توجد تضاريس غير بركانية كبيرة الأبعاد ومتباينة الارتفاع بشكل كبير جداً أحياناً، فعلى سبيل المثال يمكن أن نذكر مجموعة من هذه التضاريس فيما يلي:
- في الركيزة الكندية (اللابرادور بارتفاع 1100 متر)
- في الركيزة الأمريكية الجنوبية يوجد كتلة الغويان بارتفاع 2800 متر الواقعة شمال الأمازون وكذلك المسطح البرازيلي بارتفاع 2800 متر.
- في الركيزة الأفريقية توجد كتلة الهوغار بارتفاع 3000 متر وغيتا العليا بارتفاع 1900 متر والكاميريون بارتفاع 2000 متر وبخاصة تضاريس أفريقيا الجنوبية التي تصل حتى 3600 متر في سلسة دراكنسبرغ.
- في الركيزة الأوروبية توجد الكتلة السكندينافية بارتفاع 2400 متر والهيغلاند بارتفاع 1300 متر في اسكوتلندا.
- في الركيزة السيبيرية توجد التضاريس السيبيرية المركزية بارتفاع 1700 متر والمسطحات الضخمة الممتدة من منغوليا حتى تكلا ماكان بارتفاع يتراوح بين 1000 متر إلى 3000 متر.
- في الركيزة الأسترالية توجد فيها التضاريس الغربية بارتفاع 1200 متر والتضاريس المركزية بارتفاع 1500 متر والجانب الشرقي بارتفاع 2300 متر.
عندما تحفظ الرسوبات الحديثة فإنها تأخذ أشكالاً قببية ذات أبعاد كبيرة (غالباً أكثر من 1000 كيلو متر) ولكنها قليلة الانحناء، هذه التقببات عندما تتعرض لعمليات التعرية فإنها تعطي تضاريس لا يمكن القول عنها أنها سلاسل جبلية وإنما هي تجدد لسلاسل جبلية قديمة، مما يسمح بدراستها ضمن شروط جديدة نظراً لتكشفها.
مما يعني أنه بفضل تضاريس كهذه يمكن بسهولة دراسة الكاليدونية في سكوتلندا وكذلك السلاسل البريكامبيرية في أفريقيا أو في البرازيل والتي هي معروفة بشكل جيد الآن.
من الممكن أن نميز بين حركات ناهضة أو موجبة من خلال تشكل التضاريس وبين حركات هابطة أو سالبة من خلال تشكل المنخفضات الرسوبية التي تملأ برسوبات تكون أكثر سماكة كلما كانت الحركات السالبة هي الأكثر شدة ولكنها لا تتجاوز 5 كيلو متر غالباً، فعلى سبيل المثال حوض الأمازون هو عبارة عن منخفض ضخم وأيضاً حوض الألب في سيبيريا، حيث سماكة الرسوبيات فيه تصل إلى 3500 متر.
من المحتمل أن تكون هذه الحركات قد حدثت على امتداد الأحقاب الجيولوجية وأثرت على عمليات الترسيب القاري أو البحري عندما كان يغمرها الطغيان، وهذا التأثير يكمن في تغيرات السحنة والسماكات.