من هو أحمد جمال باشا السفاح؟

اقرأ في هذا المقال


من هو أحمد جمال باشا السفاح؟

أحمد جمال باشا، كان معروف باسم جمال باشا السفاح أو جمال باشا المتعطش للدماء في العالم العربي، كان جمال باشا السفاح قائدا عسكريا عثمانيّا و كان من الثلاثية العسكريّة المعروفة باسم الباشوات الثلاثة (وتسمّى أيضًا “الدكتاتوريون الثلاثة”) التي حكمت الإمبراطوريّة العثمانيّة خلال الحرب العالميّة الأولى ونفذت الإبادة الجماعيّة للأرمن كان جمال وزيرا للبحرية.

حياةأحمد جمال باشا السفاح:

ولد جمال باشا في ميتيليني ليسبوس، أبوه هو محمد نسيب باي، وهو صيدلي عسكري. بين 1908-1918 ، كان جمال أحد أهم قادة الحكومة العثمانية.

ذهب جمال باشا السفاح إلى الجيش، وتخرج من مدرسة كوليلي الثانوية العسكرية عام (1890) وأكمل دراسته في الأكاديمية العسكرية (Mektebi Harbiyeyi Şahane)، كلية الأركان في اسطنبول، في عام (1893)، وذكرت إحدى المصادر أنّه تمّ تعيينه للعمل مع القسم الأول من هيئة الأركان العامة الإمبراطورية (Seraskerlik Erkânı Harbiye)، ثمّ عمل في قسم تشييد التحصين في كيركيليس المرتبط بالجيش الثاني.

ويُذكر أنّه تم تعيين جمال باشا السفاح في الفيلق الثاني للجيش في عام (1896)، وتمّ تعيينه بعد ذلك بعامين، قائد أركان فرقة المبتدئين، المتمركز على حدود سالونيكا.

بعد ثورة تركيا الفتاة في عام (1908)، أصبح جمال باشا السفاح عضوًا في اللجنة المركزية (Merkezi Umum-i) التابعة لـ (CUP) ويُذكر أنّه تمّ تعينه لاحقًا كقائم مقام في أسكودار،س وبين أغسطس (1909) وأبريل (1911) تمّ تعيينه كوالي لولاية أضنة.

في أضنة شارك في تقديم الدعم لضحايا مذابح أضنة ضد السكان الأرمن، وقد أشاد به المبشرون المسيحيّون في المنطقة باعتباره سياسيًا كفؤًا، في الفيلق الثالث للجيش، عمل مع رجال الدولة الأتراك المستقبليين الرائد فتحي (أوكيار) ومصطفى كمال أتاتورك، على الرغم من أنّ مصطفى كمال أتاتورك سرعان ما طور منافسة مع جمال باشا وزملائه حول سياساتهم بعد أنّ استولوا على السلطة في عام (1913) بين عامي (1908) و (1918)، كان جمال باشا السفاح أحد أهم قادة الحكومة العثمانية.

دور جمال باشا السفاح في حرب البلقان:

في عام 1911 عُيّن جمال باشا السفاح محافظًا لبغداد، استقال لينضم مرة أخرى إلى الجيش العثماني في حروب البلقان على خط جبهة سالونيكا، في محاولة لتعزيز ممتلكات تركيا الأوروبية من التعدي، في أكتوبر (1912) رقي إلى رتبة عقيد.

في نهاية حرب البلقان الأولى، لعب دورًا مهمًا في الدعاية التي أعدتها (CUP) ضد المفاوضات مع الدول الأوروبية المنتصرة، حاول حل المشاكل التي حدثت في القسطنطينيّة بعد هجوم باب علي (انقلاب 1913)، لعب جمال دورًا مهمًا في حرب البلقان الثانية، ومع ثورة (CUP) في (23) يناير (1913)، أصبح قائدًا للقسطنطينيّة وعين وزيراً للأشغال العامة.

تمّ تكليف جمال باشا السفاح بالقيادة العسكريّة في ولاية القسطنطينيّة من قبل الوزير الأعظم محمد سيفيك باشا (Grand Visier Mahmud Sevket Pasha) وبحلول ديسمبر (1913) حصل على لقب (Pasha)، في فبراير (1914) تمت ترقيته إلى وزير البحريّة العثمانيّة.

بعد إعلان الإمبراطوريّة العثمانيّة الحرب على الحلفاء في الحرب العالميّة الأولى، رشح أنور باشا جمال باشا لقيادة الجيش العثماني ضد القوات البريطانية في مصر، وقبل جمال المنصب، في أواخر عام (1914)، تمّ تكليفه بالحكم والقيادة العسكريّة للمقاطعات الجنوبية للإمبراطوريّة العثمانيّة.

بعد أنّ رفضه الحلفاء سابقًا، حوّل جمال باشا السفاح انتباهه إلى تحالف مع القوى المركزيّة، على الرغم من أنّه كان في البداية يعارض التحالف الكامل مع ألمانيا، ومع ذلك، وافق في أوائل أكتوبر (1914) على استخدام سلطاته الوزارية للسماح للأدميرال سوشون بشن ضربة وقائية في البحر الأسود، ممّا أدّى إلى إعلان روسيا وبريطانيا وفرنسا الحرب على الإمبراطورية العثمانيّة بعد بضعة أيام.

عُيّن جمال باشا بصلاحيات كاملة في الشؤون العسكريّة والمدنيّة حاكماً لسوريا في عام 1915. منحه قانون مؤقت سلطات الطوارئ في مايو من ذلك العام، أصبحت جميع المراسيم الوزارية من القسطنطينيّة المتعلقة بسوريا خاضعة لموافقته.

فشلت هجماته على كل من هجومه الأول والثاني على قناة السويس، إلى جانب متطلبات الحرب والكوارث الطبيعية التي عصفت بالمنطقة خلال هذه السنوات، أدى ذلك إلى نفور السكان من الحكومة العثمانية، وأدى إلى اندلاع الثورة العربيّة. في غضون ذلك كان الجيش العثماني بقيادة العقيد كريس فون كريسنشتاين يتقدم نحو سيناء ويحتلها، كان الرجلان يتسمان بالاحتقار المقنع لبعضهما البعض، ممّا أضعف الأمر.

لماذا أطلق على جمال باشا لقب السفاح؟

كان يُعرف جمال باشا بين السكان العرب المحليين باسم السفاح، وكلمة السفاح تعني “سفك الدماء”، كونه مسؤولاً عن شنق العديد من السياسين اللبنانيين والسوريين الشيعة والمسيحيين المتهمين خطأ بالخيانة في (6) مايو (1916) في مناطق دمشق وبيروت.

(يذكر زعيم “تيار بيروت الإصلاحي” سليم علي سلام في مذكراته السياسية بما يلي: بدأ في حبس معظم الشخصيّات العربية بتهمة الخيانة العظمى للدولة، كان نيته الحقيقية قطع الرؤوس المدروسة حتى لا يظهر العرب مرة أخرى كقوة، على حد تعبيره، ولن يُترك أحد للمطالبة بحقوقهم، بعد العودة إلى بيروت، تمّ استدعائي إلى دمشق لتحية جمال باشا ركبت القطار، وعند وصولنا إلى عاليه وجدنا أنّ القطار بأكمله كان مخصّصًا للسجناء هناك لنقلهم إلى دمشق، عندما رأيتهم، أدركت أنّهم يستقلون لدمشق لقتلهم.

فقلت لنفسي: كيف سألتقي بهذا الجزار في اليوم الذي سيذبح فيه أعيان البلد؟ وكيف سأتمكن من التحدث معه؟ عند وصولي إلى دمشق، حاولت جاهدًا رؤيته في نفس الليلة، قبل أنّ يحدث أي شيء، لكنّني لم أفلح، انتهى كل شيء في صباح اليوم التالي، وتمّ تعليق… الأعيان الذين تمّ إحضارهم من عاليه على حبل المشنقة.

خلال (1915-1916)، أعدم جمال (34) معارضًا سياسيًا كشهداء، في نهاية عام (1915)، قيل إنّ جمال باشا السفاح الذي يتمتع بسلطات نائبة بدأ مفاوضات سرية مع الحلفاء لإنهاء الحرب، اقترح تولي الإدارة العثمانيّة بنفسه كملك مستقل لسوريا.

لم تسفر هذه المفاوضات السرية عن شيء، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنّ الحلفاء لم يتمكنوا من الاتفاق على المنطقة المستقبلية للإمبراطوريّة العثمانيّة، عارضت فرنسا بشدة، ولم تكن بريطانيا راغبة في تمويل العمليات الإمبراطوريّة.

في تفسير جديد، يلقي المؤرخ شون مكميكين بظلال من الشك على التقليد القائل بأنّ جمال قدم أي مبادرات من هذا القبيل إلى الحلفاء، كان الباشا ناقدًا صريحًا للحلفاء، وتعاون بشكل كامل مع الجيش الألماني، ونما عنده كرهًا للإمبراطوريّة البريطانيّة.

كان أنجح مآثره العسكرية ضد قوة المشاة البريطانيّة في بلاد ما بين النهرين، التي وصلت في أوائل عام (1915) من الهند، سار (35000) جندي بريطاني شمالًا على بغداد، على أمل الاستيلاء على القلعة مع عدد قليل نسبيًا من الضحايا.

تم تعيين جمال باشا لقيادة وتنظيم جيش واسع، بقيادة الجنرال خليل الكوت، والذي بلغ عدده في وقت حصار كوت العمارة (200000) مساعد تركي وعربي، لم يتمكن البريطانيّون من إجلاء جرحاهم إلا بموافقة جمال وحاولوا إرسال مبعوثين يطلبون الإذن بالإخلاء بينما كانت المدينة محاصرة من ثلاث جهات.

رفض جمال التنازل عن موقعه المتميز، وهاجم محاولات العدو من قبل فيلق دجلة لأخذ قوارب الإغاثة في النهر، لقد قللوا من شأن القدرات الإداريّة الكبيرة لجمال ورغبته في مقاومة جيوش الحلفاء، قاتلت القوات العثمانيّة بشدة في معركة قطسيفون، لكنّ المصير اللاحق لأسرى الحرب والمدنيين عزز سمعة جمال باشا في زمن الحرب كجنرال متقلب وقاس، ومع ذلك أثارت النجاحات إعجاب تي إي لورانس لكتابة رواية مهمة عن لقاءاتهما الدبلوماسية عندما سقطت الكوت أخيرًا في أبريل (1916)، والذي يوفر “شخصية ملونة”

كان التهديد الدائم للثورة العربيّة الذي أثارته المخابرات البريطانيّة يتصاعد طوال عامي (1916) و (1917) فرض جمال باشا السفاح سيطرة صارمة على ولاية سوريا ضد المعارضين السوريين، كما حاربت قوات جمال القوميين العرب والقوميين السوريين من عام (1916) فصاعدًا.

احتلت السلطات العثمانيّة القنصليات الفرنسيّة في بيروت ودمشق وصادرت وثائق سرية فرنسية كشفت عن أدلة على أنشطة وأسماء المتمردين العرب، استخدم جمال باشا السفاح المعلومات الواردة من هذه الوثائق وكذلك من معلومات أخرى تنتمي إلى حزب اللامركزيّة.

كان يعتقد أنّ التمرد تحت السيطرة الفرنسيّة كان السبب الرئيسي لإخفاقاته العسكريّة بالوثائق التي جمعها، تحرك جمال باشا ضد القوات المتمردة التي كان يقودها قادة سياسيون وثقافيون عرب، وأعقب ذلك محاكمات عسكرية للمتمردين المعروفين باسم Divliye Divan-ı Harb-i Örfisi حيث تمت معاقبتهم.

نهاية جمال باشا السفاح:

اتهمت محكمة عسكرية في تركيا جمال باضطهاد العرب رعايا الإمبراطورية، وحكمت عليه بالإعدام غيابيا. لكن هذه المحاكم اعتبرت تحريفًا للعدالة من قبل دول الحلفاء، في وقت لاحق، ذهب جمال إلى آسيا الوسطى، حيث عمل على تحديث الجيش الأفغاني.

بسبب نجاح الثورة البلشفية سافر جمال إلى تبليسي حيث اُغتيل مع سكرتيرته في 21 يوليو 1922 على يد ستيبان دزاغيجيان وأرتاش جيفورجيان وبيتروس تير بوجوسيان، وهم من الأرمن، انتقامًا منه، بسبب دوره في الإبادة الجماعية للأرمن والحرب العالمية، تم جلب رفات أحمد جمال إلى أرضروم ودفن هناك.


شارك المقالة: