انخفاض القوة الشرائية للنقود في الإقطاع السلجوقي

اقرأ في هذا المقال


انخفاض القوة الشرائية للنقود في الإقطاع السلجوقي:

لقد تعرض السلاجقة للعملة النقدية بكونها تعكس سمات الوضع القائم والتي تعتبر إحدى الروابط للأحداث السياسية بالاقتصادية، باعتبار النقود رمز سيادة الدولة إذ أنها تعتبر السلطة الوحيدة القادرة على ضرب العملة وتحديد عيارها ودرجة نقاوتها.

وقد أكدت المصادر على أهمية دور الحكومة في الإشراف على دور وقد أشار الماوردي بهذا الخصوص قائلاً (إذا خلص العبث من غش كان هو المعتبر في النقود المستخدمة والمطبوع منها بالسكة السلطانية الموثوق بسلامة طبعة المأمون من تبديله.

وفي حالة إلغاء مبدأ إشراف الحكومة سوف يؤدي ذلك إلى عرض نقود رديئة وهذا يحدث عادة في حالة الاضطراب السياسي نتيجة السيطرة الأجنبية، فعندما احتل السلاجقة بغداد عملوا على إقامة دور للضرب مستقلة عن دار ضرب الخلافة تأكيداً لسلطتهم السياسية، ففي سنة (453 هجري)، ضرب عميد العراق الدراهم لأول مرة. وكانوا بالنقود التي تضرب خارج دار صرب السلطان السلجوقي وكانت هذه العملية تدر على الخزينة السلطانية مبالغ وفيرة.

ظاهرة النقود الرديئة:

في سنة (521 هجري)،‏ أنشأ السلطان محمود دار الضرب ببغداد وتوعد بالقتل لكل من لم يقبل دينار. وفي سنة (541 هجري)،‏ أنشأ السلطان مسعود داراً للضرب فأمر الخليفة بالقبض على الضراب وساءت العلاقة بينهما وقام السلطان مسعود بالقبض على صاحب الخليفة ولم تهدأ الأمور إلا بعد إطلاق سراحة.

لقد كان من نتيجة أنشأ تلك الدور سيادة ظاهرة النقود الرديئة، وهي النقود غير كاملة الوزن سواء كانت دراهم أم دنانير ونتيجة اضطراب الأوضاع السياسية استطاعت تلك النقود أن تفرض نفسها في السوق التجارية سببت مشاكل عديدة سياسياً واقتصادياً أدى إلى انخفاض القوة الشرائية، بسبب عدم القدرة على استبدال تلك النقود بالسلع المعروضة في السوق وعدم قبول الناس على التعامل بها وانعدام الثقة بها من جهة أخرى، مما أدى إلى الغلاء أحد أسباب التضخم في الوقت الحاضر.

لقد أحدثت النقود الرديئة مشاكل اقتصادية مما جعل الخلافة تتدخل من أجل الحفاظ على الاستقرار العام ففي (486 هجري)، أمر الخليفة المقتدي أنّ تصبح دار الضرب تحت إشرافه مباشرة يديرها موظفون معينون من قبله.

سادت في فترة الاحتلال السلجوقي أنواع من النقود الرديئة فقد ظهر نوع من النقود يُسمى (القراضة) والتي تعني القطع، وهي قطع صغيرة تُستعمل في عمليات البيع والشراء وجرت العادة أن يقوم الناس بقرض أجزاء من الدينار والدرهم وتباع بسعر حجم الذهب والفضة.

وقد نهى الفقهاء والعلماء عن التعامل بالقراضة ولا يجوز أخذها بالخراج لاختلاف وزنه وجواز اختلاطه. فقد ذكر ابن الأثير أنَّ الواعظ العبادي أردشير بن منصور بن الحسين منع من الوعظ في بغداد سنة (486 هجري)،‏ بسبب منعه الناس من التعامل بالقراضة والذي اعتبره نوع من الربا وأخرج من البلد.

وفي سنة (516 هجري)،‏ ضرب الخليفة المسترشد دراهم جديدة وبلغت قيمتها كل عشرة دراهم بدينار وسبب ضربها اضطراب الناس من كثرة التعامل بالقراضة. وهناك نوع آخر من النقود يسمى (البهرج) وهي الدرهم الرديء، والبهرج نوع من الدرهم الرديئة التي تضرب خارج دور الضرب وكانت ترد من الناس والتجار، ويذكر الكرملي أنَّ البهرج ما كان يرده التجار من الدرهه.

هذه النقود تعتبر غير شرعية بسب نقص وزنها من حيث نسبة المعدن من الذهب والفضة أو استبدالها بمعادن أقل قيمة لذلك كانت ترفض تلك النقود من قبل الناس لكونها غير شرعية وظاهرة الغش واضحة فيها. وكانت هذه النقود تُضرب في دار الضرب السلجوقية الأمر الذي جعل الخليفة المقتدي يأمر بضرب الدينار الأميري وأمر بأن لا يتعامل بسواه بسبب كثرة البهرج في أيدي الناس.


شارك المقالة: