أساليب الإرهاب الدولي

اقرأ في هذا المقال


كظاهرة إنسانية، يتغير الإرهاب مع تسارع الخدمات الاجتماعية والتكنولوجية التي أحدثتها عملية العولمة، لذلك فإن تطور ظاهرة الإرهاب له علاقة إيجابية بالتغيرات التي حدثت في النظام الدولي المعاصر. ووفقًا لنظرية “النظام العالمي الجديد” يمكننا تتبع تحول الإرهاب في القرن الماضي من خلال ما يسمى بـ “المركز” و “المحيط”، حيث تكوَّن أنشطة المنظمات والجماعات الإرهابية من محيط المركز، وهذا يتطلب إعادة تعريف الإرهاب من مجرد كون الفرد طرفًا في مشكلة إلى المركز.

أشكال الإرهاب الدولي:

كانت هناك محاولات عديدة للتمييز بين أنواع الأنشطة الإرهابية، ونظرًا لوجود العديد من الجماعات والمنظمات التي تمارس أنشطة إرهابية حاليًا، فمن الصعب وجود نظرية واحدة يمكنها أن تفسر بوضوح أو تميز بين الأنواع المتغيرة للإرهاب. ومن الأمثلة المعروفة لنوع الإرهاب أو صورته النمطية انتقاده في أدبيات الإرهاب بحجة عدم الاكتمال، فهو يقترح ثلاثة أنواع من الإرهاب: الإرهاب الثوري، الإرهاب شبه الثوري والإرهاب المؤسسي.

الإرهاب الثوري:

هو النوع الأكثر جدلاً بين منظري الإرهاب، ولكن في عصر العولمة لا يزال الإرهاب الثوري هو النوع الأكثر شيوعًا. وفي هذه الفئة، يمكننا تضمين معظم المنظمات والتنظيمات الإرهابية التي تنشط في التاريخ، وتعتبر هذه المنظمات إرهابًا “فاعلين تابعين للدولة”. وبقدر ما يتعلق الأمر بأهداف مرتكبي الأعمال الإرهابية، فإن ما يميز هذا النوع من الإرهاب هو أن الجناة يهدفون إلى القضاء على بنية النظام السياسي القائم واستبداله بنظام وبنية أخرى.

وعلى مدار تاريخ الإرهاب، تشمل الأمثلة النموذجية لهذا النوع: الجيش الجمهوري الأيرلندي، واللواء الأحمر الإيطالي، واللواء الأحمر الألماني، حيث اختفت معظم هذه المجموعات حديثاً. أما بالنسبة للجماعات الشمولية أو ما يسمى بـ “حقوق الاستبدال” النشطة حاليًا في أوروبا والولايات المتحدة، يعتقد بعض الفقهاء أنه من الصعب وضعها في هذه الفئة؛ لأنه لا يتضح من أدبيات هذه الجماعات أنها تسعى صراحة إلى القضاء على النظام السياسي الحالي واستبداله، لكن من الواضح أنها تسعى بكل الوسائل للتأثير على سلوك الأوامر القائمة.

الإرهاب شبه الثوري:

الإرهاب شبه الثوري: هو نوع أقل انتشاراً، ويتميز بأنه ليس مصممًا للقضاء على بنية النظام المفعل، ولكن لتعديل سلوك النظام القائم. ولذلك، من الصعب جدًا على أتباع الإرهاب تتبع وتميز هذا النوع من الإرهاب. ومن بين أمثلة قليلة في هذا الصدد، حيث يمكن للمرء أن يذكر أنشطة المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا للقضاء على نظام الفصل العنصري.

الإرهاب المؤسسي:

الإرهاب المؤسسي: وهو الأكثر تهييج للجدل، وهو الذي يسمى إرهاب الدولة أو الفاعلين في أدبيات الإرهاب، وهو إرهاب تعتنيه الدولة وتستعمله؛ لتحقيق غاياتها السياسية لصالحهم، سواء كانت لمواطنيهم أو مؤسساتهم، أو لحكومات ومجموعات أجنبية أخرى. وهذا النوع من الإرهاب شائع جدًا، ولكن؛ نظرًا لأن رعاية الدولة للإرهاب سرية للغاية، فمن الصعب التمييز بينها، وبالتالي يصعب العثور عليها أو إثباتها حتى لو تم التحقيق فيها وملاحقتها بشكل قانوني.

وهناك الكثير من الأمثلة في التاريخ بما في ذلك إرهاب جوزيف ستالين ضد الشعب السوفيتي خلال الحرب الباردة، حيث دعم الاتحاد السوفيتي العديد من الجماعات في العالم في منافسة مع الولايات المتحدة والغرب، مقابل دعم الولايات المتحدة للعديد من الجماعات الإرهابية في آسيا في الثمانينيات، خاصة في أفغانستان وأمريكا اللاتينية مثل “التحالف الوطني من أجل الاستقلال التام لأنغولا”، وكذلك إيران وسوريا ودول إسلامية أخرى قدمت دعمًا لوجستيًا لبعض الجماعات الإسلامية لمهاجمة إسرائيل ودولهم.

أنواع الإرهاب الدولي:

يعتمد أنواع الإرهاب على معايير الجاني (المنفذين)، فيما يتعلق بمن يرتكبون الأعمال الإرهابية، وينقسم الإرهاب إلى ثلاثة أنواع وهما: (إرهاب الدولة، إرهاب الأفراد، إرهاب الأطراف الفاعلة من دون الدولة)، وفيما يلي توضيح مبسط لكل منهما:

أولاً: إرهاب الدولة:

حيث التعريف والتحليل، يعتبر هذا النوع من الإرهاب الأكثر تعقيدًا وإشكالية، وقد تم تطوير أسلوب الإرهاب هذا خلال ثورة الربيع العربي، وتمارسه العديد من الدول والأنظمة لقمع الإرهاب. ويكمن خطر تنفيذ أجهزة الدولة لهذا الإرهاب في قدرتها على فرض الإرادة من خلال العنف المفرط والوسائل القسرية، وقد استخدمت إسرائيل هذا الإرهاب لتأسيس كيانها الخاص في فلسطين.

ثانياً: إرهاب الأفراد:

على الصعيد الشخصي، قد يكون لدى بعض الأشخاص قوة بدنية خارقة أو أسلحة فتاكة، فيخيفون الناس ويبتزونهم، وقد يرتكب البعض الإرهاب ضد الدولة أو ضد أنواع معينة من الأثرياء، وهو الأكثر اعتدالاً من أنواع الإرهاب التي يمكن القضاء عليها باعتقال مرتكبيه أو قتلهم أو إصلاحهم. وبما أن هذه الظاهرة تافهة مقارنة بالأشكال الأخرى، فإنها لم تحظ باهتمام كبير من الباحثين؛ لأن مرتكبي هذا النوع من الإرهاب لا ينطلقون من أهداف أيديولوجية أو سياسية، ولا يسعون لتغيير هيكل الدولة أو سلوكها.

ثالثاً: إرهاب الأطراف الفاعلة من دون الدولة:

منذ الهجوم على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001، حولت النظرية السياسية، وخاصة نظرية العولمة، اهتمامها بالإرهاب الجماعي أو الفاعل من غير الدول إلى أقصى حد له بسبب التغييرات العميقة فيه. وهيكل وسلوك الصراعات السياسية في عملية العولمة الحالية، أي أن الدول والجماعات تواجه البلدان، بدلاً من إقامة تحالفات دولية بين الدول الأخرى، وأصبحت تحالفات اليوم أهدافًا مثل القاعدة أو الدولة الإسلامية.

وفي التقرير السنوي لعام 2019 حول اتجاه الإرهاب العالمي والتنظيمات الإرهابية (حسب تصنيف وزارة الخارجية الأمريكية) الصادر عن مكتب مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية الأمريكية في وسائل الإعلام، ما مجموعه 68 منظمة إرهابية أو أخطر منظمة في العالم تم رصدها على أنها قواعد التنظيم.

ويختلف عدد هذه المجموعات من إحصائية إلى أخرى حسب الوقت أو المؤسسة التي تقوم بعملية المراقبة، وذلك لوجود مؤسسات ومراكز بحثية تقوم بهذه العملية. وعلى الرغم من أن العديد من الجماعات تعتبر اليوم من آثار الحرب الباردة، لكن التقرير يتفهم بوضوح كيف تتعامل الجهات الحكومية مع ظاهرة الإرهاب، ولعبت وجهات النظر السياسية للمركز والأحزاب دورًا في تحديد من هو الإرهابي وتعريف الإرهاب.

وتاريخياً، كان هناك عدد من المنظمات القوية المسلحة لتحقيق أهدافها، وأشهرها جيش مدينة الباسك في جمهورية إيرلندا، وجيش اللوردات، وتم تأسيسهما في عام 1950، وهما منظمتان (فاشيتان)، ارتكبتا أعمالًا إجرامية (أيديولوجية) وهما قوى يمينية، ولها منظمات إرهابية مرتبطة باليسار، وأشهرها أن اللواء الأحمر تأسس في أواخر الستينيات على أساس أفكار، ومن ضمنه شبكة سرية للأعمال الإرهابية، وجهاز لجمع المعلومات، والتنظيم العمالي المستقل، حيث تجدر الإشارة إلى أنه خلال هذه الفترة، كانت معظم المنظمات الإرهابية عبارة عن إيديولوجيات وتوجهات يسارية.


شارك المقالة: