ملاحظات من الأرض عن كوكب نبتون

اقرأ في هذا المقال


كيف تم اكتشاف كوكب نبتون من الأرض؟

نبتون هو الكوكب العملاق الوحيد الذي لا يمكن رؤيته بدون تلسكوب، حيث يبلغ حجمه الظاهر 7.8 وهو ما يقرب من خُمس سطوع أضعف النجوم المرئية بالعين المجردة، وبالتالي فمن المؤكد إلى حد ما أنه لم تكن هناك ملاحظات لنبتون قبل استخدام التلسكوبات، ويُنسب إلى جاليليو باعتباره أول شخص رأى السماء باستخدام تلسكوب في عام 1609، إذ تشير رسوماته التخطيطية من سنوات قليلة لاحقة والتي تم رسم أولها في 28 ديسمبر 1612 إلى أنه رأى نبتون عندما مر بالقرب من كوكب المشتري، ولكنه فعل ذلك من دون أن يتعرف عليه ككوكب.

تطورات اكتشاف كوكب نبتون عند علماء الفلك:

  • في عام 1766 لاحظ يوهان دانيال تيتيوس من ألمانيا أن الكواكب المعروفة آنذاك شكلت تقدماً منظماً على مسافة متوسطة من الشمس يمكن التعبير عنها كمعادلة رياضية بسيطة، في الوحدات الفلكية (AU متوسط ​​المسافة بين الشمس والأرض)، تبلغ مسافة عطارد 0.4 تقريباً، ومسافات كوكب الزهرة والأرض والمريخ والمشتري وزحل تقارب 0.4 + (0.3 × 2n)، حيث n تساوي 0 ،1 ،2 ،4 ،5 على التوالي للكواكب الخمسة.

نشر عالم الفلك الألماني يوهان إليرت بود القانون في عام 1772 في كتاب علم الفلك التمهيدي الشهير مقترحاً، وهو أن الثلاثة المفقودة في التقدم قد تشير إلى وجود كوكب لم يتم اكتشافه بعد بين المريخ والمشتري.

  • أعجب بعض علماء الفلك بالنجاح الظاهري لقانون بودي لدرجة أنهم اقترحوا اسم (Ophion) للكوكب الكبير الذي أخبرهم القانون بأنه يجب أن يقع خارج أورانوس في الحالة n = 7 على مسافة (38.8 AU)، بالإضافة إلى هذا التنبؤ الذي لا أساس له علمياً، قدمت ملاحظات أورانوس دليلاً فعلياً على وجود كوكب آخر، ولم يكن أورانوس يتبع المسار الذي تنبأت به قوانين نيوتن للحركة وقوى الجاذبية التي تمارسها الشمس والكواكب المعروفة.

علاوة على ذلك هناك أكثر من 20 مشاهدة مسبقة للاكتشاف لأورانوس يعود تاريخها إلى عام 1690 لا تتفق مع المواضع المحسوبة لأورانوس في الوقت المحدد الذي تم فيه إجراء كل ملاحظة، يبدو من الممكن أن جاذبية كوكب غير مكتشف كانت تزعج مدار أورانوس.

  • في عام 1843 بدأ عالم الرياضيات البريطاني جون كوش آدامز دراسة جادة لمعرفة ما إذا كان بإمكانه التنبؤ بموقع كوكب أبعد من شأنه أن يفسر الحركات الغريبة لأورانوس، أرسل آدامز نتائجه إلى عالم الفلك الملكي (جورج بي إيري) في مرصد غرينتش، لكن يبدو أنها لم تكن دقيقة بما يكفي لبدء بحث موجز إلى حد معقول عن الكوكب الجديد، في عام 1845 بدأ أوربان جان جوزيف لو فيرييه الفرنسي غير مدرك لجهود آدامز في بريطانيا (دراسة مماثلة خاصة به).
  • بحلول منتصف عام 1846 أعرب عالم الفلك الإنجليزي (جون هيرشل نجل ويليام هيرشل) عن رأيه في أن الدراسات الرياضية الجارية يمكن أن تؤدي إلى اكتشاف كوكب جديد، اقترح إيري مقتنعاً بحجج هيرشل إجراء بحث على أساس حسابات آدامز لجيمس تشاليس في مرصد كامبريدج، بدأ تشاليس فحصاً منهجياً لمنطقة كبيرة من السماء تحيط بالموقع المتوقع لآدامز.

كان البحث بطيئاً ومملاً لأن شاليس لم يكن لديه خرائط تفصيلية للنجوم الخافتة في المنطقة التي تم توقع الكوكب الجديد فيها، حيث كان يرسم مخططات للنجوم التي لاحظها ثم يقارنها بالمنطقة نفسها بعد عدة ليالٍ لمعرفة ما إذا كان أي منها قد تحرك.

