الاتجاهات المعاصرة لدراسة الأنثروبولوجيا

اقرأ في هذا المقال


الاتجاهات المعاصرة لدراسة الأنثروبولوجيا:

كان لا بد من وجود اتجاهات جديدة ومعاصرة للدراسات الأنثروبولوجية، وذلك لأن الاتجاهات النظرية التي جاءت في القرن التاسع عشر نالت الكثير من الانتقادات، لأنها لم تعتمد على البراهين والحجج العملية والنظرية والواقعية. ولهذا بدأت مع بداية القرن العشـرين تختفي تدريجياً، ليحل مكانها اتجاهات نظرية جديدة لدراسة الثقافات الإنسانية، حيث ركّزت على العلوم الاجتماعية وأسسها وأهدافها.

أقسام الاتجاهات المعاصرة لدراسة الأنثروبولوجيا:

نالت النظرية التطورية التي اتضحت في القرن التاسع عشر، انتقادات كثيرة باعتباره اعتمدت على الحدس والتخمين، ونشر الأحكام غير الصحيحة عن ثقافات الإنسان، دون أن تتحقق من صحتها بالحجج العملية والنظرية والواقعية. ولذلك، بدأت تختفي على فترات مع بداية القرن العشرين، لتحتل مكانها أفكار نظرية مختلفة لدراسة الثقافات الإنسانية، من حيث نشـوؤها ومكوناتها وتطورها. فكان أن اتضحت خلال الربع الثاني من القرن العشرين ثلاثة اتجاهات رئيسية متفاعلة فيما بينها، ركّزت في دراساتها على تناول العلوم الاجتماعية، بأسسها ومنطلقاتها وأهدافها. وهذا ما أسهم بفاعلية في إرساء دعائم علم الأنثروبولوجيا المعاصر.

تنقسم الاتجاهات المعاصرة لدراسة الأنثروبولوجيا إلى قسمين أساسيين هما:

  • الاتجاه التاريخي.
  • الاتجاه البنائي الوظيفي.

الاتجاه التاريخي لدراسة الأنثروبولوجيا:

ينقسم هذا الاتجاه إلى قسمين: الاتجاه التاريخي (التجزيئي)، والاتجاه التاريخي (النفسي)، وسنقدم فيما يلي عرضاً موجزاّ لكلّ منهما:

  • الاتجاه التاريخي (التجزيئي): يستند هذا الاتجاه على مبدأ مهم، وهو أن الـنظم الاجتماعية تستعار وتنقل بشكل كبير من وإلى مكان آخر. واستناداً على ذلك، فإن الـنظم الاجتماعية والتقاليد والعادات المتشابه في المجتمع الواحد أو في المجتمعات المختلفة، لا ينشأ على نحو تلقائي، وإنّما ناتج عن التشابه في الإمكانات الاجتماعية والطبيعية والإنسانية.

وحصيلة هذا الاتجاه الانتشاري بشكل عام، أن الأنثروبولوجيون بدأوا يعتبرون النظم الإنسانية والاجتماعية نظم مستقلّة من حيث النشأة والتطور والصفات الأساسية التي تتميز عن بعضها الآخر. وهذا ما أثبت فكرة تعدد الثقافات واختلاف أنوعها، وأوضح مفهوم النسبية الثقافية التي أصبحت من أهم المفهومات الأساسية في الفكر الأنثربولوجي وتطوره، كعلم خاص من العلوم الإنسانية له منطلقاته وأهدافه.

  • الاتجاه التاريخي (النفسي): لقد نالَ الاتّجاه التاريخي النفسي في الدراسات الأنثربولوجية، أهمية كبيرة في الربع الثاني من القرن العشرين، لأنه جاءَ متزامناً مع مدرسة التحليل النفسي التي أسسها فرويد واستمد منها الأنثروبولوجيون الكثير من المفاهيم النفسية، لتحديد العلاقات المتبادلة بين الفرد وثقافته في إطار المنظومة الثقافية والاجتماعية.

وقد انصب اهتمام أصحاب هذا الاتّجاه، على دراسة الموضوعات التي لها علاقة بالتمييز الثقافي والاجتماعي، بالاعتماد على الميزات النفسية المنتشرة بين الأفراد والجماعات. وتعتبر دراسة بيند كيت، من أهم الدراسات في هذا الاتجاه، حيث بحثت في علاقة الثقافة بالشخصية اليابانية.

الاتجاه البنائي الوظیفي لدراسة الأنثروبولوجيا:

يعتبر الاتجاه البنائي، اتجاهاً ليس جديداً وليس تاريخياً، حيث اهتم بالثقافات الإنسانية بشكل منفصل، من حيث وجودها في مكان وزمان معين، وهذا جعله بعيداً عن الدراسات التاريخية، لأنّه ركز على المعرفة في دراسة الثقافات الإنسانية كظواهر مستقلة، يجب البحث في عناصرها والكشف عن العلاقات القائمة فيما بينها، ومن ثم العلاقات القائمة فيما بينها وبين الظواهر الأخرى.

يُعبر الاتجاه البنائي الوظيفي عن منهج دراسي تم اكتشافه باستخدام المقابلة بين الجماعات الإنسانية والكائنات البشرية، ولم يقتصر الأنثروبولوجيين على استخدامه فقط، وإنّما استخدمه العلماء الاجتماعيين أيضاً من خلال الفحص والتطبيق النظري والتعديل، على يد تلكوت بارسونز، وجورح ميرتون. كما ارتبط أيضاً بالعلوم الطبيعية، ولا سيما علوم الحياة والكيمياء.


شارك المقالة: