اقرأ في هذا المقال
أطراف معركة صوفيان؟
معركة صوفيان وقعت في(6) نوفمبر(1605)، خلال الحرب الصفويّة العثمانيّة (1603-1618)، قام الصفويون بقيادة الملك (شاه) عباس الأول ( الذي حكم من عام (1588) إلى (1629) بضرب الجيش العثماني المتفوق عددًا وقوةً في عهد السلطان أحمد الأول، في مدينة صوفيان بالقرب من تبريز.
كانت واحدة من أعظم انتصارات الملك عباس الأول وفقًا لكولين إمبر: “بالنسبة للعثمانيين كانت معركة صوفيان كارثة أكبر من أي شيء شهده العثمانيين، حيث كشفت الحرب التي اندلعت عام (1593) عن أوجه قصور عسكريّة عثمانيّة في مواجهة الأسلحة والتكتيكات الجديدة”.
أصل الدولة الصفويّة:
أسّس الدولة الصفويّة إسماعيل بن حيدر بن جنيد الصفوي، الذي حكم إيران قرابة القرنين، وكان تحت سيطرته إيران وضمّ العراق وغيلان أيضًا، وأعلن إسماعيل الصفوي المذهب الشيعي الاثني عشري مذهبًا رسميًا لدولته الصفوية في العراق وإيران، وحارب الصفويون بالكثير من المعارك مع العثمانيون.
استطاع الحاكم الصفوي عباس الأول الاستيلاء على أذربيجان عام (1603)م وعلى شيراز وأرمينيا وبعض من أفغانستان عام (1608)م، والعراق، أصبحت هذه المناطق تحت حكمه، ازدهرت الدوله في عهده، وقام بتأسيس مدينة أصفهان وهي تُعتبر من أهم المدن في الدولة.
ويُقال أنّ مجد الحكم الصفوي كان في عهد عباس الثاني، الذي طور العلاقات التجاريّة مع الدول الأوروبيّة، ونظّم الأمور الداخليّة للبلاد، وسيطر على مناطق أُخرى، وجعلها تحت حكمه، أمّا نهاية حكم الصفويين كانت في عهد حسين شاه الذي أسقط البلاد وتمّ إعدامه من قِبل الأفغان.
أحداث معركة صوفيان:
عشية المعركة، صعد عباس وجيشه على قمّة تل قريب لإجراء تقييم نهائي للجيش العثماني على الرّغم من أنّ قادته وافقوا على العدد الذي أبلغ عنه الجواسيس، إلاّ انّه أمر عباس الأول قادته بإخبار جنودهم أنّ الجيش العثماني أدنى من الناحية العدديّة لتعزيز ثقتهم.
استشار عباس الأول عمته زينب بيجوم (زينب بيجوم وهي أميرة صفويّة، وهي ابنة الملك الصفوي طهماسب الأول، وكانت لها أثر في الحكم الصفوي) كما كان يفعل في كثير من الأحيان لأخذ بنصيحتها لكيفيّة هجومهم.
هدأت عمته مخاوفه وشجعته على القتال في (6) نوفمبر(1605)، وصل قسم من الجيش الصفوي بقيادة (Qarachaqay Beg) إلى “أعلى الأرض المرتفعة” في صوفيان، ليصبح مرئيًا للجيش العثماني.
لم يتردد كوسي سيفر باشا وبعض القادة الآخرين، الذين فسروا ذلك على أنّه علامة ضعف في شنّ الهجوم ضد رغبات سنان باشا، عباس الأول قاد الطليعة بنفسه في حين قاد اللهفردي خان “سربًا مُنفصلاً عن القسم الرئيسي للجيش”.
مع تحرك الجزء المركزي الضخم من الجيش العثماني المؤلف من سلاح الفرسان نحو الخطوط الإيرانيّة، أمر عباس سلاح الفرسان الخفيف الخاص به “بالتجول حول الجناح الأيسر العثماني وتقديم هجوم خداعي في الخلف”.
أصبح سنان باشا مُرتبكًا، معتقدًا أنّ “هذا هو اتجاه الهجوم الإيراني الرئيسي وفصل جسدًا كبيرًا من حصانه المتقدم لمواجهته”، تسبب هذا في ارتباك الجانبين، “معتقدين أنّهم يفرون”.
من خلال الاستفادة من الزخم، ألقى عباس الأول ثقل فرسان قيزلباش في المعركة، بعد بعض القتال العنيف، قاموا بتفريق الجنود العثمانيين في جميع الاتجاهات.
حقّق الصفويون انتصارًا كبيرًا، تمّ أسر وقتل العديد من الحكام والجنرالات العثمانيين الرئيسيين نتيجة للمعركة، تمّ القبض على(كوسي سيفر باشا)، الذي بدأ المعركة وأعدمه الصفويون.
قام أحد الأسرى العثمانيين، وهو رجل ذو مكانة هائلة، بسحب خنجره فجأة، وهاجم الملك عباس الأول عندما كان يقوده، عباس تصارع مع الرجل حتى أسقط الخنجر، وقُتل بعد ذلك على أيدي حارسي عباس، لكنّ معركة صوفيان كانت لها عواقب مُهمّة أخرى.
أطلق العثمانيون حملة لاستعادة الأراضي التي ضموها عام (1590) لكنهم فقدوها عام (1603)، أثبتت الهزيمة العثمانيّة في صوفيان أنّ الصفويين كانوا قادرين على السيطرة على الأراضي المُستعادة، ومكّنت عباس الأول من استعادة جميع الأراضي المُتبقية بحلول عام (1607).
وبحسب روجر سافوري، فإنّ الملك عباس الأول في صوفيان “كشف عن نفسه على أنه قائد ذو قدرة بارعة، حيث يقوم بعناية بتزويد قواته، التي كانت أقل شأناً من تلك العثمانيّة من حيث العدد والقوة الناريّة، ورمي احتياطياته في اللحظة الحرجة. “
بعد المعركة، في حملات متتالية، طُرد” آخر جندي عثماني من الأراضي الإيرانيّة على النحو المحدد في معاهدة أماسيا “.
ما بعد معركة صوفيان (معاهدة أماسيا):
هي معاهدة وقعت بين الدولة الصفويّة والإمبرطوريّة العثمانيّة، والتي كانت نتائجها تحديد الحدود بين الدولتين، وقد اضطر السلطان سليمان القانوني إلى إبرامها بعد قيامه بعدة حروب مع الصفويين، تحسبًا من الصفقة المنعقدة بين الصفويين والبندقيّة والنمسا المعاديات للدولة العثمانيّة.
وهنا بدأت عقدة الأكراد ورغبتهم بالإستقلال بالإنفراج، والتي دعمتها عدة معاهدات تلتها، إلاّ أنّ معاهدة سايكس بيكو زادت الأمر صعوبة وأصبح حلم الإستقلال مستحيلًا.