تكثر الخرافات لدى أهل القارة السمراء، وذلك لتنوع الثقافات والأديان التي تحل على أرضها، الأمر الذي كان سببًا في وجود الكثير من الخرافات والحكايات الأسطورية في هذه القارة، هنا في هذا المقال سنتعرف على أغرب الخرافات الأفريقية عن قرب.
أثر الخرافات على القارة الأفريقية:
تُعدّ الخرافات والمعتقدات الشعبية الأفريقية من أهم الأشياء التي تميز القارة السمراء بشكل مطلق، ولربما يظهر الأمر مجرد مزحة، غير أنه في الواقع حقيقة مُطلقة ترتكز على الكثير من الأدلة والشهود، فالكونغاماتو على سبيل المثال كائن أفريقي بحت، يتواجد في الكونجو ومالي وغيرها من بلاد جنوب أفريقيا، لكن، بالرغم من عدم وجود ما يُثبت حقيقته، إلا أنه مُتداول بشدة في الأفلام الهوليودية.
إلى جانب ذلك الكثير من الخرافات التي ربما لا أساس لها لكنها وجدت أرضًا خصبة في الترويج وأصبحت تُعامل وكأنها حقيقة، وهذا بالطبع ما انعكس على مكانة القارة الأفريقية وشهرتها بين قارات العالم وذياع صيتها، وإذ نحن بصدد الحديث عن الخرافات وتأثيرها على القارة الأفريقية فلابد من أن نذكر أهمها وأشهرها، وهذا بالضبط ما ستجدونه في السطور الآتية:
الخرافات الأفريقية الأكثر غرابة على وجه الأرض:
لا أحد يعرف على وجه التحديد متى كانت بداية الخرافات الأفريقية، غير أن الخرافات بشكل عام بدأت منذ أن البشرية، وكانت أهم الخرافات وأقدمها هي القول بوجود آلهة من الأحجار قادرة على تغيير حياة البشر ومصائرهم، ومع تناقل هذه الخرافة أصبحت حقيقة، وأصبح الناس يعبدون هذه الأحجار بالفعل، تمامًا كما هو الحال مع كل الخرافات.
وبالطبع الخرافات الأفريقية لا تختلف عن غيرها في شيء، فهي لا تستند إلى وجود حقيقي أو دليل عقلي منطقي، لكنها مع الوقت وكثرة الترديد أصبحت حقيقة وواقعًا يُمارس في مختلف مجالات الحياة، وقد مرت القارة بالعديد من الخرافات المتعلقة بالحيوانات والنباتات والكائنات الغريبة، وفيما يلي أشهر تلك الخرافات التي تستوطن عقول ومخيلة أهل القارة السمراء:
الكونغاماتو:
تُعدّ خرافة طائر الكونغاماتو أهم وأشهر الخرافات الأفريقية على الإطلاق، والكونغاماتو “الطائر الوحش” يتصف بأنه ذي جناحين ضخمين وريش القليل ووجه مُشعر، وبداية الخرافة حوله جاءت بالشك في كونه طائر أم حيوان زاحف، ثم بدأ بعض الناس بالقول إنه قد ظهر في دول جنوب أفريقيا كالكونغو وزامبيا وأنجولا.
وقد انتشر ذكر هذا الحيوان كثيرًا في مطلع القرن المنصرم، حتى بدأ بعض المستكشفين الأوربيين في التوافد إلى المناطق التي يُحتمل وجوده فيها للبحث عنه، غير أن كل الباحثين أكدوا عدم وجود حيوان بهذه المواصفات، عدا عن عالم بريطاني واحد يُدعى “فيرانك ويلاند”، ادعى أنه قد رأى هذا الحيوان في رحلة استكشافية إلى الكونغو عام ألف وتسعمئة واثنين وثلاثين.
لقد تم الأخذ بقول العالم “فيرانك ويلاند” على الرغم من عدم وجود ما يُثبته، إذ كانت الكاميرات في ذلك الوقت منتشرة وكان من الممكن أن يلتقط صورة واحدة على الأقل للتأكيد والتوثيق، يكثر تواجد الكونغاماتو الخرافي -حسبما تقول الأسطورة- بالقرب من المستنقعات والبحار، ويُقال إنه له فصيلة دم غريبة وغير متواجدة في غيره من الكائنات، كما يُقال أيضًا إنه أحد أنواع التنين المُجنح، لكن القول الراجح أنه مجرد خرافة لا أساس لها من الصحة، والدليل على ذلك أنه يتواجد في الأفلام الهوليودية تحت تصنيف الأفلام الخيالية.
جروتسلانج:
جروتسلانج “أفعى كهف العجائب” تتحدث الخرافات الأفريقية كذلك عما يُطلق عليه الأفعى العظيمة، أو كما تُعرف في لغة أهل جنوب أفريقيا جروتسلانج، وهي أفعى غاية في الضخامة تعيش في منطقة ريتشرد فيلد، وتحديدًا في جبل يقع شمال جنوب أفريقيا ويُعرف باسم كهف العجائب، لذلك ليس من الغريب أن يتم وصف كل شيء موجود داخل هذا الكهف بالعجيب، لكن الأمر فيما يتعلق بأفعى الجروتسلانج مُختلف، فقد تمادى حتى أصبح خرافة واهية، تستند على إشاعة تم ترديدها حتى صُدقت.
الخرافة الحقيقية خلف الجروتسلانج تبدأ من القول بأن تلك الأفعى كانت حيوان ضخم غير معروف هويته، كان يقتل في الناس ويتغذى على دمائهم، حتى جاءت الآلهة وتمكنت من قتله أخيرًا وشقته نصفين، النصف الأول أصبح أفعى والنصف الآخر أصبح فيلًا، وفي زمنٍ ما اندمج النصفين مرة أخرى وشكلا الجروتسلانج وأصبح بالشكل الموجود عليه الآن.
لقد قيل كذلك إن كهف العجائب ذلك يوجد فيه الكثير من الكنوز أو على الأقل يحتوي على الألماس، والذي يتواجد في الأصل بشكل كبير في جنوب أفريقيا، غير أنه لم يتمكن أحد من دخول هذا الجبل بسبب كائن الجروتسلانج الذي يحرسه، هكذا تقول الخرافة، ولكن الحقيقة التي رجحها العلماء تختلف عن ذلك كليًا، فهم يقولون أنه لا جود لما يُسمى بالجروتسلانج، وإنما تم ابتداع هذه الخرافة من قِبل سكان منطقة ريتشرد فيلد أنفسهم، وذلك حتى يتمكنوا من المحافظة على كهف العجائب وضمان عدم اقتراب أحد منه للبحث عن الكنوز والألماس، لأنه يُمثل مكانة دينية كبيرة عندهم.
الشجرة الجائعة:
الشجرة الجائعة هي من أغرب الأشجار حول العالم، إذ تُعدّ الخرافة التي تتعلق بما تُطلق عليه الشجرة الجائعة أقصى ما وصلت إليه الخرافات الأفريقية، حيث تقول هذه الخرافة أن دولة مدغشقر القابعة في أقصى أفريقيا تحتوي في غابتها على نوع غريب جدًا من الأشجار، فهذا النوع من الأشجار يُشبه الأشجار التي نعرفها في كل شيء، فهو يُفيد النباتات والإنسان ويتغذى كما كل الكائنات، لكن، عندما يتجاوز مُدة مُعينة في الأرض يتحول إلى كائن آخر تسكنه أرواح شريرة، وهنا تكمن الخرافة.
الخرافة تقول إن الأشجار التي تُصنف من هذا النوع، وبشكل خاص الكبيرة منها، تبقى ملعونة حتى ولو قام الإنسان بقطعها واستخدامها، فمن الممكن على سبيل المثال أن تكون ضمن الألواح الخشبية لسفينة، وفجأة تنقلب السفينة وتغرق مع من فيها إذا شكّت أنه هو المُتسبب في قطعها.
كما أن معظم الذين حاولوا قطعها، كما تقول الخرافة، تم التهامهم وظلوا داخل أحشاء هذه الشجرة، فهي تمتلك أسنانًا وشفاه تمامًا مثل الكائنات الأخرى، وقد قيل أيضًا إنها تُساعد البعض إذا طلبوا منها المساعدة مُقابل مبلغ من المال يحصل عليه من يقوم برعايتها وحراستها، وبالطبع كل ذلك مجرد خرافة، لأن الكثير قد ذهبوا إلى مدغشقر وبحثوا في غاباتها عن مثل هذه الأشجارغي أنهم لم يعثروا على أي شيء، لكن كما أسلفنا الخرافات عادة محببة لدى البشر بشكل عام وسكان أفريقيا خاصة، وإذا أردنا تخصيصًا أكثر فسكان جنوب وشرق أفريقيا هم الأكثر تصديقًا وإيمانًا في مجال الخرافات هذا.
خرافات حول أفريقيا:
كما أن أفريقيا تتميز بوجود الكثير من المعتقدات والخرافات فيها، فهناك كذلك الكثير من الخرافات التي نجدها حول أفريقيا نفسها، والتي هي لا تربطها بالواقع أي صلة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، أن أفريقيا بلاد الفقر الأولى في العالم، وهذا ليس صحيحًا، فهناك في أفريقيا رجال أعمال يمتلكون مناجم من الذهب والألماس ويتحكمون في اقتصاد دولهم، وهناك أيضًا حالة رخاء في بلاد يُتوقع أنها فقيرة، ونجد ذلك في بلدان أفريقية، مثل: غانا ومالي ونيجريا، والواقع أن هذا الفكرة قد نشأت عند البعض بسبب قيام بعض مشاهير العالم من اللاعبين والممثلين بالذهاب إلى أفريقيا والتبرع بأموالهم هناك تحت وصف الفقر.
يُشاع عن أفريقيًا كذلك وصفها بالجهل والتخلف، غير أنها في الواقع ليست جاهلة، والدليل على صحة ذلك أن فيها أكثر من ستة وعشرين عالمًا قد حصلوا على جائزة نوبل من قبل، منهم ستة مصريين، وهذا إن دلّ على شيء إنما يدلّ على أن أفريقيا لا تُصدّر الجهل كما يُشاع، هي فقط تُعاني من وجود بعض المناطق التي ما زالت تُرسي السحر والشعوذة كمنهاج لهم، والخطأ الأكبر الذي يُرتكب هو تعميم ذلك الأمر على القارة الأفريقية بأسرها.
أفريقيا كذلك ليست كلها سوداء، لكن أغلبها فقط، فهناك دول شمال أفريقيا وغيرها من الدول، تمتاز ببياض البشرة بل ومنها ما يُشبه الأوربيين في شقرتهم، لكن كما أسلفنا كل هذه مجرد إشاعات وخرافات خرجت للإنقاص من شأن القارة الأفريقية، وهذا أيضًا لا يجعلنا نغفل عن الشيء الرئيسي والأهم، وهو كثرة الخرافات الأفريقية وتفرُدها.
وأخيرًا لا بد من الإشارة إلى أن الخرافات والأساطير الأفريقية تعجّ بالحيوانات والطيور، والتي لعبت دورًا مهمًا في تلك الخرافات، وذلك سببه أن الشعوب الإفريقية تعيش على مقربة من الحيوانات والطيور البرية التي تشارك الأرض والسماء، وفي الكثير من الخرافات الأفريقية.
يقوم الإنسان بنسبة مشاعره ورغباته الإنسان إلى الحيوانات والطيور والأشجار كذلك، وهم يستمدون السلوكات الأخلاقية من تصرفات الحيوانات، ولا ننسى أن بعض هذه الحيوانات في المخيلة الشعبية الأفريقية الشعبية في معظم الأحيان قد يكون مؤلهًا، أو قد تُنسب إليه قوى إلهية، وقد برع رواة الحكايات الخرافية في أفريقيا في نسج القصص الخرافية التي فسروا بها أصل الموت.