اقرأ في هذا المقال
دراسة الحضانة وإطعام الطفل ورعايته في الأنثروبولوجيا:
لطالما اهتم علماء الأنثروبولوجيا بالطعام وتقاسمه وإنتاجه وحجبه وأنواع العلاقات الاجتماعية التي يسهلها الطعام، ونتج عن هذا الوعي بالأهمية الاجتماعية للطعام تحليلات ممتازة تربط الطعام بالقرابة، على سبيل المثال تتضمن دراسة عالم الأنثروبولوجيا ماري فايسمانتيل حول تعزيز مجتمع السكان الأصليين في مرتفعات الإكوادور جملة رائعة قالها رجل عن طفل أحضره مؤخرًا إلى أسرته، بإنه سيكون والده وسيقوم بأطعامه، وكان محور دراسة ماري فايسمانتل قائمة على أن التغذية تخلق القرابة بمرور الوقت.
كما تمت دراسة مفهوم الحضانة بتفصيل في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، مع التركيز ليس فقط على الغذاء ولكن على الممارسات اليومية لتقديم الرعاية والعناية والرعاية الصحية، ولقد وثق علماء الأنثروبولوجيا الحضانة أو دوران الأطفال كظاهرة منتشرة في جميع أنحاء العالم من غرب إفريقيا إلى أوقيانوسيا إلى الأمريكتين، والانتشار الواسع لهذه الحركات المرنة للأطفال من منزل إلى آخر، والبيانات عبر الثقافات حول العملية والنتائج تُظهر مدى فعالية الحضانة في تنشئة الأطفال في سياق عائلي واسع مع الاستجابة للظروف الهيكلية مثل الفقر أو الاضطرابات السياسية.
على سبيل المثال درست عالمة الأنثروبولوجيا إستير قودي الحضانة بإسهاب في غرب إفريقيا بين شعب غونجا في غانا، وفي تحليلها لموضوع الحضانة عام 1984، قامت بمواءمة الاستخدامات التي يتم التعامل معها مع تعقيد التنظيم السياسي والاجتماعي للمجتمع، ووفقًا لإستير قودي في مجموعة النسب الأحادي أي نظام يتم فيه تتبع الترابط إما من خلال الآباء أو من خلال الأمهات، ولكن ليس كلاهما، فإن الحضانة خارج مجموعة الأقارب أمر نادر الحدوث، وغير ضروري لتدريب الطفل وغير مرغوب فيه لأنه يعني فقدان مجموعة النسب لعمالة الطفل.
ومع ذلك في أنواع أخرى من المجتمعات قد يكون لمجموعة من الأقارب المشتتين مكانيًا حقوق لطفل، لذلك اعتمادًا على الموارد في مجموعة الأقارب وعلى احتياجات العمل الحالية قد يُطلب من الطفل الانتقال، لكن حركة الطفل لا تهدف فقط إلى تلبية احتياجات العمل للأقارب المشتتين، حيث يشرح إستير قودي في الوقت نفسه كيف يرتب الآباء تدريب أطفالهم ورعايتهم بالطريقة التي ستضع الأطفال في أفضل وضع ممكن كبالغين فيما يتعلق بتلك المهارات والموارد المطلوبة للنجاح، وعلى هذا النحو يُعتقد أن هذا النوع من الحضانة يوفر الفرص للأطفال.
ومع ذلك فإن الحضانة لها آثار أخرى أيضًا، بعضها استفزازي تمامًا، ففي دراسة عن القرابة يروي عالم الأنثروبولوجيا بيتر باركس ملاحم وأساطير من الماضي لإثبات ما يسميه تعزيز الولاء، على سبيل المثال كان النبلاء الأيرلنديون في العصور الوسطى يرعون أطفالهم بشكل متسلسل، إلى عدة مرات، من أجل ضمان تعليم الأطفال في مجموعة من المهارات والفنون مع تقوية التحالفات بين البالغين في الوقت نفسه والتي وسعت النطاق السياسي للنبلاء، كما يتم تشكيل التحالفات بين الأقارب في البيئات اليومية أيضًا.
كما عمل دوران الأطفال أو الحضانة على ترسيخ العلاقات التي يعتمد عليها البالغون للبقاء على قيد الحياة اليومية أو خطط الطوارئ الاحتياطية، كما إنه ينتج عنه شكل قوي ومناسب ثقافيًا من الدعم للشباب، على الرغم من إنه شكل يعبر الكثير منهم عن بعض التناقض بشأنه.
ممارسات الحضانة القانونية في الأنثروبولوجيا:
تعتبر الحضانة القانونية قصة مختلفة، على الرغم من أن الحضانة القانونية لا يجب أن تمنع بالطبع تغذية الطفل وتنشئته ورعايته، كما يوضح عالم الأنثروبولوجيا جاك قودي فإن قوانين الحضانة في العديد من الدول اليوم مستمدة من المبادئ التي تم وضعها في روما القديمة، حيث كانت المؤسسة التي بموجبها توفر العائلات العظيمة لنفسها ورثة لممتلكاتهم وعباداتهم، أو خلفاء في المنصب أو أتباع سياسيين، وهكذا كانت الملكية وتصرفها الجيد حافزًا مهمًا للصيغ الأنثروبولوجية المبكرة للحضانة.
وفي القانون الروماني كانت الحضانة الكاملة لا رجعة فيها، حيث يتضمن قانون الحضانة الكاملة في العديد من الدول اليوم حكماً يكون فيه الطفل منفصلاً رسميًا وكاملًا وقانونًا عن الأسرة الأولى قبل دمجه في الأسرة الأخرى، ويختلف نموذج الحضانة غير الكاملة عن نموذج الحضانة الكاملة، حيث يحتفظ الطفل بصلات مع العائلة الأولى ومقدمي الرعاية الآخرين اللاحقين، كما إنه يختلف عن ممارسات الحضانة القانونية في عدد من الدول الأخرى، بما في ذلك فرنسا.
التي يسمح قانونها المدني بالحضانة البسيطة أو الإضافية حيث تتم إضافة علاقة الحضانة إلى العلاقات البيولوجية القائمة بدلاً من استبدالها، وفي اليابان حيث الحضانة المنتظمة، فغالبًا ما يكون من يتم حضانتهم أطفالًا لأفراد عائلة ممتدة أو بالغين.
كما تكتسب الآثار المترتبة على الميراث والانتماء الدائم والحقوق معاني مثيرة للاهتمام في قضية وصفها عالم الأنثروبولوجيا جون بورنمان، ففي أواخر التسعينيات عرف جون بورنمان أن الحضانة القانونية هي الطريق الرسمي الوحيد المتاح لمنح الممتلكات بشكل فعال، كما يسلط جون بورنمان الضوء على مبدأ الحضانة حيث يصبح الحق في وراثة الثروة فعالاً من خلال الحق في الحضانة والرعاية الصحية.
ومن نواحٍ عديدة توضح دراسة الحضانة في الأنثروبولوجيا الأهمية المستمرة لجعل الطفل رسميًا عضوًا مقبولًا في الأسرة، حتى من خلال بعض الأعمال اليومية المتمثلة في عمل الأقارب أو القرابة، ففي الحضانة قد يتم تمييز القرابة بسبب ما يسميه علماء الأنثروبولوجيا “الطبيعة المفتوحة والعامة” للعلاقة حديثة التكوين أو ما يصفوه بالوعي الذاتي للحضانة، من أجل أن يكون أحد الوالدين والطفل قريبين بالترتيب، وليس بطبيعته يفرض تنبيهًا لشروط العلاقة غير العادية في السياق.
لذلك في النرويج على سبيل المثال أحد المجالات التي تحدث فيها أقارب الأطفال الذين يتم احتضانهم عبر الحدود هو من خلال ارتداءهم بالملابس النرويجية التقليدية، حيث إن استخدام الملابس كطريقة رمزية ورسمية لانتساب طفل من مكان آخر إلى عائلة نرويجية هو التركيز على عكس التركيز على الرعاية والتغذية والتربية.
أهمية دراسة الحضانة في الأنثروبولوجيا:
الأهمية التاريخية لدراسة الحضانة في الأنثروبولوجيا هي:
1- قد زودت مصطلحات الحضانة علماء الأنثروبولوجيا بمفردات توجه انتباه جمهورهم نحو قضايا مهمة تتعلق بالمنظور التحليلي ووجهة النظر والموقف دون الحاجة إلى توضيحها بالتفصيل.
2- وفي دراسة الحضانة الكاملة استخدم العديد من علماء الأنثروبولوجيا المصطلح حدسيًا للإشارة إلى وجهات نظر محاوريهم، في حين أن مصطلح الحضانة قد اختفى إلى حد كبير مع تراجع المادية الثقافية لمارفن هاريس، وأثيرت قضايا مماثلة في المناقشات حول مقاربات التبني.
3- وما هو أكثر من ذلك أن المناقشات التي تدور حول الحضانة الكاملة والفردية يشكل التمييز في حد ذاته موضوعًا مثمرًا للدراسة من حيث أنه يوفر رؤى مهمة لتطوير النظرية الأنثروبولوجية على مدى أكثر من عقد.
4- كما يتم تخصيص دراسات الحضانة باستمرار وإعادة تفسيرها في مختلف مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية، وغالبًا للتعبير عن مجموعة من وجهات النظر الأنطولوجية والمعرفية والمنهجية.