اقرأ في هذا المقال
لم تصنف الأنثروبولوجيا الثقافية على أنها علم خاص بحد ذاتها بعيداً عن الأنثروبولوجيا بشكل عام، إلاّ في الجزء الثاني من القرن التاسع عشر. وذلك بفضل العالم الإنجليزي إدوارد تايلور الذي اعتبره علماء الأنثروبولوجيا من أول رواد هذا العلم، حيث قدم أول تعريف للثقافة في كتابه “الثقافة البدائية”. وقد مرت الأنثروبولوجيا الثقافية بمراحل متعددة، منذ ذلك الحين حتى وصلت إلى ما هي عليه في العصر الحاضر.
مراحل نشأة الأنثروبولوجيا الثقافية وتطورها:
- المرحلة الأولى: وتتراوح فترة هذه المرحلة من بداية نشوء الأنثروبولوجيا وحتى أواخر القـرن التاسع عشر. حيث كانت تُعبر عن محاولات عدة لتشكيل صورة واضحة لتطور الثقافة منذ الزمان القديم، والبحث عن نشأة المجتمع الإنساني. وبرزَ الاتجاه التاريخي في هذه المرحلة في دراسة الثقافات الإنسانية.
- المرحلة الثانية: تعتبر هذه المرحلة مرحلة التكوين، ذلك أنها ركزت جهودها على دراسة بيئات صغيرة معينة، لمعرفة تاريخها الثقافي وفترات تطورها، ومعرفة عناصرها قبل أن تنقرض. وبناءاً على ذلك، أجريت بحوث عدة لثقافة الهنود الحمر في أمريكا.
- المرحلة الثالثة: تعتبر هذه المرحلة مرحلة الازدهار، حيث تتصف بكثرة الدراسات والتفسيرات في المواضيع التي تدخل في واقع الأنثربولوجيا الثقافية، وخاصةً الدراسات التي ثبتت أو استقرت في أمريكا. ويرجع تطور الأنثربولوجيا في تلك المرحلة، إلى نمو هذا العلم واتضاح مفاهيمه ومناهجه.
- المرحلة الرابعة: وتعتبر هذه المرحلة مرحلة التوسع، حيث أقرت الجامعات الأمريكية والأوروبية بالأنثروبولوجيا الثقافية واعتبرتها علم محدد داخل الأنثروبولوجيا الأساسية، وعينت لها أقسام ومناهج دراسية في علم الاجتماع في الجامعات. ونشأت في هذه المرحلة النظرية (التكاملية) التي استخدمها عالم الاجتماع الأمريكي سـابير، والذي تمكن من خلالها تعيين مجموعة منسجمة من أشكال السلوك الإنساني، والتي يمكن الاتكال عليها في دراسة السلوك الفردي، لدى أفراد مجتمع معين.
- المرحلة الخامسة: وتعتبر هذه المرحلة مرحلة المعاصرة، والتي لا زالت إلى وقتنا الحالي. وتتصف هذه المرحلة بتوسع مجال البحوث الأنثروبولوجية، خارج أوروبا وأمريكا، وتوسع الأنثروبولوجيا الثقافية في الكثير من جامعات الدول النامية، في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
اتجاهات جديدة استخدمت في دراسات الأنثروبولوجيا الثقافية:
ظهرت اتّجاهات جديدة في البحوث الأنثربولوجية الثقافية، وكان في أول هذه الاتّجاهات المعاصرة الاتّجاه القومي في الأنثروبولوجيا الثقافية، والذي يسعى إلى تعيين الخصائص الأساسية للثقافة القومية، واتجاه دراسة الحالة.
الاتجاه القومي: ويسمى الاتجاه القومي “الانطوائية القومية” والذي يقصد به: أن الإنسان يميز وسيلة قومه في الحياة، على وسائل الأقوام الثانية كلها، ويستمر بالتعبير عن صفات قومه المحمودة والكريمة.
اتجاه دراسة الحالة: يهتم اتجاه دراسة الحالة بدراسة أحوال قرية أو مجموعة من القرى القريبة، أو دراسة ثقافة محددة بمجموعة أو بفريق من البشر. ويعد من أهم الاتجاهات المعاصرة التي تختص في الأنثروبولوجيا الثقافية، علاوةً إلى دراسات أكاديمية تختص بخصائص الأنثروبولوجيا الثقافية ومصادرها، ومقررات البحث فيها وطرائقها وأساليبها. وغيرها مما يؤدي إلى إجراء الدراسات على قواعد موضوعية وعلمية تأكد الأهداف المرجوة منها.