واجه(Le Verrier) أيضاً صعوبة في إقناع علماء الفلك في بلاده بأن البحث التلسكوبي للسماء في المنطقة التي توقعها للكوكب الجديد لم يكن مضيعة للوقت، في 23 سبتمبر 1846 أرسل نتائجه إلى عالم الفلك الألماني يوهان جوتفريد جالي في مرصد برلين، تمكن جالي ومساعده هاينريش لويس داريست من الوصول إلى خرائط النجوم التفصيلية للسماء التي تم إنشاؤها بعناية للمساعدة في البحث عن كويكبات جديدة، وحدد جالي ودارست نبتون كنجم مجهول في الليلة نفسها وتحققوا في الليلة التالية من أنه قد تحرك بالنسبة إلى النجوم الخلفية.

يرجع الفضل في اكتشاف نبتون في النهاية إلى كل من آدامز ولو فيرييه، على الرغم من أنه من المحتمل الآن أن مساهمة آدامز كانت أقل جوهرية مما كان يعتقد سابقاً، ومع ذلك فمن المناسب أن سادت في النهاية الممارسة التقليدية المتمثلة في استخدام أسماء من الأساطير القديمة للكواكب، إن اكتشاف نبتون أخيراً أوقف قانون بود.

ملاحظات لاحقة من الأرض عن كوكب نبتون:

عانت الملاحظات الأرضية لنبتون قبل تحليق فوييجر 2 بشكل كبير نتيجة المسافة الهائلة للكوكب من الأرض والشمس، متوسط ​​نصف قطرها المداري البالغ (30.1 AU) يعني أن ضوء الشمس يصل إلى أقماره وغلافه الجوي العلوي بالكاد يبلغ 0.1 بالمائة مثل سطوعه على الأرض، لا يمكن للمشاهدة التلسكوبية لنبتون قبل فوييجر من خلال السماكة الكاملة للغلاف الجوي للأرض أن تحل ميزات أصغر من حوالي عُشر قطر نبتون حتى في ظل أفضل ظروف المراقبة.

ركزت معظم هذه الملاحظات على تحديد حجم نبتون وكتلته وكثافته والمعلمات المدارية والبحث عن الأقمار، في أوائل القرن الحادي والعشرين عملت تقنيات قياس التداخل المتخصصة بشكل روتيني على تحسين الاستبانة المكانية للأجسام البعيدة بعوامل تتراوح من 10 إلى 100 مقارنة بالرصدات السطحية السابقة.

أفاد علماء الفلك من وقت لآخر برؤية علامات بصرية في الغلاف الجوي لنبتون، ولكن ليس حتى استخدام كاميرات عالية الدقة للأشعة تحت الحمراء ذات الشحنة المزدوجة (CCD) في الثمانينيات يمكن تكرار هذه الملاحظات مع اتساق كافٍ للسماح بتحديد فترة دوران تقريبية لنبتون، وكشفت الملاحظات الطيفية من الأرض عن وجود الهيدروجين والميثان في الغلاف الجوي للكوكب، وبالمقارنة مع الكواكب العملاقة الأخرى كان من المتوقع أيضاً وجود الهيليوم، كشفت دراسات الأشعة تحت الحمراء والمرئية أن نبتون لديه مصدر حرارة داخلي.

بحلول منتصف التسعينيات كان تلسكوب هابل الفضائي (HST) الذي يعمل بكامل طاقته يسمح بجمع الصور والبيانات الأخرى المتعلقة بنبتون خارج تأثيرات الترشيح والتشويه في الغلاف الجوي للأرض، كما نجح تلسكوب سبيتزر الفضائي الذي يدور حول الأشعة تحت الحمراء في تصوير نبتون بدقة أعلى بكثير من تلك المتوفرة على سطح الأرض في الثمانينيات.

بالإضافة إلى ذلك طور علماء الفلك تقنيات لتقليل تأثيرات تشويه الغلاف الجوي من المراقبة الأرضية، أكثرها نجاحاً تلك المعروفة باسم البصريات التكيفية، والتي تعالج باستمرار المعلومات من صور النجوم بالأشعة تحت الحمراء وتطبقها على الفور تقريباً لتصحيح شكل مرآة التلسكوب وبالتالي تعويض التشوه، نتيجة لذلك تحقق التلسكوبات الأرضية الكبيرة بشكل روتيني دقة أفضل من تلك الخاصة بـ (HST)، تسمح صور نبتون التي تم الحصول عليها باستخدام البصريات التكيفية بدراسات هذا الكوكب البعيد بدقة تقترب من تلك الموجودة في لقاء فوييجر 2.


شارك المقالة: