ما هي المعركة التي أوقفت التوسع العثماني في أوروبا؟

اقرأ في هذا المقال



كانت فيينا (عاصمة النمسا) حلم للسلاطين العثمانيين، فحاولوا مرارًا وتكرارًا فتح فيينا، لما تمتلكه المدينة من موقع استراتيجي على خطوط التجارة الأوروبيّة، حاصر العثمانيون المدينة أول مرة في عهد السلطان سليمان القانوني، وحاصروها مرة أُخرى في عهد محمد الرابع عام ( 1683)، إلّا أنّهم لم ينجحوا في ذلك، وكل مرة كانوا يكتفوا بفتح بعض مناطق في أوروبا وبالحصول على الغنائم وبعدها يعقدوا معاهدات مع الإمبرطوريّة النمساويّة.

سبب معركة فيينا:

أرادت الإمبرطوريّة العثمانية وقف تمرد ألمانيا التي كانت تنافسها على مناطق المجر وسلوفاكيا، استطاع الصدر الأعظم العثماني قرة مصطفى باشا إقناع السلطان العثماني محمد الرابع بإعلان الحرب على ألمانيا.
فجهّز الصدر الأعظم أحمد باشا كوبريللي جيشًا ضخمًا من أدرنة، ووصل إلى المجر، واتجهوا إلى قلعة نوهزل ( تقع شرق فيينا على نحو 110 كم) وحاصروها لمدة (37) يوم، وسقطت القلعة بيد العثمانيين، مكنهم هذا الفتح من فتح إقليمي مورافيا (في تشيكوسلوفاكيا)، وسيليزيا في وسط أوروبا.


عقد الصدر الأعظم قرة مصطفى باشا إجتماعًا، وأعلن أنّه سيستولي على فيينا، وكانت خطته الحربيّة في البداية الاستيلاء على “قلعة يانق” وهي مدينة تقع على بعد (80) كم من فيينا، وبعد ذلك يستولي على فيينا، لم يشجعه قادة الجيش، واقترحوا على تأجيل هذه الحرب لوقت آخر، لكنّ الصدر الأعظم قرة مصطفى باشا أشار إلى أنّه من الصعب تجميع جيش بهذه القوة والعدد مرّة أُخرى.

تجهيزات الأوروبين لمعركة فيينا:


شعر الأوروبيون بالذعر من تقدم العثمانيين، كان على جيش الإغاثة العمل بسرعة لإنقاذ المدينة ومنع حصار طويل آخر، على الرّغم من التكوين المُتعدد الجنسيات للجيش والمساحة القصيرة لمدة ستة أيام فقط، فقد تمّ إنشاء هيكل قيادي فعال، تركز على ملك بولندا وسلاح الفرسان الثقيل (البولنديين الفرسان).


قامت الجامعة المقدسة بتسوية قضايا الدفع باستخدام جميع الأموال المُتاحة من الحكومة، والقروض من العديد من المصرفيين الأثرياء والنبلاء ومبالغ كبيرة من المال من البابا، أيضًا اتفق الهابسبورغ والبولنديون على أنّ الحكومة البولندية ستدفع مقابل قواتها أثناء وجودهم في بولندا، لكنّ الإمبراطور سيدفع لهم بمجرد عبورهم إلى الأراضي الإمبراطوريّة.


ومع ذلك، كان على الإمبراطور الاعتراف بادّعاء سوبيسكي بحقوقه الأولى في الحصول على الغنائم في المعسكر العثماني، في حالة الانتصار( Sobieski) في فيينا جوليوس كوساك، خطّطت جيوش التحالف أنّه يجب عليها عبور جسر الدونة الذي كانت تحت سيطرة العثمانيين، حيث لا يُمكن إيصال الإمدادات لفيينا إلّا عبر هذا الجسر.

الخيانات التي حدثت في معركة فيينا:

وضع الصدر الأعظم قرة مصطفى باشا أمير القرم مراد كاري، لحماية جسر الدونة وعدم السماح لجيوش التحالف بالمرور عبر الجسر حتى لو اضطر لتفجير الجسر، وفي بداية المعركة حصل شيء غير متوقع.
قام مراد كاري بخيانه للجيش العثماني، إذ سمح لجيش التحالف بالمرور عبر الجسر بكل بساطة وبدون مقاومة، لأنّه لم يريد أن يكون فاتح فيينا الصدر الأعظم مصطفى باشا، بعد ان فشل السلطان سليمان القانوني بفتحها من قبل، بالإضافة إلَّا أنّ علاقتهم كانت عدائيّة.
فأراد الانتقام من الصدر الأعظم ليخسره منصبه، ولكن للأسف الشديد لم يكن يعرف أنّه سيغير مجرى التاريخ بهذه الخيانة القذرة، وكذلك لم يتمكن العثمانيون من الاعتماد على حلفائهم من والاشيا ومولدافيا.

في يوم السبت (12 سبتمبر 1683م) التقى الجيشان أمام أسوار فيينا، تفاجأ العثمانيون عندما شاهدوا جيوش التحالف أمامهم، وكيف أستطاعوا عبور جسر الدونة، قام الصدر الأعظم بهجوم مُضاد من أجل فتح المدينة، فقد كانت خطتهم فتح المدينة قبل وصول جيوش الإغاثة، ولكنّ الوقت لم يُساعدهم،
وضع العثمانيون العديد من التفجيرات، لإسقاط المدينة إلّا أنّ النمساويون اكتشفوا وجودها وأوقفوها، وتعرض الصدر الأعظم لخيانة أُخرى من قائد الميمنة في الجيش العثماني أوغلو أبراهيم، إذ انسحب من القتال ممّا كان له الأثر الأكبر في هزيمة العثمانيين.
وبذلك بدأ الصدر الأعظم بالانسحاب التدريجي من أرض المعركة، وعند رجوعه أعدم الصدر الأعظم كل من أوغلو إبراهيم، ومراد كراي بسبب خيانتهم، ولكن ذلك لم ينجيه من صدور قرار إعدامه من قبل السلطان محمد الرابع.

نتيجة المعركة:

خسرت الإمبرطوريّة العثمانيّة أمام جيوش التحالف، وقُتل من الجيش العثماني (15) ألف مُقاتل، بينما من جيوش التحالف (4) الآف مُقاتل، واُسر (81) ألف أسير من الأوروبيون، إلّا أنّ المعركة كانت نقطة تحول أوقفت تقدم العثمانيين في أوروبا، وقامت جيوش التحالف فيما بعد بشن هجمات على الأراضي الأوروبيّة التابعة للدولة العثمانيّة.


شارك المقالة: